بعد أقل من ساعة من لقائهم أمس الأول مع عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية، التقت «المصرى اليوم» بعضا من ممثلى «شباب 25 يناير» الذين فجّروا ثورة الغضب فى مصر.
من بين هؤلاء الشباب كريم زهران وداليا متولى، اللذان أكدا أنهما لا يحملان تفويضا من الشباب بالحديث عنهم «ولكننا نحمل نفس الأفكار التى دفعتهم إلى الخروج بثورتهم على الظلم والقهر والاستبداد والفساد».
أضاف الشابان أن خروجهما للشارع كان عفويا، وأن ما يصفانه بـ«حالة القهر السياسى» التى يعانى منها الشارع المصرى والتراجع الاقتصادى و«سيطرة رموز الفساد على الحكم» كانت محركهم للثورة رافعين شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، منوهين بأن هدفهم إبعاد جميع رموز الظلم والفساد فى السلطة إضافة إلى مطالب أخرى بإصلاحات سياسية واقتصادية وزيادة مساحة الحريات والتعبير عن الآراء.
وذكر كريم وداليا أنهما وزملاءهما الذين حضروا اللقاء طالبوا نائب رئيس الجمهورية، خلال لقائهم معه، بإجراء محاكمة عاجلة لرموز الفساد فى النظام وأن يأخذ «ثأرهم» منهم، وتحديد جداول زمنية محددة لإجراء التعديلات الدستورية، وإلغاء جهاز أمن الدولة «الذى أصبح دوره القهر والظلم واعتقال أصحاب الرأى»، كما طالبوه بإقصاء وزير الإعلام من منصبه بسبب «السياسات الخاطئة للإعلام المصرى وتعمده تضليل الرأى العام».
وإلى التفاصيل:
■ كيف كانت بداية ثورة 25 يناير؟
- كريم: ثورة الشباب التى خرجت للشارع للتعبير عن آرائها يوم 25 يناير كانت عفوية من شباب من أعمار صغيرة بسبب الكبت والقهر اللذين يعانى منهما المجتمع المصرى، خاصة جيل الشباب الذى يمثل 60% من المجتمع المصرى، وحالة الإحباط والكبت والبطالة التى عانينا منها على مدى سنوات طويلة من حكم النظام الحالى، إضافة إلى تصريحات مسؤولى الحزب الوطنى المستفزة التى تتحدث عن زيادة الرواتب والرخاء الذى يعيشه الشعب المصرى.
- داليا: كانت هناك دلائل على أن حقوق الإنسان متردية فى مصر، فمثلا عندما قمت باستخراج بطاقة انتخابات كنت مرعوبة و«اتعاملت بطريقة وحشة جدا والناس بتتعامل بطريقة العبيد، إضافة إلى كمية الجرائم التى يرتكبها رجال الشرطة فى مصر».
■ هل كنتم تتوقعون الأعداد التى خرجت إلى الشارع يوم 25 يناير؟
- داليا: فوجئت بحجم الناس المتواجدة فى الشارع، ولم أتوقع أن هذا العدد كان سيشارك فى مظاهرة لرفض التعذيب، والتى تحولت بعد ذلك إلى ثورة شعبية شارك فيها كل أطياف المجتمع.
- كريم: كان عندى أمل أن الشعب المصر سيثور فى يوم من الأيام «لأنى كنت حاسس بالشباب اللى فى نفس سنى ومطالبهم»، ووزير الداخلية «السابق» أشار إلى أن المتظاهرين لم يتعرضوا إلى أى عنف، لكنى فوجئت بالضرب والاعتقال والسحل الذى تعرضت له مع شباب كثيرين.
■ ما هى الشرارة التى كانت نقطة البداية للثورة؟
- داليا: الكذب والظلم الفادح الذى يتعرض له المواطنون.
- كريم: الكذب وتصريحات أحمد عز المستفزة بأن الشعب المصرى يعيش فى رخاء، وأيضا قيادات الحزب الوطنى الفاسدون ومنهم صفوت الشريف وزكريا عزمى وجمال مبارك وفتحى سرور، فضلا عن كُتّاب الحكومة ممتاز القط وعبدالله كمال ومحمد على إبراهيم، حيث كانوا يمثلون مصر وكأنها وردية.
■ على أى أساس تم اختياركم لتمثيل الشباب والحديث باسمهم فى لقاء نائب رئيس الجمهورية؟
- داليا: أولاً نحن شباب مصريون نعيش كل الظروف الصعبة التى يعيشها كل شباب مصر، ولم نعبر عن كل الشباب لأن المنطق يقول إن الناس لا تتفق على شىء واحد ولن نمثل كل الشباب.
- كريم: كان اختيارا عشوائيا، ومن رشحنا للحديث هو محمد عصمت السادات لأنه كان يرى أننا نمثل الشباب والمظاهرات ولنا مطالب نريد تحقيقها.
■ ماذا قال لكم نائب الرئيس خلال اللقاء؟
داليا: قال لنا إن الإصلاحات التى نقوم بها ونتحدث عنها هى مجرد بداية وستستمر.
■ ما هى المطالب التى طلبتموها من عمر سليمان؟
- كريم: أن ينزل إلى الشارع وأن يحاور الشباب والمواطنين العاديين.وأن يعدل الدستور وأن يتم تغيير الخطاب الإعلامى الرسمى، واقترحنا أن يتم إلغاء وزارة الإعلام أو تغيير وزيرها «لأنه يصمم على فبركة الصورة»، كما طالبنا بأن يحاكم صفوت الشريف وحبيب العادلى والوزراء السابقون وأن تكون محاكمة عاجلة.
- داليا: المتظاهرون فى الشارع ينتظرون رد الفعل والمحاكمة العاجلة والقصاص من قتلة المحتجين.
■ وهل طلبتم من سليمان رحيل الرئيس مبارك؟
- داليا: نعم، لكنه رفض رفضا باتا، وبالنسبة لرحيل الرئيس الآن أو فى نهاية فترته فهذا فى رأيى ليس له قيمة لأنه راحل راحل، وهو ما لمسناه من حديث عمر سليمان، والمشكلة ليست مشكلة وجود الرئيس الآن، وهدفنا أن تكون هناك محاكمة لكل رؤوس الفساد وأن يغير الدستور وأن يقضى على البطالة وأن يفرج عن كل المعتقلين السياسيين.
■ ما هى الضمانات التى حصلتم عليها لتنفيذ ذلك؟
- داليا: لا توجد ضمانات سوى حديثه لنا، خاصة أنه قال «الناس من حقها أن تتظاهر بالشكل السلمى إذا لم تتحقق المطالب»، وأعتقد أنهم لن يتراجعوا عما قاله الرئيس.
- كريم: طلبنا منه جدولا زمنيا لتنفيذ المطالب، وللأسف لم نر سوى وعود إلى الآن ونتمنى تحقيق ما قاله رموز السلطة.
■ أنتم تحمّلون الرئيس مسؤولية ما حدث فى الشارع من فراغ أمنى والاعتداء عليكم أثناء التظاهر.. فماذا قال نائب الرئيس فى هذا الشأن؟
- داليا: قال إنه مخطط وإن الدولة تعرف المجموعة التى نفذت، وقلنا لنائب الرئيس: «أنتم تعرفون من نفذ فلماذا لم تقوموا بالقبض عليهم؟»، وللأسف يتعاملون بشكل غير شفاف وهذا منطق اعتمدوا عليه كثيرا فى تعاملهم.
■ فى أى شىء اختلفتم مع عمر سليمان؟
- كريم: فى أمر رحيل الرئيس، حيث رفض رفضا باتا، وقال: «نريد أن يخرج الرئيس بشكل لائق»، مضيفا أنه فى حالة غياب الرئيس فلن تتحقق مطالب الشعب بتغيير الدستور، فقلنا له أن يتم تفويضك بكل الصلاحيات، ولكنه رفض ورد: «يجب أن يكون خروج الرئيس بشكل لائق».
■ هل تعتقد أن عمر سليمان كان مقتنعا بالحوار مع الشباب وسيأخذ مطالبهم بمحمل الجد؟
- داليا: أعتقد أنهم بدأوا يتفهمون أن الشباب هم المحرك الرئيسى للشارع المصرى ولهم دور فعال فى المجتمع.
■ لماذا يقال عن «شباب 25 يناير» إنهم «شباب البلاى ستيشن» رغم أن السياسة تحتاج إلى عقل وحكمة؟
- كريم: سقف المطالب بدأ يعلو بالتوازى مع المظاهرات، إضافة إلى أن المطالب ليست سياسية ولكنها مطالب شعبية.
■ لماذا لم تنتظروا وتعطوا فرصة للحكومة الجديدة لتنفيذ المطالب؟
داليا: لم نر شيئا تحقق إلى الآن، إضافة إلى أن الوزراء الذين تم اختيارهم ليسوا بالكفاءة التى نريدها، وعلى رأسهم وزير الإعلام الذى يبث أشياء غير حقيقية وغير مرتبطة بالواقع، وبالتالى لن يتغير شىء ولذلك استمرت المظاهرات.
■ فى رأيكم لماذا جلس عمر سليمان مع المعارضة رغم أنهم لم يمثلوا الشاب المتواجدين فى التحرير؟
- كريم: هذا ما تحدثنا فيه مع نائب الرئيس، وقلنا له إن هذه الأحزاب كرتونية ولا تمثل الشباب والشارع المصرى، ورؤساؤها يبحثون عن مصالحهم الشخصية.
■ وهل ينطبق هذا الأمر على «الإخوان»؟
- كريم: لا طبعاً، «الإخوان» يمثلون تقريبا 15% من الشباب المتظاهرين فى التحرير، ولهم مطالب شعبية من حقهم أن يبحثوا عنها.
■ وما رأيكم فى الدكتور محمد البرادعى؟
- داليا: دوره كان توجيهياً، وهو لا يمثلنا فى الترشح لرئاسة الجمهورية.
■ إذاً من يمثلكم من السياسيين والشخصيات العامة فى الحديث مع عمر سليمان؟
- كريم: الدكتور يحيى الجمل والدكتور أحمد زويل والدكتور فاروق الباز والمهندس نجيب ساويرس وغيرهم كثيرون، وعمرو موسى أيضا نرشحه لرئاسة الجمهورية إذا أراد وسندعمه بقوة فى الشارع.
■ هل هناك ضمانات قالها لكم سليمان عن عدم اعتقال الشباب الذى شارك فى الثورة؟
داليا: تحدثنا معه أكثر من مرة فى هذه النقطة تحديدا، لكنه تعهد بعدم المساس بهم، وطلبنا منه إلغاء جهاز أمن الدولة ولكنه رفض.
■ فى رأيكم هل هناك شخصيات غير المعلن عنهم يجب محاسبتهم ومنعهم من السفر؟
- كريم: هناك شخصيات أخرى مثل محمد أبوالعنيين وهانى سرور وغيرهم كثيرون منتشرون فى المجتمع يجب محاسبتهم سريعا.
■ أنتم تطبّقون «الكتالوج» التونسى بالتفصيل؟
- داليا: نحن لا نطبق أى «كتالوجات» ونريد إصلاحاً للمجتمع، وتنفيذ الوعود على أرض الواقع، فقد شبعنا كلاما ولم نر شيئا ملموسا على الأرض.
■ إلى أى شىء انتهيتم فى الحديث مع سليمان؟
- داليا: أن يتم بسرعة تشكيل لجنة لتعديل الدستور، وقد وافق على هذا المطلب وشكل اللجنة بالفعل وعلى رأسها الدكتور يحيى الجمل والدكتور أحمد كمال أبوالمجد.
■ هل مازال شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» مرفوعا؟
- كريم: النظام هو المجموعة التى بدأت تخرج من الحزب الحاكم، ونريد خروجهم من النظام أولاً وعلى رأسهم صفوت الشريف وفتحى سرور.
■ هل مازال مطلب رحيل الرئيس مبارك قائما بعد الحوار؟
- كريم: نعم، ولكنه يرفض تماما، والمشكلة ليست فى شخص الرئيس، فالناس تعلم أن رحيل مبارك سيسقط بعده كل النظام وهذا ما نريده.
■ ردود الفعل العالمية ما رأيكم فيها؟
- داليا: ما هى المشكلة فى أن يقول كل شخص رأيه.
■ ولكنه ليس رأيا، فالبعض يرى أن هذه الردود «تدخل فى شؤون مصر»؟
- كريم: الجميع متفق على عدم التدخل الخارجى فى شؤوننا الداخلية، ومن لديه نصيحة يقولها، والرئيس كان ينصح كثيرا من الدول العربية.
■ هل تفكرون فى تأسيس حزب سياسى؟
- داليا: طرحنا هذا الأمر، وطلبنا من نائب الرئيس إلغاء لجنة شؤون الأحزاب، وقال: «سننظر فى الأمر»، ومازلنا نتحدث مع باقى الشباب عن تأسيس الحزب.
■ البعض كان يقول إنكم كنتم تحصلون على دعم دولى ودولارات أثناء التظاهر؟
- ضحك كريم وداليا كثيرا، وقال: «لا تعليق، لأننا مصريون وطنيون».
■ هل هناك جلسات أخرى للحوار؟
- كريم وداليا: طبعا، الحوار قائم وعلمنا من نائب الرئيس أنه سيتحاور مع 60 من الشباب قريبا، وسيناقشهم فى كل المشاكل والاقتراحات المطلوبة من الشباب والشعب المصرى كله.