35 عاماً مرت على ذكرى اعتقالات من 3 إلى 5 سبتمبر 1981، عندما أصدر الرئيس الراحل أنور السادات، قراراً باعتقال رموز المعارضة، من كتاب وصحفيين وسياسيين وإسلاميين ومسيحيين، وعددهم أكثر من 1500 شخص، تبعها إغلاق بعض الصحف غير الحكومية، بسبب الاعتراض على اتفاقية كامب ديفيد، وتصدر قرار السادات مانشيتات الصحف القومية، حيث وصفته «الجمهورية» بأنه «ثورة جديدة» للرئيس، فى حين اعتبرها الكاتب موسى صبرى فى «الأخبار» أنها قرارات لـ«ضرب الفتنة»، وأطلقت عليها «الأهرام» «ثورة العمل الداخلى».
كان السبب الرئيسى فى شن حملة الاعتقالات وجود الكثير من المعارضين لـ«كامب ديفيد» التى وقعها السادات مع رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها «مناحم بيجن»، يوم 17 سبتمبر 1978، تحت إشراف الرئيس الأمريكى آنذاك «جيمى كارتر»، معتبرين الاتفاقية تحقق «سلاماً وهمياً»، كما أنها لا تحفظ لفلسطين حقها فى استعادة الأرض.
إلا أن مبررات السادات وقتها أنه لا صوت يجب أن يعلو على صوت المعركة، وكان يقصد معركة ترتيبات معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية، لأنه كان يخشى أن تتخذ إسرائيل من هذه الأجواء حجة للتهرب من عدم تنفيذ ما وقعت عليه معه.
بدأت حملة الاعتقالات من 3 سبتمبر 1981، تحت إشراف النبوى إسماعيل، وزير الداخلية، فى ذلك الوقت، وشهدت اعتقال العديد من الشخصيات العامة على رأسهم الكاتب محمد حسنين هيكل، والبابا شنودة الثالث، وفؤاد سراج الدين، والشيخ عبدالحميد كشك، وفريدة النقاش والشيخ أحمد المحلاوى، كما اعتقل عدداً من قيادات جماعة الإخوان على رأسهم المرشد العام للجماعة وقتها عمر التلمسانى، ومحمد حبيب وعبدالمنعم أبوالفتوح، وعدد من الأعضاء الآخرين.
ومن الشخصيات السياسية التى اعتقلها السادات، وظهرت على الساحة السياسية خلال المرحلة الماضية، حمدين صباحى، مؤسس حزب الكرامة، والمرشح الرئاسى السابق، وجابر عصفور، وزير الثقافة السابق.
ومن بين المعتقلين، الراحلون شاهندة مقلد، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان السابق، وأبوالعز الحريرى، عضو سابق بمجلس الشعب، بجانب مصطفى بكرى، عضو البرلمان، والكاتبة نوال السعداوى، والكاتبة صافى ناز كاظم، ومحمد عبدالقدوس عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان.
يقول محمد حسنين هيكل فى كتابه «خريف الغضب»: «إن عملية الانقضاض بدأت فجر يوم 3 سبتمبر عقب عودة السادات من واشنطن، وكان الانقضاض من خلال حملة اعتقالات واسعة شملت 3 آلاف شخص، وكانت بعض الاعتقالات بين صفوف الشباب من الطلبة وأعضاء الجماعات الدينية سهلة نسبياً، لكن اعتقالات الساسة والمثقفين وعدد من القيادات الدينية من المسلمين والمسيحيين، جرى تخطيطها بعمليات شبه عسكرية».
السادات وقتها وجه بياناً للشعب، قال فيه «إن هناك (فئة) تحاول إحداث الفتنة الطائفية، وإن الحكومة حاولت نصح تلك الفئة أكثر من مرة، وإن الآونة الأخيرة شهدت أحداثا هددت وحدة الوطن واستغلتها تلك الفئة وسلكت سبيل العنف وتهديد الآمنين، أو حاولت تصعيد الأحداث، الأمر الذى يستلزم إعمال المادة 74 من الدستور، والتى تنص على أن لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستورى أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بياناً إلى الشعب ويجرى الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوماً من اتخاذها».
لم يكن اعتقال المعارضين هو القرار الوحيد الذى اتخذه السادات، حيث أصدر قراراً بحظر استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية، والتحفظ على بعض الأشخاص المشاركين فى «تهديد سلامة الوطن» باستغلال الأحداث الجارية، والتحفظ على أموال بعض الهيئات والمنظمات والجمعيات التى فعلت الشىء نفسه، وحل جمعيات مشهرة إذا هددت سلامة الوطن، وإلغاء التراخيص الممنوحة بإصدار بعض الصحف والمطبوعات مع التحفظ على أموالها ومقارها، ونقل بعض أعضاء هيئة التدريس والجامعات والمعاهد العليا الذين قامت دلائل جدية على أنهم مارسوا نشاطاً له تأثير ضار فى تكوين الرأى العام، أو تربية الشباب، أو هدد الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى أو سلامة الوطن، ونقلهم إلى الوظائف التى يحددها الوزير، وكذا نقل بعض الصحفيين وغيرهم من العاملين فى المؤسسات الصحفية القومية وبعض العاملين فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلى للثقافة الذين قامت دلائل جدية على أنهم مارسوا العمل نفسه.