x

عبد الناصر سلامة شبـهة الفسـاد عبد الناصر سلامة الجمعة 09-12-2016 21:11


بعض أعضاء البرلمان أطلقوا تعبيراً غريباً وصادماً، فى إطار تعليقهم على الأوضاع الجارية، وعلى القرارات الأخيرة بصفة خاصة، قالوا إن هناك شبهة فساد فى قرارات الحكومة، وهو التعبير الذى كان يجب على الحكومة أن تواجهه بأحد أمرين، إما أن تستقيل على الفور، حفظاً لكرامتها، ولماء الوجه فى آن واحد، أو أن تعقد على الأقل اجتماعاً طارئاً توضح فيه حقيقة القرارات الأخيرة، وجدواها، ومغزاها، سواء الصادرة بقرار وزارى، أو حتى رئاسى، ذلك أن الاتهامات بالفساد الآن أصبحت تطال الجميع، كما أصبحت أيضاً محور حديث الشارع، فى ظل شائعات لا تتوقف، بعضها بالفعل مدعم بالوثائق.

وماذا بعد فساد الحكومة من ذنب، وماذا بعد فشلها من جريمة؟ هذا هو السؤال الذى كان يجب أن يتبادر إلى ذهن السلطة التنفيذية فوراً، ودون تردد، فاستمرار الأوضاع بشكلها الحالى يُفقد المواطن الثقة فى كل ما يدور حوله، سواء القائم بالفعل أو المستحدث، سواء على المستوى الخارجى، حيث قضية التنازل عن جزيرتى البحر الأحمر، وما استتبع ذلك من ظهور وثائق تاريخية، تؤكد حق مصر، وأحكام قضائية فى هذا الشأن، أو على المستوى الداخلى، وما شاب العديد من القرارات من شبهات، والتى كان آخرها إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك.

ذلك الصمت الحكومى عن الاتهام بالفساد، أو شبهة الفساد، هو بمثابة تحفيز للمواطنين بالطعن على كل القرارات التى سوف تصدر مستقبلاً، حتى لو كان فى ظاهرها الرحمة، أى حتى لو كانت فى صالح المواطن كما يبدو منها، ذلك أن فقدان الثقة فى الإدارة هو اللبنة الأولى فى جدار الممانعة، الذى سوف يتطور رويداً بحكم طبيعة الأشياء، إلى طلاق بائن، لا تُجدى معه مساومات من أى نوع، وبصفة خاصة فى ظل الفشل الذريع فى الأداء، على الأقل فيما يتعلق بشؤون المواطن اليومية، من ارتفاع أسعار، واختفاء سلع، وبطالة، إلى غير ذلك من كثير.

ربما لم تكن هناك حكومة فى تاريخ مصر الحديث على هذا القدر من الوهن والضعف، سواء على مستوى الأفراد، أو على مستوى الأداء، إلا أن ما ليس مستساغاً هو أن تحوم حولها شبهات الفساد بهذا القدر، وبشهادة برلمانيين، ورغم ذلك لم تحرك ساكناً، فى وقت نتحدث فيه عن الحنو على الشعب، وعن الاهتمام بالشباب، ومراعاة ظروف الفقراء، وغير ذلك من شعارات أضحت جميعها بمثابة استهلاك يومى، لا تسمن ولا تغنى من جوع.

على الجانب الآخر، هناك السؤال المهم الذى يطرح نفسه طوال الوقت، والمتعلق بصلاحية البرلمان عموماً فى التعامل مع حكومة بهذا الشكل، ذلك أن الملاحظ هو أن الأعضاء اعتادوا التعبير عن آرائهم بحُرية فقط خارج البرلمان، أى من خلال الفضائيات، والمواقع الإخبارية، وليس داخل البرلمان، أو خلال الجلسات، بدعوى التضييق عليهم فى منحهم الفرصة لإلقاء الكلمات من عدمه، أو فى توجيه النقد من عدمه، أو فى مناقشة الاستجوابات من عدمها، وذلك فى ظل منع البث المباشر للجلسات، وجميعها إجراءات تعود بنا إلى عصور سحيقة من القهر والاستبداد والتخلف.

أعتقد أن البرلمان إذا لم يمارس صلاحياته التى كفلها له الدستور، فى محاسبة الحكومات، فهو الآخر غير كفيل بالاستمرار أو الاحترام، ذلك أننا شاهدنا نائباً لرئيس إحدى اللجان وهو ينسحب من الجلسة، فى أعقاب رفض رئيس المجلس مناقشة تقارير للجهاز المركزى للمحاسبات، بشأن الموازنة والإنفاق الحكومى، تم إخفاؤها عن الأعضاء عموماً، وهناك أيضاً العديد من الاستجوابات التى لم تتم مناقشتها، إلى غير ذلك من أوضاع، كان الأولى بأطرافها أن يسجلوا موقفاً تاريخياً أقوى من ذلك.

على أى حال، ربما ترى الحكومة أن الجميع فى الهم سواء، الأداء الحكومى، كما البرلمانى، كما القضائى، كما الإعلامى، كما الأمنى، ربما ترى أنه لا أحد أفضل من الآخر، فى ظل هذه المرحلة التى طالت دون تفسير مقنع، لذا كان لها الحق أن تمد ساقيها بثقة، بعد أن تأكدت أن الأمر لا يستحق، كما فعل الإمام أبوحنيفة ذات يوم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية