أعرب أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، عن قلقه إزاء الوضع الحالي في مصر، مؤكدًا أن الصورة صعبة ويجب الخروج منها بأسرع وقت؛ لأن مصر ربما تضيع منا ونواجه اتهاماتٍ بأننا الجيل الذي ضاعت منه مصر.
وقال أبو الغيط إن استمرار الكتابة والتغطيات الإعلامية التي تناولت مقالات علاقة السلطة بالمال كان من أسباب الانتفاضة الشعبية التي تشهدها مصر، بالإضافة إلى الاستفزاز الذي أصرت عليه أجهزة الشرطة في تعاملها مع المواطنين لفترة طويلة، وكذلك الظروف الاقتصادية الحرجة لأغلب المصريين.
جاء ذلك خلال لقاء أجراه «أبو الغيط» مع قناة العربية، لافتًا إلى أن مطالب شباب 25 يناير في طريقها للتحقق، مشيرًا إلى التزم الرئيس وتعهده بها؛ لذا لزم أن نثق في هذه التعهدات التي ستتم تحت ضمان القوات المسلحة التي لا تزال تحظى بثقة المصريين جميعًا.
وتمنَّى «أبو الغيط» ألا يكون النظام العسكري هو المتحكم في مصر في هذه الفترة الحرجة، مشيرًا إلى أن الرئيس كلًّف لجانًا للتحقيق فيما حدث وكذلك مجلس الوزراء لا يزال يدرس الموقف ومن الصعب تحديد المسؤولية عن الأحداث السابقة والحالية، خاصة أنه طالما أن الحدث دائر فالتقييم صعب.
وحول السيناريوهات المحتملة للفترة المقبلة والمتعلقة بترك الرئيس مبارك السلطة بالتنحي أو بالتنازل عن مهامه لنائبه، عمر سليمان قال «أبو الغيط»: « لا أتخيل أن أبناء مصر يقبلون رحيل الرئيس بهذا الشكل غير اللائق، كما أن تنازل الرئيس عن صلاحياته لنائبه لن تمكن من إجراء تعديلات دستورية وتشريعية، أما إذا تم تأهيل مجلس العشب وتعديلات الدستور فسنصل لشهر 6 بدستور معدَّل ومجلس شعب مؤهَّل نمضي به نحو انتخابات رئاسية ربما يشارك فيها 15 مرشحا».
وأكد وزير الخارجية أن الحديث عن جمعية وطنية تتولى السلطة لن تكون مفيدة، لافتًا إلى أنه يجب المحافظة على الدستور المعدَّل؛ لنحمي البلد من المغامرين والحالمين بأخذ السلطة، مشيرًا إلى أنه في حال الصراع على السلطة وتعرض الدستور للخطر «ستضطر القوات المسلحة للدفاع عن الدستور والنظام طبقًا للقسم الذي أدته وسيكون الأمر وقتها خطيرًا».
وأوضح «أبو الغيط» أنه من الأسهل أن نمشي في طريق التطور، الذي يقترحه الرئيس مبارك، لأن الأمر كله سيستغرق 4 أشهر.
وأكد أنه لا معلومات لديه عن رحيل الرئيس إلى ألمانيا أو إلى أي دولة أخرى، مشيرًا إلى أن الحدث ككل مفاجئ للجميع، مضيفًا: «لست وزير للأمن حتى أتوقع ما حدث، فأنا وزير خارجية، وكنت تحدثت من قبل عن تأثير استخدام 20 مليون مصري للإنترنت، لكن سخر مني كثيرون وقالوا إنها مجرد ادعاءات شخصية».
وحول سؤال عن دور الإخوان المسلمين في المرحلة المقبلة أكد أن اشتراكهم في الحوار الوطني يُعدُّ اعترافًا بهم وهذه خطوة مهمة من جهة الدولة تجاه الإخوان.
وأوضح أن التغير في الموقف الأمريكي من تفهم للوضع الراهن بعد التصريحات الانفعالية ربما يساعد مصر في عبور الأزمة و«جمع الزجاج المكسر وترتيب الأوراق؛ لأن ما يحدث في مصر تحول رئيسي سنجني ثماره في المستقبل».
وأكد أبو الغيط أن أمريكا أخيرًَا تفهَّمت أهمية الحل المتدرج للأزمة في مصر عن طريق خريطة طريق بضمان الجيش حسب مراحل زمنية، مشيرًا إلى أن الحديث عن تغيير فوري يبتعد عن المصالح المصرية، وقال إن أمريكا تراجعت عن قرارات مثل قطع الدعم العسكري لأنها رأت أن القرار غير منطقي.
وردَّ «أبو الغيط» عن تغيير ثوابت الخارجية المصرية، مثل معاهدة السلام، في عهد الرئيس المقبل، بأن أي نظام جديد ورئيس جديد يعرف أنه سيقضي فترة ويرحل من الصعب عليه اتخاذ قرارات مثل هذه، مشيرًا إلى أن الشعب شريك أساسي في مثل هذه القرارات التي تتعلق بتغيير السياسات الخارجية لمصر وأنه لا دخل لأي قوى خارجية بهذا الأمر بما فيها الولايات المتحدة.
وأوضح أن حدود مصر ليست كاملة التأمين الآن، فمن ناحية الأنفاق في والانفصال في جنوب السودان، وغيرها من المواقف الحساسة، علاوة على التشتت الذي تعاني منه القوات المسلحة داخليًّا، مؤكدًا أنها قادرة على أداء دورها وعبور الأزمة.
وحول انتقادات للخارجية المصرية بضياع الدور الإقليمي لها، أكد «أبو الغيط» أنه لا توجد أخطاء، لكن هناك تحديات تم مواجهتها، مشيرًا إلى قضية فلسطين التي وصفها بـ«الأزلية»، إضافة إلى انفصال السودان، الذي نفى مسؤولية مصر عنه باعتبار أن السودان دولة مستقلة وذات سيادة، أما فيما يتعلق بقضية مياه النيل، أكد وزير الخارجية أنه لا يوجد أي خطر على مستقبل المياه في مصر لأن هناك مفاوضات ودراسات للأمر لا تزال تجرى.
وفي إشارة لزيارة الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، للمتظاهرين في ميدان التحرير، قال «أبو الغيط» إن «هذه إحدى صفاته»، مشيرًا إلى أن عمرو موسى زار المحتجين ليس كمسؤول حكومي وإنما كمسؤول عربي وأنه تحرَّك كمواطن مصري.
وأشار الوزير إلى أن عمل الحكومة الحالية مرهون بانتخابات رئاسية جديدة، وأن دورها ربما ينتهي بوجود نظام جديد في سبتمبر المقبل، وأكد اختلاف توجهات وأهداف المحتجين في ميدان التحرير، آملا أن تتحقق خريطة الطريق التي اقترحها وتعهَّد بها الرئيس لتحقيق تعديلات دستورية وتشريعية تحت حماية القوات المسلحة خروجًا من الوضع الراهن.