منذ اندلاع ثورة 25 يناير توافد على القاهرة العديد من قيادات وأعضاء الحركات الجهادية التى أسهمت بشكل أو بآخر فى أحداث سبتمبر، وكان لها دورها الكبير فى العملية من خلال الانضمام إلى تنظيم القاعدة فى أفغانستان.
وطوال السنوات الماضية وبعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان فى أكتوبر عام 2001 أى بعد شهر واحد من أحداث سبتمبر تفرق الكثير منهم فى العديد من الدول المجاورة، فانقسم هؤلاء «العائدون» إلى قسمين: الأول وهو الأبرز إلى إيران حيث عاشوا فيها بشروط محددة على رأسها شبه تحديد لإقامتهم وعدم التعامل مع الإعلام أو الاتصال بذويهم فى مصر أو فى أى بلد فى العالم وعدم الإعلان عن وجودهم فى إيران، والقسم الثانى ذهب إلى باكستان لكن الغالبية العظمى منهم قتل فى عمليات مسلحة «أمريكية» نتيجة التعاون الكبير بين باكستان وأمريكا.
وكان أبرز من لقى حتفه نتيجة التعاون العسكرى بين أمريكا وباكستان، مصطفى أبواليزيد، وهو مصرى الجنسية وكان الرجل الثالث فى تنظيم القاعدة، وهو فى ذات الوقت صهر أسد الله محمد نجل الدكتور عمر عبدالرحمن، مفتى ومؤسس الجماعات الإسلامية فى مصر، الذى يقضى عقوبة السجن المؤبد فى الولايات المتحدة الأمريكية لاتهامه بالضلوع فى تفجير مركز التجارة العالمى عام 1993.
كما أن أهم وأبرز من قتلوا فى باكستان نتيجة هذا التعاون هو مدحت مرسى، أحد أكبر قيادات تنظيم القاعدة الذى صنفته المخابرات الأمريكية بأنه المسؤول عن السلاح الكيماوى داخل تنظيم القاعدة، ورصد الجيش الأمريكى خمسة ملايين دولار ثمناً لرأسه ونجح فى قتله قبل عامين عن طريق طائرة دون طيار.
ملف «الجهاديون العائدون» من الخارج إلى مصر بعد ثورة يناير الذى تفتحه «المصرى اليوم» فى ذكرى أحداث سبتمبر يضم فى طياته العشرات من القصص لاسيما أنه بحسب تقدير قيادى بجهاز أمنى فى مصر- رفض ذكر اسمه- بلغ عدد «العائدين» إلى مصر من الجهاديين الذين خرجوا من مصر نحو أكثر من 500 إسلامى عادوا من مختلف بلاد العالم. وهؤلاء- حسبما ذكر القيادى الأمنى- ينقسمون إلى قسمين الأول وهم الذين فروا من مصر بعد اندلاع أحداث العنف والصدام بين الدول المصرية والجماعات الإسلامية عقب أحداث المنصة، التى راح ضحيتها الرئيس الراحل أنور السادات، وظلت عمليات الخروج منذ ذلك الحين وحتى بداية التسعينيات، كان أبرز وقت لها عندما كانت الدولة المصرية إبان الحرب السوفيتية الأفغانية، تسمح لهم بمغادرة البلاد «للجهاد» ضد السوفيت فى أفغانستان.
استقر معظمهم فى أفغانستان وباكستان ثم دول أوروبا الشرقية وانخرط غالبيتهم فى تنظيم القاعدة، وقتلوا سواء فى الحرب الأمريكية على أفغانستان أو فى المطاردات الواسعة التى تشنها واشنطن، وتم أسر آخرين فى معسكر جوانتانامو، ووضعتهم الأجهزة الأمنية المصرية على رأس المطلوبين لديها، وحصل غالبيتهم على أحكام بالإعدام والسجن فى محاكمات غيابية داخل مصر.
والقسم الثانى، ينتمون إلى الحركات الجهادية لكنهم فروا إلى خارج البلاد من الملاحقات الأمنية، خشية الزج بهم فى قضايا وهمية فاتجه معظمهم إلى عدد من البلاد العربية، وحصل معظمهم على حق اللجوء السياسى، وهؤلاء عاد غالبيتهم إلى القاهرة بعد اندلاع ثورة يناير.
وعلى الرغم من أنه لايزال هناك عدد كبير من «الجهاديين» فى الخارج لم يأت لتوجسه خيفة من القبض عليه بعد تواتر الروايات عن عدم وجود إختلاف كبير فى تعامل الأجهزة الأمنية معهم بعد الثورة إلا أن أبرز من عادوا إلى القاهرة بحسب إحصائية خاصة حصلت عليها «المصرى اليوم» من مجلس شورى الجماعة الإسلامية، الشيخ أسامة رشدى، أحد قيادات الجماعة الإسلامية والمتحدث باسمها فى أوروبا، الذى ظل أكثر من عشرين عاما فى لندن، والذى عاد إلى القاهرة بعد عدة شهور من اندلاع الثورة المصرية خشية تعرضه لمضايقات أمنية، ورغم دخول «رشدى» مصر فإنه شكا من تعرضه لمضايقات الأمن فى مطار القاهرة عقب عودته، تقدم على أثرها ببلاغ إلى النائب العام وتم حل الأزمة ودياً بعد ذلك.
وأيضا الدكتور كمال الهلباوى، الذى كان يعيش فى لندن، وكان متحدثا باسم جماعة الإخوان المسلمين فى أوروبا، لكن نتيجة التفاهمات التى دارت بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر عقب الثورة نجح «الهلباوى» فى الدخول إلى مصر دون أى مضايقات بل تم استقباله استقبال الأبطال فى المطار من قبل الجماعة قبل شهور.
وتمثل حالة محمد الإسلامبولى، شقيق قاتل الرئيس السادات، خالد الإسلامبولى وأسرته إحدى أبرز الحالات لعودة «الجهاديين» بعد ثورة يناير، وكان محمد الإسلامبولى وأسرته قد هربوا إلى أفغانستان عقب حادث المنصة الشهير ثم إلى باكستان وقامت الأخيرة بترحيله إلى إيران التى استقبلته وأسرته لنحو ثلاثين عاما دون إعلان رسمى منها، وكان وجود الإسلامبولى وأسرته فى إيران أحد عناوين الأزمة التى كانت بين نظام مبارك وإيران.
لكن الأخيرة اعترفت بوجوده لديها عقب اندلاع ثورة يناير بشكل ضمنى عندما تلقت أسرته بالقاهرة هاتفا منه يؤكد وجوده فى طهران، الأمر الذى جعل الأسرة فى القاهرة تستعين بمحامى الجماعات الإسلامية الأبرز فى مصر، منتصر الزيات، ليقود مساعى دبلوماسية مع المجلس العسكرى وسفارة إيران بالقاهرة من أجل قبول المجلس العسكرى تسلمه من إيران، وهو ما فعلته الأخيرة عندما قامت بترحيل أسرته فى البداية إلى القاهرة وقامت بترك محمد الإسلامبولى على الحدود الإيرانية الباكستانية وطلبت منه أن يتصرف هو فى طريق رحيله إلى القاهرة رافضة رحيله من مطار طهران.
إلا أن ضغط الزيات على المجلس العسكرى فى القاهرة وسفارة إيران نجح فى موافقة المجلس العسكرى على دخوله مصر، وبالفعل دخل القاهرة لكن السلطات الأمنية أودعته السجن نظرا لحصوله على حكم غيابى بالإعدام فى قضية «العائدون من أفغانستان» عام 1992 وخمسة عشر عاما فى قضية «العائدون من ألبانيا» عام 1999 ولا يزال رهن السجن لحين إعادة محاكمته كما تطالب أسرته.
أيضا شمل ملف العائدين أسرة القيادى الجهادى ثروت صلاح شحاتة، التى كان تعيش فى إيران أيضا عندما عادت السيدة نجوى موسى عبدالمقصود سلطان وأبناؤها عن طريق تركيا بعد أن قامت إيران بترحيلهم إلى أنقرة.
ورغم دخول الأسرة إلى القاهرة إلا أن ثروت صلاح شحاتة يرفض العودة إلى مصر لحين رؤية موقف السلطات المصرية من محمد شوقى الإسلامبولى لحصوله على حكم بالإعدام فى نفس القضية التى حصل الإسلامبولى فيها على حكم بالإعدام وهى قضية «العائدون من ألبانيا».
أيضا من أبرز العائدين إلى مصر بعد ثورة يناير، الشيخ مصطفى حامد، أحد قيادات تنظيم الجهاد الذى عاد مع الإسلامبولى فى طائرة واحدة من إيران، لكن حامد الذى يعيش حاليا فى الإسكندرية لم تكن ضده أى أحكام قضائية وهو ما جعله يدخل البلاد دون أى مضايقات.
وتضيف إحصائية الجماعة الإسلامية عن العائدين إلى مصر بعد ثورة يناير حسين شميس أحد الضالعين فى حادث محاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك فى أديس أبابا وكان قد حصل على حكم بالسجن 5 سنوات فى حرق نوادى الفيديو فى أسيوط وأعيدت محاكمته الأيام الماضية وحصل على البراءة. أيضا الشيخ أشرف محمد سيد عبد ربه، أحد قيادات الجماعة الإسلامية، أبرز العائدين، وقد عاد من السعودية الأيام الماضية وسبق أن حصل على حكم بالسجن خمس سنوات فى مصر بسبب حرق نوادى الفيديو، ومن المنتظر إعادة محاكمته فى الأيام المقبلة.