x

حسين خالد رئيس القطاع الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات: «التشريعات والميزانيات والتفرغ» أزمات مزمنة للمستشفيات الجامعية (حوار)

الإثنين 12-09-2016 21:41 | كتب: محمد كامل |
الدكتور حسين خالد، وزير التعليم العالي، 8 مايو 2012. 
 - صورة أرشيفية الدكتور حسين خالد، وزير التعليم العالي، 8 مايو 2012. - صورة أرشيفية تصوير : طارق وجيه

قال الدكتور حسين خالد، رئيس القطاع الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات، وزير التعليم العالى الأسبق، إن المستشفيات الجامعية تعالج أكثر من 50% من المرضى فى مصر، مشيرا إلى ضرورة فصل ميزانيات المستشفيات الجامعية عن ميزانيات الجامعات مع زيادة المخصصات المالية من أجل تحسين الخدمات الطبية المقدمة للمرضى. وأضاف خالد فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن أهم التحديات التى تواجه إصلاح المستشفيات الجامعية هى التشريعات والقوانين البالية والتى أصبحت لا تتماشى مع الوقت الراهن، بالإضافة إلى النقص الشديد فى التمويل المقدم من الدولة، وعدم تفرغ الكوادر الطبية بحثاً عن زيادة الدخل، موضحا أنه لأبد أن يكون عمل الكوادر الطبية فى المستشفيات الجامعية بعقود تجدد سنوياً لتحديد المسؤولية وضمان المتابعة. وشدد خالد على أن قانون المستشفيات الجامعية الذى تم العمل عليه لأكثر من عام ونصف لم ير النور حتى الآن، مؤكدا فى الوقت نفسه أنه لا يوجد على الإطلاق أى نية لفصل المستشفيات عن الجامعات كما تردد فى السابق. وإلى نص الحوار:

■ بداية كيف ترى أداء المستشفيات الجامعية فى مصر؟

- المستشفيات الجامعية كانت وظيفتها عند نشأتها تقتصر على التعليم وتدريب الأطباء والبحث العلمى فى مجالات العلوم الصحية ولم يكن وقتها علاج الموطنين ضمن أولوياتها، لكن بمرور السنوات تعاظم الشق العلاجى للمواطنين، بل طغى على الشقين التعليمى والبحثى.

وإذا نظرنا إلى الوضع الحالى سنجد، أن لدينا حوالى 80 مستشفى جامعيا بها 29 ألف سرير تتبع حوالى 17 كلية طب حكومية و2 خاصة، وتقدم خدماتها لأكثر من 12 مليون مريض سنوياً بما يمثل أكثر من 50% من المرضى فى مصر، بالإضافة إلى أنه يعمل بها آلاف من الأطباء والصيادلة وهيئات التمريض والفنيين والهيئات الفنية المساعدة.

■ ما هى التحديات التى تواجه تطوير المستشفيات الجامعية؟

- أولاً التشريعات الحاكمة ومنها قانون 49 لسنة 72 قانون الجامعات، والقرار الجمهورى 3300 لسنة 64 والخاص بالمستشفيات الجامعية، وهى تشريعات بالية وقديمة لا تصلح لإدارة المستشفيات الآن، وثانياً النقص الشديد فى التمويل المقدم من الدولة لهذه المستشفيات مع إهدار فى الميزانيات القليلة الموجودة حاليا، وثالثا الكوادر البشرية الموجودة سواء صحية أو إدارية ومالية، غير متفرغين، وخاصة الكوادر الصحية، لعملهم فى أماكن أخرى نظرا لحاجتهم إلى زيادة الدخل بجانب عملهم فى المستشفيات الجامعية.. وأيضا هناك غياب الانضباط فى المستشفيات الجامعية والفوضى فى دخول المرضى والزوار.

■ ماذا عن الحلول من وجهة نظرك؟

- الحلول تتلخص فى تغيير القوانين والتشريعات الحالية، ونحن بالفعل جهزنا قانونا جديدا للمستشفيات الجامعية واستغرق إعداده نحو عام ونصف العام، لكنه لم ير النور حتى الآن، والمجلس الأعلى للجامعات شكل مجلسا لإدارة المستشفيات الجامعية وهو حل جزئى لحين إقرار القانون وذلك لحوكمة المستشفيات.

كما يجب فصل ميزانيات المستشفيات الجامعية عن ميزانيات الجامعات مع زيادة المخصصات لها بصورة كبيرة، مع ربط ذلك بنظام عمل مناقصات موحدة للأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية وذلك على مستوى الجمهورية، وبالفعل هناك اتجاه إلى تطبيق هذا الأمر فى الوقت القريب.

إلى جانب تعميم برتوكولات علاجية وإرشادية موحدة فى جميع المستشفيات، حتى لا يكون هناك تزيد أو إهدار فى بعض الأمور، كما لابد أن يرتبط قانون البحث العلمى الجديد بتدريب الأطباء مع مراعاة حقوق المرضى من خلال أخلاقيات المهنة.

■ ماذا عن الكوادر البشرية؟

-أيضا لابد من إقرار الهيكل الإدارى والمالى للأطباء والعاملين بالمستشفيات ولابد أن يكون منفصلا فصلا كاملا عن الأقسام الأكاديمية حتى نستطيع تحديد المسؤوليات بما يساعد فى عملية المراقبة والمحاسبة.

إلى جانب ضرورة أن يكون العمل فى ذلك بعقود تجدد سنوياً حتى يمكن متابعة الأداء بجدية، واستبعاد من لم يقم بالعمل المطلوب منه بعد تقييم الأداء.

■ لكن موضوع العمل بعقود قد يثير غضب البعض؟

- بالتأكيد هناك من سيغضب بسبب هذا الأمر، لكن الإصلاح لابد أن يكون صارما ومحددا، ونحن نقول من يعمل فى علاج المرضى فى المستشفيات يأخذ نظير ذلك من الدخل، ومن لا يعمل لا يأخذ وهو أمر لا يغضب أحدا.

■ هناك إشكالية أخرى قد تطرح من جديد عن فصل المستشفيات الجامعية وضمها لوزارة الصحة؟

- لا يوجد على الإطلاق أى اتجاه أومقترح بضم المستشفيات الجامعية لوزارة الصحة، ونحن لن نقبل بذلك نهائياً، وبالتالى لأبد أن يتزامن مع هذه الإصلاحات إقرار القانون الجديد للمستشفيات الجامعية، والذى ينص فى المادة الأولى منه على أن المستشفيات تتبع فى إدارتها لكليات الطب والجامعات.

■ هناك أيضا أزمة متعلقة بشكاوى المرضى المتكررة من سوء المعاملة؟

- سوء المعاملة يأتى بسبب الضغط الشديد على الأطباء من الأعداد الكبيرة التى يتعاملون معها يومياً، بما يولد نوعا من عدم تمالك الأعصاب، لكن الأغلبية الكبيرة من الأطباء يتحكمون فى أنفسهم قدر المستطاع للتعامل مع المرضى كما يجب، وما يحدث من أمثلة قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة هى من تسىء للجميع، لكن الغالبية يتعاملون بشكل جيد مع المرضى.

وهناك أيضا حلول لهذا الأمر وهى إطالة يوم العمل مع توزيع الأطباء والمرضى على فترات متناوبة بما يخفف من الضغط الشديد، وهو أمر بدأ كثير من الجامعات فى تطبيقه فعلياً.

■ لماذا نجد دائما المستشفيات الجامعية خارج قائمة حملات التبرعات؟

- للأسف يوجد سوء توزيع فى أموال التبرعات فى مصر ولذلك أطالب بإنشاء كيان، هيئة أو صندوق- على غرار «صندوق تحيا مصر»- وتكون مستقلة عن الحكومة وتحت إدارة شخصيات عامة لديها قبول وثقة لدى المجتمع، لتكون مسؤولة عن تحديد الحملات الإعلانية «اللى شغالة عمال على بطال»، وتشرف على عملية التبرعات من المجتمع وتحديد أولويات الإنفاق والمستشفيات الأحق بهذه الأموال وفقًا للخدمات الطبية المقدمة وعدد المرضى المترددين عليها بناءً على التواصل مع وزارتى الصحة والتعليم العالى والجمعيات الأهلية.

■ كيف ترى تصريح وزير الصناعة بإنشاء مشروعات تضم مستشفيات وكليات طبية هندية فى مصر؟

- الحقيقة هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة متأنية وعرض الأمر على المجتمع الطبى بدءا من الأطباء العاملين فى الجامعات مروراً بالعاملين بمستشفيات وزارة الصحة ونقابة الأطباء، لأن أى غزو طبى لمصر من جهات أخرى مع وجود الخلل الحالى الذى يجب إصلاحه حالياً، سيؤدى إلى انهيار سمعة الطبيب المصرى والمستشفيات المصرية وبالتالى يحدث عكس ما نرجوه، وبالتالى يجب ألا ننساق وراء أن هذه الجهات ستضخ مليارات الجنيهات للاستثمار فى مصر، وهو ما يؤدى على المستوى البعيد إلى انعكاسات خطيرة على التعليم الطبى والصحة فى مصر.

■ البعض اعتبره إهدارا لثروات البلد ومسارا لخروج الأموال إلى الخارج؟

- طبعاً هذا مؤكد وهى اعتبارات يجب أن تكون ضمن الدراسة شديدة التأنى كما ذكرت والتى يجب أن يكون للاقتصاديين رأى فيها ومدى الجدوى الاقتصادية الحالية والمستقبلية، وهو الأمر الذى نؤكد عليه بضرورة عدم التسرع والاندفاع نحو ذلك دون الدراسة الكافية.

■ كيف ترى مستوى التعليم الطبى فى مصر؟

- بالتأكيد ليس فى المستوى الذى نرضى عنه بشكل كبير، لكن لكى يتطور التعليم لابد أن يتم تغيير المقررات والمناهج الدراسية، وأيضا برامج الدراسات العليا بعد الحصول على درجة البكالوريوس، وتوفير تعليم طبى مستمر ولابد أن يظل الطبيب يتعلم طوال حياته، مع الوصول إلى العدد الملائم من الطلاب المقبولين بكليات الطب سنوياً بما يتوافق مع القدرة الاستيعابية للكليات الحالية، أو زيادة أعداد الكليات الموجودة حالياً.

■ هل لدينا زيادة فى الأطباء حتى يتم تخفيض أعداد المقبولين؟

- غير صحيح أن لدينا زيادة فى أعداد الأطباء.. ودائما ما تقول القياسات العالمية بضرورة وجود جامعة لكل مليون مواطن، ونحن لدينا نحو 45 جامعة حكومية وخاصة الآن، وبالتالى مازلنا نحتاج إلى جامعات أخرى وبالطبع كليات طب، لكن يجب أن يكون بناء على دراسة متأنية قبل إنشاء أى جامعات جديدة وليس مجرد مسمى جامعات جديدة.

ولابد أن أشير أيضا إلى أن لدينا زيادة فى تخصصات ونقصا فى تخصصات أخرى وبالتالى لابد من العمل على التوازن بين التخصصات وتشجيع الطلاب فى التخصصات التى يوجد بها نقص فى الأعداد.

■ ما الحل من وجهة نظرك لتطوير التعليم الطبى؟

- من خلال أمرين، الأول كما ذكرت زيادة عدد كليات الطب، والثانى وهو يتم بالفعل الآن من خلال تقسيم الدفعة الواحدة إلى مجموعات، كما يجب أن يكون هناك تكامل وتعاون بين كليات الطب والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة المحيطة بها. وحالياً فى القطاع الطبى نحن بصدد تعديل المقررات الدراسية لطلبة كليات الطب من خلال حوار مع القواعد الصحية فى جميع كليات الطب، وتطبيق النظم الحديثة فى إطار الجودة الشاملة ويلى ذلك تطوير الدراسات العليا.

■ وماذا عن تجديد رخصة مزاولة المهنة بشكل مستمر؟

- القطاع الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات قدم بالفعل مقترحا إلى الجهات المعنية بالأمر بشأن كل ما يخص هذه العملية، ومنه إنشاء مقترح بإنشاء هيئة لتدريب الأطباء مع تجديد مستمر لرخصة مزاولة المهنة على أن تكون تابعة لمجلس الوزراء مباشرة وليس وزارتى الصحة والتعليم العالى، ويكون دورها تحديد المدة والشروط الخاصة بمنح الترخيص وتنظيم عملية تدريب الأطباء بشكل دورى، بما يضمن استمرارية الأداء الجيد والاطلاع على كل ما هو جديد فى الطب بالتعاون مع وزارة الصحة.

■ هل هناك اختلاف بين النظام التعليمى المصرى والخارج؟

- التعليم الطبى فى الدول الأخرى يهتم أكثر بالتدريب الطبى العملى مع التركيز على وضع أولويات واضحة فى المعرفة المطلوبة أكثر منه حشوا فى المناهج فى جميع الأمور، كما أنها تتبع قياسات الجودة العالمية (NARS)، مع ضخ ميزانيات كبيرة فى كليات الطب من خلال أن الطلاب يدفعون جزءا من تكلفة العملية التعليمية وفى حال غير القادرين هناك منح للمتفوقين وقروض ميسرة من البنوك يسددها الطالب بعد التخرج، وأيضا أعداد المقبولين فى كليات الطب بالخارج أقل بكثير من أعداد المقبولين فى مصر.

■ ما تقييمك لأداء كليات الطب بالجامعات الخاصة؟

- لابد أن نشجع الجامعات وكليات الطب الأهلية وليس الخاصة لأن الأهلية لا تهدف إلى الربح، وإنما إلى التعليم ويتم الاستفادة من أرباحها فى تطوير مستمر للكلية والجامعة، عكس الجامعات الخاصة والتى تضع لنفسها هامش ربح دون النظر إلى إعادة إنفاق أغلبها على تطوير المنظومة. وهنا لابد أن نشجع التعليم غير الحكومى وندعم ما هو قائم، ولكن لابد أن يكون التوجه كما ذكرت أهلية وليست خاصة، ومن الممكن أن تكون تابعة للجامعات الحكومية بشكل منفصل أو مؤسسات أهلية غير هادفة للربح.

■ كلمة أخيرة؟

- الدستور خصص 1% للبحث العلمى و2% للتعليم الجامعى و3% للصحة و4% للتعليم ما قبل الجامعى بما يوازى 10% من الدخل القومى، وهذه القطاعات مرتبطة ببعضها البعض ولو فعلا التزمنا بها مع اتباع الإجراءات التنفيذية التى تمنع إهدار الموارد، سيكون مدخلا جيدا لتطوير التعليم والصحة فى مصر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية