x

«النورة» خلطة «الجن».. تجهز فى رمضان لأفراح الواحات

الأحد 28-05-2017 22:26 | كتب: أحمد عبد السلام |
قناوى أثناء تحضير خلطة «النورة» قناوى أثناء تحضير خلطة «النورة» تصوير : اخبار

فى مثل هذه الأيام من شهر رمضان من كل عام، يعكف أصغر عطار فى الواحات داخل محله بمنطقة السوق القديمة بمدينة الخارجة، ليوفر الكميات المطلوبة من خلطة «النورة»، تلك الخلطة السرية والسحرية التى ينفرد بها هذا العطار عن غيره من العطارين فى الواحات.

أحمد قناوى، صاحب الـ«36 عاما»، قال لـ«المصرى اليوم» إنه توارث هذه الخلطة من أجداده منذ نعومة أظافره وعمره 8 سنوات، حيث كان جده من الأب أول عطار فى الواحات: «ورثت المهنة أبا عن جد، وكنت أصغر طفل فى محل عطارة»، مشيرا إلى أن هذه الخلطة التى تسمى «النورة» تستخدمها العروس ليلة زفافها كأحد الطقوس الواحاتية، وأن لها قدرة كبيرة فى تنعيم البشرة وتعمل على نصاعتها وإزالة الشعر تماما من جسد العروس ليلة زفافها.

وأضاف أن من بين مكونات الخلطة مواد طبيعية لإزالة الشعر والتلميع وإضفاء اللون التركوازى للجسم، مشيرا إلى أن «النورة» تتكون فى الأساس من الصمغ العربى والقرنفل والكركم والعصفر والخميرة، بالإضافة إلى أعشاب طبيعية، وأن هذه المكونات بجانب قدرتها الجمالية يمكنها إزالة أى أمراض جلدية طارئة على البشرة، حيث يتم دهان جسد العروس ليلة الزفاف بخليط «النورة» الذى يظل على جسدها لأكثر من 5 ساعات متواصلة لتتم إزالتها بعد أن يكون الجسد تشرب مكونات الخليط الذى تتم إزالته بعد ذلك من خلال عملية «الفرك» وغسل الجسد بمعطرات طبيعية.

وتابع أن عملية دهان جسم العروس تقوم بها أكبر سيدة فى أسرة العروس، ويتم عمل الخليط بماء يتم جلبه من أقدم بئر أو عين جارية فى الواحات لضمان وقاية العروس من أى أعمال سحر أو حسد او مس الجن خلال مراسم زفافها.

وكشف «قناوى» أنه روى عن هذه الخلطة أن أول من قام بصنعها كان جن سيدنا سليمان، وذلك من أجل بلقيس ملكة سبأ عندما التى كانت شعراء الساقين.

وأوضح أنه فى شهر رمضان يزداد الطلب على «النورة» من قبل المواطنين نظرا لبدء موسم الأفراح بالواحات بدءا من أيام عيد الفطر حتى نهاية العام، مشيرا إلى أن هذه الخلطة يتم بيعها للمواطنين بأسعار رمزية، وأنه سيقوم بتوريث طريقة صناعة «النورة» لأبنائه حتى يمكن الحفاظ على هذه العادة الواحاتية التى تضفى الفرح والسعادة على العروسين ليلة الزفاف.

وتحرص غالبية الأسر الواحاتية فى الوادى الجديد على الاعتماد على الخبز «الشمسى» الذى تتم صناعته يدويا داخل منازل الأسر بهدف توفير الخبز الواحاتى المميز بديلا عن الخبز البلدى المدعم وخاصة أول أيام رمضان، وهو الأمر الذى يؤثر على طبيعة عمل المخابز بالواحات ويضطر غالبية أصحاب المخابز إلى تقليل ساعات التشغيل أو الغلق تماما طوال شهر رمضان، حيث تتجمع الأسر داخل منزل العائلة الأصلى فى أول أيام رمضان، حيث يلتف الأحفاد والأبناء والأجداد حول «الطبلية» الواحاتية التى تمتلئ بأشهى وأبرز الأكلات الواحاتية من اللحوم والخضروات، كما تتواجد جميع أصناف التمور وعصائر الدوم والبلح المميز للواحات.

وتشتهر الواحات بنشاط مكثف فى وضع زينة رمضان فى كل شارع وحى وحارة بالمدن والقرى، حيث يتولى الأطفال والشباب صنع الزينة وفانوس رمضان من أكياس البلاستيك والأوراق القديمة وتلوينها، لتضفى لونا من البهجة والفرح لقدوم الشهر الكريم، فيما تتشارك بعض الأسر فيما بينها لشراء زينة رمضان الجاهزة وتعليقها أمام البيوت والمنازل، كما يتفنن البعض فى صناعة فانوس رمضان.

وتنتشر فى الواحات طوال شهر رمضان لجان شعبية من الشباب والأطفال يحرصون على إفطار الصائمين وعابرى السبيل وقت الإفطار، حيث تنتشر هذه الفرق فى الأحياء والتجمعات السكنية والمناطق المجاورة للحقول الزراعية والطرق السريعة، لتقديم العصائر والتمور والمياه المثلجة للصائمين الذين حالت ظروفهم دون اللحاق بالإفطار مع أسرهم بسبب طبيعة عملهم أو أنشطتهم بالحقول والمزارع، حيث يكون من الصعوبة بمكان الإفلات من هذه اللجان التى تلجأ إلى أساليب متعددة لإيقاف الصائمين وتقديم الإفطار لهم، حيث تتطور طبيعة المواد الغذائية التى تقدمها هذه اللجان وتصل إلى وجبات سريعة يسهم فيها الأهالى فى كل منطقة.

كما تعج مساجد الوادى الجديد طوال شهر رمضان بالعصائر والتمور والوجبات الخفيفة لإفطار المصلين الذين يحرصون على أداء صلاة المغرب بالمسجد قبل الإفطار، وذلك بعد أن ساهم الأهالى وتكفلوا فيما بينهم بتوفير أجهزة التكييف وصيانتها ومبردات المياه داخل المساجد، كما يتولى العديد من الأهالى توفير المرطبات والمياه المثلجة داخل المساجد.

وتسبب القدوم المبكر لشهر رمضان فى ارتفاع أسعار التمور بالواحات حتى زاد سعر الكيلو على سعر الدولار فى سابقة تحدث لأول مرة فى تاريخ بلح الواحات، حيث وصل سعر الكيلو إلى 25 جنيها مع زيادة الطلب عليه، رغم أن عددا من الأهالى ومصانع التمور بالواحات نجحوا فى تخزين كميات كبيرة من البلح فى ثلاجات كبيرة، لإعادة تصنيعها وتسويقها خلال أيام الشهر الكريم، إلا أن هذا الارتفاع الكبير فى أسعار التمور لم يؤثر سلبا فى طقوس وعادات الواحات من حيث توافر البلح والتمور داخل البيوت وعلى الموائد ولعابرى السبيل طوال أيام شهر رمضان باعتبار توافر البلح من أهم العادات والطقوس الواحاتية التى تحمل موروثات شعبية لأهل الوادى الجديد.

وتقام موائد الرحمن فى الواحات على الطرق السريعة وذلك وفق عادات وتقاليد تفرض إقامة هذه الموائد خصيصا لعابر السبيل ورواد الطرق من الغرباء، خاصة أن سكان الواحات من الفقراء لا يذهبون إلى هذه الموائد ولا يميلون إلى الاختلاط على الموائد العامة وقت الإفطار فى رمضان، لذلك تعد الوجبات إحدى الخدمات والصدقات التى تقدم لمثل هذه الحالات من سكان الواحات.

فيما تقوم قرى كاملة بالواحات وخاصة بمركز الداخلة بعمل إفطار جماعى للقرية بأكملها خلال أحد أيام شهر رمضان كنوع من التكافل والتراحم خلال الشهر الكريم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية