x

بشير الديك: شكراً لمبارك لأنه عاند الشعب.. فأحيتنا الثورة من جديد

السبت 19-02-2011 15:52 | كتب: ريهام جودة |
تصوير : other

يعد السيناريست بشير الديك واحدا من صناع الدراما، الذين تعرضوا لظلم واضح خلال فترة حكم الرئيس مبارك، فقد كانت أعماله مليئة بالانتقادات الواضحة للنظام السابق، واستشراء الظلم والفساد فى جميع المجالات والمؤسسات، لدرجة تقديمه عملاً كاملاً هو «ظل المحارب» عن دولة افتراضية استفحل خلالها الفساد والديكتاتورية، فخرجت المظاهرات السلمية من الشباب تندد بالحاكم وتطالب بإسقاطه، الذى أخرج كلابه الأمنية بدوره ليقتل براءتهم، ودفع «الديك» ثمن ما قدمه من إسقاطات سياسية بعدم عرض مسلسله على التليفزيون المصرى فى رمضان قبل الماضى، أيضا لم ير مسلسله الأخير «عابد كرمان» النور الذى كان مقررا عرضه فى رمضان الماضى.

«الديك» الذى استقبل ثورة يناير وما أسفرت عنه من سقوط مبارك بفرحة شخصية مضاعفة، قال فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»: نعيش منذ الثورة حالة بعث من الموت، فقد خرجنا من النفق المظلم الذى أبقانا فيه النظام السابق أكثر من 30 عاما، كنا نقول إن المجتمع المصرى قد مات، واتفقنا جميعا على ذلك، وقرأنا الفاتحة على أرواحنا وروح المجتمع، ثم بدأ المجتمع يصحو من جديد بشكل مختلف تماما عما كنا ندركه، وكانت هذه الصحوة من خالد سعيد، شهيد الإسكندرية، وقتيل الداخلية، الذى رفضت أمه وأصحابه وزملاؤه هذا القتل القبيح له، فأطلقوا صفحة «كلنا خالد سعيد» على موقع «فيس بوك» ضد هذا الطغيان القاسى المتمثل فى وزارة الداخلية، التى روجت لمصطلح «شهيد البانجو» رداً على ما أطلقته أمه وأصحابه وكل المتعاطفين مع موته من أنه «شهيد الداخلية»، كل هذا لأنه صور الفساد بالموبايل الخاص به، فأرادوا الاستيلاء عليه، فكان مصيره القتل بقسوة بالغة ولا آدمية، ثم خرج علينا تقرير الطب الشرعى ليذكر قتله بإسفكسيا الخنق بكيس البانجو.

وحول اعتبار مقتل خالد سعيد الشرارة، التى أشعلت ثورة الشباب ضد النظام الحاكم، وتعامل الأجهزة الأمنية فى وزارة الداخلية مع الشباب قال الديك: حين يملك شخص ما السلطة، لا يراجعه أحد، لكن هؤلاء الشباب كان لهم منذ البداية موقفهم الواضح الرافض لما حدث، فقد بدأوا يجهزون أنفسهم للثورة من خلال برنامج فنى منظم، ارتدوا الملابس السوداء، والتفوا حول بحر الإسكندرية، وقد أداروا ظهورهم للمارة، يتأملون وينقلون له ما حدث، ولم يتوقفوا عند الإسكندرية فقط، بل التف آخرون مؤيدون لهم بالملابس السوداء حول مياه النيل فى عدة محافظات: منها القاهرة ودمياط والمنصورة فى نضال سلمى رائع ضد الفساد والقسوة والظلم، من هنا أدركت أن هناك شيئا معاصراً وجميلاً يُخْلَق.

ووصف «الديك» اختيار عيد الشرطة 25 يناير تحديدا لبدء الثورة بـ«العبقرى»، وقال: كان معبراً جداً عن الموقف من رجال الداخلية، الذين أصبح كثير منهم مجموعة من القتلة ومروجى المخدرات ومروعى المواطنين، فكان لابد من الثورة والتمرد، بينما هم يحتفلون بعيدهم، وهذا دليل على عقل هذا الجيل، وأنه عقل جماعى وتفكير للكل، وليس تفكير فرد واحد حين كانت الثورات تنسب لشخص واحد وزعيم له كاريزما، مثلما نسبت ثورة 23 يوليو 1952 إلى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

وأضاف «الديك»: أحد أسباب نجاح الثورة هو استخدام الشباب أدوات العصر ممثلة فى الإنترنت وموقع «فيس بوك»، وليس أدوات سابقة، خاصة استخدامهم الشات والتشاور، الذى هو قمة الديمقراطية بينهم، فكانوا العمود الفقرى لتلك الثورة، وعرفوا كيفية أن يقولوا «لا»، والرفض أصبح إنقاذا لحياة المصريين جميعا حين تسلحوا بشعار «هو يمشى.. مش هنمشى»، قاصدين رأس النظام نفسه ثم كل ذيوله، وقد كان من الممكن أن يستوعبهم النظام لو كان واعيا، لكن أجمل ما فعله مبارك طوال حياته وحكمه هو أنه عاند، واستمر فى رفضه مطالب الشباب خلال 18 يوما، فخلق حالة من الجدل أدت إلى أن يُخْلَق الإنسان المصرى من جديد، وتعاد صياغته على رفض الظلم والتمسك بالكرامة والحرية، إلى أن تحقق الهدف وتنحى مبارك، وقتها شعرت بأنى أتنفس أكسجين، وقد كنت أشعر بعدم القدرة على التنفس منذ أزمة منع عرض مسلسلى «عابد كرمان»، خرجت إلى الشارع، لا أخشى أن يستوقفنى ضابط، ويلقى القبض على ويحقق معى، تحررت لأول مرة من هذا الخوف الداخلى، وفى حقيقة الأمر يجب أن نشكر مبارك، لأنه عاند وبقى فى الحكم طوال 18 يوما من المظاهرات.

وعن شعوره بالفرحة بشكل شخصى لتعنت رجال النظام السابق فى عرض أعماله على التليفزيون المصرى قال: بالفعل هذا ما شعرت به، لأننى تعرضت لظلم فادح، ولكن يكفينى أن مسلسلى «ظل المحارب» ضم ضمن أحداثه خروج مظاهرات من الشباب ضد الحاكم، وقتله لهم بدم بارد، كما حدث فى ميدان التحرير.

وحول تقديمه عملاً عن تلك الأحداث قال: أرغب فى تقديم عمل عن الثورة، لكننى فى حاجة إلى أن تختمر الأمور، لأن المفاعيل الداخلية للمجتمع المصرى حاليا فى حاجة إلى ذلك، كما أن أهم شىء هو أن يكون العمل المقدم عن الثورة متقناً وقوياً وجذاباً، لكن خالد سعيد ووالدته هما تحديداً موضوع عمل أفكر فى الشروع فى كتابته، فأمه التى غيرت الملابس السوداء بالبيضاء عقب رحيل النظام هى مصر، وابنها رمز للشباب، الذين أثبتوا إلى أى مدى كنا فاسدين، والذين نجحوا فى إعادة الشعور بالفخر لنا مرة أخرى على مصريتنا، وهو الأمر الذى افتقدناه طوال العقود الماضية، منذ عهد عبدالناصر حين كانوا يسألوننا فى الخارج «إنت من بلد ناصرى»، وكانوا يفرحون، الآن عاد هذا الشعور بالفخر والفرحة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية