تضع الجهات العالمية المختصة بالتراث المعمارى، ومن بينها الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، تعريفا يتضمن الشروط الواجب توافرها فى المبانى حتى يتم اعتبارها مبانى تراثية، ويمكن تلخيص هذا التعريف للمبانى التراثية بأنها الأبنية والعقارات التى تمتاز بطراز معمارى فريد يمثل حقبة مهمة من تاريخ الفن والعمارة، ويشكل تصميمه إبداعا متفردا لمعمارى أو فنان محلى أو عالمى، للدقة، هذا جزء من تعريف المبنى التراثى، وهو المختص بالشكل، فالمبنى التراثى يجب أن تكون له قيمة تاريخية اكتسبها من ارتباطه بحدث تاريخى قومى، أو من سكنى شخصيات مهمة ومؤثرة به، فضلا عن عمره وقيمته المعنوية الاجتماعية.
أخبار متعلقة
إذًا، يمكن اعتبار مبنى ما ضمن قائمة المبانى التراثية فقط إذا ما كان مقرا لإقامة شخصية مؤثرة، ووسط البلد تضم بين شوارعها وميادينها مئات العقارات والمبانى التى تتحقق فيها هذه الشروط مجتمعة، لكنها وبشكل خاص كانت الحى المفضل لسكنى الفنانين فى كل المجالات، وتحديدا نجوم المسرح والسينما فى النصف الأول من القرن العشرين.
هنا فى وسط البلد، قد تجد عمارة واحدة أقام بها أكثر من خمسة فنانين وفنانات فى حقبة زمنية واحدة، مثل الإيموبيليا، وعمارات أخرى كانت مقرا لكبرى شركات الإنتاج السينمائى التى قدمت أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية، لدينا أيضا فى وسط البلد المقر الرئيسى لشركة «أنيس عبيد» لترجمة أفلام السينما العالمية إلى العربية، ومقار مكاتب الإدارة الخاصة بالمهرجانات السينمائية المصرية، جنبا إلى جنب عشرات البارات والمطاعم والمقاهى التى طالما ارتادها نجوم السينما والمسرح فى الخمسينيات والستينيات، فضلا عن دور السينما والمسرح نفسها، حتى إننا يمكن أن نقول إن وسط البلد هى حى فنى بامتياز.
فى هذا الملف عن المبانى التراثية فى وسط البلد، تقدم «منطقتى» فى عدة حلقات، دليلا كاملا عن هذه الأبنية، وطُرزها المعمارية المتنوعة، وأشهر أسماء المعماريين الذين صمموها، مصريين وأجانب، وحكاياتها المثيرة وأهم الأشخاص الذين عاشوا فيها، وارتباطاتها التاريخية والاجتماعية، وصورا نادرة لها، كما تناقش مشروع إعادة إحياء القاهرة الخديوية من وجهات نظر مختلفة.
