يعتبر الكاتب الأمريكى «نيلسون ديميل» من أشهر الأسماء فى عالم الروايات الناجحة جماهيريا، فعلى مدار 30 عاما قدم 15 رواية احتلت جميعها قائمة أفضل المبيعات وترجمت إلى عشرات اللغات من بينها العربية، ولا تتوقف أهمية روايات ديميل على كونها روايات مثيرة يمزج فيها الكاتب ببراعة شديدة بين الأحداث الخيالية والحقيقية، لكن الأهم – خاصة للقراء العرب - هو تناول ديميل المنطقة العربية فى رواياته، التى كتبها قبل أو عقب أحداث 11 سبتمبر، وجسد خلالها شخصية إرهابى شرق أوسطى أعطاه اسم «أسد خليل» وجعله ينتمى إلى ليبيا ربما للعثور على مبرر منطقى لكراهيته الولايات المتحدة من خلال أحداث رواية The lion’s game التى سيصدر الجزء الثانى منها بعنوان The lion فى يونيو المقبل، كما ظهرت أفكار صدام الأديان والإرهاب الذى منحه شكلا إسلاميا وفق النمط السائد فى روايتى Wild Fire وNight fall.
وربما يتذكر قراء العربية أيضا اسم «نيلسون ديميل» من خلال روايته التى تحولت إلى أحد أنجح أفلام هوليوود فى السنوات الأخيرة، «ابنة الجنرال» ولعب بطولته النجم «جون ترافولتا».
على مدار الشهور الأربعة الماضية حاولت «المصرى اليوم» إجراء حوار مع الكاتب الأمريكى، لكن مساعدته ديان أبلغتنا بأنه مشغول تماما بوضع اللمسات الأخيرة لروايته الجديدة The Lion «الأسد»، وأنه فى هذه الظروف لا يجرى أى حوارات أو مقابلات حتى ينتهى تماما من العمل، لكن هذا الخبر تحديدا الذى يعنى عودة «أسد خليل» لتهديد أمن الولايات المتحدة داخل روايات ديميل جعلنا أكثر إصرارا على تحديد موعد لإجراء حوار عبر الإنترنت مع الكاتب حتى لو تطلب الأمر الانتظار، وأخيرا حصلت «المصرى اليوم» على أول حوار لجريدة عربية من الكاتب الأمريكى، الذى عرض فيه أيضا الملامح الأولى لروايته الأخيرة التى ستصدر بعد شهور.
■ قرأنا فى الوطن العربى روايات «لعبة الأسد»، «عاصفة النار» و«كارثة الليل» وغيرها من أعمالك التى تمزج أحداثها بين نظرية المؤامرة والعرب والإرهاب، متى بدأ العرب يلعبون دورا محوريا فى رواياتك؟ ولماذا؟
- يختار العديد من كتاب الروايات الأمريكيين والمشهورين بروايات الخيال التشويقى قضية الإرهاب كموضوع رئيسى لرواياتهم، وأحد أسباب هذا الاختيار أنه عقب انتهاء الحرب الباردة كان لابد من وجود بديل درامى فى روايات المغامرات والإثارة، وكان موضوع الحرب على الإرهاب هو الأكثر وضوحا وسط هذه الموضوعات لتأليف الروايات، كذلك فإن الجمهور يقبل على شراء هذه النوعية من الكتب وبالتالى يكتب الروائيون ما يعتقدون أنه يحقق المبيعات، ونحن فى النهاية لا نخلق السوق لكنا نستجيب لها ببساطة.
■ قبل أحداث 11 سبتمبر قدمت رواية Lion’s game «لعبة الأسد» التى تصور فيها شخصية إرهابى عربى يقوم باختطاف طائرة وقتل جميع ركابها، فهل توقعت أن يقع مثل هذا العمل داخل الولايات المتحدة الأمريكية؟
- قمت بالعديد من الأبحاث قبل كتابة رواية «لعبة الأسد»، والتقيت عددا من المسؤولين داخل المباحث الفيدرالية FBI وتحديدا مع المسؤولين داخل مكاتب فرقة مكافحة الإرهاب، كما التقيت بعض العاملين فى وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA وكانوا جميعا يعرفون أن مركز التجارة العالمى سيهاجم مرة أخرى إذ وقع الهجوم الأول فى فبراير عام 1993، بالطبع لم يكن أحد يعرف كيف ولا متى ستتم هذه العملية مرة أخرى، لذلك، نعم كنت أعتقد بإمكانية حدوث مثل هذا العمل، استنادا إلى المعلومات التى حصلت عليها.
■ فى رواية «لعبة الأسد» تحدثت كثيرا عن الأسباب التى دفعت «أسد خليل» – شخصية الإرهابى الروائية - إلى التحول من شاب مراهق إلى إرهابى محترف فيما بدا أنه شرح منطقى للتحولات النفسية وعدم إدانة مطلقة للشخصية، والآن وأنت تكتب رواية جديدة لنفس البطل هل ستحلل الشخصية والدوافع مرة أخرى، أم أن كل شىء تغير عقب أحداث 11 سبتمبر؟
- فى تلك الرواية أردت أن أوضح دوافع أسد خليل الإرهابى الليبى، وأن أجعلها مفهومة للقارئ، وهى تتلخص فى مقتل عائلته أثناء القصف الأمريكى لطرابلس فى 15 أبريل عام 1986، وبالتالى كان يسعى للثأر بطريقته، أردت أن أشرح أن دائرة الهجمات والهجمات المضادة هى التى تحرك هذا الصراع، وفى الرواية الجديدة The Lion سنرى الحديث أقل عن دوافع أسد، ولكن سيكون بمقدورنا تفهمها، والرواية تدور عقب أحداث 11 سبتمبر لذلك يخيم الحدث على الرواية ويجعلها قصة مختلفة عن «لعبة الأسد» من نواح عديدة.
■ على أرض الواقع تحولت سياسة ليبيا مع الولايات المتحدة رأسا على عقب، ولذا نسأل هل ستعود شخصية الإرهابى الليبى لتصرفاته نفسها فى روايتك الجديدة؟ وهل تستخدم هنا نموذج الإرهابى العربى النمطى بصرف النظر عن التغييرات الحالية؟
- بالفعل أقول فى رواية «الأسد» إن ليبيا ليست مشكلة كبيرة للولايات المتحدة، ولكن أسد خليل لايزال فى مهمته للثأر الشخصى، وفى الرواية الجديدة نجده يقطع اتصالاته مع المخابرات الليبية ويشتبه الآن فى عمله مع تنظيم القاعدة، فأحداث العالم تتغير بسرعة وكتابة الرواية تستغرق عامين لذلك أحاول أن أستبق الأحداث وأغير التحالفات مع ضرورة الإبقاء فى القصة على الوضع السياسى والدبلوماسى كما فى الوضع الراهن حتى يمكن تصديق الأحداث، وهذا هو التحدى الذى يواجه أى روائى.
■ كيف تحصل على المعلومات الخاصة باللغة العربية أو بالشخصيات العربية التى تظهر فى رواياتك؟
- معظمها من خلال مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI وقراءة العديد من الكتب حول الثقافة الإسلامية والعربية، معظم المسلمين الذين أعرفهم باكستانيون، وهم بالطبع مختلفون عن المسلمين العرب ثقافيا، لكنهم يشتركون معا فى نفس قواعد الإيمان، وكنت قادرا على استخدام ما تعلمته داخل رواياتى.
■ تعكس معظم شخصيات رواياتك نظرة سلبية تجاه العرب، بصراحة هل لديك شخصيا نفس وجهة النظر تجاه العرب أم أن هذه الفكرة تظهر فقط عندما تكتب عن شخصيات من المنطقة العربية؟
- من الواضح أن معظم الشخصيات العربية التى تظهر فى رواياتى من الشخصيات الشريرة التى لا تحترم القانون، وهؤلاء لا يمثلون الأغلبية العظمى من العرب المسلمين المسالمين، وفى «لعبة الأسد» ظهرت شخصية الشرطى الفلسطينى الملتزم، ونفس الشخصية ستظهر فى الرواية الجديدة (الأسد).
■ فى رواية «عاصفة النار» تظهر مرة أخرى نظرية المؤامرة، هل تؤمن بفكرة المؤامرة بشكل عام؟
- أنا شخصيا لا أؤمن بنظرية المؤامرة، ليس فيما يتعلق باغتيال جون كيندى ولا سقوط الطائرة TWA800 أو الهجوم على مركز التجارة العالمى وغيرها من الأحداث، لكن المؤامرة تشكل عنصرا حاسما فى هذا النوع من الروايات لذلك هى جزء من رواياتى لكنى أيضا أجادل فيها خلال الأحداث.
■ هل هناك ضرورة لشرح الأجزاء الخاصة بالحقائق فى رواياتك بعيدا عن الخيال حتى لا يحدث التباس لدى القارئ؟
- كل رواياتى تمتزج فيها الحقيقة بالخيال معتمدا على البحث عن المعلومات وخيالى، والقارئ الذكى يمكنه أن يدرك الفارق، لكن ذلك لا يمنع أيضا من حدوث خلط لدى البعض بين الحقيقة والخيال كما يحدث مع رواد السينما.
■ نعود مرة أخرى إلى رواياتك الناجحة، هل يمكن أن تخبرنا عن طريقة قيامك بالبحث عن موضوع لرواياتك، ومتوسط الفترة الزمنية التى تحتاجها للانتهاء من كتابة رواية؟
- أقضى تقريبا 6 أشهر من البحث خلال الإنترنت والكتب ثم المقابلات الشخصية ثم الذهاب إلى الأماكن التى تقع فيها أحداث الرواية، وأنا أقوم بمزيد من البحث عن المعلومات أكثر من روائيين آخرين، وهو أحد الأسباب التى تجعلنى كاتبا شهيرا ورواياتى من أكثر الكتب مبيعا وانتشارا.
■ هل من الأفضل أن تنطلق الروايات من أحداث حقيقية؟
- بعض وليس جميع رواياتى يستند إلى أحداث حقيقية، وأنا أفضل استخدام الحدث الحقيقى كنقطة انطلاق لقصصى وأبنى عليها الأحداث.
■ لديك خلفية عسكرية وبدأت رحلة الكتابة من خلال الروايات البوليسية، وحتى شخصية المحقق «جون كورى» الشهيرة بدأت بصفته شرطياً فى لوس أنجلوس قبل أن ينضم إلى قوة مكافحة الإرهاب، ما هو الخط الفاصل بين هذين العالمين وهل تحول شخصية «جون كورى» يعكس الواقع من ظهور قضية الإرهاب إلى الواجهة؟
- تظهر الخلفية العسكرية فى بعض كتبى نتيجة الفترة التى قضيتها كضابط فى الجيش الأمريكى، كذلك بعض كتبى يتضمن موضوع الاستخبارات أثناء الحرب الباردة، وبعضها عن الشرطة المحلية فى الولايات المتحدة وواجب العاملين والمتقاعدين الذين يلعبون دورا رئيسيا فى مكافحة الإرهاب داخل الولايات المتحدة، و«جون كورى» أحد الضباط الذين ينتمون إلى كلا العالمين ويستند إلى حقيقة وجود ضباط من الشرطة عينتهم FBI ليكونوا خط الدفاع الأول فى الحرب ضد الإرهاب، ولدى صديق كان أحد أفراد شرطة مدينة نيويورك ويعمل حاليا فى مكتب مكافحة الإرهاب فى FBI فى نيويورك كما يفعل «جون كورى».
■ ظهر جون كورى كبطل وشخصية رئيسية فى رواياتك الأخيرة، هل حدث ذلك بسبب أن موضوعها الرئيسى يتعلق بالإرهاب أم أنك وجدت ما تتطلع إليه فى هذه الشخصية لذلك تستمر فى الظهور؟
- «جون كورى» سيستمر فى الظهور فى روايات المستقبل، ولكن ليس جميع الروايات، روايتى المقبلة اسمها Captain التى أعمل عليها هذه الأيام ولا علاقة لها بالإرهاب لكنها تدور حول كوارث الخطوط الجوية، أود أن أكتشف مواضيع مختلفة ولا أكون معروفا فقط بكاتب روايات الإثارة والإرهاب، فلدى اهتمامات أخرى ولدى ناشر يدعمنى عندما أقوم بتغيير المواضيع والأفكار.
■ شخصية جون كورى مميزة بالسخرية اللاذعة، هل تشبهك هذه الشخصية أم أنها مجرد صورة للمواطن الأمريكى الحديث الذى لا يهتم بأى شىء إلا قوانينه ومعاييره الخاصة فى النظر للأمور؟
- «جون كورى» شخصية نموذجية جدا فيما يتعلق به كشرطى، فهو ساخر لديه روح الدعابة، وصلب يكرس حياته لعمله، فى الواقع لم يسبق له كسر القانون لكنه يعرف كيف ومتى يتحايل عليه، ليس لتحقيق مكاسب شخصية وإنما فى سبيل إنجاز مهمته، وكما فى معظم البلدان فإن الشرطة لا تعكس نمط الغالبية العظمى للمواطنين.