على عكس الرؤساء الأمريكيين السابقين، لا يحظى الرئيس المنتخب دونالد ترامب بعلاقة جيدة مع أجهزة الاستخبارات، بل خاض ضدها حربا مفتوحة على خلفية اتهامها لروسيا بقرصنة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ومساعدة ترامب على الفوز، وهنا يجد ترامب نفسه فى موقف لا يحسد عليه، فإن وافق على الاتهامات فيكون طعنا فى شرعية فوزه، وإن كذبها يضع نفسه فى مواجهة معها لحساب روسيا. وبينما اتهم ترامب قبل تولى مهامه، الاستخبارات علنا بعدم الكفاءة وعدم الولاء متسببا بهوة عميقة مع هذه الأجهزة، عبر وزراء بإدارته عن احترامهم لها، كما اتهم ترامب علنا أجهزة الاستخبارات بالوقوف وراء تقرير غير مسند بالأدلة عن علاقات مفترضة مع روسيا، وأن موسكو تمسك ضده أدلة على تورطه فى فضائح جنسية مع فتيات روسيات، رغم أنه كان وصف روسيا فى 2014 بأنها المشكلة الأولى للولايات المتحدة، إلا أن غزله فى الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، جعله فى موقف معاد للمخابرات.
وقال الخبير فى مركز «مجلس العلاقات الخارجية»، ماكس بوت لصحيفة «نيويورك تايمز»: على الرئيس المنتخب «تبييض اسمه» وتعيين لجنة للتحقيق فى الاتهامات الموجهة ضده، بينما قال نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، مارك وارنر إن هجمات ترامب «ألحقت ضررا بمعنويات رجال الاستخبارات»، وتوقع كبار المسؤولين فى المخابرات بأن تواجه سنوات صعبة فى عهده. ورغم إقراره مؤخرا بوقوف موسكو وراء قرصنة معلومات عن مسؤولى الحزب الديمقراطى خلال الحملة الانتخابية، أكد أعضاء إدارته أنهم يكنون احتراما كبيرا لأجهزة المخابرات، خلال جلسات استماع أمام مجلس الشيوخ، ومن بينهم المرشح لحقيبة الدفاع جيمس ماتيس، وأرجع المرشح لـ«سى. آى إيه»، مايك بومبيو تورط روسيا، بينما رأى مرشحه لحقيبة الخارجية ريكس تيلرسون أن روسيا تشكل «خطرا».
ويمثل تشكيك ترامب فى تقارير المخابرات عن الدور الروسى قلقا غير مسبوق لتلك الأجهزة من إحداث فجوة غير مسبوقة فى العلاقات بينهما، بما يلحق ضررا بالغا بوضع السياسات الأمريكية، ويؤكد خبراء أن سخريته من «سى. آى. إيه» يصب الزيت على النار، وقال المدير السابق للوكالة مايكل هايدن إن ازدراء ترامب للوكالة مؤشر على بداية صعبة لعلاقة هامة، وأنه اختار الاتفاق مع بوتين غريم واشنطن، يقول ما يريده الرئيس الروسى، واعتبر مسؤولون أن اتهامات ترامب «مهينة وغير مسبوقة» وتلحق الضرر بها، وأن ترامب سيحتاج الوكالة فى عمله اليومى، محذرين من أنه من غير المعقول أن يتوصل سيد البيت الأبيض و«سى. آى. إيه» إلى نتائج مختلفة عن معلومات استخباراتية واحدة، وما أزعج الوكالة هو رفض ترامب تلقى تقارير يومية سرية ترفع للرئيس، قائلا «أتسلمها حين أحتاجها»، وأضافوا أن خلافا لم يسبق له مثيل بين ترامب وأجهزة المخابرات التى ستخضع قريبا لإمرته قد يلحق الضرر بالأمن الأمريكى.