x

«عمومية قضاة الإسكندرية»: «جبهة الزند» تؤكد رفضها لجنة «القضاء الأعلى»

السبت 13-08-2011 17:44 | كتب: محمد السنهوري, رجب رمضان |
تصوير : other

أكد المستشار حسام الغريانى، رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى، أن القضاء ليس مستقلا الآن، وأوضح أن القضاء كان مستقلا فى عهد الاحتلال البريطانى، لكنه فقد استقلاله بعد عام 1952.


ودلل رئيس مجلس القضاء الأعلى على ذلك، بواقعة حدثت معه، قائلاً: «لقد سبق وتم التدخل فى عملى»، وأضاف فى كلمته أمام الجمعية العمومية الطارئة لنادى قضاة الاسكندرية، السبت: «تم عقد اجتماع لرؤساء الدوائر بالمحكمة، وطُلب منى سحب حكم أصدرته وأنا رئيس دائرة جنائية بمحكمة النقض». وأشار إلى وجود دفتر شيكات «لا يخضع لأى رقابة» كان يستخدم من وزير للعدل - لم يذكر اسمه - فى «شراء الذمم»، مضيفاً أنه «فى ظل هذا الجو الموبوء كنا نطالب باستقلال القضاء».


كانت الجمعية العمومية غير العادية لنادى قضاة الإسكندرية قد عقدت مساء الجمعة، بحضور نحو 400 قاض، لبحث مشروع قانون السلطة القضائية.


وشدد «الغريانى» على أن ميزانية القضاء ليست مستقلة، لأنها ميزانية بلا موارد وتقع فى سلطة وزير المالية، وقال: «ضحكوا علينا بها، ميزانية هيئة المياه أكثر استقلالاً». وأضاف أنه رضخ لرأى الأغلبية بتعديل قانون السلطة القضائية، رغم أنه كان يرى أنه حق للبرلمان الجديد؛ بسبب كثرة الحديث عن استقلال القضاء، محذراً من أن ميدان التحرير أسقط السلطتين التنفيذية والتشريعية «سقوطاً مخزياً مدوياً ثم استدار ليتحدث عن قضاة فاسدين، وأنهم يعيـّنون أولادهم». وأضاف: «لابد أن نسرع ونسابق الزمن حتى يعدل القضاء القانون».


ورد «الغريانى» على الانتقادات الموجهة لمجلس القضاء الأعلى، بسبب تشكيل لجنة لمراجعة قانون السلطة القضائية برئاسة المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، قائلاً: «إنها تشكلت بتكليف شخصى لا يحمل أى صفة رسمية، ولم يصدر بها قرار رسمى»، وأضاف: «قولوا ما شئتم فى أحمد مكى، لكنه قاض شيخ سطر قلمه أحكاماً من الروائع، وعمل مع جهابذة القانون، وتعلم على أيديهم وأتقن عمله». ورفض «الغريانى» اتهامات اختيار اللجنة وفقاً لاتجاهه أو ميوله، مؤكداً أن اللجنة «فنية وليست تشريعية».


وأكد أن اللجنة خاطبت كل نوادى قضاة مصر للمشاركة فى تعديل القانون، وأن أسباب رفضها «غير موضوعية». ووجه حديثه لأعضاء الجمعية: «منذ توليت رئاسة محكمة النقض، لم يقل أحد استقلالاً، وبمجرد تشكيل لجنة هاجت الدنيا والكل أنشأ لجاناً»، وأضاف: «اعملوا لجان كما شئتم، واعملوا مشاريع دون خناق، عايزين تحضروا اقتراحاتكم لى أنا خادم لكم.. عايزين تودوها حتة تانية براحتكم»، مؤكداً أنه سيعرض عليهم المشروع بعد انتهاء لجنة مجلس القضاء الأعلى منه وقال: «إن وافقتم عليه حملته، وإن اعترضتم عليه ألقيته ورحلت». وقال إنه تراجع عن كتابة مشروع القانون بنفسه وتقديمه تمهيداً لإصداره، لأنه رأى فى ذلك «زيادة فى الثقة بالنفس غير محمودة» – بحسب وصفه.


وأعرب «الغريانى» عن تقديره للمستشار محمد عبدالعزيز الجندى، وزير العدل، لما قال إنها استجابة سريعة لطلبه إلغاء «الورقة الصفراء التى كان يـُهزأ بها القضاة فى المطارات»، وكان يشترط حصولهم عليها قبل السفر. وكشف «الغريانى» عن أنه ولأول مرة تم وضع معايير واضحة ومحددة لاختبارات الالتحاق بنيابة النقض، والمكتب الفنى، بالتنسيق مع المستشار سرى صيام، رئيس محكمة النقض السابق.


وقال الغريانى إن منصبه كرئيس لمجلس القضاء الأعلى «امتحان وابتلاء»، مشدداً على عدم توقعه يوماً أن يشغل هذا المنصب «لأسباب تعرفونها» – بحسب تعبيره فى إشارة إلى استحالة قبول النظام السابق برئاسته للمجلس ــ مضيفاً أنه يرجو ألا تعود مصر إلى ما كانت عليه قبل «25 يناير».


ووجه «الغريانى» خطابه للقضاة بأنه ليس رئيساً لهم وأن هناك من هم أساتذة له، لأنه «لا يوجد قاض له رئيس»، وأن كلاً منهم له اختصاص محدد فى القانون.


ولفت فى كلمته أمام الجمعية العمومية غير العادية لنادى قضاة الإسكندرية إلى أن صدره كان يتسع لأكثر مما قالوا، مؤكداً أن حق النقد «مقدس». ولام «الغريانى» على القضاة الحديث إلى وسائل الإعلام، قائلاً إنه يرى قضاة يتحدثون عن تطهير وآخرين فى السياسة، وقضاة يتحدثون بجد، وآخرين «بيهبلوا ويقولوا كلام فاضى». وشدد على أنه لا يصح أن يترك قاض المنصة ليذهب إلى الميكرفون، متسائلاً: «لماذا تطلقون ألسنتكم للجرايد؟».


ونبه إلى أنه كان شريكاً فى كل جهد تم بذله منذ عام 1983، حتى اليوم، لتعديل قانون السلطة القضائية، بما يحقق استقلال القضاء. وذكَر «الغريانى» القضاة بعرض المشروع المعد من نادى القضاة عام 1991، على الجمعيات العمومية للمحاكم، الذى وافقت عليه الجمعيات العمومية فى جميع جمعيات مصر، قائلاً إن الحكومة أطلقت عليهم حينها كل أسلحتهم، التى كان من ضمنها الكلام عن قضاة الاستئناف والنقض، «بغرض الفرقة» وهو مالم تعرفه مصر من قبل – على حد تعبيره.


وقال «الغريانى» إن التأخر فى قبول دفعة 2009، رغم إلحاح المستشار السيد عبدالعزيز عمر، رئيس محكمة استئناف القاهرة، والنائب العام، بسبب العمل «على إصلاح ما بها من عوار»، مشدداً على أنه سيكتفى بهذا التبرير «حتى لا تهيج الدنيا علينا» – بحسب تعبيره.


وتطرق إلى ما أثير فى الجمعية العمومية عن «المسائل المالية»، قائلاً إنها محل بحث، وأنه سينفذ حكم مجلس الدولة بشأن الإجازات. وفيما يتعلق بحكم تسوية الهيئات القضائية، قال «الغريانى» إن تنفيذ الأحكام بأثر عينى «ليس من سياسة الدولة، لا قبل الثورة ولا بعدها»، مستدركاً: «ده كلام فاضى.. لكن الدولة متعودة على المراوغة». وأضاف أنه لا يمكن أن يرتكب خطأ فى مثل هذه السن، خاصة إذا تعلق الأمر بأشياء مالية، داعياً القضاة إلى تقديم اقتراحاتهم ومساعدته بــ«الحيلة القانونية».


وفيما قوبلت كلمة «الغريانى» بتصفيق حاد، رفض المستشار عزت عجوة، رئيس نادى قضاة الإسكندرية خطاب رئيس مجلس القضاء الأعلى، قائلاً: «لن يختزل القضاء فى شخص واحد، ولن يختزل فى لجنة يثق فيها فرد أياً من كان». ولفت «عجوة» إلى أنه يطلب التحقيق مع الشخص «الذى وصفنا بالفلول أياً كان شخص من يحميه»، مكملاً حديثه عن «الغريانى»: «عليه أن يجامل صديقه ومن هو محل ثقته، وإذا ذهبت أينما ذهبت نحن من سيقول القانون». واختتم: «لسنا أصحاب فُرقة، ولن نخضع لهذه الإرادة المنفردة».


وأوضح «عجوة» فى بداية الجمعية أنها ستناقش «مقاطعة لجنة القضاء الأعلى من الأساس»، بجانب التأكيد على أنه لا يجوز تقسيم القضاة تحت أى بند، معلناً رفضه مصطلح «تيار الاستقلال»، لأن القضاء ليس محتلاً – بحسب وصفه. وطالب بتوسع المجلس ليضم رؤساء محاكم الاستئناف، والمساواة المطلقة فى جميع الأمور المادية.


وشدد على ضرورة النظر فى قبول دفعة 2009، من أبناء المستشارين وغيرهم، وتنفيذ أحكام القضاء فيما يتعلق بمساواة أعضاء الهيئات القضائية، لأن رئيس مجلس القضاء الأعلى يملك تنفيذ الحكم.


وتسببت كلمة «عجوة» فى موجة من الغضب وسط عشرات القضاة، معلنين رفضهم ما قاله باعتبار «الغريانى» وعد بعرض مشروع القانون على القضاة لإبداء الرأى فيه قبل إقراره. واشتبكوا مع مؤيدى حديث «عجوة» لفظياً قبل أن يقرر رئيس محكمة النقض السابق الانسحاب من الجمعية العمومية، ليغادر معه أغلب الحضور. وفشل «عجوة» فى استكمال الجمعية العمومية بعد رحيل «الغريانى»، بعدما حاول التصويت على رفض اللجنة المشكلة برئاسة «مكى» وعدم مخاطبتها والاعتراف بها، مع الدعوة لــ«عمومية أخرى» الأسبوع المقبل.


من جانبه، ندد المستشار عبدالرحمن بهلول، الرئيس بمحاكم الاستئناف، باللجنة المشكلة من مجلس القضاء الأعلى باعتباره قراراً منفرداً. وكادت أزمة تنشب بسبب ما رآه عدد من القضاة تجاوزاً فى أسلوب نقض ومخاطبة رئيس مجلس القضاء الأعلى، لولا تدخل «الغريانى» مؤكداً أنه لا أحد فوق النقد.


وهاجم المستشار فكرى خروب، رئيس محكمة جنايات الإسكندرية، الداعين للجمعية العمومية الطارئة، واصفا إياهم بأن لهم مصالح شخصية.


واقترح المستشار إسماعيل بسيونى، رئيس نادى قضاة الإسكندرية السابق، تشكيل لجنة جديدة للإشراف على تعديلات السلطة القضائية برئاسة المستشار سرى صيام، رئيس محكمة النقض السابق، وبعضوية المستشار أحمد مكى.


شهدت الجمعية العمومية توزيع صور ضوئية لتصريحات المتحدث الرسمى باسم اللجنة المشكلة من رئيس مجلس القضاء الأعلى، لــ«المصرى اليوم» وصف فيها من يحاولون عرقلة قانون السلطة القضائية بــ«فلول النظام السابق»، وتصريحات أخرى للجريدة قال فيها المستشار أحمد مكى، رئيس اللجنة، إن تيار الاستقلال يواجه تياراً يرى «القضاء مهنة أكل عيش».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية