قال الدكتور الوليد سيد محمد على، رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطنى السودانى بالقاهرة، إن الحكومة السودانية اتخذت قرار الاستفتاء لوقف نزيف الحرب، وليس حباً فى الانفصال، مؤكدا أن الاستعمار هو الذى خلف مشكلة الجنوب، وأن الحكومات المتعاقبة حاولت حل مشكلة الجنوب لكنها فشلت.
وأضاف، خلال حواره مع «المصرى اليوم» أن هناك خطوطاً حمراء لاستمرار التعاون بين البلدين فى حال الانفصال، لأن أى سلام يستدعى البعد عن التصريحات الاستفزازية وأى مؤثرات تهدد أمن السودان والعلاقات مع إسرائيل واللعب بقضية دارفور وملف المياه، وإلى نص الحوار:
■ لماذا وافقت حكومة الرئيس البشير وحزب المؤتمر الوطنى على قرار الاستفتاء؟
ـ لأن كل القوى السياسية مجتمعة على حق تقرير المصير، وحق تقرير المصير كان مطلبا جماعيا منذ 1995، وظهر ذلك واضحا فى مؤتمر أسمرة، والحكومة أقرت ذلك لوقف نزيف الحرب وليس حبا فى الانفصال.
■ متى بدأت مشكلة الجنوب، وهل حاولت الحكومات المتعاقبة العمل على حلها؟
ـ الاستعمار هو الذى ترك لنا هذه المشكلة، وكل الحكومات المتعاقبة حاولت حلها لكنها فشلت، وكان الحديث دائما هل نقوم بعمل وحدة مع الجنوب أم حرب، وهل نعقد سلاما أم انفصالا، واتفقنا مع الحركة الشعبية على اختيار الوحدة والسلام، واتفاقية نيفاشا أقرت ذلك.
■ وهل قدم حزب المؤتمر شيئا للحيلولة دون الانفصال؟
ـ السودان قدم الكثير للجنوب للحفاظ على الوحدة سواء على المستوى السياسى أو المستوى الاقتصادى ليكون بمثابة عربون، ولكن دون جدوى.
■ مثل ماذا؟
ـ على المستوى السياسى، شاركت الحركة الشعبية فى حكم البلاد مع حكم الجنوب لأول مرة فى تاريخ السودان، والرئيس البشير لم يعين ولو موظفاً صغير فى الجنوب قبل موافقة الحكومة هناك والحركة الشعبية.
وعلى المستوى الاقتصادى، هناك 50% من بترول السودان يذهب للجنوب وباقى البترول 50% أخرى تذهب لباقى السودان شمالا وشرقا وغربا، وكل هذه التنازلات تمت طواعية ولكن للأسف الحركة الشعبية رفضت كل هذه التنازلات، رغبة فى الانفصال.
■ من وجهة نظرك لماذا رفضت الحركة الشعبية الوحدة رغم هذه المزايا؟
ـ لأن ذلك سيحقق تطلعات شخصية لقيادات الحركة.
■ وفى حال نجاح الحركة الشعبية فى حشد الأصوات لصالح الانفصال هل ستصدق عليه حكومة الرئيس البشير؟
ـ نعم، نوافق على الانفصال مادام سيحقق لنا سلاما، وقد تم الإعلان عن ذلك عدة مرات، فالمؤتمر الوطنى سيرضى ويقبل النتيجة، ونحن نعلم مسبقا أن المؤشرات تشير للانفصال، لكننا سنعلى من قيمة التعاون من أجل السلام الدائم والعادل، ويجب على دول الجوار ألا تتخوف من الانفصال وإنما تقدم يد العون لتجنب أى مخاطر مستقبلية.
■ وماذا عن المشكلات العالقة بين الشمال والجنوب «الحدود، أبيى، والنفط، والعقود الموقعة، والعملة»؟
ـ إذا كانت السمة الغالبة هى تعامل الجنوب مع الشمال فجميع المشكلات ستحل وسوف نضرب المثل فى التعاون مع الجنوب وحكومته.
■ وهل هناك ضوابط أو مطالب واشتراطات لاستدامة هذا التعاون والسلام بين الطرفين؟
ـ طبعا هناك شروط لاستمرار التعاون بين البلدين فى حال الانفصال، لأن أى سلام يستدعى البعد عن التصريحات الاستفزازية وأى مؤثرات تهدد أمن السودان والابتعاد عن العلاقات مع إسرائيل واللعب بقضية دارفور وملف المياه، وهى جميعا خطوط حمراء يجب عدم المساس بها، وعموما فالذى يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، والحدود لن تكون من فولاذ، فالانفصال سيظل سياسياً وجغرافياً فقط لكن الشعب واحد والفكر والوجدان والثقافة واحدة، وهو ليس نهاية المطاف، لأننا لن نكرر نموذج الكوريتين، لكننا سنقدم نموذجاً جديداً للعالم كله ونأمل أن تساعدنا حكومة الجنوب على ذلك.
■ وماذا عن موقف المعارضة؟
ـ المعارضة فى السودان ضعيفة للغاية، وتشعر أنها أصبحت بعيدة عن الشارع، وأن البساط سحب من تحت أقدامها، لذلك فهى تريد أن تظهر فى الصورة من جديد من خلال زعزعة الاستقرار، وهز ثقة المواطن السودانى، لأنهم لا يملكون أدوات لإزاحة النظام السودانى الحالى، خاصة أن عدداً غير قليل من قيادات المعارضة انضم مؤخراً لحزب المؤتمر الوطنى الحاكم، وهو دليل على أنهم مهزومون، وكل ما يحدث الآن من المعارضة مجرد تنفيس، والنظام باق وسيبقى خلال السنوات الخمس المقبلة وقد تم الإعلان عن تشكيل حكومة تضم جميع القوى السياسية كى تمثل كل السودانيين كى يشارك الجميع فى الحكم.
■ وهل المعارضة تؤيد الانفصال أم الوحدة؟
ـ المعارضة لا تؤيد الانفصال، وعليها ألا تكون انتهازية ولا تقف ضد رغبة المواطن الجنوبى، وتبارك الوحدة أو الانفصال، حسب رغبة المواطن، لكن للأسف المعارضة تلوح بالإطاحة بالنظام الحالى وضرورة عدم الانفصال طيب ما إحنا متحدين من زمان والنتيجة كانت حروب من 50 سنة، فلماذا نحافظ على الوحدة ونحن لم نجن منها سوى الحروب وبحور من الدماء؟
■ الشعوب العربية أيضا تبغض الانفصال ولا تؤيده، خاصة الشارع فى مصر، ولعل هذا واضح من مانشيتات الصحف؟
ـ الحديث عن انفصال وتقطيع وذبح السودان هو حديث عاطفى وعلينا ألا نحمل حزب المؤتمر الوطنى أكثر من اللازم لأن اتفاقيات السلام التى وقع عليها العالم كله «أسمرة ونيفاشا»، كانت تؤكد على حق تقرير المصير، والعالم كله يعرف أننا نعيش وحدة كاذبة، وأننا سنتحرر من الحروب والنزاعات، فلماذا نقول لا ونرفض السلام؟ وعموما نحن نطلب من الشعوب العربية ومن مصر أن يساهموا فى دفع عجلة السلام من أجل السودان شمالا وجنوبا، ولكن للأسف ما يحدث الآن هو أن الجميع يتطاول على الرئيس البشير، وينسى أن الرئيس ملتزم باتفاقات وقع عليها وتعهد بتنفيذها أمام العالم كله.
■ وماذا عن التمسك بالحكم بالشريعة الإسلامية وجلد بعض النساء أمام الناس؟
ـ الشريعة الإسلامية هى هوية الشمال السودانى، وجميع أحزاب المعارضة، تجعل من الشريعة الإسلامية برنامجاً لها، وعموما فإسلامنا إسلام صوفى، ولم ينضم سودانى واحد لتنظيم القاعدة أو ليس لدينا إسلام متشدد أو إسلام القاعدة والحديث عن الإسلام عندنا هو حديث عن المواطنة والتعددية والتسامح.
والحكم بالشريعة جاء فى الاتفاقية، وليس جديدا على العالم أو السودان، وعموما فأى تجاوز فى تطبيق الحدود أو الشريعة، سيقابل بحساب فورى للمخطئ، والعالم كله يعرف ويعلم أن التطبيق أحيانا ما تشوبه أخطاء.
■ وماذا عن الاستفتاء خارج حدود السودان هل ستسمحون للمواطن السودانى، الذى يعيش فى مصر على سبيل المثال بالمشاركة فى الاستفتاء؟
ـ بالطبع لدينا 3 مراكز فى المعادى وعين شمس ومدينة نصر ولدينا ثلاثة آلاف و400 مواطن تقريبا سيشاركون جميعا فى التصويت، وهذا حقهم، وأتمنى أن يتم التصويت دون أى مشاحنات أو ضغوط أو تجاوزات بين أنصار الوحدة وأنصار الانفصال.