x

د. كمال مغيث: تعليمنا بعيد عن الانتماء الوطنى ويخرج جيلاً من المتطرفين

السبت 17-09-2011 16:55 | كتب: رانيا بدوي |
تصوير : other

قال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى، إن التعليم في مصر بعيد عن الانتماء الوطنى ويخرج جيلاً من المتطرفين، متهماً الوزارة بأنها اهتمت برفع صور الرئيس السابق حسنى مبارك وحرمه من الكتب، لكنها أغفلت الأهم وهو تطوير المناهج، معتبراً أن المجانية أدت إلى سلبيات كثيرة، لكنه ضد إلغائها.

وأضاف «مغيث» فى حواره مع «المصرى اليوم» أنه من أجل إصلاح التعليم يجب تشكيل مجلس من كبار المفكرين والمثقفين والعلماء للنظر فى قضية التعليم كاملة، وتوجيه الاهتمام الأكبر إلى المرحلة الابتدائية لضمان سير جيل بأكمله فى الطريق الصحيح، وإلى نص الحوار:

ما الخطوة الأولى لنضع أقدامنا على الطريق الصحيح فيما يخص قضية التعليم؟

- أولاً يجب تشكيل مجلس من كبار المفكرين والمثقفين والعلماء فى مختلف المجالات للنظر فى قضية التعليم برمتها، مدخلات ومخرجات وسوق عمل، فمثلا لا يجوز ولا يصح أن توضع مادة التاريخ بمعزل عن أساتذة التاريخ المرموقين فى مصر، ولا أن يوضع منهج مادة اللغة العربية والجغرافيا والعلوم وغيرها من المواد بعيدا عن علماء هذه المواد، ثانياً التأكد من مهنية العملية التعليمية ووضع لوائح لا تسمح بانتقال الطالب من الصف الأول الابتدائى إلى الثانى الابتدائى إلا إذا كان يجيد القراءة والكتابة، ومبادئ الحساب لأننا نعلم جميعا أن هناك من حصلوا على شهادة الدبلوم ولا يعرفون القراءة والكتابة، ولا يجيدون حتى كتابة أسمائهم وهذا شىء محزن، ثالثاً النظر إلى فكرة المواطنة فى التعليم، فللأسف بدلاً من أن يكون تعليمنا أهم مؤسسة لغرس الانتماء الوطنى عند التلاميذ وجعله فى المقدمة حدث العكس، وأصبح التعليم بعيدا كل البعد عن الانتماء الوطنى لذا كان من الطبيعى أن يخرج لنا متطرفين.

وكيف يمكننا القضاء على ظاهرة التطرف فى العملية التعليمية؟

- التطرف فى التعليم يأتى نتيجة عدة عوامل، منها المنهج الذى يجبر المسيحيين على حفظ الآيات القرآنية، أو المنهج الذى يعتمد على أن الإسلام هو الدين الوحيد ولا يراعى وجود ديانة أخرى يحترمها متبعوها، مرورا بالمعلم المتطرف، والمناخ الدراسى العام، حتى الأنشطة، فبدلا من أن نجد مسرحيات عن مصطفى كامل أو أحمد عرابى، نجد كل المسرحيات عن السيدة خديجة بنت خويلد أو أسماء بنت أبى بكر، لذا يجب تغيير كل هذه الأمور، وإشاعة مناخ من الحرية فى العملية التعليمية، فالمعلمون لدينا يشعرون بأنهم فى زنازين وكذلك الطلبة، وكان النموذج الصارخ فى ذلك قصة الطالبة «آلاء» التى كتبت فى موضوع التعبير تنتقد جورج بوش وبقدرة قادر تم تصعيد الموضوع إلى الأمن الذى صعّده بدوره إلى رئيس الجمهورية، فالمفتشون لا يسمحون للمدرسين بالإدلاء بآرائهم فى أى موضوع، ولا يوجد لدى ناظر المدرسة حرية التصرف فى أن يقيم نشاطاً ما بالتعاون مع جريدة أو مصنع أو جمعية أهلية.

لكن ألا تعتقد أن تقييد سلطات مديرى المدارس فى هذه النقطة له مبرر وهو أنه لو تُرك الأمر دون ضوابط فربما يتعاون ناظر مع جمعية متشددة دينيا أو مدرس يبث أفكاراً متطرفة بدعوى حرية التعبير؟

- هنا الأمر لا يُترك على علاته، والخوف من السلبيات لا يعنى أن أغلق الباب تماما، ويمكن تجاوز هذا الأمر بوضع لوائح محفزة تشجع على ممارسة النشاط والتعبير عن الرأى، ولائحة جزاءات تأديبية إذا ما ثبت أن المدرس مثلا قام بسب دين أو شخصية دينية أو مارس التمييز، وقتها سيسود الشق الإيجابى وستبقى السلبيات استثناء.

فى ظل الوضع الاقتصادى السيئ الذى نمر به.. هل هناك إمكانية لتطوير التعليم؟

- أتمنى فى حالة نجاحنا فى إعادة الأموال المنهوبة من الخارج، أن توظف جميعها لدعم العملية التعليمية، والغريب أن كل عام فى عهد النظام السابق كانت تزداد موازنة التعليم سنويا بمقدار 20% فى حين لم تزدد هذا العام سوى 3 مليارات جنيه، أى أقل من زيادة كل عام وهو ما نعتبره نقصاً فى الميزانية، وهى ميزانية برمتها هزيلة تؤثر على جودة العملية التعليمية.

البعض يلقى باللوم فى تدهور المنظومة التعليمية على المجانية، فما تعليقك؟

- ألا يعرف أصحاب هذا الرأى أن 40% من السكان تحت خط الفقر، يلتهم الغذاء فقط ميزانيتهم، و8% من هذه النسبة تحت خط الفقر المدقع أى لا يجدون حتى قوت يومهم، وهل قامت الثورة لكى تحرم 40% من السكان من التعليم الذى هو حق دستورى، ومع ذلك هذا الكلام منطقى، فمجانية التعليم أدت إلى سلبيات كثيرة، لكننى ضد إلغاء التعليم المجانى، وعندما أتحدث عن التعليم المجانى فأنا لا أقصد التعليم الرخيص الذى يقدم الآن، والذى ترتب عليه خدمة تعليمية سيئة، إنما أقصد التعليم المجانى الذى يجب أن تدعمه الحكومة بقوة وتقدم من خلاله خدمة تعليمية جيدة.

ماذا تقترح لحل المعادلة المعقدة: الزيادة السكانية فى مقابل ضعف الميزانية؟

- هناك طرق كثيرة لزيادة ميزانية التعليم إذا توافرت الإرادة السياسية كفرض ضريبة تصاعدية على بعض المؤسسسات الخاصة تخصص نسبة منها للتعليم، كما يمكن تعظيم ميزانية التعليم عن طريق لامركزية المحافظات، فهناك محافظات غنية بالموارد من الممكن أن يخصص جزء من موارها للتعليم، كما يمكن أن نجد طريقة لإلزام ولى الأمر بأن يدفع للمدرسة المبالغ الطائلة التى يدفعها سنويا للدروس الخصوصية، وهنا يجب التفكير فى طرق غير تقليدية ومبتكرة.

وهل يمكن تحقيق نتائج سريعة إذا تم تطبيق هذه الاقتراحات؟

- بالطبع لن نحصل على نتائج سريعة، فما تم هدمه على مدى 30 عاما ليس من المتصور أن يتم إصلاحه فى أيام أو شهور، الإصلاح سيأخذ وقتاً لكن علينا أن نبدأ لأن أى تأجيل سيزيد الأمر سوءا، وهنا أقترح أن نولى الاهتمام الأكبر للمرحلة الابتدائية وللصفوف الأولى من هذه المرحلة، لضمان أن جيلاً بأكمله يسير فى الطريق الصحيح.

فى رأيك، لماذا فشلنا فى القضاء على الأمية حتى الآن؟

- لأنه كان لدينا نظام حكم منعزل تماما عن كل القضايا الحيوية، واهتم بالبنية الأساسية للتعليم، لأنها جزء من اللصوصية وتسهل فيها السرقة، ولم يهتم بالتنمية البشرية، ولم يهتم بالجامعات أو الفقراء، وظل لسنوات طويلة يتحدث عن حملات محو الأمية ولم يتخذ فيها خطوات فعلية والنتيجة ما نراه الآن.

حضرت مؤخرا اجتماعا مع وزير التربية والتعليم وعدد من المهتمين بملف التعليم، فهل شعرت بأن الحكومة الحالية تضع التعليم فى أولوياتها؟

- إطلاقا، لم أشعر بأى تغيير، والسياسة السابقة مازالت قائمة، فالدكتور أحمد جمال الدين موسى، وزير التربية والتعليم، كان وزيرا فى عهد النظام السابق، ولولا أن النظام السابق هو الذى استغنى عنه لما ترك الوزارة، وقد قلت لهم فى هذا الاجتماع إننى أحضر هذه الاجتماع فى هذه القاعة نفسها منذ 20 عاماً مع وزراء مختلفين ولم أشعر بأى اختلاف، لأنه فى بداية الاجتماع أخذ كل مسؤول يعدد إنجازاته أمام الوزير: المسؤول عن المبانى يعدد ما تم إنجازه فى الأبنية، ومسؤول الكمبيوتر يتحدث عن المعامل المتقدمة فى المدارس إلى آخره، ولم يجب أحد عن سؤال: وماذا بعد؟ كنت أتمنى أن تكون روح ثورة 25 يناير حاضرة فى الاجتماع هذه المرة لكننى لم أجدها، وأظن أن الوزارة اهتمت فقط برفع صور الرئيس السابق حسنى مبارك، من المكاتب ورفع اسمه واسم حرمه من الكتب والمدارس، ولم يبد أحد اهتماما بتغيير المناهج وتطويرها.

وسط هذه الصورة القاتمة.. ألا ترى أى بصيص من النور؟

- الشىء الوحيد الجيد الذى أراه- لو تم تنفيذه- هو ما صرح به وزير المالية الدكتور حازم الببلاوى بأن هناك 1.7 مليار جنيه ستوجه لإصلاح حال المعلمين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية