x

الدكتور عبدالمنعم سعيد: إدارة العلاقات «المصرية- السعودية» ليست ناضجة من الطرفين (حوار) (2-2)

تحرير سعر الصرف خطوة إيجابية..على الرئيس إصلاح البنية القانونية للاستثمار..واللامركزية هى الحل
السبت 05-11-2016 23:27 | كتب: فتحية الدخاخني |
المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد » المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد » تصوير : حسام فضل

وصف الدكتور عبدالمنعم سعيد قرار البنك المركزى بتحرير سعر الصرف بأنه خطوة إيجابية جاءت متأخرة، مطالباً الرئيس عبدالفتاح السيسى بالعمل على إصلاح البنية التشريعية للاستثمار.

وأكد «سعيد»، فى الجزء الثانى من حواره لـ«المصرى اليوم»، أن مشكلة مصر تكمن فى المركزية، والبدء فى علاج المشكلات وهى مكرهة، دون وجود برنامج تنموى، مشيراً إلى أن طريقة التفكير كانت السبب وراء الفوضى التى شهدتها السوق المصرية مؤخراً.

وقال إن الدولة تعمل على إدارة الفقر وليس الثروة، مشيراً إلى أن طريقة إدارة العلاقات مع السعودية ودول الخليج ليست ناضجة بما يكفى، وطالب بتشكيل لجنة من الخبراء من البلدين لمعالجة نقاط التوتر، لافتاً إلى أن العلاقات مع الولايات المتحدة ستتغير بعد انتخاب هيلارى كلينتون أو دونالد ترامب، واصفاً روسيا بأنها أكثر الناس قسوة علينا فى موضوع السياحة.

وتطرق «سعيد» إلى الحديث عن نظرية المؤامرة، والعلاقات مع تركيا وإيران وقطر وإثيوبيا، وعن دور مواقع التواصل الاجتماعى.. فإلى نص الحوار:

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

■ انتهينا فى النصف الأول بالحديث عن التقشف، وهناك دعوة من الدولة الآن للتقشف فما تعليقك عليها؟

- هناك فرق بين اتخاذ قرارات بهدف تنموى، أو وأنت مجبر ومكره عليها، نحن مكرهون الآن على هذه الإجراءات، حالنا كحال المريض الذى انتظرنا حتى أصبح قاب قوسين أو أدنى من الموت وبدأنا فى علاجه، وأنا أؤيد تقييم أحمد عز للوضع فى مصر فيما عدا الأيام القليلة الماضية أو الأسبوعين اللذين شهدا تدهوراً قاسياً للعملة، فالوضع فى مصر صعب وليس مستحيلاً، على الجميع العمل وتشجيع الطاقات الكامنة، والبدء فى العمل بلامركزية، لتستغل كل محافظة إمكانياتها من خلال دعم المجتمع الأهلى والمؤسسات المحلية، فعندما حدث إعصار كاترينا كانت ولاية نيو أورليانز هى من تقرر حجم المعونة.

■ يقودنا هذا إلى دور الدولة فى مواجهة مشكلة السيول المتكررة سنويا، ونتيجة ما حدث مؤخراً فى رأس غارب؟

- الجميع شاهد مشهد أهالى رأس غارب وهم يمنعون رئيس الوزراء من التجول فى مدينتهم احتجاجاً على تأخر السلطة المركزية فى مساعدتهم، وطالما بقيت الدولة مركزية ستظل السلطة غير قادرة على الوفاء باحتياجات المواطنين، وسيظل الشعب يشكو من إهمال السلطة، لماذا لا نتعلم من الولايات المتحدة مثلاً، ونظام التمويل المماثل، فعندما تقدم الولاية تمويلاً لمنحة فى جامعة مثلا تقدم الحكومة الفيدرالية تمويلا مماثلا، وبالتالى يستمر نفوذ الدولة المركزية، فى حين تشعر الولاية بأن هذه أموالها، وأذكر أنه عند بدء المناقشات لفرض الضريبة العقارية اقترحت أن يذهب 50% منها للمجتمع المحلى، لكن الدولة لم تقبل، وأسفر الأمر فى النهاية عن تخصيص 25% من الضريبة العقارية للمجتمع المحلى، وهى نسبة غير كافية، ففى العالم كله المجتمع المحلى هو المستفيد الوحيد من هذه الضريبة.

■ ما تعليقك على قرار البنك المركزى مؤخراً بتحرير سعر الصرف؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- هذه خطوة إيجابية، وإن كانت قد تأخرت، خاصة أنها مرتبطة بعدد من التطورات الإيجابية لتنمية الاقتصاد، وتأتى متزامنة مع قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، والتى تعكس جميعها نية واضحة نحو تحقيق النمو، وأنا أنصح بالأخذ بتوصيات برنامج الأمم المتحدة لممارسة الأعمال لتحسين الإجراءات القانونية للاستثمار، والذى يتضمن قوانين سيادية يمكن للرئيس اتخاذها، كما على البرلمان سن القوانين اللازمة أيضاً من ناحيته، فقرار التعويم صحيح، وسيكون أكثر إيجابية إذا صاحبته قرارات وإجراءات مالية واقتصادية تشجع الاستثمار، وأعتقد أن القرار سيقضى على فوضى السوق، والتى كانت تنذر بوضع خطير فى مصر، وأعتقد أنه ينبغى محاسبة المسؤولين عن تأخر هذا القرار.

■ من المسؤول فى اعتقادك عن حالة الفوضى التى شهدتها السوق المصرية مؤخراً، خاصة فيما يتعلق بسعر الصرف؟

- ما حدث يذكرنى بأيام هزيمة يونيو، لم نكن نعرف من المسؤول، والموضوع تفرق دمه بين القبائل، أعتقد أن المسؤول هو طريقة التفكير، ووصول سعر الدولار إلى 18 جنيهاً كان أمراً غير مقبول وغير منطقى وغير اقتصادى، والاقتصاد المصرى أقوى من ذلك، لكنه ترك للمضاربة وعدم اليقين، نتيجة قبولنا بأوضاع خاصة خارج قانون الشعوب، تحت مبرر «الحق الدعم».

■ البعض يرى أن شروط صندوق النقد الدولى ستكون قاسية، كيف ترى هذه الشروط؟

- «إحنا اللى رحناله».. لا يوجد اختراع فى الموضوع، التطور الجديد فى صندوق النقد أنه أعطى قيمة أكبر للحماية الاجتماعية، وأنا أريد أن أؤكد أن توزيع الدخل فى مصر معتدل، وهو أفضل من أمريكا وبريطانيا وتركيا والهند والصين وروسيا، نريد أن ننطلق ونكف عن الشعارات، علينا العمل على إدارة الثروة للانطلاق، بدلاً من إدارة الفقر والعلاقات الاجتماعية وأصحاب النفوذ، وإذا نظرنا للموازنة المصرية سنجد أنها تنفق أكثر من 80% منها على الفقراء، للأسف نحن ندير الفقر منذ عصور، وكل رئيس يأتى يتحدث عن ضرورة رعاية الفقراء ومحدودى الدخل، علينا هنا أن نقف لحظة ونسأل أنفسنا إذا كنا على مدار 60 عاماً مهتمين بمحدودى الدخل، هل استطعنا جعلهم أكثر سعادة، لو الإجابة لا، إذن هناك شىء خاطئ فى إدارة الأمور.

■ هل لدينا مشكلة فى اختيار محافظ البنك المركزى، فدائماً نختاره فى مصر من خلفية بنكية، فى حين أنه يكون اقتصادياً فى أغلب دول العالم، حتى إن بريطانيا عينت كندياً فى هذه الوظيفة؟

- هذه نقطة فنية، من البديهيات عادة فى العالم الذى يحقق تراكماً رأسمالياً كبيراً أن يكون محافظ البنك المركزى اقتصادياً وليس بنكياً، اقتصادياً كبيراً متخصصاً فى الاقتصاد الكلى، ليكون مدركاً حجم الموارد والإنفاق والإنتاج والاستهلاك والتوازن الذى يحدده العرض والطلب، ومن هنا يحدد مقدار ما يطبع من نقود، وأنا يهمنى ما به تماس بين الاقتصاد والسياسة، حتى نكون دولة طبيعية تسير حسب قوانين العالم، ونشغل الاقتصاد الكلى، حيث إن الاقتصاد المصرى والقاعدة الصناعية المصرية تعمل بأقل من طاقتها، بسبب عدم المركزية، وهو مرض أساسى، نحن نعيش فى شارع مزدحم، فلا ندير الوادى ولا باقى المساحة.

■ هذا يعود بنا مرة أخرى إلى أزمة الاختيار، والاعتماد على النظرة الأمنية، واختيار التكنوقراط فى المناصب العامة؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- طبعا المسؤول الأمنى يختار التكنوقراط، لأن السياسى مزعج، فصاحب النظرة الأمنية يريد المسألة واضحة لأنه يتعامل مع تهديدات، هم يتدربون على ذلك، يراقب الوضع ويسلح الجيش، خاصة فى بلد عانى من الاحتلال فترات طويلة، فمن المهم أن نكون واعين للتهديدات المحيطة، وهذه أهمية القوات المسلحة فى مصر كمؤسسة عسكرية، لكن أن تكون هذه الثقافة هى الحاكمة لعملية التنمية، فهذه مسألة صعبة، فإذا أخذنا تجربة سنغافورة، وهى من التجارب الناجحة جداً، كان نصيب الفرد من الدخل القومى عام 1998 يصل إلى 27 ألف دولار، وتتبعها جزيرة صغيرة اسمها سنتوزا، كان يزورها 4 ملايين سائح فى هذا العام، ولديها تجربة مهمة فى الموانئ، طلبنا الاستعانة بها، فأجابوا بأنهم حاولوا تكرار التجربة فى ميناء بورسعيد، لكن توقفوا لأن مصر غير مستعدة.

■ لماذا؟

[image:14]

- «اللبيب بالإشارة يفهم»، هذه جملة نسمعها دائما من بيروقراطية التنمية فى العالم، وخبراء البنك الدولى، وصندوق النقد، وأى منظمة اقتصادية، لأننا لم نأخذ الإجراءات الخاصة بالقوانين المشجعة للاستثمار، هذا قرار سيادى متروك لرئيس الجمهورية، عليه أن يطلب من البرلمان سن مجموعة من القوانين المشجعة للاستثمار ليعمل الاقتصاد بكفاءة.

■ ننتقل من الاقتصاد إلى السياسة، والأزمات المتكررة مع الدول العربية وعلى رأسها السعودية، ما أسباب هذه الأزمة؟

- الأزمة مع السعودية ليست اقتصادية، هناك 3 ملايين مصرى فى السعودية، ومليون سعودى لهم إقامة فى القاهرة، فالتبادل السكانى يجعل من الصعب الحديث عن أنها أزمة اقتصادية، لا أحد يتحدث عن حجم الاستثمارات المتبادلة ومكاسبها، فالاثنان مهمان وهذه ميزة الاقتصاد، وأعتقد أن الخلافات على كيفية إدارة العلاقات سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً، فطبيعة الجغرافيا تضع اختلافات استراتيجية، وبالتالى فرؤيتنا للأزمة السورية مختلفة، لكن هناك دستوراً يحكم هذه العلاقة وهو قرارات مجلس الأمن التى وقعت عليها الدولتان.

■ هل ترى أن لدينا أزمة دبلوماسية فى إدارة العلاقة مع السعودية؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- مصر والسعودية لديهما هذه الأزمة «ضرورة أن تؤيدنى فى كل شىء وإلا فلا»، التفكير ليس ناضجا بما يكفى، وتلعب السوشيال ميديا دوراً فى إشعال الأزمة عبر الترويج لحكايات وإعطائها حجماً أكثر مما تستحق، ومن حق وسائل التواصل الاجتماعى، والمواطنين، الفضفضة، لكن ليس من حقها أن تدير الدولة، فهى غير منتخبة وغير مسؤولة، هذا يجعلنا نخسر علاقة بديهية مفيدة للطرفين، وبعضه يقال والآخر لا يقال، نحن أكبر مخزون سنى فى المنطقة ومصر احتياطى استراتيجى لمنطقة الخليج فى أى تفكير عملى وغير ذلك تخريف، وأنا عشت فى الخليج وأعلم أنهم على قناعة بذلك.

القاعدة العامة هى التعاون فيما اتفقنا عليه والتحاور حول نقاط الاختلاف، طالما لا نصطدم، ما حدث فى الأمم المتحدة موجع، والسعودية غضبت لأن مصر صوتت على القرار الروسى الذى نعرف تماماً أنه لن يحصل على أكثر من 4 أصوات، والقرار الفرنسى نعلم أن روسيا ستوقفه بالفيتو، القراران لم يمرا والشعب السورى يموت، وأعتقد أن القاهرة والرياض مهتمتان بالشعب السورى وحياته، وما حدث فى الأمم المتحدة أمر طبيعى، وهو حالة من حالات الفشل السياسى والدبلوماسى ومن الأمور التى تحدث يوميا، لكن كلمات مندوب السعودية فى مجلس الأمن جرحت المصريين والرد المصرى كان عنيفاً.

■ تكرر الأمر فى واقعة إياد مدنى.

- كمصرى لا أعرف لماذا فعل ذلك، يفترض أن يعرف ما يقال، وأعتقد أنه لابد من وضع كل موقف فى جدول الأولويات، وندرس كيف احتفلنا بالملك سلمان فى مصر منذ شهور قليلة، ولماذا أحبطنا بهذا الشكل الآن.

■ إذن المسألة سوء فى إدارة الأزمة والعلاقة؟

[image:13]

- أعتقد أنه لا توجد أجهزة كافية لإدارة العلاقات، لمصر علاقات حساسة جداً لابد من التعامل معها بشكل خاص، والعلاقات المصرية السعودية واحدة منها، وامتدادها الخليج، أما العلاقة الحساسة الثانية فهى مع الولايات المتحدة وباقى الغرب، ثم العلاقة مع إسرائيل، التى تمتلك سلاحا نوويا، إضافة إلى علاقات أخرى مع إثيوبيا وهى علاقة حياة أو موت، ومع ليبيا، لابد من العمل بدرجة حساسية عالية للكلمات والإعلانات، ووسائل الإعلام لها دور فى المسألة، ووظيفة الدولة أن تعمل كصمام أمان للعلاقة من خلال لجنة من الطرفين تجتمع لبحث الأزمات، وتعمل على المشروعات السعودية فى مصر ويكون بها خبراء من الجانبين.

■ هل أدت قضية تيران وصنافير إلى أزمة فى العلاقات مع السعودية؟

- ليست أزمة، هى أقل من الأزمة، يمكن أن نصفها بالتوتر، وهناك آليات فى القيادة فى البلدين بحيث لا تصل للأزمة، صنافير خلقت حالة لدى الشعب المصرى نتيجة أن الأنظمة السابقة عيشت الشعب فى وهم غير حقيقى، والناس التى كانت تصدر خرائط عن أحقية مصر فى الجزيرتين من قبل، بدأت تتحدث عن سنوات حماية الجزيرتين لمدة 65 سنة، كان هناك سوء إدارة من البداية، وجانب تعليمى كان على الدولة فعله أولاً، لكنها تقول إنها لو لم تفعل ذلك فى وقتها لبدأ التوتر الذى نعيشه حاليا منذ فترة، لأن هناك أشخاصاً متربصون بالنظام، وهم الذين هرولوا بالخرائط على المحاكم، وهناك جيل ارتبط بفكر محمد حسنين هيكل، ولديه موقف أيديولوجى فكرى من السعودية وتأثيرها على المجتمع المصرى، وعلى الجانب الآخر هناك سعوديون- مثل جمال خاشقجى وتركى الدخيل- ينظرون لمصر باعتبارها عبئا وأنها بلد يمد يده.

■ هل يمكن أن نقول إن دول الخليج ملت من دعم مصر؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- الدول لديها تقديرات مختلفة فى العلاقات، هناك من يقول ادعم مصر بشكل غير محدود، وهناك من يفكر فى حجم الدعم فى ظل انخفاض أسعار النفط، وبعد 30 يونيو كان الدعم بلا حدود.

■ لكنه توقف؟

- نعم بسبب انخفاض أسعار النفط، عندما يكون هناك فائض يزيد الكرم، وأعتقد أن هناك مشكلة نفسية متعلقة بعقدة من يعطى ومن يأخذ، جزء من عملية تحرير مصر والوطنية وبناء الدولة أن يشعر العالم بأن هناك أملاً فى هذا البلد، وأنه قادر على الاعتماد على نفسه، ولننظر ما حصل مع المكسيك واليونان، نحن لم نصل لمرحلة الإفلاس، ولن نصل، الاقتصاد المصرى قوى وحجمه تريليون دولار، وهو الاقتصاد الـ24 على العالم من حيث الحجم، كنا نعتمد على القمح الأمريكى فى الفترة الناصرية التى كانت فيها الهامات مرتفعة للغاية، هذا جزء من جرح الكرامة الوطنية.

■ بعد 30 يونيو توترت العلاقة مع الولايات المتحدة، فما السبب، وهل ستتغير العلاقات مع انتخاب هيلارى كلينتون أو دونالد ترامب؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- ستتغير بالتأكيد لأن كلا المرشحين مختلفان عن الرئيس الحالى باراك أوباما، فأوباما رجل أيديولوجى، ويمثل يسار الليبراليين فى أمريكا، ومتأثر بجهود مراكز البحوث الأمريكية لفهم الحالة المصرية، والتى كانت فى تقديرى مخطئة، فى توقع أنه من الممكن أن يخرج من تجربة الإخوان تجربة ديمقراطية مماثلة للأحزاب المسيحية الغربية الديمقراطية، وهذا خاطئ بالنسبة لمصر، وإن كان يمكن أن ينطبق على الحال فى المغرب مثلاً، لأن الإخوان فى مصر قطبيون ولديهم نزعة أيديولوجية متطرفة وبالتالى لا يصدق عليهم ما حدث فى تركيا والمغرب، وموقف أمريكا به لمحة عنصرية، مفادها أن هذه الشعوب لن تنتج ديمقراطية، وحقوق إنسان، وأفضل شىء لهم هم الإسلاميون والناس تحبهم وتنتخبهم، إحياء لمبدأ ديمقراطية الأغلبية، مع أن عظمة الثورة الأمريكية هى التحذير من طغيان الأغلبية والأقلية، وأعتقد أن الأمر مختلف لكلينتون وترامب، وكليهما لديه نظرة واقعية للأمور من اليمين واليسار، وهذا جوهر حديثهما مع الرئيس السيسى فى نيويورك.

■ أيهما أفضل لمصر هيلارى أم ترامب؟

- أنا أرى أن الأفضل هو ما تريد مصر فعله معهما، كل علاقة لها ثمن، وعلينا أن نرى إلى أى مدى نحن مستعدون لدفع الثمن، وما الذى نريد دفعه، فليس هناك من يتصور فى السياسة الداخلية والخارجية أن هناك غذاء مجانيا، هذا غير موجود وهو ما يجب أن نعلمه للناس، كل شىء له ثمن فى العلاقات الدولية والسياسية، كم سندفع وماذا نريد؟ أما اعتماد نظام ضرب علاقة بأخرى، ونظام عدم الانحياز القديم، فالتجربة أثبتت أن هذا النوع من المناورات له نتائج معقدة.

■ كما تناور مصر اليوم بعلاقتها مع روسيا؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- أحيانا مفيد فى التحالفات الدولية ألا يقول أحد إنك أسير تحالف، لكن أيضا يجب ألا يزيد ذلك عن حده، لدرجة تدفع الطرف الثانى لعدم قبول العلاقات، خاصة إذا كان الطرف الذى أناور به ليس لديه ما يعطيه لى.

■ مثل روسيا؟

- روسيا أكثر الناس قسوة علينا فى موضوع السياحة، لا توجد دولة فى العالم نسبة الأمان بها 100%، حتى أمريكا وروسيا، وعندما نسمع السفير الروسى يتحدث عن نسبة تأمين السياح 95%، فهذه قسوة، ونحن بالتأكيد نعمل لحماية السياح والمصريين، فى تركيا رغم الإرهاب هناك سياحة وسياحة روسية أيضا.

■ هذا يجعلنا نسأل.. هل مصر مستهدفة؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- لا أعرف القيمة السياسية لهذه الكلمات، ونظرية المؤامرة ليست وظيفتنا فى السياسة والإعلام، هذه وظيفة المباحث والمخابرات، البحث عن المؤامرة وإحباطها، وقدرة الدولة على مقاومة أى مخططات أو مصالح آخرين تتوقف على مناعتها الذاتية والاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية قبل الأمنية.

■ ماذا عن العلاقات مع تركيا وقطر؟

- أنا أميز بين الاثنتين، لا يوجد تناقض فى العلاقات مع قطر، بل هى ضوضاء تقوم بها دولة صغيرة تحاول أن تجد مكانا على الطاولة الإقليمية والعالمية، مستخدمة موردها الأساسى وهو المال، فقطر دولة شقيقة وشعب شقيق، ولا يجب أن نشغل بالنا إلا بشعبها، لأن الانشغال بسياستها هو نوع من إعطاء أمور لا تستحق أكثر مما تستحق.

أما تركيا فهى دولة إقليمية كبيرة، وكانت مسيطرة على الإقليم لمدة 500 سنة، وأحد الأعمدة الرئيسية فى المنطقة، وكلما تجنبنا الصدام معها كان ذلك أفضل، أعرف العقد المرتبطة بذلك، بسبب الحكم الإسلامى، والذى ينظر له الآن باعتباره نموذجاً لدولة أتاتورك القائمة على الفرد، وعلينا دراسة الموضوع وتجنب الصدام، لأن ذلك جزء من استعادة الاستقرار فى المنطقة، بعد زلازل 2010 و2011، السعودية وتركيا دولتان مهمتان حتى وإن اختلفنا معهما.

■ بالنسبة لإيران، هل تؤيد عودة علاقات طبيعية معها؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- لابد أن أحقق نوعا من التوازن فى العلاقات، وأنا كنت مؤمنا فى التسعينيات باستعادة العلاقات مع إيران، وذهبت إلى هناك فى إطار برنامج زيارات متبادلة، وقلت للدولة ذلك وقتها، لكن اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات الأسبق، كان يرى أن التواجد الإيرانى فى مصر دبلوماسياً له تكلفة أمنية عالية، لكنه لم ير مانعاً من الحوار، علينا أن ندرس أولوياتنا فى العلاقات مع إيران ودول الخليج، وأعتقد أنه لا توجد مشكلة فى بعض أنواع التواصل الثقافى والفكرى، وأنا أرى حالة هياج شديدة فى مصر متعلقة بالشيعة، لم تكن موجودة من قبل، لا ينبغى أن نستدرج لفكرة الانقسام الشيعى- السنى لأنه خطر على الجميع، ولا يجب أن تكون هناك هذه الإجراءات فى الموالد.

■ أزمة مياه النيل وسد النهضة من الأزمات اليومية التى يقال إننا أسأنا إدارتها، ما تعليقك على ذلك؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- المبادئ الأساسية فى أمور لها علاقة بالحياة ألا يستبعد السلام والتحالف والتعاون ولا يستبعد استخدام القوة، وهذه العلاقة مرتبطة بمصلحة حيوية، ومرتبطة بعلاقاتنا مع دول حوض النيل والقرن الأفريقى والسودان، والنظام الموجود فى السودان حاليا، لدينا مشكلة معه، فعندما يخرج الرئيس السودانى عمر البشير ليتحدث عن وجود مشكلة مع مصر على منطقة حلايب، فهو لا يدرك بديهيات الجغرافيا وخط عرض 22 الذى يحدد الحدود بين البلدين.

هذه العلاقات تحتاج إلى عملية حسابية دقيقة للتعامل مع كل هذه العناصر، فى ظل التعاون والصراع فى موضوع حيوى، مشكلتنا أننا نفكر فى المياه بدبلوماسية التعامل مع النهر، لكن أنا أريد التعامل مع المياه، نحتاج استراتيجية مائية وليست نيلية، تعتمد على تحلية المياه للزراعة فى أرض مالحة، والعمل تحت شرط ندرة مائية بغض النظر عن علاقتنا مع إثيوبيا.

■ هل نحن نسير فى هذا الاتجاه؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور عبدالمنعم سعيد »

- مستحيل أن نعرف ذلك، ونحن فى دولة لا تفصح عن طبيعة علاقاتها مع الدول، كل الدول العالم تصرح بذلك بنسبة 95%، فالطبيب لا يستطيع أن يصف العلاج دون أشعات وتحاليل، وهذا غير متاح للأسف، وكلنا يتذكر كيف أضرنا الحديث فى هذا الملف فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، لأنه حديث غير مبنى على معلومات.

ولمشاهدة فيديو الحوار على الرابط التالى:

http://www.almasryalyoum.com/news/details/1035053

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية