ساهمت جائزة الشيخ زايد للكتاب فى تشجيع دور النشر العربية على نشر الكتب المهمة والقيمة، وهذا العام حصلت مصر على جائزتين وفى العام الماضى على أربع جوائز، التقينا أمين عام الجائزة راشد العريمى، تحدث فى هذا الحوار عن علاقة إدارة الجائزة بالفائزين بعد إعلان أسمائهم، وعن الدور الثقافى الذى تلعبه الجائزة، وعن المواءمات السياسية أو التدخلات الحكومية التى عادة ما تصاب بها بعض الجوائز العربية وتؤدى إلى إفسادها.
■ لماذا لا يحرص القائمون على جائزة الشيخ زايد للكتاب على رعاية الفائزين بالجائزة وتنتهى العلاقة بهم فور تسلمهم الجائزة؟
- صحيح.. كل هذا الكلام صحيح، والجائزة حرصت من دورتها الأولى على أن تتواصل مع قرائها وحرصت على أداء دورها الحقيقى المنوط بها حيث لا ترغب الجائزة أن تتوسع فى أعمالها بحيث تتحول إلى وزارة إعلام أو وزارة ثقافة لأن ذلك ليس دور الجائزة.
■ ما هو دور الجائزة إذن؟
- دور الجائزة هو تشجيع المبدعين على الإنتاج المتميز الذى يؤدى فى الحقيقة إلى استفادة القراء ويترك أثرا حقيقيا فى المجتمع ويساهم فى نهضة وتطور الأمة.. أقول يساهم ولا يحقق، لأن نهضة وتطور الأمة لا يمكن أن تقوم على مشروع ثقافى واحد.. والجائزة حرصت على أن يكون هناك موسم ثقافى مرتبط بتوزيع الجوائز وحرصت على أن تتواصل مع المجتمع العربى وقراء العربية وإقامة العديد من الندوات على مدار العام للفائزين بالجائزة فى عدد من العواصم العربية، والعالمية ومازالت تواصل هذا الجهد، والجائزة فى عامها الرابع قد وصلت إلى عواصم دولية كثيرة منها القاهرة وبيروت ودمشق والكويت والبربر ولندن ونيويورك وباريس ولوس أنجلوس.
■ لماذا لا تقوم الجائزة بترجمة الأعمال الفائزة؟
- أنا شخصياً أحس بأنه فى هذه النقطة تحديداً تخرج الجائزة عن دورها لكى تؤدى أدواراً يفترض لمؤسسات أخرى بديلة أن تؤديها وإذا خرجت الجائزة عن مفهوم إطارها فلن يفيد الجائزة فى شىء.
والمفروض أن تقوم مؤسسات أخرى بدور متخصص، أعتقد أنه توجد فى أبوظبى مشاريع أخرى تقوم بهذا الدور ولدينا مشروع «كلمة» الذى يقوم بهذا الدور ويتخصص فى ترجمة الأعمال هذه ولدينا مشروع «قلم» الذى يتخصص فى طباعة أعمال الكتاب الناشئين والمشاريع الأخرى الموجودة بالإضافة إلي أن الكتاب الذى يفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب تسلط عليه الأضواء ويتلقى الناشر والمؤلف عروضا عديدة للترجمة إلى لغات مختلفة إضافة إلى زيادة الطبعات وزيادة نسب التوزيع، وخير مثال على ذلك الكاتب والروائى واسينى الأعرج الذى نحن نعرف جميعاً أنه تلقى عدة عروض لترجمة روايته الفائزة بالدورة الأولى لجائزة الشيخ زايد للكتاب عن الأمير عبدالقادر الجزائرى إلى لغات عديدة وكثيرة.
■ هل جائزة الشيخ زايد للكتاب تخضع للمواءمات السياسية؟
- المواءمات السياسية ستفسد أى جائزة وإذا كنا حريصين على جائزة نزيهة موضوعية ذات مصداقية، تستمر معها لسنوات طويلة فلا يجب أن يكون هناك أى نوع من المواءمات السياسية والناس لن تعطيك ثقتها إذا بدأت فى قضية المجاملات أو المواءمات السياسية كما تسميها ربما تكون موجودة فى بعض المشاريع الأخرى التى تحاول فيها السياسة أن تطوع الثقافة لخدمة أغراضها كما تحاول السياسة أن تطوع كل الأشياء الأخرى لخدمة أهدافها وأى جائزة لن تكون ذات مصداقية إذا خضعت للمواءمة السياسية ولن تكون موضوعية ولن يتقبلها الناس.
نحن نبتعد بالجائزة عن كل ما يمكن أن يؤثر على مصداقيتها ونلتزم بنهج محايد مستقل فى خياراتنا وإذا شعر الناس بأن الجائزة تخضع للمواءمات السياسية فلن يؤمنوا بها.
وخياراتنا منذ أربع دورات قائمة وأزعم أننى أستطيع الدفاع عنها ولم يكن فيها أى مواءمات سياسية.
■ هل تعرضت «الجائزة» لضغوط حكومية مورست على إدارة الجائزة حتى تمنح لأحد ما؟
- هل تقصد ضغوطاً حكومية داخلية؟
■ نعم إضافة إلي الضغوط الحكومية الخارجية.
- دولة الإمارات عموماً لا تقبل الضغوط الخارجية إطلاقاً، أما بالنسبة لحكومة دولة الإمارات فهى لم تتدخل إطلاقاً فى هذه الجائزة، وهذه الجائزة تحمل اسم رمز عزيز على قلوب جميع الإماراتيين وهو رمز تاريخى وهو الأب المؤسس لدولة «الإمارات العربية المتحدة» والاسم الذى تحمله هذه الجائزة أكبر من أى ضغوط يمكن أن تمارس داخل دولة الإمارات وهذه قناعة كل المسؤولين وكل شعب الإمارات، أما الضغوط الخارجية فلن أتحدث عنها لأن الحديث عنها غير ذى صفة ويصبح مجرد تكرار كلام.
■ لماذا لا تنشئون فى الجائزة فرعاً للإعلام؟
- الجائزة فى حقيقتها جائزة كتاب والهدف منها تشجيع إنتاج الكتب الجديدة وهذا واضح فى شرط السنتين الذى تشترطه الجائزة فى الكتاب، والإعلام موجود وإن لم يخصص له فرع لأنه موجود فى فرع التنمية وبناء الدولة، والكتب التى تصدر فى مجال الإعلام يمكن أن يشملها الفرع السابق ذكره.
■ ولكن يمكن أن يتم تخصيص فرع فى الجائزة للمقالات التى تكتب فى بناء الدولة؟
- إذا كانت المقالات أخذت صبغة كتاب وكانت المادة المنشورة تراعى تطبيق فكرة فلسفة تنموية سواء كانت اقتصادية أو سياسية فسيشملها فرع التنمية وبناء الدولة.
■ هناك شائعات انطلقت الدورة الماضية (الثالثة) تقول إن هناك اعتراضات على فوز مصر بـ4 فروع من الجائزة؟
- لم أسمع مثل هذه الاعتراضات، ومنذ بدء تأسيس هذه الجائزة أغمضنا أعيننا عن كل الأسماء والجنسيات، والكتاب الفائز هو الذى يفوز وإذا استحق 4 مصريين أن يفوزوا فى جائزة واحدة فلماذا نحرمهم من الفوز لمجرد أنهم مصريون وعموماً أنا أذكر أن الدورة الثانية لم يفز فيها أى أحد من مصر، ومصر تمثل بعدد سكانها ثلث العرب تقريباً فإذا لم تثر الاعتراضات على عدم فوز أى مصرى فى الدورة الثانية فلماذا تثار على فوز 4 مصريين فى الدورة الثالثة، لم أسمع مثل هذه الاعتراضات ولا أعتقد أنها توجد وأعتقد أنها فردية ولم تصل إلى مستوى الاعتراض الجماعى.
■ ثارت شائعات فى دورة هذا العام وهى الدورة الرابعة أن «دار الشروق المصرية» فازت وأنكم أرسلتم لها الدعوات بالسفر ثم ألغيتم كل هذا وذهبت الجائزة إلى «دار نهضة مصر»؟
- هذا غير صحيح إطلاقاً وأنا الأمين العام للجائزة أؤكد هذا الكلام..لم نقرر ولم نرسل وكل الاحترام والتقدير لـ«دار الشروق» وهذه قراءات لجان التحكيم والهيئة الاستشارية.
■ على ذكر لجان التحكيم كيف يتم اختيارها؟
- يجتمع أعضاء الهيئة الاستشارية التسعة وهم يمثلون توزيعا جغرافيا من كل الوطن العربى وخارجه أيضاً، ويقوم كل عضو من الهيئة باقتراح أسماء المحكمين فى كل فروع الجائزة وتدخل أسماء المحكمين فى كل فرع للنقاش ويتم التصويت على اختيار 3 محكمين أساسيين فى كل فرع و3 احتياطيين ومن يحصل على أعلى الأصوات من الهيئة الاستشارية يتم بعد ذلك بالمحكمين لأخذ موافقتهم على التحكيم فى الجائزة ومن لا يتسنى الاتصال به يؤخذ محكم آخر من الاحتياطيين.
■ ما هى خططكم المقبلة؟
- أن نتوسع تجاه الرياض وإسبانيا والهند وروسيا وكل مجتمع وكل جزء فى العالم فيه جزء يتحدث العربية أو يدرسها، تحرص الجائزة على الوصول إليه محملة برموزها، وحجم الفائزين وأعضاء اللجنة الاستشارية دائماً فى حركة دؤوبة للتعريف بالجائزة.
وكلامى صحيح فى نقطة ألا يجب أن ينتفى الاحتفاء بالفائزين بعد تسلمهم الجائزة فى يوم الاحتفال ويطوى هذا الملف وتنسى هذه القضية إلى الأبد.
الفائزون لديهم دور يؤدونه كمنارات ثقافية إبداعية للناطقين بالعربية لخدمة التواصل مع أنفسنا ومع الآخر، نحن نعتقد أن الكتاب هو خير مبعوث ممكن للأمة العربية، أن تبعثه الثقافة العربية للآخر يعبر عنها ولكى يشرحها ويشرح أحاسيسنا وهمومنا وتطلعاتنا والمشترك الإنسانى الأجمع.
الجائزة فى كل أنشطتها وقراءاتها فى حالة نقاش مستمر والنقاش مفتوح والجائزة ستستمر فى تصويب أخطائها إن وجدت وستستمر فى مراجعة آلياتها لأن كل جهد إنسانى معرض للنقض.