جاء تبني منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» منذ ساعات قليلة لقرار ينكر أي علاقة تاريخية بين اليهود والأماكن المقدسة في القدس المحتلة خاصة المسجد الأقصى تعزيزًا لمكانته لدى المسلمين فهو ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام، كما أنه أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وظل على مدى قرون طويلة مركزا لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الإسلامية، وميدانا للاحتفالات الدينية الكبرى، والمراسيم السلطانية.
لقي القرار ترحيبا بالغا من الأزهر الشريف والحكومة الفلسطينية وسائر الدول الإسلامية، فيما قررت إسرائيل تعليق تعاونها مع المنظمة الدولية، ويهدف القرار إلى «الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني وطابعه المميز في القدس الشرقية»، مطالبا إسرائيل بوقف انتهاكاتها بحق المسجد، وإتاحة العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائما حتى سبتمبر من عام 2000، إذ كانت دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية، السلطة الوحيدة المشرفة على شؤون المسجد».
يتكون المسجد الأقصى من عدة أبنية، ويضم عدة معالم يصل عددها إلى مئتي معلم، منها قباب وأروقة ومحاريب ومنابر ومآذن وآبار، وغيرها من المعالم، ويحتضن كلا من قبة الصخرة المشرفة «القبة الذهبية» والموجودة في موقع القلب منه، والجامع القبلي «ذي القبة الرصاصية السوداء» الواقع أقصى جنوبه ناحية القبلة.
وتبلغ مساحة المسجد حوالي 144 ألف متر مربع، ويحتل نحو سدس مساحة البلدة القديمة، وشكله مضلع أو شبه مستطيل غير منتظم، طول ضلعه الغربي 491 مترا، والشرقي 462 مترا، والشمالي 310 أمتار، والجنوبي 281 مترا.
ووارد في الأثر أنه من دخل الأقصى فأدى الصلاة في أي بقعة فيه -سواء تحت شجرة من أشجاره، أو قبة من قبابه، أو فوق مصطبة من مصاطبه، أو داخل قبة الصخرة، أو الجامع القبلي- كتبت له صلاة في المسجد الأقصى، فالأمر فيه سواء، ولا فرق في الصلاة بين مكان وآخر فيه، فالفضل فيه كله.
ويضم سبعة أروقة: رواق أوسط وثلاثة من جهة الشرق ومثلها من جهة الغرب، وترتفع هذه الأروقة على 53 عمودا من الرخام و49 سارية من الحجارة، وفي صدر المسجد قبة، كما أن له 11 بابا، سبعة منها في الشمال وباب في الشرق واثنان في الغرب وواحد في الجنوب.
ويوجد في ساحة الأقصى الشريف 25 بئرا للمياه العذبة، ثمانٍ منها في صحن الصخرة المشرفة و17 في فناء الأقصى، كما توجد بركة للوضوء. وأما أسبلة شرب المياه فأهمها سبيل قايتباي المسقف بقبة حجرية رائعة لفتت أنظار الرحالة العرب والأجانب الذين زاروا المسجد، إلى جانب سبيل البديري وسبيل قاسم باشا.
وللمسجد الأقصى أربع مآذن والعديد من القباب والمصاطب التي كانت مخصصة لأهل العلم والمتصوفة والغرباء، ومن أشهر القباب قبة السلسلة، وقبة المعراج، وقبة النبي، وأهم أروقته الرواق المحاذي لباب شرف الأنبياء، والرواق الممتد من باب السلسلة إلى باب المغاربة، كما يوجد فيه مزولتان شمسيتان لمعرفة الوقت.
وفى واحدة من أشهر الفتوحات الإسلامية عام 15 للهجرة (636 للميلاد)، جاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ثالث الخلفاء الراشدين من المدينة المنورة إلى القدس وتسلمها من سكانها في اتفاق مشهور بـ«العهدة العمرية»، وقام بنفسه بتنظيف الصخرة المشرفة وساحة الأقصى، ثم بنى مسجدا صغيرا عند معراج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وفد مع عمر العديد من الصحابة، منهم أبوعبيدة عامر بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وأبوذر الغفاري.