x

عبد الناصر سلامة اتحـاد أم تشـرذم عبد الناصر سلامة الأربعاء 07-12-2016 21:51


فى خضم النشاط السعودى على المستوى العربى، حيث إشعال الحرب فى سوريا، ومزيد من الإشعال فى العراق، والقتل فى اليمن، ومحاولات الهيمنة فى لبنان، واصطناع الأزمات مع مصر، تأتى الجهود الحثيثة لإطلاق ما تسميه الاتحاد الخليجى، كتطور طبيعى لمجلس التعاون، وهى الصيغة التى توافقت عليها دول المجلس من قبل، باستثناء سلطنة عمان، ذلك أنه يعقبها بالضرورة اتخاذ مواقف خارجية مشتركة تجاه كل القضايا، وإنشاء جيش موحد، على غرار حلف الناتو الأوروبى، وعملة موحدة، وعلم موحد، إلى غير ذلك من أمور، بالتأكيد سوف تكون محل خلاف فى تفاصيلها.

ذلك أن مثل ذلك التكتل العسكرى من شأنه استثارة إيران، إلى الحد الذى ينذر بمواجهات عسكرية فى أى وقت، ولأتفه الأسباب، كما أن الموقف الخارجى الموحد سوف يستتبعه بالضرورة أيضاً حروب فى اليمن، أو نقل قوات إلى سوريا، أو أى مكان آخر، ربما على غير رغبة الشعوب، التى لا توليها السياسة الخارجية الخليجية عموماً الأولوية، ذلك أن الشعب البحرينى، على سبيل المثال، يرفض أى تحالف مع السعودية، لأسباب معلومة، إلا أن السياسة البحرينية تسير فى اتجاه مغاير.

العقيدة العسكرية السعودية يبدو أنها ترى فى الحروب نزهة ترفيهية، هى تسعى كما هو واضح إلى الصدام، على الرغم من الورطة التى أوحلت نفسها فيها باليمن، والتى هى فى نهاية الأمر فى مواجهة عصابات، وليست فى مواجهة جيش نظامى قوى يمتلك سلاحاً جوياً على سبيل المثال، وقد تحولت دفة المواجهة إلى داخل الأراضى السعودية، التى أصبحت تستقبل قذائف وصواريخ بصفة يومية، ومن ثم قتلى وجرحى، ناهيك عما استقبلته دولة الإمارات العربية فى صمت، معظم الأحوال.

فيما يشير إلى الخلل فى هذه السياسة تلك الجولة الخليجية، التى سبقت وأعقبت قمة المنامة، الثلاثاء والأربعاء، والتى قام بها العاهل السعودى الملك سلمان، إلى كل دول المجلس، باستثناء سلطنة عمان، حاملاً مبادرة جديدة تتعلق باتحاد خليجى دون السلطنة، وهو ما يؤكد قصر النظر من عدة وجوه، أهمها أن سلطنة عمان يمكن أن تعلن، حال الضرورة، عن اندماج من أى نوع مع إيران، ثم مع اليمن فيما بعد، مع استقرار الأوضاع هناك لصالح الديمقراطية، وحتى مع العراق فى المستقبل، وبالتالى فإن هذه الممارسات من شأنها إحداث شرخ فى الحائط الخليجى لا يمكن ترميمه، وهو البعد الذى لا تضعه السياسة السعودية فى الاعتبار، خلال السنوات الأخيرة تحديداً، مع هيمنة المراهقة السياسية على الأوضاع، فى أعقاب وفاة الملك عبدالله.

فى كتابه (أوطان آيلة للسقوط) كتب الزميل عاصم رشوان، المتخصص فى الشأن الخليجى: (صحيح أن الوحدة هى الهدف النهائى لمجلس التعاون، حسب نظامه الأساسى، لكن الصحيح أيضا أن هذه الدول لم تحقق ٢٠٪‏ من التنسيق والتكامل، ما يفقدها جدية التفكير فى الوحدة أو الاتحاد، كما أن ذلك سوف يعنى إلغاء الأعلام والسيادة، ليكون علما واحداً، وحاكماً واحداً، وسيادة واحدة، وأغلب الظن أن أحداً من بينهم ليس لديه هذا الاستعداد، إلا إذا شاءوا الأخذ بالصيغة الماليزية، حيث «السلطنات السبع»، كل سلطان يحكم خمس سنوات، كما أنه ليس مؤكدا أيضاً أن هذه الدول قد أنهت مشاكل الحدود فيما بينها، فلاتزال هناك حتى الآن مشاكل وحساسيات، حيث إن بعضها مهضوم الحق، وهناك أشياء مسكوت عنها، لا تقال من جانب الحكام أو المسؤولين، رغم أنها حقائق موجودة على الأرض).

أعتقد أنه إذا ما استمرت هذه السياسات السعودية بهذه الوتيرة، مع وصول الجمهورى دونالد ترامب إلى سدة الحكم بالولايات المتحدة، والذى لم يخف تنمره للمملكة، وللعائلة الحاكمة تحديداً، ثم وصول نظيره المرتقب للرئاسة الفرنسية، اليمينى فرانسوا فيون، مع ذلك الموقف الواضح للروسى فلاديمير بوتين، فإنه يمكننا القول «على نفسها جنت براقش»، ذلك أنه كان الأدعى إعمال صوت العقل، فى مواجهة هذه الهجمة الشرسة على المنطقة عموماً، وذلك بمزيد من العلاقات القوية بين كل العواصم والطوائف، بما فيها إيران، وليس العكس، وهو الأمر الذى يستوجب إعادة النظر فى مجريات الأوضاع من الخليج إلى المحيط.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية