x

«براد بيت المصري» ترجم 160 فيلما و8 مواسم «سيت كوم» إلى العربية

الثلاثاء 28-12-2010 16:51 | كتب: عمرو عزت |
تصوير : اخبار

 

«هواية مسلية ومفيدة، ولما الناس تشكرني بانبسط».. ببساطة، يرى أشرف عبد الجليل أن ذلك كان دافعا كافيا للمجهود الذي بذله في كتابة ترجمة عربية لمائة وستين فيلما أجنبيا بالإضافة لحلقات خمسة مواسم للمسلسل الكوميدي Seinfeldوحلقات ثلاثة مواسم لمسلسل The Simpsons، وأتاحهم على الإنترنت عبر منتديات تحميل الأفلام والمسلسلات وترجماتها.

مئات الآلاف من الذين يشاهدون الأفلام والمسلسلات على الكمبيوتر وينتظرون الترجمة العربية مدينون لأشرف عبد الجليل، سواء انتبهوا لاسمه الذي يكتبه في نهاية الترجمة، أو كانوا من الذين ابتسموا عندما قرأوا ما كان يكتبه في نهاية ترجماته الأولى:(ترجمة براد بيت 2، نظرا لتشابهه مع براد بيت الأصلي).

يبتسم أشرف، الشاب الذي يبلغ من العمر 25 عاما ولا يشبه مطلقا براد بيت، ويعدل من وضع الكاب القطيفة الأسود فوق رأسه وهو يقول: «تأثرت زمان ببراد بيت في فيلم Ocean Eleven. وسيم ودمه خفيف. دلوقتي الفيلم باشوفه عبيط. لكن ساعتها بدأت أعلق في مواقع ومنتديات باسم Brad Pitt IIواشتهرت به فكتبته في نهاية ترجماتي الأولى. موضوع شبهي به مجرد هزار. لكن سبب لي حرج كبير لما قابلت ناس تعرفت عليهم أونلاين وكانوا فاكرينني فعلا شبهه، فبطلت أكتب كده من فترة طويلة».

بدأ شغف أشرف بالسينما في المرحلة الثانوية. تزايد معدل دخوله إلى السينما لمشاهدة الأفلام الأجنبية فقط، وتقريبا أنهى مشاهدة كل أفلام نوادي الفيديو التي كانت تحيط ببيته في حي شبرا. وعندما انضمت أسرته لمقتني الدش، بدأ يهتم بالأفلام الأجنبية على MBC 2وDubai One.

ولكن النقلة الحقيقية في علاقته بالسينما كانت عندما اشترى الكمبيوتر في أواخر عام 2004. ظل لفترة يعتمد على التبادل مع الأصدقاء، وحدد ذلك من الأنواع التي شكلت ذوقه السينمائي. فالأفلام التي تناقلتها الأجهزة بسرعة كانت أفلام الأكشن والرعب وبعض الأفلام ذات الجماهيرية العالية. ولكن بعد أن أصبح لديه اشتراك إنترنت فائف السرعة الخاص به دخل إلى مرحلة جديدة.

«التحميل هو الخلاصة»، يهز أشرف رأسه ويشير بيده كأنه يعلن كلمة فصل. بفضل تحميل الأفلام على الإنترنت بدأ رحلته لتشكيل ذوقه الخاص: «أنا أفضل الدراما الإنسانية وبعض أفلام الجريمة التي أشعر أن الكاتب بذل مجهودا في صياغتها».

ولكن يظل وجود ترجمة عربية هو العائق أمام مشاهدة الأفلام والفهم العميق لتفاصيل الحوار لمن لا يجيدون الإنجليزية بدرجة كبيرة. يقول أشرف أن مستواه في اللغة الإنجليزية ظل متوسطا إلى ما قبل بداية اهتمامه بالأفلام الأجنبية. اهتمامه بتنزيل نصوص الحوار باللغة الإنجليزية والإطلاع على كلمات الأغاني الأجنبية ساعده على تطوير لغته.

مجتمع الترجمة

في أول اهتمامه بالمنتديات الخاصة بالسينما لاحظ العدد القليل للترجمات العربية المتاحة لأفلام أجنبية. وكانت المنتديات قد بدأت أقساما خاصة لتبادل ملفات الترجمة. النسخة الإنجليزية للحوار المصاحبة لملف «دي في دي» DVDالذي يتم تحميله من الإنترنت مكنته من الإطلاع على تقنية كتابة ملف ترجمة، ووجدها بسيطة: ملف نصي بسيط ولكن قبل كل جملة يكتب بطريقة معينة توقيت ظهور الجملة وأختفاءها. وبدأت مسيرة أشرف: «أول فيلم ترجمته كان (شكسبير عاشقا) Shakespeare in love. حصد جوائز أوسكار عديدة. قضيت في ترجمته 4 شهور. راجعت الترجمة مؤخرا ووجدت بها أخطاء عديدة وصححتها في نسخة جديدة. ولكن الآن ترجمة أي فيلم تأخذ من وقتي من 10 إلى 12 ساعة. ربما أتمها في يوم أو يومين عمل».

التقدير والشكر الذي وجده في المنتديات التي شارك فيها بترجماته جعلته يواصل الترجمة، وبالتوازي تتحسن لغته الإنجليزية. بدأ ينتبه إلى الإمكانات التي تتيحها له القواميس المتنوعة الموجودة على الإنترنت. بما فيها القواميس التي تدرج التعبيرات العامية Slangsأوالمواقع التي تشرح التلميحات المضمرة في بعض الكلمات والجمل في ثقافات معينة أو تفسر إيحاءاتها بإرجاعها إلى أفلام أو أغاني أو كتب شهيرة استخدمت فيه فأصبحت تحمل معنى مختلفا.

هذه الإمكانات بالإضافة لاتساع وسط مشاهدي الأفلام الأجنبية على الإنترنت ساعد على تحولهم عبر المنتديات إلى مجتمع متصل له رموزه ونجومه في كل مجال. فيما يخص الترجمة هناك تفاوت كبير بين المستويات. فبصفته الآن مشرف منتدى الترجمة في أكبر منتدى مهتم بتحميل الأفلام «دي في دي العرب» يرسل مترجمون مبتدئون محاولاتهم إلى أشرف عبد الجليل، يرى بعضها سيئا جدا، ولكن هناك على الجانب الآخر هناك صديقه المتخصص في آداب اللغة الإنجليزية المقل في ترجمة الأفلام، ولكن أشرف يرجع إليه دائما إذا تعذرت ترجمة تعبير ما أو أراد أن يفهم الخلفية التاريخية والثقافية المميزة لاستخدامه.

منتدى الترجمة في «دي في دي العرب» يمثل نموذجا نشطا. فهناك تصنيف للمترجمين: مترجم أول – متميز – قدير. يتحدد ذلك بعدد الترجمات وجودتها. هناك مسابقات لجودة الترجمة رصد بعض الموسرين من أعضاء المنتدى جوائز مادية لها. ولكي يتجنبوا ترجمة نفس الأفلام، ابتكروا فكرة الإعلان: يعلن المترجم الموثوق به أنه يترجم ذلك الفيلم ويتعهد بإنهائه في فترة ما لكي لا يبدأ آخر في ترجمته إن التزم بالموعد الذي وضعه. أحيانا ما يتعاون أكثر من مترجم في ترجمة الفيلم الواحد لكي يكونوا أول منتدى يتيح الترجمة العربية لفيلم جماهيري معين.

جدل ثقافي

بعض هؤلاء «المترجمين الشعبيين»، إن جاز التعبير، يجدون مكانا لثقافتهم على هامش الحوار في الأفلام. يعضهم يضع بين أقواس رأيه فيما يحدث. قد ينتقد السياسات الأمريكية أو الصهيوينة أو ينتصر للإسلام ضد التقاليد الغربية. «ناقص يخرج بدماغه من الشاشة ويوعظ المشاهد»، يعلق أشرف بغير رضا عن هذا الأسلوب مؤكدا أنه لا يحبه ولكن ثقافته الخاصة تتدخل فقط لتخفيف الشتائم البذيئة التي لا داعي لها في رأيه. مثلا الشتائم الجنسية يخففها إلى «الحقير» و«الوغد» إن لم يكن في السياق داع لذكر التلميح الجنسي. لا يترجم مطلقا أي إهانات للذات الإلهية، ولو كانت ضرورة في السياق الدرامي يتخذ قراره: «بلاه الفيلم كله، مش ضروري»، على حد تعبيره. كما أنه يهتم دائما بوضع تحذير قبل المشاهد العارية أو الجنسية: «احتمال يكون واحد بيشوف الفيلم مع أولاده أو أخته، لازم أحذره».

أسلوب الترجمة المعتاد الذي تعود عليه في التليفزيون أو في الفضائيات هو الذي شكل أسلوبه في البداية، ولكنه الآن مع أصدقائه المترجمين أصبحوا يتندرون على أخطاء الترجمات التي تصدرها وكالات وشركات وتصاحب الأفلام في السينما أو الفضائيات.

بعض المترجمين الشباب على الإنترنت وجدوا طريقا للاحتراف. صديق لأشرف يعمل الآن لحساب دار سينما في الإمارات. وأشرف نفسه يتعاون بشكل متقطع منذ 2006 مع شركة سعودية لتسويق الدي في دي بترجمات عربية: «أول مرة أرسلوا إليّ يطلبون مني العمل بمقابل اعتقدت أنها اشتغالة. ولكن أنا أصلا أترجم مجانا، وهم طلبوا مني أفلام جميلة وكلاسيكية ورفيعة المستوى. فترجمت وأرسلت لهم فأرسلوا لي المقابل فعلا. شغلانة حلوة لا تتطلب الخروج من البيت ولا وقت محدد لها ودخلها جيد جدا».

اتفق أشرف مع الشركة التي يتعامل معها على إتاحة الترجمة مجانا بعد فترة تتمتع فيها الشركة ببيع نسخ الدي في دي عليها الترجمة حصرية: «كده أو كده بعد فترة سيأخذ أحدهم ترجمتي من الدي في دي ويضعها على الإنترنت». يشكو أشرف عبد الجليل من سرقة ترجماته من آخرين ينسبونها لأنفسهم : «فكرت أن أصنع نسخ صعب التعديل فيها ولكنها ستصعب على المشاهد تشغيلها. فقررت ألا أضايق مشاهدين كثر لا ينوون سرقتي لكي أصعب المهمة على سارق أو اثنين. ربنا يحاسبهم بقى».

 

*ضمن ملف سينما على شاشة كمبيوتر

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية