تصدر خبر إضراب موظفي وزارة الخارجية الإسرائيلية والعاملين في سفارات إسرائيل حول العالم تقارير الصحف الإسرائيلية الصادرة الأربعاء، حيث أصاب الإضراب حركة الدبلوماسية الإسرائيلية بالشلل وسط مخاوف من تأثير مدمر على صادرات إسرائيل، وإلغاء زيارات سياسية ودينية كان من المقرر القيام بها.
«المالية» بدلاً من «الخارجية»
قالت صحيفة «معاريف»، إن العاملين في وزارة الخارجية الإسرائيلية «نشروا الثلاثاء، تحذيراً لكل الإسرائيليين الموجودين حول العالم، والذين يستعدون للسفر خلال الفترة المقبلة، قالوا فيه أن أي إسرائيلي يواجه مشاكل في الخارج يجب عليه ألا يطلب المساعدة من وزارة الخارجية وعليه أن يتوجه لوزارة المالية بطلب لمساعدته»، وذلك احتجاجاً على رفض وزارة المالية الإسرائيلية زيادة رواتبهم.
وقالت الصحيفة إن العاملين في وزارة الخارجية ومن بينهم العاملون في السفارات الإسرائيلية المختلفة في العالم، أوصوا الإسرائيليين الموجودين في الخارج بـ«الاستمرار في بقائهم هناك، وعلى الإسرائيليين الذين ينوون السفر أن يؤجلوا سفرهم»، وهو الأمر الذي دعا ما يعرف بـ«مركز مكافحة الإرهاب» في إسرائيل، للإعلان عن هذا التحذير، ودعوة الإسرائيليين إلى عدم السفر إلى الخارج حتى إشعار آخر من العاملين في وزارة الخارجية.
وقال بيان العاملين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، الموجه إلى المواطنين الإسرائيليين: «في أحداث الطوارئ مثل فقدان جواز السفر، الاستشفاء، الوقوع ضحية السرقة أو الجرائم، التوقيف، النزاع القانوني، فقدان الاتصال، حوادث الطرق، الكوارث الطبيعية، وغيرها من الحوادث التي يتم التعامل معها من قبل مبعوثي وزارة الخارجية في أنحاء العالم، يجب التوجه من الآن لطلب مساعدة إلى مكتب وزير المالية» وذكر البيان رقم هاتف مكتب الوزير.
وكانت احتجاجات العاملين في وزارة الخارجية الإسرائيلية تسببت في وقف جزء كبير من الأنشطة الدبلوماسية لإسرائيل، كان على رأسها إلغاء زيارة الرئيس الروسي، لإسرائيل، التي كان مقرراً لها أن تتم في الفترة ما بين 17 – 19 يناير، بمشاركة وفد مكون من 500 شخصية، من بينهم 300 رجل أعمال، بالإضافة إلى وزراء بارزين، إلا أن الزيارة تم إلغاؤها بعد تهديد الموظفين في وزارة الخارجية الإسرائيلية بعدم مشاركتهم في استقبال الرئيس الروسي، احتجاجاً على تدني أجورهم.
إلغاء زيارة مدفيديف
وقالت صحيفة «هاآرتس» التي نشرت الخبر الأسبوع الماضي إن المحادثة التليفونية التي تمت بين الرئيس الإسرائيلي «شيمعون بيريز»، والرئيس الروسي،« ديمتري ميدفيديف»، في هذا الشأن «كشفت أن الرئيس الروسي لن يزور إسرائيل بسبب احتجاجات الموظفين في وزارة الخارجية الإسرائيلية على تدني أجورهم، إلا أنه لم يلغ زيارته للأردن، والسلطة الفلسطينية».
وقالت الصحيفة إن مكتب الرئيس الإسرائيلي، أعلن أن «رئيس روسيا استجاب لدعوة بيريز لعقد لقاء عمل سياسي معه في نهاية الشهر في المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي سيعقد في دافوس، وفي هذا السياق أشار ميدفيديف أنه بعد زيارته للأردن ولقائه المرتقب مع الرئيس الفلسطيني، أبو مازن، في أريحا سيكون للرئيسين فرصة للمناقشة في دافوس حول سبل إحراز تقدم في العملية السلمية».
ليبرمان غاضب
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي «أفيجدور ليبرمان» غاضب على الموظفين في وزارته بعد إلغاء زيارة الرئيس الروسي، وأشارت الصحيفة إلى أن «الروس قرروا إلغاء الزيارة، وإرجاءها إلى موعد آخر، تخوفاً من تعرض الرئيس الروسي لموقف محرج بسبب غضب الموظفين في وزارة الخارجية واحتجاجهم على تدني رواتبهم».
وقالت الصحيفة إن العاملين في وزارة الخارجية الإسرائيلية كانوا قد أعلنوا في إطار احتجاجهم أنهم سيعملون على إفشال زيارة الرئيس الروسي، وتابعت: «الموظفون قالوا إنهم لن يشاركوا ولن يساعدوا في الاستعدادات للزيارة، وأرسلوا رسالة بهذا الأمر إلى وزارة الخارجية الروسية، وأعلنوا ذلك عبر إعلانات تم نشرها في الصحف الإسرائيلية باللغة الروسية».
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، «أفيجدور ليبرمان»، قد أعلن قبل إلغاء الزيارة أنه ينوي التوجه للمحكمة من أجل إصدار أوامر احتجاز للعاملين في الوزارة، لإجبارهم على الاهتمام بزيارة الرئيس الروسي، وعلقت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية على هذا الأمر، في حينه، قائلة «هذه هي المرة الأولى، التي يتخذ فيها وزير خارجية خطوة بهذا الشكل الدرامي ضد موظفيه، حتى اليوم لم يصدر أمر احتجاز ضد العاملين في وزارة الخارجية، الذين يتخذون إجراءات احتجاجية».
أزمة قرية الغجر
احتجاجات العاملين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، لم تتوقف عند إلغاء زيارة الرئيس الروسي إلى إسرائيل، وإنما تسببت أيضاً في إلغاء المفاوضات بين إسرائيل والأمم المتحدة الخاصة بقضية انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجزء الشمالي من قرية الغجر على الحدود مع لبنان، حيث كان من المتوقع أن يصل لإسرائيل الأسبوع الماضي، مبعوث الأمم المتحدة للبنان «مايكل فيليماس»، وقائد قوة اليونيفيل الجنرال الإسباني «ألبرت أسرتا»، وكان هدف الزيارة إقامة محادثات إضافية في قضية انسحاب الجيش الإسرائيلي من شمال قرية الغجر، إلا أن الخارجية الإسرائيلية طلبت منهما تأجيل زيارتهما لإسرائيل لأن «الوضع الحالي غير مناسب للمفاوضات»، خاصة أن جزءا كبيرا من أعضاء فريق المفاوضات الإسرائيلية ألزمهم المحتجون بعدم الاشتراك في أي لقاءات سياسية.
لقاء الفاتيكان
ومن قرية الغجر على الحدود مع لبنان، إلى العاصمة الإيطالية روما، حيث كان من المتوقع أن تصل إلى روما، الخميس الماضي، بعثة مجلس المجتمعات الدينية في إسرائيل، وهو المجلس الذي يضم كل القيادات الدينية في إسرائيل، من كبار الحاخامات، ورؤساء الطائفة المسلمة، والمسيحية والدرزية والبهائية.
البعثة، تضم 25 عضوا تمت دعوتهم لروما بشكل شخصي من قبل بابا الفاتيكان السادس عشر، وكان من المقرر أن يلتقوه في الفاتيكان، بعد أن التقى بهم أثناء زيارته لإسرائيل في مايو 2009، إلا أن قسم الأديان في وزارة الخارجية الإسرائيلية الذي كان يتولى تنظيم الزيارة مع سفارة إسرائيل في الفاتيكان، قرر تأجيل الزيارة حتى إشعار آخر بسبب مشاركته في الاحتجاج.
أزمة عسكرية
وعلى الصعيد العسكري، أشارت صحيفة «هاآرتس» إلى ما وصفته بأنه «تصعيد إضافي خطير في احتجاج العاملين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، حيث قررت سفارات إسرائيل في كل مكان في العالم والدبلوماسيين في مقر وزارة الخارجية في القدس وقف المساعدات للشركات الإسرائيلية في المجال الأمني والتجاري»، وأضافت الصحيفة أن: «تأثير الخطوة هو وقف كل الصادرات الأمنية من إسرائيل وجزء كبير من الواردات الأمنية».
وأوضحت «هاآرتس» أن البرقية التي أرسلها العاملون في وزارة الخارجية الإسرائيلية للدبلوماسيين الإسرائيليين أشاروا فيها إلى عدم وجود استعداد من وزارة المالية للعودة إلى المفاوضات من أجل حل الأزمة، لذلك صدرت التعليمات للدبلوماسيين بوقف المساعدة للشركات الإسرائيلية التي تعمل في تصدير معدات أمنية، وجاء في الرسالة: «يجب وقف كل المشاريع الموجودة في دائرة الاهتمام وعدم الاهتمام بمشروعات جديدة»، وأضافت الرسالة: «التوجيه ينطبق على الشركات الإسرائيلية الخاصة والحكومية».