x

مي عزام أبومازن في عزاء الشهيد بيريز (خدع سياسية-1) مي عزام السبت 01-10-2016 21:42


(1)

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع، صور الزعيم جمال عبدالناصر بمناسبة ذكرى وفاته في 28 سبتمبر 1970، ونشر البعض مقتطفات من قصيدة لنزار قباني وصف فيها ناصر بأنه «آخر الأنبياء»، فيما نشر آخرون بيت شعر لمحمود درويش نفى فيه النبوة عن جمال، لكن جعل ظله عمارا وخضاراً (لست نبياً/ ولكن ظلك أخضر).

(2)

ماذا فعل عبدالناصر في عمره القصير، ليحتفظ بهذه المكانة على مدى أجيال بينهم شباب ولدوا بعد وفاة عبدالناصر بسنين وعقود؟، ما الذي يجعل لعبدالناصر كل هذا الحضور في الذاكرة العربية، وفي مشاهد الثورات والمظاهرات حتى بعد 46 سنة على انتهاء حكمه؟.. لم أقل موته، لأننا في الفكر والسياسة لا يجب أن نهتم بالعمر البيولوجي، ولكن بالتأثير والاستمرار في المشهد، ولهذا أسأل، ولهذا يجب أن نهتم جميعاً بالإجابة.

(2)

لم أكن يوماً ناصرية، بل إنني لم أكن يوما مهتمة بالسياسة بنفس الدرجة التي اقتحمت حياة معظمنا بعد ثورة 25 يناير العظيمة، لكنني لا أستطيع الآن أن أعود لمقعدي القديم، كما طالبنا قاضي براءة مبارك في جملة رمزية غير مقصودة سيتوقف أمامها التاريخ طويلاً، فالسياسة تطاردني في صحوي ومنامي، حتى أصبحت أكثر حماسا وإنشغالا بقضاياها من محترفي العمل الحزبي ومن نواب البرلمان، ومن رجال الحكم أنفسهم، لذلك رأيت عبدالناصر حيا يوم جنازة السفاح بيريز!

(3)

شاءت الأقدار أن تأتي ذكرى عبدالناصر مع موت الصهيوني شيمون بيريز، أحد القادة المؤسسين لعصابات الهاجاناه، التي سرقت ولا تزال تسرق أرض فلسطين، والتي قتلت ولا تزال تقتل صوت العرب، إذا نادى بالحق والكرامة وتحرير أرضه المحتلة بالعدوان والتآمر الغربي، رأيت عبدالناصر كنقيض لمشهد الهوان والذل الذي رأيته وأنا أتابع صور شخصيات رسمية عربية ذهبت لتقدم العزاء ممثلة لبلادها في سفاح تفاخر بإسالة الدم العربي، وكانت أكثر المشاهد غرابة.. مشهد الرئيس الفلسطيني أبومازن وهو يتبادل كلمات التعازي والود مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وزوجته.. هذا المشهد الخانع المهين يتجاوز أي حديث عن الإنسانية وواجب العزاء، إنه مشهد استفزازي كفيل بإثارة الغضب المكتوم في نفوس ما تبقى من الشرفاء العرب المحاصرين في واقع اختلت فيه العقول وموازين القوى معا.

(4)

لم أتوقف أمام الصورة التي تم تداولها على نطاق واسع لوزير خارجيتنا سامح شكري في العزاء، لأنها منذ أول وهلة تبدو مفتعلة ورخيصة، بشكل يصعب تصديق أنها حقيقية، فالمسؤول الدبلوماسي ليس «ندابة» بالأجرة، وليس من واجبه أن يلطم الخدود حزناً لإظهار التعاطف مع مسؤول راحل في دولة ما، مهما كانت درجة الود والمصالح المشتركة بين الدولتين، لكن مشهد أبومازن، الذي يأتي بعد أيام مما أشيع عن تسريب استخباراتي يمس سيرته السياسية، كان مشهدا خطيراً يحمل كل دلالات هزيمة القضية الفلسطينية، وهوان الأنظمة العربية، فالرئيس الفلسطيني الذي يلوم شهداء القضية ويصفهم أحيانا بالإرهابيين والمتطرفين، أظهر الكثير من الأسى والتودد في عزاء الشهيد شيمون بيريز!!، لهذا سألت نفسي مستنكرة هذا الخنوع: هل تصرفاتك الذليلة يا أبومازن ستفتح الطريق أمام سيارة السلام المعطلة عمداً، هل سيحل الزعماء العرب القضية بعبارات مجاملة يطلقونها بتودد ذليل في كل المناسبات.. من المؤتمرات إلى سرادقات العزاء؟.

(5)

أوباما أثنى على مشاركة أبومازن في الجنازة، وقال إن وجوده في مراسم تشييع الرئيس الإسرائيلي السابق يذكرنا بأن العمل من أجل السلام يجب أن يستمر!، أوباما الذي يغادر البيت الأبيض من دون أن يحقق وعده بحل القضية الفلسطينية، يحدثنا عن السلام في الوقت الضائع، وهو الذي فشل أن يدفع عربة السلام خطوة للأمام طوال فترتي رئاسته، ولهذا أيضا أسأل: هل يمكن أن يتحقق أي سلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائليين، سواء تدخل أوباما، أو بكى الزعماء العرب كلهم توسلاً وحزناً على فقيد السلام.. قاتل الأسرى شيمون بيريز؟

(6)

حاولت أن أبتعد عن الإجابات السياسة التقليدية التي تقسم الناس إلى فريقين، أحدهما يهلل للسلام (أي سلام والسلام) والثاني يتمسك بوصية أمل دنقل: (لا تصالح)، ورأيت أن أتمسك بقوانين الحياة الطبيعية، فتذكرت حكاية من حكايات «كليلة ودمنة» التي كتبها الحكيم بيدبا، للملك الهندي دبشليم، ليقدم بأسلوب رمزي غير مباشر الكثير من دروس الحكمة والحكم، فاستنطق الحيوانات حكمة ليتها تفيد أبومازن وطابور المتباكين على حائط بني صهيون

وغدا أنقل لكم رأي الحكيم «بيدبا» في عملية السلام العربي الصهيوني..

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية