x

الإعلامى الكبير عماد الدين أديب:صبر الناس على الغلاء له حدود.. والاعتماد على شعبية السيسى خطر (1-2)

الخميس 23-03-2017 21:52 | كتب: طارق صلاح |
المصري اليوم تحاور«عماد الدين أديب» المصري اليوم تحاور«عماد الدين أديب» تصوير : سمير صادق

حذر الإعلامى الكبير عماد الدين أديب، من استمرار معاناة المصريين جراء تضاعف الأعباء والضغوطات التى نتجت عن تطبيق حزمة القرارات الاقتصادية، من بينها تحرير سعر الصرف ورفع الدعم، مطالبا بضرورة تنفيذ شبكة أمان اجتماعى لحماية الفقراء ومحدودى الدخل من آثار تلك القرارات، لأنها زادت من معاناتهم، لافتا إلى أنه لابد من وجود ضمانات تفاديا للفوضى وحالة الانفجار، ما يهدد الاستقرار ويضع كل الإنجازات فى مهب الريح.

وأضاف فى الجزء الأول من حواره لـ«المصرى اليوم»، أن الرهان على شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسى، فقط، لمواجهة حالة الضيق والضجر، ولتخطى المرحلة الحرجة الفارقة فى تاريخ مصر، خطأ كبير ويمثل خطورة لا يمكن لأعظم أجهزة المخابرات فى العالم تخمين نتائجها، لأن طاقة الشعب على تحمل الأزمات من الممكن أن تتحول فى أى لحظة لحالة من الفوضى والانفجار، مردداً لـ«الصبر حدود»، خاصة أن مصر تعيش الآن أدق وأخطر مراحلها عقب مرحلة مضطربة ومخيفة حاول فيها المتآمرون إسقاط الدولة، مشيرا إلى أن الرئيس يستخدم سياسة اليد الثقيلة مجبرا، لإنجاز حلمه وسط تحديات ومؤامرات داخلية وخارجية.. وإلى نص الحوار:

المصري اليوم تحاور«عماد الدين أديب»

■ فى البداية كيف ترى المشهد السياسى للبلاد؟

- أراه فى مفترق طرق، وأمامه اتجاهان لا ثالث لهما، ويتمثل الأول فى الإصلاح والاستمرار حتى الوصول للنهضة، والثانى فى الفوضى التى يمكن أن تقضى على كل شىء وتطيح بأحلامنا جميعا، ووقتها ستكون الكارثة الكبرى، فنحن نمر بمرحلة حرجة للغاية، أشبهها بالمريض الذى يتم علاجه من الداء الخطير ويقدم له دواء كيماويا مؤلما ذا طعم منفر لكن لا بديل عنه، كذلك مصر مرت بمراحل صعبة جدا جعلت مشروع الدولة فى خطر بقصد إسقاطها، وما حدث فى 30 يونيو 2013 بداية وقف هدم الدولة المصرية والذى خططت له قوى دولية وإقليمية مثلما حدث فى العراق وسوريا، وجاءت الثورة للحفاظ على الوطن.

والرئيس عبدالفتاح السيسى، كان الطبيب الذى بدأ فى علاج المريض، وهناك آثار جانبية للعلاج تؤدى إلى الضعف العام، وما يصاحب ذلك من اضطرابات نفسية، بالضبط هذا ينطبق على حال البلد حاليا.

والمصريون يشعرون بالتعب والمشقة بسبب الإجراءات الاقتصادية المتمثلة فى تحرير سعر الصرف ورفع الدعم، وارتفاع الأسعار، وأنا شخصيا مؤيد تماما لهذه الإجراءات، لأنها الطريق الوحيد للنهوض، وتأخرنا فى تطبيقها ما يقرب من 70 عاما.

ومن علامات المشهد الحالى أزمة النخبة السياسية التى تعانى من التمزق، وليس لديها رؤية واضحة لمواجهة المشكلات، ولم تقدم خططا لصورة المستقبل، فلا برامج للمؤيدين ولا المعارضين على السواء، فقط نرى معارك ثنائية بينهما، كما لدينا 102 حزب جميعها ورقية وكرتونية بلا قواعد جماهيرية، وتبقى القوى الحية خارج البرلمان.

وأخطر ما فى المشهد السياسى الخريطة الاجتماعية التى تتشكل الآن، فالطبقة الوسطى فى انحسار والفقيرة تعانى تكاليف الحياة، والأزمة تكمن فى عدم فهم كامل وحقيقى لطبيعة المرحلة التى تستدعى اتخاذ قرارات شديدة الصعوبة والقسوة وكالعادة لا نعرف كيفية التسويق السياسى لتلك القرارات، وللأسف نتراخى فى تنفيذ شبكة الأمان الاجتماعى اللازمة لمواكبة القرارات الاقتصادية.

■ أيهما أقرب إلينا حاليا طريق الإصلاح أم الفوضى وفقا لرؤيتك؟

- أعتقد أن أعظم أجهزة المخابرات فى العالم غير قادرة على الإجابة الكاملة، لكن دعنا نوضح عدة نقاط، الإجراءات الاقتصادية التى تمت صحيحة مائة بالمائة، لكن المشكلة تكمن فى ضرورة أن تصاحبها حزمة إجراءات للضمان الاجتماعى تعتبر حامية للفقراء والطبقة المتوسطة، عبارة عن خطة يجب أن يتم العمل بها منذ أول يوم لتنفيذ تلك الإجراءات التى تمثلت فى أشياء كثيرة أبرزها تحرير سعر الصرف ورفع الدعم، حتى يكون الأفراد من ذوى الدخول الضعيفة قادرين على تحمل ارتفاع الأسعار وتوفير احتياجاتهم الضرورية، لأن الإجراءات الاقتصادية زادت من الأعباء المالية على كاهل المواطنين وتضاعفت معاناتهم.

والسؤال الذى لا أجد له إجابة إلى متى سوف يتحمل الناس تلك الأعباء والضغوطات المادية؟، وهنا مكمن الخطورة، لأن لـ«الصبر حدود» وبعدها يمكن الانفجار، ما دعانى إلى القول بأننا أمام مفترق طرق، فإما النهضة أو الاضطراب والفوضى، لكن الاعتماد على شعبية السيسى فقط وحب الناس له ليس كافيا لتخطى المرحلة الحرجة الفارقة فى تاريخ مصر.

ورغم أننا قطعنا أشواطا هامة وحققنا نتائج ملموسة مثل قناة السويس وشبكة الطرق والمواصلات العملاقة، ومشروعات الزراعة، والعشوائيات، والتحركات الاقتصادية، إلا أن أكثر نقطة تؤرقنى وأراها غير مضيئة هى عدم وجود حماية اجتماعية للفقراء، مما يهدد الاستقرار ويضع كل شىء فى مهب الريح، فلا يمكن الرهان على صبر الناس مطلقا.

■ ماذا تقصد بالاعتماد على شعبية الرئيس لتخطى المرحلة الحرجة؟

- معاناة الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى من ضغوط الحياة التى تضاعفت بسبب ارتفاع الأسعار ومع تصاعد الضيق والضجر، نخاف أن يتطور لانفجار يمكن أن يقضى على كل شىء، وبكل صراحة داخل الدولة من يعتقدون أن شعبية الرئيس سوف تجعلهم يصمدون أمام أى مشاكل، وهذا بكل أمانة خطأ كبير وعملية غير محسوبة مطلقا، لأن لكل شىء حدودا، ولابد أن نضعها فى الاعتبار إذا أردنا اجتياز الخطر، ولا يجب الرهان على هذه الاعتقادات، لأن انفلات الأمور يمكن أن يحدث فى أى وقت، وعندها لا ينفع الندم، فلابد أن يتم فورا البدء فى عملية تسكين اجتماعى ووصول الدعم إلى مستحقيه بأى وسيلة مع توفير مشروعات وعمل لغير القادرين، حتى يتمكنوا من الحصول على متطلباتهم اليومية، وهى مسألة حياة أو موت بالنسبة للكثيرين، أما تراخى المعنيين بالأمر وإهمالهم هذه الجزئية، فهو أزمة يمكن أن تكلفنا الكثير، ومن وجهة نظرى فإن عدم سقوط الدولة يلزمه الاستقرار الأمنى الذى أصبح موجودا ونلمسه جميعا، والثانى الأمان الاجتماعى، وهو ناقص ونحتاج إلى توفيره.

■ برأيك لماذا لم تقدم الحكومة على عمل إجراءات لحماية الفقراء ومحدودى الدخل من نتائج القرارات الاقتصادية؟

- أعرف أن هناك اتجاها لتنفيذ الحماية الاجتماعية التى تقى الفقراء من المشاكل الاقتصادية، لكن ليس لدى معلومة عن سبب تأخر البدء فى تنفيذها، وللأمانة فكرة الدعم النقدى كانت موجودة منذ سنوات مضت، وإن كان تطبيقها فيه خطورة من عدم وصول الدعم لمن يستحق، وكانت الحكومات دائما تفضل الطريقة التقليدية المتبعة، ويقولون حتى وإن كان هناك دعم يصل إلى أشخاص لا يستحقونه، إلا أنه يصل أيضا إلى آخرين يستحقونه، أما رفع الدعم تماما عن الجميع ثم منحه لأشخاص فيمثل خطورة تكمن فى أن يتم دفعه إلى من لا يحتاج.

وأرى أن هناك إجراءات أخرى غير الدعم النقدى تتمثل فى مشروعات لتشغيل العاطلين، وفى دول كبرى مثل أمريكا توزع كوبونات على الأفراد ذوى الدخل المتدنى لجمع احتياجاتهم من المحلات الغذائية الكبرى، ويشارك فى هذه الاحتياطات رجال أعمال كبار وجمعيات خيرية ومساجد وكنائس، وأتذكر أن من بين مبررات أحد أصحاب رأس المال فى الولايات المتحدة لدعمه واهتمامه بالفقراء، حماية لمصالحه وثروته، قال حول ممتلكاتى يوجد حزام من المحتاجين، فإن لم نسد جوعهم التهموا كل ما أملك.

■ ما السمة الأساسية للمشهد السياسى منذ ثورة يناير إلى الآن كما تراها؟

المصري اليوم تحاور«عماد الدين أديب»

- يناير ليست ثورة مكتملة، لأنها لو بالفعل ثورة كاملة ما كنا قد وصلنا إلى 30 يونيو، بينما أراها محاولة ثورية بأيدى شباب وطنيين مخلصين قاموا بعمل نبيل وشريف، لكن لم يكملوا المحاولة، لذلك تم اختطاف ثورتهم، وأتذكر أن عددا كبيرا من هؤلاء الشباب الجميل جلسوا معى أثناء أحداث يناير ونصحتهم بالاندماج فى أحزاب فورا، ووضع خطة للعمل السياسى تحافظ على الهدف السامى، لكن لم يفعلوا، ما أتاح لغيرهم القفز على الأحداث وتحويل دفة المسار إلى جماعة الإخوان.

وشباب يناير كان أقصى طموحاتهم الاحتجاج على المخالفات والأوضاع والتحقيق فيها، حتى لم يطالبوا بعزل وزير الداخلية، لكن تطورت الأمور حتى تم اختطاف الثورة، ويمكن القول بأن سمات المشهد السياسى منذ 6 سنوات إلى الآن هى الإنهاك السياسى الذى أصاب المجتمع، بسبب ثورتين وخروج الملايين فى الشوارع والاحتجاجات والخلافات والجدل الموجود فى كل شىء يتم طرحه، فضلا عن دخولنا فى مرحلة العنف والإرهاب وقبلها البلطجة والاغتيالات ثم الركود الاقتصادى ومشاكله، مما جعلنا نمر بسنوات عجاف أصابت المجتمع بحالة من الإعياء والإنهاك السياسى الواضح.

■ كيف ترى الحريات الآن فى مصر؟

- علينا أن نفرق بين الحرية فى مجتمع مستقر وآخر يتعرض فيه مشروع الدولة لخطر السقوط، لوجود الإرهاب والمؤامرات ورغبة من قوى إقليمية لصناعة حرب أهلية داخلية.

ولا شك هناك إجراءات استثنائية تحد من الحريات، لكن بكل أمانة نحن فى توقيت الاتجاه الإجبارى الذى يجب أن نتعامل معه بحكمة شديدة جدا، للحفاظ على الوطن، فالظرف التاريخى يحتم علينا التعامل مع الفترة الراهنة بحكمة، وأقصد أننا فى مرحلة مختلفة عن السابق فالإرهاب مستمر يقتل ويضرب فى كل مكان ويستهدف الدولة وتحديات داخلية وخارجية كبرى يمكن أن تعصف بأى بلد لو لم يعرف كيف يتعامل معها.

وهناك مشاكل اقتصادية فى غاية التعقيد أمام دولة كانت على حافة الهاوية، وانتشلت قبل السقوط المدوى، ولتأمينها يجب أن يكون هناك إجراءات للحفاظ عليها، وهذا ليس اختراعا مصريا، بل مبادئ أساسية يعرفها العالم كله.

ولو نظرنا مثلا إلى الخارج سواء فرنسا عندما واجهت إرهاب «شارلى إبدو»، قامت بعمل حزمة إجراءات استثنائية ضيقت فيها من الحريات، وأيضا أمريكا تفعل الأمر نفسه، ولنتذكر ما قاله ديفيد كاميرون، عند وجود اضطرابات فى ضواحى بلاده، فالرجل قال «عندما تتعرض بلادنا للخطر لا تحدثونى عن حقوق الإنسان».

ووجود الإرهاب فى أى مكان يلزمه اتخاذ حزمة إجراءات استثنائية بالبلاد، وهذا ما حدث فى مصر، مما جعل كثيرين ينتقدون حالات القمع والحد من الحريات، لكن فى المقابل النظام الحالى لديه مشروع يرغب فى تنفيذه، وهو تأسيس دولة مدنية حديثة قوية، وبدأ بمرحلة انتشال الوطن من السقوط ويسير أملا فى تحقيق هدفه، وهذه المرحلة فرضت عليه إجباريا سياسة اليد الثقيلة للوصول إلى الغاية المنشودة.

■ ماذا تقصد بسياسة اليد الثقيلة؟

- السيسى كان واضحا منذ بداية قيادته لمصر، حيث قال أريدكم أن تخرجوا لتفويضى لمواجهة الإرهاب المحتمل، وأصبح الإرهاب حقيقة الآن، وقال إن لديه مشروعا تكتيكيا اسمه إنقاذ مصر، ويتم ذلك وفق خطوات مرسومة، حيث يسير من نقطة «أ» إلى نقطة «ب» حتى يصل فى نهاية مدته الأولى إلى انجازات وضعت مسبقا، وأمام ذلك لن يسمح لأحد بأن يقف فى طريقه أو يعطل مشروعه، فإما أن تركب معه القطار أو تبتعد من أمامه، وأنا شخصيا أدعى أننى أعرف كيف يفكر الرئيس، حيث رسم طريقا يريد أن ينهيه وفى يده حزمة الإنجازات التى تضع مصر على طريق التقدم والرخاء، ويؤمن تماما بأن مشروعه نبيل ووطنى، لذلك فإن استخدامه سياسة اليد الثقيلة وإن كانت ليست محببة إليه، إلا أنها إجبارية، خاصة أن أحداث بلادنا تفوق كل الدول، فموقعنا استراتيجى وهناك مشاكل حدودية وإرهاب داخلى ومؤامرات خارجية وأزمات اقتصادية ومطالب فئوية وفساد ومغرضون، «بالبلدى كده ليك فى كل خرابة عفريت»، ما يحتم عليه التعامل مع كل هذه التحديات، وفى الوقت نفسه التحرك بثبات فى اتجاه إنجاز حلمه، ولا يمكن أن يحدث ما يريد دون سياسة اليد الثقيلة التى أصبح مرغما عليها لإخماد الحيل والألاعيب التى تحاك لإفشاله.

■ هناك انتقادات تقول إن القمع بات الطريق الوحيد للتعامل مع المعارضة وإن كل الأمور تدار بطريقة أمنية هل يندرج هذا تحت سياسة اليد الثقيلة الواجب تنفيذها؟

المصري اليوم تحاور«عماد الدين أديب»

- أنا ضد القمع والتضييق، والمقصود بسياسة اليد الثقيلة التعامل مع كل ما يمكن أن يتسبب فى هدم الدولة، وأرى أن هناك تجاوزات بسبب الحساسية الشديدة التى يتسم بها النظام عندما يتعرض للنقد، فالأحداث الجسام التى مرت بها مصر جعلت النظام الحالى يخشى أمورا كثيرة، خاصة أن هناك معارضة تتميز بالصوت العالى والانفلات، وهو أمر غير مطلوب، ويجب أن تتم بشكل يظهر نية الإصلاح حتى تصل إلى النظام بشكل صحيح.

وأرى أن هناك حالة انسداد فى الشرايين الموصلة بين الحاكم والمحكوم أدت إلى خلق حالة من سوء الفهم بين الطرفين، سببها أن الأول لديه حساسية شديدة من النقد، خوفا من أن تكون بهدف الإسقاط، وفى الوقت نفسه يأتى النقد بطريقة حادة، ويجب أن تكون مغلفة بطمأنة النظام، وأنها ليست مؤامرة بل نصيحة وحب، وأرى أن الرئيس يعمل منفردا دون وجود مطبخ سياسى يقيم جسورا مشتركة بينه وبين الراغبين فى إبداء نصائح جادة، فهناك مسارات إجبارية يضطر إليها بعض الحكام فى ظروف تاريخية عندما يوجد تهديد يكاد يفجر مشروع الدولة، ومن هنا لا بد للمعارضة من إيجاد صيغة ذكية للحوار مع النظام الحاكم وتخفيف التوتر.

■ هل تتوقع أن يتم وقف سياسة اليد الثقيلة فى الأيام المقبلة؟

- نعم، لكن لا بد من تحقيق عدة أمور أولا حتى ينتهى العمل بهذه السياسة، ويجب أن نتصور إقرار الحرية الكاملة، كما يرغب البعض حاليا، بحيث يمكن لأى إنسان أن يتحدث ويفعل ما يريد، مع السماح للمظاهرات دون إذن، بمعنى أن كل من يريد التظاهر فله ذلك، وإتاحة الحرية للجميع، بحيث يكون لكل شخص الحق فى فعل ما يريد دون رقيب، فوقتها سنصل للفوضى والسقوط السريع، ولذلك سياسة اليد الثقيلة ستنتهى عندما نصل إلى اقتصاد قوى به إنتاج واستثمار، وحال تلاشى استخدام الفساد كوسيلة للحياة، وإذا عرفت المعارضة أن مهمتها لا بد أن تخرج بشكل يؤكد الرغبة فى المشاركة فى الإصلاح، وحال تحول البرلمان لأداة للرقابة والتشريع بحق، وتكون السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية على نفس المستوى، ولها قوة واحدة، وأخيرا عندما نرى إعلاما واعيا يخدم المجتمع دون مصالح خاصة، وقتها سيتم بالفعل وقف تلك السياسة والتعامل بطريقة تتناسب مع الواقع الجديد.

■ كيف ترى فساد الكبار ممن يستحلون أموال الدولة وينهبون ثرواتها؟

- الفساد موجود فى العالم كله، لكن بنسب، وفساد الكبار كما تقول عند إيقافه لا يعرض الدولة للخطر، لأن أصحابه يمتلكون ما يعيشون به فى رغد، أما الفساد الذى أشبهه بأسلوب الحياة فهو الخطر الحقيقى، لأن منعه يؤدى لعدم قدرة أصحابه على العيش، لأن دخولهم لا تكفى لتوفير متطلبات الحياة اليومية، ويحتاجون لأشياء كثيرة أهمها الطعام والشراب والدواء، ما يجعلهم يفكرون فى عمل اضطرابات ومشاكل تمثل أزمة بالنسبة للدولة.

■ بمناسبة المعارضة هل ترى أنها موجودة حاليا؟

- بالطبع لا، ومصر تعيش حالة من الفراغ السياسى، سواء من القوى المؤيدة للنظام أو المعارضة له، ولا يوجد لديك أحزاب بمعنى الكلمة تمتلك برامج واضحة تخدم البلاد ومختلفة عن بعضها البعض، وليس لديها رصيد فى الشارع، وليس لدينا أحزاب معبرة عن الأمة والطبقة الوسطى والعمال والفلاحين أو الموظفين ورجال الأعمال، كما كان قبل عام 1952 التى اتسمت بحركات متنوعة مثل الشيوعية والإخوان والأحرار الدستوريين والوفد والسعديين، ممن شكلوا حالة قوية من المعارضة وأثروا الحياة السياسية فى البلاد.

ومن يعتبرون أنفسهم أحزابا لا يعدوا كونهم أسماء فقط، كما أنك إذا حاولت أن تستخلص معارضة من داخل البرلمان لن تستطيع فعل ذلك، ولن ترى نائبا واحدا لديه القدرة على التأثير فى الشارع، وهذه إشكالية كبرى، ويمكن أن نصف الموجود حاليا بأنها تجمعات سياسية غير ناضجة، واللافت للنظر أن جميعها ذو شعارات متشابهة ليس بينها اختلاف، ما يؤكد أنها مجرد شكليات فقط، والمفكرون وقبلهم التاريخ أكدوا أن الإصلاح يتم بالاختلاف، بمعنى أن يكون أمامك اختلافات بين الأحزاب فى الرؤى والأفكار والمعتقدات، ما يؤدى إلى نتائج إيجابية، لكن بالفكر الواحد كيف يتقدم البلد، كما أتمنى أن تستوعب الدولة المعارضة التى تعمل خارج الأطر السياسية مثل الاشتراكيين الثوريين، وحركة 6 إبريل، والتيارات الدينية والليبرالية، بحيث يتم استيعابهم فى الحياة السياسية بشكل مباشر، سواء بأحزاب أو داخل البرلمان، لأننا فى مرحلة بناء، ويجب تكاتف الجميع من أجل هذا الغرض.

■ ما تقييمك لأداء البرلمان؟

المصري اليوم تحاور«عماد الدين أديب»

- لا أفضل الحكم على المؤسسات قبل انتهاء مدتها، ومن الظلم أن أصدر أحكام نهائية على البرلمان الآن، لكن المؤكد أنه يفتقد إلى الخبرة وليس به برلمانى مخضرم، حتى قياداته لم يسلكوا طريق الحنكة والمهارة فى العمل النيابى، مثلما كنا نرى فى برلمانات الحزب الوطنى المنحل، بغض النظر عما حدث، لكن هناك معلمين مثل فتحى سرور وكمال الشاذلى وممتاز نصار ومحمود القاضى وأبوالعز الحريرى، وغيرهم، يشهد لهم الجميع بأنهم على قدر كبير من الفهم والذكاء والخبرة فى مجال العمل النيابى.

وأرى أن البرلمان يحتاج برامج مختلفة تحمى المصالح المتباينة فى المجتمع، لأن البرنامج الواحد يظلم باقى الفئات، والأمر يتطلب اشخاصا مختلفين ومن أحزاب وقوى سياسية متباينة فيما بينها، وهو ما لم يحدث، بل تم تشكيل البرلمان الحالى بناء على تصويت لأشخاص، ما نتج عنه تشكيلة غير معبرة عن المجتمع بالكامل وينقصها الخبرة والمهارة، ولو نظرنا مثلا إلى أحزاب اليمين فى فرنسا تجد لها مواقف ثابتة دائما ضد المهاجرين ومع الرأسمالية المتوحشة وضد الأقليات والحقوق الاجتماعية الاشتراكية، بينما الحزب الاشتراكى يأخذ موقفا معاكسا تماما لها، ويكون الصراع بينهما دائما مفيد للمجتمع، ويكون التصويت أثناء الانتخابات على البرنامج لا الأشخاص بعكس مصر، حيث يكون التصويت للأشخاص على حساب البرنامج ما يؤدى إلى الإفلاس البرلمانى، وعموما التجربة الحالية تعتبر «سنة أولى حضانة»، وتحتاج إلى الوقت لكى نحكم عليها بدقة.

■ وماذا عن الحكومة؟

- الحكومة الآن، حكومة تكنوقراط، وليست سياسية، وفى ظل عدم وجود أحزاب قوية وبرلمان فى بداية خطواته الفنية وافتقادنا إلى أجهزة استشارية، نجد أن هناك قصورا فى أداء الحكومة السياسى، لأن التكنوقراط تحتاج إلى سياسيين لمعادلة أعمالها، كما أن القرارات التى يتم اتخاذها لا بد أن تمر على شخصيات لديها حنكة ومهارة فى هذه الناحية، ورغم أن التكنوقراط تعمل بقوة وتحمل، إلا إنها تفتقد جانبا مهما قبل اتخاذ قراراتها، ويجب أن يكون هناك حزب ممثلا للحكومة وله أعضاء فى البرلمان كما هو الحال فى أنحاء العالم، كما نحتاج إلى أحزاب معارضة ذات توجهات مختلفة، لأن هذه الطريقة تؤدى إلى حياة سياسية مفيدة وناجحة، واختلاف وجهات النظر تنتج أعمالا صائبة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية