x

مصر تشارك في اجتماعات صندوق النقد الدولي ببعثة «تحديد المصير»

5 عوامل رئيسية تدفع الحكومة للاقتراض الخارجي.. وأسباب تؤيد حصول مصر على قرض صندوق النقد.. ولاجارد: الاقتصاد العالمي لا يزال يتسم بالضعف والهشاشة
الثلاثاء 04-10-2016 18:52 | كتب: دينا عبد الفتاح |
طارق عامر، محافظ البنك المركزي - صورة أرشيفية طارق عامر، محافظ البنك المركزي - صورة أرشيفية تصوير : رويترز

بعثة تحديد المصير هكذا يمككنا أن نطلق على بعثة مصر المشاركة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين بالعاصمة الأمريكية واشنطن والتي يترأسها طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري وتضم الدكتور عمرو الجارحي وزير المالية والدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي إلى جانب قيادات من البنك المركزي ووزارة المالية والتي تصل اليوم الأربعاء إلى واشنطن.

البعثة المصرية الحالية تعتبر الأهم في تاريخ بعثات مصر لصندوق النقد الدولي للعديد من الأسباب أهمها امتلاك مصر لبرنامج إصلاح اقتصادي واضح لاقى استحسان كافة مؤسسات التمويل الدولية، إلى جانب إتمام تلك البعثة لمفاوضات صندوق النقد الدولي الذي وافق عليه من حيث المبدأ في وقت سابق بقيمة 12 مليار دولار يصرف على شرائح لمدة 3 سنوات.

العديد من الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها مصر خلال الفترة القليلة الماضية إلإ أن أبرزها تمثل في الإدارة الاحترافية للسياسة النقدية من قبل البنك المركزي ومنح الجنيه مرونة أمام العملات الأجنبية إلى جانب الإصلاحات الضريبية التي قامت بها وزارة المالية مؤخرا، وهما عاملان سيساهمان بشكل كبير إلى جانب خطة الاصلاح الاقتصادي المصري في الحصول على دعم مؤسسات التمويل الدولية لدعم الفجوة التمويلية لمصر التي تصل إلى نحو 18 مليار دولار .

مصر تشارك في اجتماعات صندوق النقد الدولي

«مصر تسعي للعودة مجددا إلى الخريطة الاستثمارية العالمية» هكذا يرى العديد من الخبراء الدوليين ورؤساء المؤسسات الدولية المشاركة في إجتماع صندوق النقد والبنك الدوليين، مؤكدين قدرة مصر اتمام مفاوضاتها مع صندوق النقد للحصول على القرض الذي يعد شهادة ثقة من أكبر مؤسسة تمويل دولية ومن ثم السعي نحو الإنطلاق الإقتصادي وتحقيق النمو معتمدة على البنية التحية القوية التي تعكف الدولة على تنفيذها إلى جانب إقامة العديد من المشروعات القومية وهو ما يهيئ مناخ جاذب للاستثمار والمستثمرين .

ورغم الرؤية العالمية المتفائلة للاقتصاد المصري الإ أن بعض الخبراء في مصر لا يرحبون بتوجه الحكومة المصرية للإقتراض الخارجي الإ أن هناك العديد من الدوافع التي جعلت الحكومة الحالية تتجه للإقتراض الخارجي تتمثل في 5 عوامل رئيسية .

1 – دعم الاحتياطي النقدي

رغم إعلان البنك المركزي المصري أمس الاثنين، ارتفاع صافى الإحتياطات الدولية لتسجل 19.591 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2016 بارتفاعا قدره 18% وبزيادة قدرها 3 مليارات دولار خلال شهر سبتمبر فقط، مقابل 16.564 مليار دولار بنهاية اغسطس الماضي الإ أن الاحتياطي مايزال في مستويات منخفضة مقارنة بتسجيله نحو 36 في ديسمبر 2010 .

هذا الإنخفاض في الإحتياطي النقدي يمثل خطورة كبيرة على الاقتصاد المصري خاصة على صعيد تصنيف مصر الائتماني من المؤسسات الدولية المختصة وكذلك تراجع الثقة في الاقتصاد المصري وزيادة الصعوبات في إمكانية حصول المستوردين على تسهيلات ائتمانية في سداد قيمة وارداتهم الأمر الذي قد يؤثر على مستقبل توافر السلع في السوق المصرية وكذا على مستويات أسعارها ومن ثم فإن مصر بحاجة إلى القروض الخارجية لدعم الإحتياطي النقدي .

مصر تشارك في اجتماعات صندوق النقد الدولي

  1. اتساع عجز ميزان المدفوعات

الفترة الماضية شهدت تزايدا حادا في العجز المالي بميزان المدفوعات المصري الذي يعبر عن حركة تدفقات المعاملات الخارجية بين مصر والعالم، وكانت الحكومة قد أعلنت عن ارتفاع قيمة هذا العجز إلى 3.6 مليار دولار خلال 9 أشهر ممتدة من يوليو 2015 وحتى نهاية مارس 2016

وجاء هذا التراجع نتيجة التدهور الشديد في موارد النقد الأجنبي للاقتصاد المصري وفي مقدمتها الصادرات المصرية للعالم الخارجي وتدفقات السياحة والاستثمار وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.

  1. صعود الدولار في السوق الموازية

شهدت الفترة الماضية صعود كبير في سعر الدولار في السوق الموازية غير الرسمية، حيث سجل الدولار خلال الأيام الماضية أسعارا تاريخية في مقابل الجنيه المصري تخطت حاجز الـ 13 جنيها مصريا للدولار الواحد.

وجاء ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية مدفوعا بعدة عوامل أهمها نقص توافر الدولار في السوق الرسمية، ونشاط مافيا تجارة العملة بعد تصريحات البنك المركزي المصري في يونيو الماضي عن خطة لرفع سعر صرف الدولار وتخفيض قيمة الجنيه المصري، وتحتاج الحكومة لضخ المزيد من العملة الصعبة في شرايين الاقتصاد والعمل وفق قواعد وسياسات جديدة لتحجيم نشاط السوق الموازية لآثارها الخطيرة على الاقتصاد المصري وتقييم العالم الخارجي له.

  1. اتساع فجوة الموارد لـ 18 مليار دولار

وتاتي أهمية القروض الخارجية في ظل وجود ارتفاعا كبيرا في فجوة الموارد بمصر خلال الفترة الحالية والتي تعبر عن الفرق بين مستويات الادخار المحلية ومستويات الاستثمار، ومن المتوقع أن تبلغ هذه الفجوة نحو 18 مليار دولار خلال العام المالي الجاري 2016/2017 مرتفعة من 14 مليار دولار في متوسط آخر 3 سنوات.

وترتفع فجوة الموارد نتيجة هبوط معدل الادخار في مصر لما دون 8% من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل زيادة معدلات الاستثمار المستهدفة عن 16% من الناتج الأمر الذي يترتب عليه اتساع فجوة الموارد لنحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي تقريبا، الأمر الذي يتطلب معه توفير هذه التمويلات عبر مصادر تمويل خارجية.

  1. الحدود الآمنة للدين الخارجي

وعلي الرغم من اعلان الحكومة المصرية ارتفاع قيمة الدين الخارجي للاقتصاد المصري لنحو 53 مليار دولار تقريبا إلا أن معدل هذا الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة يظل في الحدود الآمنة التي تدور حول 16% من الناتج المحلي الإجمالي.

وهذا المستوي للدين الخارجي المصري يسمح بالحصول على مزيد من التمويلات الخارجية خلال الفترة المقبلة، ويعد خيار التمويل الخارجي الأفضل للحكومة المصرية مقارنة بالتمويل المحلي نظرا لصعود حجم الدين المحلي لأكثر من 81% من الناتج المحلي الإجمالي بإجمالي 2.3 تريليون جنيه مصري تقريبا.

الفقر المدقع.. خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبى.. وثبات معدلات النمو.. وإتجاه البنوك لرفع اوخفض الفائده أبرز القضايا

وقبل إنطلاق الإجتماعات الرسمية لصندوق النقد والبنك الدوليين تم عقد العديد من الندوات والتي إحتلت فيها قضايا الفقر المدقع وخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبى وثبات معدلات النمو وإتجاه البنوك لرفع اوخفض الفائده أبرز القضايا

وتحتل 4 قضايا رئيسية أولويات النقاش في الإجتماعات وعلي رأسها خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي والتهديدات الأخرى للاقتصاد العالمى ورغم مراجعة صندوق النقد الدولى لتوقعاته بشأن الاقتصاد البريطانى، إلا أنه لا يزال مقتنعا أن تأثير الخروج سيكون سلبيا على المدى الطويل، خاصة أن حكومة رئيسة الوزراء تريزا ماى تجعل من السيطرة على الهجرة أولويتها أكثر من التركيز على استمرار الاحتفاظ بميزة الدخول إلى السوق الموحد .

وتناقش النداوت جمود النمو حيث ان منذ عشرة أعوام، كان الاقتصاد العالمى ينمو سريعا، فبين عامى 2003 و2006، وصل النمو العالمى لأكثر من 5% في العام الواحد، وهو أقوى أداء منذ بداية السبعينات، ولكن الأوقات تغيرت، وأصبح النمو جامدا في حدود الـ3% سنويا نظرا للأداء الضعيف المستمر من قبل الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان.

مصر تشارك في اجتماعات صندوق النقد الدولي

كما تناقش اتجاه البنوك المركزية لرفع أو خفض سعر الفائدة حيث ان رغم جهود البنوك المركزية الجادة، لا يزال النمو العالمى ضعيفا، وقاموا بتخفيض أسعار الفائدة إلى أرقام قياسية وحاولوا تعزيز الطلب بشتى الطرق، ولكن بلا فائدة واضحة.

وتتصدر الإجتماعات أيضا أهمية التجارة الحرة في العالم حيث ان الصندوق ينظر الآن بعين الحذر إلى مد العولمة الذي يمكن أن يرى في الخطاب المعادى للتجارة الحرة الذي يستخدمه دونالد ترامب، وجمود المفاوضات بين واشنطن وبروكسل حول الشراكة الاستثمارية، والاستفتاء على الخروج.

ثلاث محاور رئيسية للقضاء على الفقر المدقع.

مصر تشارك في اجتماعات صندوق النقد الدولي

ومن جانبه قال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم أن البنك يتبنى ثلاث محاور رئيسية للقضاء على الفقر المدقع، وتابع جيم يونغ كيم خلال كلمته بمقر مؤسسة بروكينغز بواشنطن: «هذه المحاور تتمثل في تسريع وتيرة معدلات النمو الاقتصادي المستدام والشامل، الاستثمار في البشر، وتعزيز القدرة على تحمل الصدمات والتهديدات التي يشهدها العالم».

وأشار إلى ضرورة أن تستثمر البلدان بصورة أفضل في البشر، معتبراً ذلك هو ما يحدد مستقبل الأمم، خاصة أن الأوقات الراهنة ليست طبيعية. لذلك لا يمكننا الاعتماد على الإجراءات الطبيعية، وشدد جيم يونغ كيم أن البنك الدولى سيساعد البلدان على بناء مقوماتها للصدمات التي تهدد بإرجاع عجلة التقدم الذي تم احرازه.

وأكد رئيس مجموعة البنك الدولى على ضرورة الوصول إلى مستوى جديد من الجدّية، لالتقاء طموح مساعدة الفقراء بطموحات الفقراء، مشدداً أن معدلات الفقر المدقع شهدت انخفاضاً سريعاً، حيث قامت بلدان عديدة بتعزيز الدخل للأفراد الأشد فقراً..

وأوضح رئيس مجموعة البنك الدولى أن هناك حوالي 1.1 مليار شخص تجاوزوا مرحلة الفقر المدقع منذ عام 1990، كما تجاوز 100 مليون شخص مرحلة الفقر المدقع من الفترة ما بين 2012- 2013، وهو ما يعادل نحو 250 ألف شخص يوميًا بمعدل 200 شخص كل دقيقة.

مليار دولار لمصر لتحسين المالية العامة ودعم الطاقة

قال البنك الدولى أنه وافق على تقديم قرض لمصر بقيمة مليار دولار خلال الفترة القليلة الماضية لتعزيز الثقة في الإصلاحات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة وتحسين الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة.

وتوقع البنك الدولى أن يبقى معدل النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الاوسط عند نسبة 2.9% عام 2016، مع انخفاض متوسط معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي 2.2% وفي لبنان والمغرب وتونس 1.8%، وتحقيق معدل نمو أعلى من المتوسط في بلدان المنطقة النامية 4.4%. ومن المتوقع أيضا ارتفاع معدل النمو إلى 4.2% عام 2017 مع افتراض، إلى حد كبير، زيادة إنتاج النفط في ليبيا وجمهورية إيران الإسلامية. ويعيش أقل من 3% من السكان في فقر مدقع، لكن إمكانية الوقوع في براثن الفقر مرتفعة نظراً لأن 53% من السكان يعيشون على 4 دولارات أو أقل للفرد في اليوم.

الاقتصاد العالمي يتسم بالهشاشة

ومن جانبها قالت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي لا يزال يتسم بالضعف والهشاشة ففي الاقتصادات المتقدمة على وجه الخصوص- رغم ظهور بعض البوادر الطيبة- لا تزال آفاق النمو الكلي مكبوحة.

وأوضحت خلال كلمتها بكلية كيلوج للإدارة جامعة نورث وسترن، أن الاقتصاد الأمريكي تعافى لبعض الوقت لكنه تعرض لانتكاسة في النصف الأول من عام 2016، مما سيؤدي إلى خفض تنبؤاتنا بالنسبة للولايات المتحدة. غير أن الأنباء التي تطالعنا على صعيد توظيف العمالة لا تزال أنباء سارة نسبياً، كما أن هناك بوادر تبعث على الأمل بشأن تراجع معدلات الفقر وتزايد الدخول الوسيطة في عام 2015

وفي منطقة اليورو، أكدت لاجارد أن النمو لا يزال دون المتوسط، على الرغم من تماسك النشاط الاقتصادي حالياً في ظل ضغوط من ارتفاع الديون ومواطن الضعف في عدد من البنوك، كذلك شهدت اليابان ارتداداً إيجابياً محدوداً، ولكن سيتعين عليها تنفيذ مزيد من الإصلاحات الصعبة للحفاظ على زخم النمو.

وتابعت مدير عام صندوق النقد: «التوقعات المستقبلية في الاقتصادات الصاعدة والنامية جديرة ببعض التفاؤل المشوب بالحذر. فبعد أن تولت قيادة التعافي العالمي منذ الأزمة المالية في عام 2008، ستواصل هذه البلدان المساهمة بأكثر من ثلاثة أرباع النمو العالمي الكلي في العام الجاري والعام القادم».

مصر تشارك في اجتماعات صندوق النقد الدولي

وأكدت أن الصين تستعيد توازن اقتصادها، وهي صائبة في ذلك، حيث تتحول من الصناعات التحويلية إلى الخدمات، ومن الاستثمار إلى الاستهلاك، ومن الصادرات إلى الخدمات المحلية- مما سيحقق لها نموذجا اقتصاديا أكثر قابلية للاستمرار، ولكنه أبطأ نموا. ومع ذلك، فإنها ستواصل النمو بمعدل قوي في حدود 6%، وكذلك الأمر بالنسبة للهند، التي تشرع حالياً في تنفيذ إصلاحات كبيرة، حيث ستحقق معدل نمو أكثر من 7%، هذا بالاضافة إلى بعض بوادر التحسن في روسيا والبرازيل بعد فترة من الانكماش الحاد.

واستطردت: «تعرضت البلدان المصدرة للنفط لضرر جسيم نتيجة أسعار السلع الأولية المنخفضة، ولا تزال البلدان في منطقة الشرق الأوسط تعاني من الصراعات والإرهاب، وهناك العديد من البلدان منخفضة الدخل في إفريقيا جنوب الصحراء، التي كان أداؤها مواتيا تماما على مدار العقد الماضي، تواجه تحديات أيضا نتيجة انخفاض أسعار السلع الأولية».

وأضافت لاجارد: «بالنظر إلى كل هذه الأمور، الطيب منها والسيء، نجد أننا لا نزال نعاني من المشكلة المتمثلة في أن النمو العالمي منخفض للغاية لفترة طويلة للغاية ولا يعود بالنفع إلا على عدد قليل للغاية، وحتى في إطار هذا التعافي المحدود، لا تزال أجواء عدم اليقين كثيفة. ومن الممكن أن يدفع تباين مسارات السياسة النقدية في الاقتصادات الكبرى نحو عودة التقلب في الأسواق المالية».

وأكدت أن انخفاض نمو الإنتاجية وارتفاع مستويات الدين قد يتسبب في زيادة تراجع مستويات الاستثمار وتوقعات الطلب المستقبلي. كما تفرض الأحداث الجغراقية-السياسية كالإرهاب وما يرتبط به من طفرة في أعداد اللاجئين مخاطر يتعذر تماما تحديدها كميا، ناهيك عن التخفيف من وطأتها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية