x

المستشار زكريا عبدالعزيز: أطالب ببقاء مبارك حتى نتمكن من محاسبة «النظام»

الإثنين 07-02-2011 19:08 | كتب: رانيا بدوي |


فى اللحظات الحاسمة التى تمر بها مصر الآن، خرج المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة السابق عن صمته، ليخص «المصرى اليوم» بحديث يطرح فيه أفكاراً للخروج بمصر إلى بر الأمان، فهو يرفض الدخول فى جدل قانونى عقيم - على حد وصفه - ويرفض كل ما يقال عن الفراغ الدستورى أو الأزمة الدستورية التى ستنشأ إذا ما رحل الرئيس مبارك قبل تعديل الدستور. ويرى أن الثورة الشعبية لها شرعية تمكنها من إسقاط النظام ورموزه، والدستور، وإن كان عبدالعزيز لا يثق فى وعود النظام طالما وعد وأخلف كما يقول، والجانب الآخر يرفض خروج الرئيس مبارك من مصر، على أن يبقى فى بيته وليس بيت الدولة، أى بيت الرئاسة، وأن يكون وجوده رمزياً وبلا صلاحيات، ويدعو المستشار زكريا عبدالعزيز إلى محاسبة النظام بأكمله وعدم التعاطف أو التعامل بمنطق «عفا الله عما سلف».. وإلى نص الحوار:


■ فى وجود مطالبات بتنحى الرئيس.. البعض يذهب إلى فكرة نقل صلاحيات الرئيس إلى السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية كحل آخر.. فما رأيك؟


- لى رأيى آخر هو أن يتولى حكم مصر بشكل مبدئى مجلس رئاسى أو مجلس وصاية يتكون من ثلاث شخصيات أو خمس من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، على ألا يكونوا من رجال السياسة السابقين أو ممن شاركوا فى الحكم فى الفترة الماضية، ويتولى المجلس إدارة الدولة مع النائب عمر سليمان، وتشكيل جمعية تأسيسية بعد ذلك مكونة من 150 عضواً من فطاحل المجتمع المشهود لهم بالكفاءة والاستقامة، والسماح بفترة تمتد أسبوعاً أو اثنين للطعن عليهم أى لمن لديه معلومات عنهم، أن يتقدم بها، ومصر مليئة بأناس جيدين علماء وأطباء ومهندسين، المهم أن نبعد عن السياسيين ورجال الأحزاب الذين يضعون الشباب فى ميدان التحرير الآن وكل شخص منهم يريد أن يقفز ويبحث عن دور لنفسه.


■ إذن أنت مع خروج الرئيس مبارك؟


- لست مع خروج الرئيس من مصر، عليه أن يمكث فى بيته وليس بيت الرئاسة الذى هو بيت الدولة، حتى نتمكن من محاسبة النظام، ونحقق فى الإيجابيات التى قدمها والسلبيات التى خلفها، لكن لا يصح أن نقول «عفا الله عما سلف»، فعلى مدار 30 عاماً من الحكم يتولى فى هذا النظام وزراء بعضهم فاسدون وفاسقون ولابد من المحاسبة، حتى إن بعض القنوات الفضائية تشكك الآن فى ذمة الرئيس وأسرته المالية، وبالتالى لابد أن يتم التحقيق فوراً فيما قيل حتى تتم تبرئة ذمة الرئيس أو إدانته على ألا يكون التحقيق من قبل النائب العام.


■ لماذا؟


- لأن الرأى العام لن يصدق أى تقرير يصدر عن جهة رسمية.


■ والبديل؟


- لجنة شعبية موثوق فيها على غرار منظمات الشفافية العالمية التى لا تتبع جهة حكومية.


■ وماذا بعد الجمعية التأسيسية التى تقترحها؟


- إذا نجحنا فى تشكيل الجمعية التأسيسية، سيتم فوراً تكليفهم بوضع دستور جديد للبلاد خلال شهرين، ثم نبدأ فى إجراء انتخابات محلية نظيفة، وانتخابات نقابية نزيهة، لما للنقابات من أهمية يعرفها الجميع، فالنقابات المهنية هى التى ترعى مصالح المهنيين وتجعلهم ينتبهون لعملهم ولا يبحثون عن لقمة عيش فى أماكن أخرى، ثم بعد ذلك نشرع فى إجراء انتخابات مجلس شعب على أن تكون على الملأ، وأمام جميع الناس، وفى وجود كاميرات التصوير، فإذا ما رأينا شخصاً يلعب فى الانتخابات أو يحاول شراء الأصوات يتصدى له الناس وبقوة، كما نطالب بحقوقنا وحريتنا على أن نحسن من أنفسنا كشعب ومن سلوكياتنا لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن نقضى على الواسطة والمحسوبية، وينبغى أن يسير كل شىء فى الدولة بنظام آلى ومحترم قائم على الكفاءة والعدالة.


■ وماذا عن لجنة الحكماء أو مجلس الحكماء وغيرها من التجمعات التى سمعنا بها مؤخراً؟


- ليست هذه هى الجمعية التى أريدها، فنحن فى حاجة إلى شباب يقود هذا البلد، على أن يكون دور لجنة الحكماء استشارياً، ولا يدير مصر الشابة إلا شبابها، على أن يبقى شيوخها سنداً لهم، الدولة عجزت وشاخت، فهل يصدق أحد أن رئيس دولة يبقى أكثر من عشرة أيام لا يتخذ قراراً، هل يصح ذلك؟! هذا لأنه غير قادر على ذلك، ووصل إلى عامه الثانى والثمانين، وبالمناسبة كل المطروحين الآن كبدائل فوق السبعين عاماً، نحن نريد رئيساً شاباً لمصر كرؤساء أمريكا، لذا فإن أمريكا دائماً شابة وفتية وليست كهلة، والأمر لا ينطبق على الرئيس وحسب، بل يجب أن تكون عضوية مجلس الشعب فى سن الثلاثين وألا تزيد سن الوزير على الخمسين.


■ وماذا عن الخبرة؟


- عندما أتى مبارك للحكم هل كانت لديه الخبرة؟! ومع ذلك يجب أن يستعين الرئيس باستشاريين على أعلى مستوى فى جميع المجالات وليس حاشية وبطانة فاسدة.


■ البعض يقول إن خروج الرئيس الفورى أو نقل صلاحياته لنائبه يضعنا فى مأزق دستورى، ومن هنا فإن بقاء الرئيس مهم لإحداث التعديلات الدستورية التى نريدها؟


- الرئيس مبارك كرّس الديكتاتورية فى التعديلات التى أجريت على الدستور عام 2007، إذ جعل السلطة كلها فى يده، وأضاف جزءاً فى المادة 82 أنه لا يجوز لنائب الرئيس أن يعدل الدستور، وقال فى مواد أخرى إنه إذا حدث له شلل جزئى أو كلى لا يجوز لرئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية حل مجلس الشعب أو الشورى، وكلها تعديلات كان المقصود منها تكريس السلطة المطلقة فى يده.. وهذا ما يردده البعض الآن تبريراً لحرصهم على وجود الرئيس مبارك بدعوى أنه يجب بقاؤه حتى يتم التعديل الدستورى المأمول.


■ كيف ترى إذن الخروج من هذا المأزق الدستورى؟


- ثورة 25 يناير هى ثورة شعبية وبالتالى لها شرعية، وبهذه الشرعية يمكنها إسقاط النظام والدستور، فالدستور الحالى من الممكن فى هذه الحالة أن يلغى ببيان.. ويتم إعداد دستور جديد.


■ وما مواصفات الدستور المقبل؟


- أولاً أن ينص على أن تُحكم مصر بنظام برلمانى، وأن تُقيد مدة رئيس الدولة بمدتين كل مدة أربع سنوات، وأن يحاسب الرئيس أمام البرلمان، والسلطة التنفيذية تكون لمن يحصل على الأغلبية فى مجلس الشعب، ومدة مجلس الشعب أربع سنوات مع رئيس الدولة تسبقه أو تلحقه، ولا ضرورة لمجلس الشورى، مع إلغاء جميع النصوص الواردة فى تعديلات 84، فمن غير المنطقى أن نعطى رئيس الجمهورية الحق فى إحالة مدنيين إلى المحاكم العسكرية، فهذه المحاكم يقتصر دورها على الجرائم العسكرية، وألا تزيد حالة الطوارئ على أسبوع أو عشرة أيام فى حالة الضرورة القصوى، وتوافر أغلبية برلمانية لا تقل عن ثلثى المجلس.


■ البعض يرى أن ما قدمه مبارك فى الأيام القليلة الماضية تنازلات علينا الارتياح لها، وتصديق وعوده بالإصلاح؟


- لا أصدق هذا النظام ولا أثق فيه، فطالما وعد، ويقولون فى المثل إن الأكفان ليس لها جيوب، وقد ثبت لنا الآن أن لها جيوب تحمل مليارات، ولا أثق فى أن من كان يعتقل، ويفرض حالة الطوارئ، الذى كذب فى نزاهة الانتخابات، هو نفسه الذى يجرى الديمقراطية وهو من يقوم بإصلاح مصر.


■ ولكنه أتى بوجوه جديدة.. نائب للرئيس وحكومة جديدة؟


- لكنهم فى النهاية من بطن النظام، والدليل أن الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء، عندما حدثوه عن الإشراف القضائى للانتخابات قال (لا نستطيع أن نضع قاضياً على كل صندوق)، هذه نفس الكلمات التى كان يقولها رجال النظام، وكنت أتصور أن الأخ أحمد شفيق يقول إن الموضوع محل دراسة وأننا سنبحث كيف يمكن تطبيقه.


■ يقولون إن الإشراف القضائى يعطل المحاكم ومصالح الناس؟


- من يقول ذلك أقول له كذبت، لأن انتخابات مجلس الشعب تحدث مرة كل خمس سنوات، فى الإجازة الصيفية، والقضاة مستعدون للتنازل عن إجازاتهم من أجل الديمقراطية، ولن يحدث تعطيل لدولاب العمل فى العدالة.


■ هل لديك تحليل لتعاطف الشعب المصرى مع الرئيس مبارك بعد إلقاء خطابه الأخير؟


- هذا ما أراه غريباً فعلاً، إذ لم يتعاطفوا مع 400 شاب قتلوا بالرصاص الحى، و6 آلاف مصاب من أولادنا بسبب الجمال والأحصنة التى أطلقوها عليهم وضربهم بالمطاوى والسنج، وتعاطفوا مع شخص واحد، عموماً الشعب المصرى شعب عاطفى لا يفكر بعقله، فهم لا يربطون بين مبارك وأزمة الخبز وأنبوبة البوتاجاز، لا يربطون بين قراراته والبطالة والفساد، رغم أن الرئيس نفسه هو الذى أمر بالتحفظ على أموال وزرائه، فكيف أتعاطف مع هذا النظام الذى فتح السجون واللومانات للمجرمين ليقتلوا أبناءنا فى الشارع، هل يعقل أن نظاماً ووزارة داخليته تستعين بالبلطجية والمجرمين لترويع الناس كما استعانوا بهم من قبل لتقفيل صناديق الانتخاب.. أنا كنت أتصور أننا لسنا دولة القانون ولكن الآن اقتنعت أنه لا توجد دولة أصلاً.. فكيف يتعاطف الشعب مع هؤلاء!


■ البعض يقولون إنها تصرفات وزير الداخلية حبيب العادلى دون علم الرئيس مبارك؟


- العادلى من رجال الرئيس منذ 14 عاماً هى عمر وزارته، وكنت أتصور أن السيد الرئيس فى خطابه الأخير وحقناً للدماء سيخرج علينا ليقول إننى قررت الاستقالة وأتحمل المسؤولية كاملة وأضع نفسى تحت أمركم، وكنا سنحترمه أكثر، تماماً كما فعل عبدالناصر بعد هزيمة 67، وإن كان الشعب العاطفى نفسه خرج وقال لعبدالناصر لا.. وغنت أم كلثوم له «ابق فأنت حبيب الشعب»، رغم أنه خدع الناس.


■ منذ متى وأنت تشارك فى الثورة؟


- نزلت إلى الشارع من يوم 25 يناير، ومتواجد مع شبابنا أشد من أذرهم.


■ هل يوجد قضاة غيرك فى الميدان؟


- عدد قليل.. أو ربما كان هناك كثيرون لم أرهم.


■ ما حقيقة سيطرة الإخوان المسلمين على ميدان التحرير الآن واستغلالهم للموقف؟


- أقسم لك أننى رأيت فى الميدان كل أطياف الشعب ومن النساء رأيت المحجبات والمنتقبات والسافرات والبنات العادية اللاتى يرتدين مثل بناتنا ووجدت الشباب والكهول.. ولم أر سيطرة إخوان ولا غيره وهذه شهادة أمام الله.


■ هل لديك تفسير للموقف الأمريكى من الرئيس مبارك؟


- الحريات لا تمنح من الدول الخارجية، فالشعوب هى التى تخلق حريتها، والدول الأوروبية وأمريكا لا تحترم أى شعب لا يدافع عن حريته، لكن بفضل نجاح الثورة الشعبية فى تونس ومصر كسرنا ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذى كان مبارك متواطئاً عليه معهم، فقد كان حبيبهم ليس من أجل عيون مصر إنما من أجل إسرائيل، فهو الضمانة لهم لبقاء إسرائيل أو على الأقل إيجاد استقرار مع هذا الكيان، رغم أنهم يعلمون تماماً أن الشعب ليس مع مبارك فى التطبيع ولا فى علاقاته مع إسرائيل، مبارك أضعف الدولة بجميع أجهزتها من أجل إسرائيل، ولا أتصور أن رئيس دولة يقابل عدو البلد ويأخذه بالأحضان ويقول على أولمرت راجل طيب ويقابل ليفنى وشارون ويرفض مقابلة المعارضة المصرية أو من يختلف معه فى مصر.


■ من هذا المنطلق، فإن بقاء مبارك أفضل لهم من رحيله؟


- لو ضمنوا الديمقراطية سيضمنون الاستقرار أكثر من وجود شخص يُجلسونه على مقعد الرئاسة والشعب يرفضه.. والديمقراطية إذا أفرزت شخصاً سيكون حريصاً على الاستقرار ولا أعتقد أن الشعوب ترغب فى الحروب.


■ سؤال أخير، ما تعليقك على خطاب خامئنى ووصف الثورة المصرية بالإسلامية؟


- هذه كلمات تطلق فى مثل هذه المواقف، ولكل اتجاه مصالحه الخاصة، فلا يجب أن نشغل أنفسنا بمن قال أو ماذا قال، ولنركز فى قضيتنا ومولودنا الجديد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية