x

عمرو الليثي بناء الإنسان وبناء الحجر عمرو الليثي الخميس 01-12-2016 21:48


على مدار أكثر من عشر سنوات اهتممت بقضية العشوائيات من خلال برنامج «واحد من الناس»، الذى كان اهتمامه منصباً على مشكلة العشوائيات، ولكن كان لابد من التحرك من خلال مؤسسات خيرية واجتماعية وبجهود ذاتية، فقمنا بتأسيس مؤسسة معاً لتطوير العشوائيات، برئاسة الفنان الكبير محمد صبحى، وكان هدفها هو توفير المسكن الملائم لكل ساكن من سكان العشوائيات، لكن كان لابد من توجه عام وتدخل الدولة، والآن ظهر بوضوح اهتمام وتحول قضية العشوائيات إلى قضية تهتم بها الدولة المصرية والحكومة وتضعها فى مرتبة متقدمة جدا،

وظهر ذلك بوضوح شديد بإقامة منطقة سكنية كبيرة راقية لسكان المناطق العشوائية غير الآمنة فى الدويقة ومنشية ناصر بحى الأسمرات، وتوفير الحياة الكريمة لمواطنين مصريين شرفاء عانوا سنوات طويلة من عدم وجود المكان المناسب للمسكن الموائم والملائم، وتضمنت المرحلة الأولى إنشاء 6258 وحدة سكنية، فضلا عن إنشاء مدرسة للتعليم الأساسى و140 محلا تجاريا و3 وحدات صحية و3 حضانات وملعبى كرة وملعبين متعددين، كما تضمنت المرحلة الثانية إنشاء 4722 وحدة سكنية، كما شملت الإنشاءات مدرسة للتعليم الأساسى و110 محال تجارية، ولايزال العمل متواصلا على قدم وساق للانتهاء من المرحلة الثالثة فى الموعد المقرر، كما اتضح بوضوح أيضاً عندما سافرنا وشاهدنا الإسكندرية، فقد كنت صورت من قبل فى «واحد من الناس» عام 2009 عشوائيات إسكندرية فى منطقة وابور الجاز والطوبجية، والآن تم تطوير تلك المناطق إلى منطقة سكنية راقية فى منطقة غيط العنب، وتحويل المناطق الموجودة هناك من مناطق عشوائية إلى مناطق معمرة أو مناطق مستعدة أن يعيش فيها المواطن المصرى الشريف حياة كريمة، حياة نظيفة، حياة ترقى إلى كونه إنسانا يطلب الحياة الكريمة، وتم إنشاء 34 عمارة سكنية تضم 1632 وحدة سكنية شاملة التشطيبات والفرش والتجهيز، كما تضم مستشفى وسوقا تجارية ومحال،

وذلك توجه محمود لحل مشكلة العشوائيات التى تحدثنا عنها كثيراً وتحدث عنها غيرنا كثيرا فى أجهزة الإعلام، ويأتى حيا الأسمرات وغيط العنب نموذجا واضحا للتصدى للعشوائيات وخطوة كبرى على طريق المستقبل، وأصبح هناك إيمان بأن تلك المعضلة لن تُحل إلا بتضافر جميع المؤسسات والجمعيات الأهلية والمجتمع المدنى بجانب الدور الأساسى الذى تلعبه الدولة، وأذكر عندما حصلنا على الأرض لمدينة معاً لتطوير العشوائيات حصلنا عليها من الدولة بالمجان، حيث ساعدتنا الدولة والأجهزة المعنية فى تخصيص الأرض من أجل إنشاء مدينة متكاملة بفكر مختلف عن سابقتها، فكان هدفنا ألا نفصل التعامل مع العشوائيات عن جوانب التنمية الاجتماعية والاقتصادية، استنادا إلى ما أقره البحث العلمى فى هذا الصدد.. وأصبحت الدولة الآن هى الشريك الفعال فى حل مشكلة العشوائيات، بل هى التى تقود اليوم المبادرة لحل المشكلة، فتطوير المناطق العشوائية هو صمام الأمان، ويحتاج لتكاتف جميع الجهود من جميع المؤسسات جنباً إلى جنب مع الدولة، وإذا كانت الدولة تقوم ببناء هذه المناطق من خلال صندوق «تحيا مصر»، فعلى جميع المؤسسات الاجتماعية والخيرية الموجودة فى مصر أن توفر سبل الحياة الكريمة لهؤلاء الناس وإقامة مستشفيات ورعاية طبية وأنشطة ترفيهية ونوادٍ ومسرح وسينما ودور عبادة، فالتكافل الاجتماعى هو السبيل فى ذلك، والأهم من ذلك هو دعوة لمبادرة لمحو أمية من ينتقلون لتلك المساكن الجديدة، ففكرة بناء البشر قبل بناء الحجر هى فكرة أساسية فى تأهيل هؤلاء السكان الذين عانوا لسنوات طويلة فى مناطق عشوائية، والآن آن أوان أن يستريحوا بالاً وأن ينتقلوا إلى أماكن راقية، وأن يعيشوا بها حياة كريمة، ويتم أيضاً تأهيلهم تعليمياً وإعدادهم نفسياً وتوفير المقومات الاجتماعية لحياة كريمة لهم، وأتصور أن ذلك يجب أن يكون دوراً يسير جنباً إلى جنب مع دور الدولة، من خلال مؤسسات المجتمع المدنى التى يجب أن تشارك فى محو أمية غير المتعلمين منهم وإعادة تأهيلهم وتوفير باقى متطلبات الحياة وجاهزيتها لكى ينتقل هذا المواطن من منطقة عشوائية إلى منطقة مستقرة، يعيش فيها نفسياً واجتماعياً ومادياً ومعنوياً فى استقرار وراحة بال، فالتحدى كبير والطريق طويل، ولكن الهدف سامٍ، وهو بناء الإنسان المصرى.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية