أكد الدكتور حسن الترابي، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، أن المعارضة السودانية اتفقت على التحرك لتغيير نظام الحكم في البلاد سلمياً عبر الانتفاضة الشعبية.
وكشف الترابي لدى وصوله الدوحة، الاثنين، لدعم جهود الوساطة لحل أزمة إقليم دارفور غرب السودان- أن «حزب المؤتمر الشعبي قدم اقتراحاً للإطاحة بالنظام السوداني في الخرطوم ووافقت عليه جميع الأحزاب».
وأضاف: «الاقتراح يقضي بإجبار السلطة الحاكمة على التنازل عن الحكم وإلا فإن المعارضة ستدفع الشعب ليثور عليها كما ثار من قبل».
وأكد الترابي أن «الهبة المقبلة لن تكون في الخرطوم وحدها بل سيقوم السودان كله بها»، واستطرد «الشعب مهيأ للانتفاضة، وسيناريوهات تغيير نظام الحكم مفتوحة، والتغيير السلمي ليس مستبعداً على غرار حكم الرئيس الأسبق إبراهيم عبود الذي سلم السلطة إلى الشعب».
وفي رده على سؤال حول استعداد قادة الأحزاب لمواجهة النظام الحاكم قال: «على قادة الأحزاب تقديم النموذج»، وانتقد حديث صهره زعيم حزب الأمة الصادق المهدي، عندما قال الأخير «إما أن أذهب مع الآخرين للإطاحة بالنظام أو أعتزل السياسة»، وقال إن الإطاحة بالنظام تقتضي من قادة الأحزاب «التضحية وتقديم النموذج وليس العزلة».
وحول إمكانية لجوء المعارضة إلى الخيار العسكري، نفى الترابي رغبة المعارضة، أو تعويلها على العمل العسكري، وقال: «جربناها، وجربها الحزب الشيوعي وحزب الأمة، ولكن بمجرد حدوث الانقلاب ينقلب العسكريون على حلفاء الأمس، والسودانيون عامة يكرهون الانقلابات العسكرية في الوقت الحالي».
وحول ما أعلنه الرئيس عمر البشير عن تطبيق الشريعة في شمال السودان في حال استقل الجنوب، قال الترابي «الطغاة يلتقطون الشعارات الشعبية للتغرير بالعوام»، وتساءل «هل هذا الطغيان والاستبداد وتمزيق السودان وتقسيمه كله من الشريعة الإسلامية».
وأبدى الترابي خشيته من انضمام الجنوب إلى دول منابع النيل التي تضغط على السودان ومصر من أجل إعادة توزيع حصتها من مياه النيل، وقال إن الآراء المصرية ترى أن تخرج حصة الجنوب من حصة شمال السودان الحالية البالغة 18 مليار متر مكعب في حين «يوجد سودانيون يرون أن الحصة الجديدة يجب أن تخرج من حصتي مصر والشمال بالتساوي».
ورأى الترابي أن قضية المياه لن تثار مبكراً لأن الحكومة المصرية دعمت الجنوب أكثر من حكومة السودان عبر ربط 5 من مدنه بالكهرباء وإقامة فرع لجامعة الإسكندرية بجوبا كما أن الجنوب لديه مياه راكدة في عدد من سدوده.
واستبعد الترابي وقوع الحرب بين الشمال والجنوب عقب الانفصال ولكنه توقع أن يتبع انفصال الجنوب انفصال آخر في الشرق، أو الغرب، بالإضافة إلى ضياع عائدات البترول وارتفاع الضرائب وخفض قيمة الجنيه السوداني مما سيؤثر على حياة المواطنين.
كان الرئيس السوداني، عمر البشير، وصل إلى مدينة جوبا صباح الثلاثاء، في زيارة لجنوب السودان تستغرق يوماً واحداً وكان نائبه الأول رئيس حكومة الجنوب «سلفاكير ميارديت»، في استقباله، وأعضاء حكومته.
واستقبل مئات الأشخاص يتقدمهم الزعيم الجنوبي سلفا كير، البشير، في زيارة نادرة للجنوب، قد تكون الأخيرة إذا ما قرر الجنوبيون، كما يتوقع المراقبون، اختيار الانفصال في الاستفتاء المقرر يوم الأحد المقبل.
وكان في استقبال البشير عند هبوط الطائرة سلفا كير يرافقه عدد كبير من كبار القياديين الجنوبيين وحرس الشرف المكون من جنود شماليين وجنوبيين.
وكان وزير الإعلام الجنوبي برنابا ماريال، قال في وقت سابق «سنخصص له استقبالا حاراً»، وأضاف «كثيرون قدروا تصريحاته التصالحية الأخيرة.. طلبنا من شعبنا أن يكون مضيافاً وودياً لأنه لا وجود لمنافسة هنا».
وكان الرئيس السوداني تعهد الأسبوع الماضي، بالمساعدة في بناء «دولة آمنة ومستقرة» في الجنوب إذا اختارت المنطقة الاستقلال في اقتراع 9 يناير الجاري.
وقال البشير: «نقول لإخواننا في الجنوب هناك، الكرة في ملعبكم والقرار عندكم إن قلتم وحدة أهلاً وسهلاً، وإن قلتم انفصالاً أيضاً أهلاً وسهلاً»، وأضاف «لن نعترض على قرار الإخوة الجنوبيين وسنساعدهم على بناء دولتهم ونريدها دولة آمنة ومستقرة لأنه لو حدثت فيها مشاكل ستأتينا».
وكانت آن إيتو، المسؤولة في الحركة الشعبية لتحرير السودان «المتمردون الجنوبيون السابقون» قالت إن «هذه الزيارة ستسمح له بدس نبض تطلعات الشعب وسيلاحظ بطريق سلمية خيار الجنوب».
ونٌشرت قوات أمنية كبيرة في جوبا عاصمة الجنوب قبل وصول الرئيس السوداني، بينما يجوب جنود مسلحون الشوارع.
وعند مدخل المطار رفعت منظمات غير حكومية لافتات كتب عليها «نحن سعداء باستقبالك من جديد للاحتفال باستقلال جنوب السودان»، و«نرحب بكم في الدولة الـ193 بالأمم المتحدة».
وتأتى زيارة البشير التي توصف بالتاريخية في إطار متابعة تنفيذ بنود اتفاق السلام الشامل والاطمئنان على التدابير اللازمة لتمكين الجنوبيين المسجلين من الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء.
وأعرب سلفاكير في كلمة له في بداية المباحثات عن ترحيبه بالرئيس البشير في مدينة جوبا، وأن من حق الرئيس زيارة الجنوب في أي وقت حتى بعد الاستفتاء إذا قرر الجنوبيون فيه اختيار الانفصال، فيما جدد الرئيس السوداني في كلمة مماثلة أن حل مشاكل السودان يستلزم استمرار السلام كهدف استراتيجي أول بين الشمال والجنوب، وأن يكون هناك برنامج واضح للسلام.