توج ريـال مدريد أمس الأحد باللقب الأول له في بطولة الدوري الإسباني لكرة القدم منذ عام 2012، وهو الإنجاز الذي يعود الفضل فيه إلى فريق المدرب الفرنسي زين الدين زيدان بأكمله، حيث كشف لنا هذا الموسم لقطة نادرة تجلت في مشاركة مجموعة مكونة من 25 لاعبا بشكل فعال في انتصار وتتويج أحد الفرق.
وكان تتويج ريـال مدريد باللقب ثمرة للفكر الاستراتيجي المبدع لزيدان ولنظام التناوب بين اللاعبين الذي حقق فائدته القصوى منذ أن أقره اللاعب الفرنسي السابق كإحدى أدوات عمله مع النادي الملكي.
ولم يتخل زيدان عن استراتيجيته في أغلب فترات الموسم، مما دفع الجماهير وقطاع كبير من الصحافة المحلية في الإسبانية التحدث عن فريقين داخل ريـال مدريد أو عن وحش برأسين، كما يحلو لهم وصفه.
«سنلجأ إلى التناوب»، هذا ما قاله زيدان في بداية الموسم مع أول مباريات ريـال مدريد.
ولم يعتقد أحد آنذاك أن هذه الاستراتيجية ستكون صارمة بهذا الشكل، فالأمر لم يتعلق بإراحة لاعبين أو ثلاثة في مباراة من أجل الدفع بهم في مباراة أخرى، ولكنه كان نهجا عاما استمر طوال الموسم، وخاصة في نهايته، الذي شهد تغيير تسعة لاعبين من التشكيلة الأساسية في بعض الأحيان.
وبدأ ريـال مدريد يدرك أهمية الفريق الذي يحمل اسمه ويدافع عن تاريخه بعدما تجنب اللاعبون التحدث بصيغة «الأساسيين والبدلاء»، وقد ظهر هذا جليا في أحد تصريحات قائد الفريق سيرخيو راموس الذي استخدم وصف «من يلعبون أقل» ليتفادى التلفظ بكلمة بدلاء.
وبالطبع لم يصر زيدان على تطبيق استراتيجيته الجديدة في كل المباريات، حيث إنه تخلى عنها ولجأ لتشكيلته الأساسية في المباريات الحاسمة في الموسم سواء في بطولة دوري أبطال أوروبا أو أمام برشلونة أو في مباراتيه الأخيرتين في الدوري الإسباني، ولكن الحقيقة تشير إلى أنه لم يحدث في تاريخ ريـال مدريد أن تمت الاستعانة بكل هذا العدد من اللاعبين خلال موسم واحد.
وكان أحد أبرز الأمثلة على هذه الاستراتيجية هو النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، إلى وصل إلى الأمتار الأخيرة من الموسم الجاري في جاهزية كاملة.
ولعب رونالدو هذا الموسم ألفين و460 دقيقة، وهو رقم بعيد تماما عن أرقامه في الموسم السابق (ثلاث ألاف و183 دقيقة) أو موسم 2011/2012 (ثلاثة آلاف و354 دقيقة).
وتجاوزت دقائق اللعب لعشرين لاعبا في ريـال مدريد الألف دقيقة هذا الموسم في الدوري الإسباني ولم يصل أحدهم إلى الدقيقة (ألفين و500)، وهو ما يعد ظاهرة فريدة في تاريخ النادي الملكي، هذا بالإضافة إلى أن زيدان لم يخض مباراتين متتاليتين بنفس التشكيلة.
وقال زيدان عشية مباراة ريـال مدريد أمام سبورتنج خيخون في 15 إبريل الماضي، وهي المباراة التي فاز بها ريـال مدريد «3-2» ليحافظ على حظوظه في الصراع على لقب الدوري الإسباني: «الجميع سيكون له أهميته، الجميع بشكل مطلق».
ولم يتمكن زيدان بسياسة التناوب الحازمة التي يتبعها من ضخ المزيد الأكسجين في دماء الفريق، كما اعترف هو، وحسب، بل منح قيمة إضافية بهذه الطريقة لبعض اللاعبين، مثل ناتشو فيرنانديز وماتيو كوفاسيتش وماركو أسينسيو ولوكاس فازكيز واسكو، الذين حازوا على تقدير المنتقدين والجماهير على حد سواء.
وبالطبع كان هناك لاعبون أكثر سعادة من غيرهم بهذه الاستراتيجية، فقد كان اللاعبون خاميس رودريجيز وألفارو موراتا الأقل رضا عن تصنيفهم من بين لاعبي الفريق الثاني، الأمر الذي قد يفضي إلى رحيلهم مع نهاية الموسم الجاري.
وبعيدا عن المتذمرين، نجح زيدان في الارتقاء بالروح الجماعية للفريق على المستويين الفني والنفسي، فقلما نرى فريقا من فئة الكبار مكونا من 25 لاعبا لا يواجه معوقات في الانسجام بين عناصره في الوقت الذي يشارك فيه الجميع في صناعة الألقاب، أساسيون وبدلاء.