الماندينكا هم إحدى أكبر الجماعات العرقية في غرب أفريقيا بتعداد يقارب 11 مليون نسمة. وهم نسل إمبراطورية مالى، التي صعد نجمها تحت حكم ملك الماندينكا العظيم سوندياتا كيتا.
وينتشر شعب الماندينكا، التي يسميها البعض «ماندينجو» أو «مالينكا»، في المنطقة التي تتوزع اليوم بين كل من: غينيا، مالى، ساحل العاج، جامبيا، سيراليون، ليبيريا، السنغال، غانا، بوركينافاسو، والنيجر. وينتمى 94% من هذه الجماعة إلى الإسلام، بينما تتمسك فئة منها بالديانات التقليدية الأفريقية؛ رغم أن هذه المعتقدات تحتوى على عناصر عديدة من أصل إسلامى، الأمر الذي يدعو إلى الاعتقاد بأن الديانة الإسلامية عمت فعلاً شعب ماندين خلال فترة من تاريخه، ثم تسرب إلى إسلامه التدنى والضعف والفتور بفعل انقطاع بعض جماعاته عن موجات التجديد، وبحكم انعزالها عن الحركات الإسلامية.
ويتداول الناس هناك حادثة طريفة عن كيفية دخول الإسلام إلى بلاد ماندينكا، تقول إنه في عام 1050م تقريبا، عانت أرض ماندينكا من جفاف وقحط شديدين، فانقطع المطر وأشرف الحرث والنسل على التلف، وكانت العادة تقتضى في مثل هذه الكوارث أن يتدخل الكهنة والسحرة لاستعطاف الآلهة، وكان «بارا ميندانا» أميرًا للبلاد آنذاك، فنهض بنفسه لتنظيم طقوس عديدة، تم خلالها تقديم القرابين، فلم يُجْدِ ذلك كله نفعًا.
وكان ينزل في كانجابا، عاصمة إمارة ماندينكا، شيخ مسلم لم يشاطر الأمير وشعبه طقوسهم، ولما لاحظ فشل المحاولات كلها وبطلان الوسائل المستعملة جميعها، وتمكن البؤس واليأس والأسى من نفوس أهل مالى، عرض على الأمير مساهمته في التضرع مقابل إسلام «بارا ميندانا»، فقبل هذا الأخير العرض على أمل إنقاذ البلاد والعباد، واعتنق الإسلام، ثم تعلم ما تيسر له من مبادئه. ثم خرج الرجلان نحو ربوة تطل على كانجابا، فصليا صلاة الاستسقاء، ولدى الانتهاء منها أخذ الشيخ يدعو رافعًا يديه إلى السماء والأمير يؤمن. وما كادا ينهيان تضرعهما حتى هبت ريح باردة مبشرة، وملأت السحب الداكنة السماء، فهطلت أمطار غزيرة عمت أرجاء البلاد، وامتلأت الأودية، وفاضت الشعاب، وارتوت الحقول، وعادت الحياة إلى المزارع.
وما إن رأى الأمير المطر يسقى مملكته حتى بادر إلى دعوة شعبه إلى الدين الجديد. ومنذ ذلك التاريخ البعيد بدأ انتشار الإسلام بين شعب ماندينكا.
وبعد دخول قبائل الماندينكا أو الماندينجو في الإسلام، انطلق رجالها لنشر الدعوة الإسلامية، في غرب إفريقيا كلها، وإن لم يستطع الإسلام الانتشار في جنوب ساحل العاج؛ بسبب وجود الغابات الكثيفة التي تفصل بين الشمال المسلم والجنوب الوثنى، كذلك بعد عواصم الممالك الإسلامية عن ساحل العاج.
واستطاع الإسلام بناء حضارات جديدة بالبلاد وغيَّر- على نطاق واسع- من عادات أهلها وثقافتهم، فاندثرت عادة العرى وشيوعية الجنس، وتم تنظيم الزواج وتحديد عدد الزوجات مع منح المرأة حق اختيار زوجها، ووقف عادة توريث المرأة للابن أو الأخ.