x

التوانسة في القاهرة: قلق على الأهل.. وأمنية بالمشاركة في «الانتفاضة»

السبت 15-01-2011 03:39 | كتب: عمرو عزت |
تصوير : رويترز

بين غضب شديد وتفاؤل متحمس وبعض القلق والتشوش، سهرت السيدة عايدة، التونسية المقيمة في القاهرة، حتى ساعة متأخرة بعد منتصف الليل تتابع عبر الفضائيات تطور احتجاجات تونس بعد مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي، وتطمئن عبر التليفون على بناتها اللاتي فضلن البقاء في المنزل بعد زيادة حدة الاشتباكات والعنف،  بعد أن كنّ من المشاركات  في مظاهرات الأيام السابقة.

يتهدج صوت السيدة عايدة عبر التليفون عند الإشادة الكبيرة المتحمسة بـ«انتفاضة الشعب» التي شارك فيها الكل: المتعلمون وغير المتعلمين، الشباب والسيدات العجائز.

عاصرت السيدة الأربعينية نهاية عهد الحبيب بورقيبة ثم بداية عهد بن علي: «كان هناك تفاؤل في البداية  ولكن الآن بعد 23 سنة لم نحصل إلا على كبت للحريات والقمع البوليسي وأوضاع اقتصادية سيئة. الشعوب العربية كانت تعتبرنا شعبا مرفها، ولكنهم لا يعرفون أن أهلنا هناك يعيشون بالديون. البلد كانت تسرق وتنهب، ويرمون لنا بالفتات».

عندما أشعل محمد بوعزيزي النار في جسده قبل شهر تقريبا احتجاجا على مصادرة عربة الخضروات التي كانت مصدر رزقه ، لم يتوقع أحد أن يشتعل الشارع التونسي الهاديء تدريجيا. ولكن ما فعله بوعزيزي، الذي فارق الحياة في الرابع من يناير، كان بداية تحول أزمة لقمة العيش عند الطبقات الفقيرة إلى قضية حياة أو موت.

«استمرار النظام التونسي في الاستهانة بدم التونسيين في المظاهرات جعل احتجاجنا يتجاوز المطالب الاقتصادية والحريات. كل جنازة كانت تتحول صداما ينتج عنه قتلى آخرين، وأصبح مطلبنا هو رحيل من يقتل أبناء البلد» هكذا ترى وفاء، 29 سنة، المقيمة في القاهرة منذ 3 سنوات.

على ساحات الإنترنت سخرت وفاء ورفاقها من الخطاب الأول والثاني للرئيس وأعلنوا غضبهم من وصف الشباب المحتج بـ«الإرهابيين». الخطاب الأخير كان مختلفا في رأيها: «لأول مرة في عمري أسمعه يخطب باللهجة التونسية وليس بالفصحى. كان يريد التقرب إلينا. الوعود التي أطلقها جعلت البعض منا يناقش جدوى التهدئة. ولكن نزول مجموعات تقول إنها من أنصار بن علي تحتفل بفرح في الشارع وتهتف له رغم وقوع القتلى واستمرار إطلاق الرصاص على المظاهرات دفع الأمر إلى إجماع: الكل سينزل إلى الشارع حتى سقوط النظام ورحيل القتلة».

تقول وفاء إن الأمم المتحدة كانت قد أعلنت عام 2010 عام الشباب في تونس، كان مخصصا للحوار حول قضايا ومشكلات الشباب. ولكن العام الجديد كان له رأي آخر وبدأ بـ«انتفاضة شباب»، خاصة شباب الطبقات الفقيرة، ثم تحول إلى «انتفاضة شعبية» تشارك فيها كل الطبقات والفئات.

المظاهرات انتشرت في شوارع كل المدن التونسية الليلة، ومعها زادت المكالمات بين التونسيين في القاهرة وذويهم ومعارفهم في تونس تطمئن عليهم بعد الأنباء عن «الانفلات الأمني» وانتشار أعمال تخريب وسلب تقوم بها عصابات. هكذا قضت مريم برقوقي، الأكاديمية المقيمة في القاهرة، الوقت في الاطمئنان على أسرتها وأصدقائها في الحي الراقي في العاصمة التونسية: «شاركوا في مظاهرة الأيام الماضية. كنت متفائلة حتى رحيل بن علي. ولكن أعمال التخريب والنهب جعلتني أشعر بالتشاؤم والقلق. قالوا لي في البداية إن أعمال التخريب كانت ضد مصالح عائلتي الرئيس وزوجته ولكنها امتدت إلى الأحياء السكنية وخاصة الراقية. أعتقد أن  كل معارفي ومعظم الحي الذي كنت أسكن فيه لم يشاركوا في مظاهرات الليلة. لا أحد يعرف من وراء ذلك».

«إنهم أعضاء الحزب الدستوري» يتهم ممدوح أسامة، 28 سنة، الشاب التونسي المقيم في القاهرة، أعضاء الحزب الحاكم في تونس بأنهم وراء هذه العصابات، ويقول إن الشباب الذين استمالوهم لعضوية الحزب وتأييد بن علي وجدوا الأمر ينسحب من بين أيديهم وستضار مصالحهم وانتفاعهم من عضوية الحزب.

بحماسة كبيرة وتفاؤل أكبر يتحدث ممدوح: «الانفلات الأمني مهما كان أحسن من القمع الأمني. ورغم ذلك يشكل أبناء الحارات هناك لجان حماية لمنازل جيرانهم من هذه العصابات. أنا متفائل جدا بأن الأمور ستسير للأحسن. كان ودي فقط أن أكون هناك، أنزل الشارع ولو كلفني ذلك دمي».

تفاؤل التونسيين في القاهرة بأن الأفضل قادم يشوبه بعض الغموض والتشوش بسبب عدم وجود أي قوى سياسية حقيقة في الشارع بعد سنوات من الافتقار إلى أدنى الحريات السياسية. ولكن الشباب منهم على وجه الخصوص يستبعدون أن يرضى الشعب التونسي بتغيير محدود في الوجوه. يقول ممدوح: «لن نرضى إلا بانتخابات جديدة حرة يختار فيها الشعب التونسي من يحكمه. إن شاء الله نكون أول بلد عربي يتحرر من القمع بأيدي أبنائه. أنا فخور أكثر من أي وقت مضى بأني تونسي. ألمي أني لست هناك في الشارع هذه اللحظة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية