أفاد شهود عيان أن مواجهات «عنيفة» اندلعت ليل السبت بمعتمديتي «سوق الجديد» و«الرقاب» التابعتين لمحافظة سيدي بوزيد جنوب تونس التي تشهد منذ 17 ديسمبر الجاري احتجاجات اجتماعية على ما يصفه السكان بـ«تردّي الظروف المعيشية وتفشي البطالة».
وقال النقابي وشاهد العيان منجي غنيمي في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن أحد رجال الحرس الوطني بمركز معتمديّة «سوق الجديد» (15 كلم شرق مدينة سيدي بوزيد) أصيب بطلق ناري في ساقه ونقل إلى مستشفى سيدي بوزيد (مركز المحافظة) حيث خضع لعملية جراحية لإخراج رصاصة يبدو أن أحد زملائه أطلقها عليه بطريق الخطأ.
وأوضح أن «نحو 8 من رجال الأمن التابعين لمركز الحرس الوطني بالمنطقة تصدّوا مدعومين بعشرات من أنصار الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي) لمظاهرة سلمية شارك فيها مئات من الشبان أغلبهم من العاطلين فانقلبت المظاهرة إلى مواجهات عنيفة بين الجانبين».
وتابع أن المتظاهرين «حاصروا مركز الحرس ورشقوه بالحجارة وأن الحرس أطلقوا النار في الهواء لتفريق المتظاهرين الذين اتجهوا إلى مركز المعتمدية وأضرموا فيه النار».
وأضاف الغنيمي وهو عضو «لجنة المتابعة ودعم أهالي سيدي بوزيد» التي تأسست مع بداية الاضطرابات الاجتماعية في المحافظة أن الهدوء عاد إلى المنطقة بعد أن دفعت السلطات بتعزيزات أمنية كبيرة إليها استقدمتها من مدينة سيدي بوزيد (265 كلم جنوب تونس العاصمة).
وقال النقابي وشاهد العيان كمال العبيدي في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية إن نحو «ألفي شاب اشتبكوا الليلة (الماضية) مع نحو 700 من قوات مكافحة الشغب في مركز معتمدية الرقاب (35 كلم غرب مركز محافظة سيدي بوزيد) وإنهم أحرقوا بنكا ومحكمة وهشموا واجهة البلدية».
وأضاف أن الشرطة «استعملت بشكل مكثف جدا القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين وأنها شنت حملة مداهمات (للمنازل) واعتقالات واسعة»، منوها إلى أن أغلب المتظاهرين «في العشرينيات من العمر وأن أعدادا كبيرة منهم قدموا من الأرياف التابعة للمعتمدية وأنهم رددوا خلال تظاهرهم شعارات معادية لرموز الحكم».
وكان الشاب محمد العماري (25 عاما) الذي يحمل درجة الأستاذية في العلوم الفيزيائية والعاطل عن العمل منذ تخرجه سنة 2009 من جامعة قفصة جنوب البلاد لقي حتفه مساء الجمعة بعد أن أصيب بطلق ناري في صدره خلال مواجهات دامية بين الشرطة وحوالي ألفي متظاهر في مدينة منزل بوزيان التابعة لمحافظة سيدي بوزيد.
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان أصدرته ليل الجمعة أن هذه المواجهات أسفرت عن سقوط قتيل وجرح مدنيين اثنين وجرح «العديد» من رجال الأمن.
وأكد مصدر مطّلع طلب عدم ذكر اسمه لـ(د.ب.أ) أن شخصا ثانيا لقي حتفه مساء السبت في مستشفى مدينة سيدي بوزيد متأثرا بجروح بليغة أصيب بها الجمعة خلال المواجهات الدامية في مدينة منزل بوزيان.
ولم يتسنّ على الفور الحصول على تعليق في هذا الشأن من مصدر حكومي أو معرفة هوية القتيل (رجل أمن أو مدني).
وبدأت الأسبوع الماضي في مدينة سيدي بوزيد احتجاجات سلمية تحولت إلى مواجهات مع الشرطة إثر إقدام محمد بوعزيزي (26 عاما) وهو خريج جامعة عاطل عن العمل على إحراق نفسه أمام مبنى المحافظة احتجاجا على تعرضه للضرب على يد شرطية (امرأة) منعته من بيع الخضر والفاكهة دون ترخيص من البلدية ولرفض الولاية قبوله لتقديم شكوى ضد الشرطية.
وقالت الحكومة إن الشاب نقل «لتلقي العلاج بمركز الإصابات والحروق البليغة» بمحافظة بن عروس جنوب العاصمة دون أن تعطي تفاصيل عن وضعه الصحي، فيما ترددت أنباء غير مؤكدة عن وفاته.
وذكرت نقابات وأحزاب معارضة أن معدل البطالة مرتفع في محافظة سيدي بوزيد التي يعيش أغلب سكانها على الزراعة، وخاصة في صفوف خريجي الجامعات وأنه يتجاوز المعدل العام للبطالة في البلاد وهو 13 بالمئة.
ويتخرج من مؤسسات التعليم العالي التونسية حوالي 60 ألف خريج سنويا تقرّ الحكومة بأن توفير وظائف لهم أمر غير ممكن.
في غضون ذلك، أعلنت وكالة الأنباء التونسية يوم الخميس الماضي أن الرئيس زين العابدين بن علي أذن بإطلاق دفعة أولى من المشاريع بقيمة 15 مليون دينار تونسي (أكثر من 7 ملايين يورو) لخلق مزيد من الوظائف في ولاية سيدي بوزيد وبالتوقيع على توزيع 306 إشعارات موافقة على تمويل حكومي لعدد من الشبان خاصة من خريجي التعليم العالي لإنجاز مشاريع خاصة.