في الوقت الذي يستفيد فيه حزب «البديل لألمانيا» من المعارضة المتزايدة من السكان لاستقبال اللاجئين ليعززوا صفوفهم في مختلف أنحاء البلاد، يقوم ملايين من المتطوعين في المقابل بتعبئة متواصلة لمساعدة اللاجئين.
فلا تزال أزمة اللاجئين إلى ألمانيا تزيد من الرياح المعاكسة للاقتصاد الألماني في ظل حالة عدم اليقين بشأن آفاق التحول الاقتصادي في أوروبا بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، في حين يبقى الحل بين ضبط طرفي المعادلة بين دمج اللاجئين وسماح القطاعات الاقتصادية بمعدلات أعلى للتوظيف.
الأمر الواضح أن التفاؤل المبكر من أن موجة المهاجرين قد تعزز النمو الاقتصادي وتساهم في تخفيف نقص المهارات التي قد تعزز النمو الاقتصادي وتساهم في تخفيف نقص المهارات في ألمانيا قد تبخر، حيث من المتوقع أن ينكمش عدد السكان الذين في سن العمل بمقدار ستة ملايين شخص بحلول 2030.
وتجتهد المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، التي تخوض حاليا حربا للدفاع عن مستقبلها السياسي من خلال محاولات دمج اللاجئين على مدار العامين الماضيين، في اتباع نهج سياسة الباب المفتوح.
وتعقد ميركل اجتماعا اليوم الأربعاء مع عدد من ممثلي الشركات الألمانية لمنافسة سبل تحسين إدماج اللاجئين في سوق العمل، وتعول الحكومة الألمانية في إدماج طالب اللجوء في سوق العمل على مشاركة أقوى من الأوساط الاقتصادية في ألمانيا.
وكانت اتحادات شركات ألمانية ناشدت مؤخرا بمزيد من الصبر في عملية إدماج اللاجئين في سوق العمل، مشيرة في ذلك إلى ضعف معرفة اللاجئين باللغة الألمانية، ومن المقرر أن تلتقي ميركل ممثلين عن الشركات في مبادرة أطلق عليها «نحن سويا» والتي من بينها شركات سيمنز وأوبل وايرباص وأديداس وفولكس فاجن.
وتعتزم أوساط الأعمال في ألمانيا مواصلة دمج اللاجئين في سوق العمل بشكل أساسي، حيث قال رئيس غرفة الصناعة والتجارة الألمانية إريك شفايتسر في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: «تهتم الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة مؤخرا بتدريب اللاجئين وتوظيفهم».
وبحسب غرفة الصناعة الألمانية، كان هناك 140 ألف شخص عامل في ألمانيا ينحدرون من مواطن لجوء خلال فصل الربيع الماضي، ويزيد هذا العدد على ما تم تسجيله قبل عام بنحو 30 ألف شخص.
وأضاف «شفايتسر» أن الاستقراءات تقول إن هناك نحو 10 آلاف لاجئ من الشباب يتلقون تدريبا، ولكنه أكد أن الطريق إلى التدريب يحتاج وقتا، مشيرا إلى المساعي التي تقوم بها غرف التجارة من أجل مواصلة دمج اللاجئين.
وتعتزم ميركل التشاور مع ممثلي الشركات بشأن سبل تحسين دمج اللاجئين في سوق العمل، وسيتعين على الشركات الألمانية أن تشرح لميركل لماذا لم يتم توظيف سوى أقل من 100 لاجئ بعد وصول نحو مليون إلى البلاد العام الماضي.
وتقول شركات ألمانية عديدة إن عدم إتقان اللغة الألمانية وعجز لاجئين كثيرين عن إثبات أي مؤهلات وعدم التيقن بشأن السماح لهم بالبقاء داخل البلاد يكبل أيديها في المدى القريب.
وخلص مسح أجرته «رويترز» للشركات الثلاثين على مؤشر داكس الألماني إلى تعيين 63 لاجئا في المجمل، وقال العديد من الـ26 شركة التي استجابت للمسح، إنهم اعتبروا سؤال المتقدمين لشغل الوظائف عن سجلهم كمهاجرين، يعد تميزا ولذا لا يعلمون ما إذا كانوا وظفوا مهاجرين أم لا وكم يبلغ عددهم.
وشغل خمسون من بين الثلاثة وستين المعينين في شركة البريد الألمانية «دويتشه بوست»، وقال متحدث بالبريد: «في ضوء أن حوالي 80% من طالبي اللجوء لا يملكون مؤهلات عالية وربما لا يجيدون الألمانية بعد، فقد عرضنا بالأساس وظائف لا تتطلب مهارات فنية ولا قدرا كبيرا في التفاعل باللغة الألمانية».
وبرغم ما أظهره مسح أجرته رويترز الصادر، أمس الثلاثاء، أن معنويات المحللين والمستثمرين الألمان لم تشهد تغيرًا في سبتمبر الجاري، مقابل توقعات بتحسنها في علامة على أن المستثمرين مازالوا حذرين بشأن آفاق أكبر اقتصاد في أوروبا.
إلا أن الاقتصاد الألماني نما بنحو 0.4% في الربع الثاني، و0.7% في الربع الأول مدفوعا بشكل أساسي بزيادة استهلاك الأفراد والإنفاق الحكومي، وتتوقع الحكومة الألمانية طلبا محليا قويا يدعم زيادة الأجور وحالة من شبه الاستقرار في الأسعار وارتفاع معدلات التوظيف إلى مستوى قياسي، الأمر الذي سيقود نمو الاقتصاد الألماني إلى ما نسبته 1.7% هذا العام وفقا لتوقعات حكومية، أما المؤسسات الاقتصادية الرائدة فهي أكثر «تفاؤلا» بقليل، إذ تتوقع نمو الاقتصاد بنحو 1.9% هذا العام، فإذا تحقق هذا المستوى سيكون الأعلى في خمس سنوات.