أكد خبراء سياسيون وقانونيون، أنه لا يمكن محاكمة الرئيس التونسي المخلوع بن علي دولياً، وفقاً للقانون الدولي، لأنه لم يرتكب جرائم ضد الانسانية، وإنما يمكن محاكته محلياً إذا ثبت تورطه في مقتل العشرات من التونسيين المحتجين، موضحين أن خروجه بصفته رئيساً للجمهورية واستخدامه للمادة 56 من الدستور، دون إعلان تنحيه عن الحكم ومغادرة البلاد بصفته مواطنا ًتونيساً، إلى رغبته في «جس نبض» الجماهير التونسية.
وأشاروا إلى أن الرئيس المخلوع أمل في أن يكون خروجه عن البلاد بشكل مؤقت تهدئة للشعب الثائر، وخوفه من الوقوع فريسة في أياديهم، فضلاً عن رغبته في استغلال سلطاته كرئيس جمهورية في التحليق بطائرته الرئاسية في الأجواء، بحثاً عن أي دولة تسمح له بالهبوط فيها والمطالبة بحق اللجوء السياسي.
وقال الدكتور حسن أبو طالب، الخبير بمركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية، إن خروج بن علي مستخدماً المادة 63 من الدستور التونسي، والتي تنص على أن يتولى رئيس الوزراء مقاليد الدولة بصفته نائباً عنه في حال غيابه بشكل مؤقت، جاء بمثابة «مخرجاً شكلياً» بعدما فشل في تهدئة الشعب التونسي وإقناعهم برغبته الحقيقية في الإصلاح، وهو مادفعه إلى الهروب خارج البلاد حتى وإن خرج بصفته رئيساً للدولة.
وأضاف أبو طالب: «ماحدث يعد هروباً رغم كونه مخرجاَ شكلياً لجأ إليه الرئيس في مقابل إرادة شعبية تونسية أدت إلى انهيار هذا الحكم الديكتاتوري المستبد والذي استمرقرابة الربع قرن، وخاصة بعد حالة الفوضى والإنفلات الأمني، وفشل المؤسسات الأمنية من الجيش والشرطة في السيطرة على حالة الإنفلات الأمني في البلاد».
وأوضح أبو طالب أنه في حال عدم الوصول إلى اتفاق بين الجيش والشرطة من أجل محاولة السيطرة على الأوضاع الأمنية في تونس، فإن البلاد سوف تشهد في الفترة المقبلة أحداث أكثر درامية، مستبعداً إمكانية إجراء انتخابات نزيهة كما يطالب الشعب التونسي في تلك الأوضاع.
وحول إمكانية استضافة الرئيس المخلوع بن علي، في القمة الاقتصادية العربية المقبلة بصفته رئيساً لتونس، قال أبو طالب : «من العبث وعدم الفصاحة أن يتم التعامل مع بن علي بصفته رئيساً للدولة بعد إطاحة الشعب له».
وهو ما أكده الدكتور وحيد عبد المجيد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قائلاً : «بن علي أصبح من ساعات مواطنا ًعادياً وخاصة بعد تولي رئيس النواب التونسي مقاليد الأمور في البلاد والإعلان عن أن منصب رئيس الجمهورية أصبح شاغراً».
وأرجع عبد المجيد، خروج الرئيس المخلوع بن علي، بصفته رئيساً للجمهورية، وليس مواطناً عادياً إلى عدة أسباب من بينها أنه تصور أن خروجه بهذه الطريقة سوف يؤدي إلى تهدئة الأوضاع الثائرة في تونس دون تغيير النظام، لذلك فوض رئيس الوزراء محمد الغنوشي بإدارة شئون البلاد، وهو ماوصفه، عبد المجيد ، بأنه أملاً واهياً لم يتحقق، فضلاً عن خوف بن علي من الوقوع فريسة بين أيدي المحتجين والثائرين التونسيين بعد تفاقم الأوضاع وفشله في إقناع الشعب التونسي بمجموعة الوعود الإصلاحية التي طرحها.
وأضاف عبد المجيد: «السبب الأرجح هو حالة الفزع الشديدة من النهاية التي يمكن أن يتعرض لها بن علي، خاصة مع مطالبات الجيش له بالرحيل، وهو ماجعله يخرج من البلاد بصفته رئيساً للجمهورية حتي يتمكن من استقلال طائرته الرئاسية والتحليق في الأجواء بحثاً عن دولة تستضيفه دون إعتراضه لأي مشاكل، وخاصة أن الطيران الرئاسي لايحتاج إلى تصريحات وإنما إلى إخطار، وهو ماحدث فعلاً حيث حلق الرئيس التونسي لساعات في الهواء ونزل لتمويل طائرته في مطار سردينيا، حتى يستمر في التحليق وتقوم أي دولة باستقباله بعدما رفضت فرنسا ومالطا».
كما أكد الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولي، والنائب السابق لجامعة بني سويف وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أنه وفقاً للقانون الدولي فإن الرئيس التونسي زين الدين بن علي، لن يحاكم دولياً، لأنه لم يرتكب أي جرائم ضد الإنسانية كالإبادة الجماعية وغيرها، لكن يمكن أن يحاكم داخلياً في تونس وهذا يحتاج إلى ضرورة أن تستقر الأمور السياسية في هذا البلد، ويتم تشكيل حكومة دستورية تحقق في الجرائم التي وقعت في تونس خلال فترة حكمه.
وقال رفعت يجب أن تعمل الأسرة التونسية خلال الفترة الإنتقالية الحالية والتي وفقاً للدستور التونسي 60 يوماً على ضرورة أن تستقر الأمور الداخلية، وقيام المجلس الدستوري بانتخاب الرئيس الجديد للبلاد، وترك روح الإنتقام من بن علي جانباً،لافتاً إلى أن السلطات السعودية أحسنت صنعاً باستقبال بن علي وموقفها صادر من قلب التقاليد العربية الأصيلة رغم أنه قد لا يكون محموداً لدى الشارع التونسي، وإذا ثبت أنه مدان فإنه من حق الرئيس القادم في البلاد أن يطلب السعودية بتسليمه لمحاكمته.