x

عباس الطرابيلي حتى يقتنع الناس ببرنامج الإصلاح عباس الطرابيلي السبت 03-09-2016 21:50


أموت وأعرف لماذا تتكتم الدولة تفاصيل خطة الإصلاح الاقتصادى؟ وهل هى شديدة القسوة على الناس، ولذلك تخشى الدولة أن تقولها للناس.. خوفاً من رد الفعل؟!

وأعلم أن هناك برنامجا أعدته أكثر من جهة، فى مقدمتها وزارة التخطيط، ولكن لماذا لم تخرج الدولة لكى تشرح للناس تفاصيل وأبعاد هذه الخطة.. وتقول لهم: العام القادم مثلاً سوف نفعل كذا وكذا.. وسوف نقلل الدعم الحكومى للسلع الفلانية فى العام القادم بنسبة كذا.. وما هى السلع التى سوف تخضع لهذا البرنامج، ثم فى العام الذى يليه ستلغى الدولة، أو تخفض، نسبة الدعم عن السلع الفلانية.. وبنسبة كذا فى المائة؟

أقصد: لماذا لا تقول الحكومة للناس تفاصيل تفكيرها لمواجهة استمرار تدنى الأوضاع الاقتصادية؟.. ولماذا لا تستخدم الحكومة ما لديها من إمكانيات إعلامية، تتمثل فى التليفزيون الرسمى، كما تتمثل فى الإعلام الصحفى القومى، أو الرسمى، أطلقوا عليه ما شئتم.. وهو- هذا وذاك- بات مثل الخاتم فى يد الدولة، ومن دلائل ذلك قصر لقاء الرئيس السيسى «الأخير» على رؤساء تحرير الصحف القومية الثلاث.. اللهم إلا إذا كان بعبع أحداث ١٨ و١٩ يناير عام ١٩٧٧ لايزال يرهب الحكومة ويجعلها تخشى الدخول بقوة فى عملية إلغاء الدعم الحكومى.. حتى لا تلجأ إلى إلغاء قراراتها- كما فعل الرئيس السادات أيامها- حتى لا يشتعل البلد.. ثم لماذا هذا التخبط فى حكاية امتحانات الميدتيرم الذى أعلن وزير التربية عنها.. ثم تراجع- بعد ٤٨ ساعة فقط- بسبب رد الفعل.. أو بسبب رفض الناس لهذا القرار؟.. وهل هذا القرار لم يعرضه الوزير على مجلس الوزراء قبل إعلانه لأنه يمس كل بيت فى مصر؟!

ورجال الاقتصاد يعلمون جيداً أن استمرار الدعم بالطريقة وبالحجم الذى يحدث- ومنذ سنوات بعيدة- جريمة يمكن أن تؤدى إلى إفلاس الدولة.. أو لجوئها وبشكل قبيح إلى عملية طبع البنكنوت دون أى احتياطى يغطى هذه العملية.. ولكن رجال الأمن وعلماء الاجتماع يخشون رد فعل الجماهير.. وهم- رغم اعترافهم بخطورة هذا الوضع- ينصحون بأن هذا ليس وقت أى إجراءات جريئة أو خطيرة.. خصوصاً أن هناك من يعترف بهبوط شعبية الرئيس السيسى، بسبب مثل مؤشرات هذه القرارات، وما حدث عقب الإعلان عن أسعار الكهرباء خير دليل.. وأيضا مشاكل نقص بعض السلع الحيوية، مثل الأرز والسكر والدواء.

الحل هو أن تخرج الدولة- بكل أجهزتها- تشرح للناس خطورة الموقف وتشرح أكثر وببساطة أفكار الحكومة للحل.. ولا نقول قراراتها، وإذا كان الشعب قد خاض معارك عظيمة للصمود أيام العدوان الثلاثى ومعركة بناء السد.. ثم رفض تنحى عبدالناصر رغم مسؤوليته عن الهزيمة.. وكذلك معركة إعادة بناء الجيش، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. ثم موقفه الرائع خلال حرب الاستنزاف ومعركة التحرير فى أكتوبر ١٩٧٣.. كل ذلك نسجله بإعجاز شديد، وأن الشعب عندما يفهم يتجاوب وينفذ.. ويتنازل عن كثير من الأساسيات.. إذن الحل أن نقول للناس الحقيقة، وأن تنطلق كل أجهزة الدولة بكل قياداتها إلى كل المحافظات والمدن ليشرحوا للناس ما نحن فيه.. ومخاطر استمرار هذه الأوضاع.. وأفكار الدولة فى الحل.. بل ومراحل وسنوات تنفيذ أى برنامج إصلاحى.. بشرط أن يكون محددا ومعروف المدة مسبقاً.. هنا سوف تتقبل الجماهير أى برامج تقشفية مهما كانت شدتها أو قسوتها.. وتاريخ مصر على مدى آلاف السنين يؤكد ذلك.. وليس هذا وليد هذه الأيام، لأن الشعب معدنه طيب، بشرط أن تقولوا للناس الحقيقة.. ولا شىء غير الحقيقة.. وأن تقولوا لهم: نحن معكم- فى هذا البرنامج شديد القسوة- فلا تطلبوا من الناس التقشف- مثلا- بينما سلوك الحكومة وتوابعها تقول العكس!! بل تستمر شهوة الشراء عندها.

■ ■ الصراحة مطلوبة وأن يعرف الناس أن هذا البرنامج على الجميع بلا أى تفرقة.. وأن ينزل الوزراء من مكاتبهم وينطلقوا إلى حيث تجمعات الناس.. وأن نخفض رواتب وبدلات الوزراء وأعضاء البرلمان.. ونوقف حوافز كبار المسؤولين بالمحليات.. ونقرر خفض الاستيراد بنسبة ٥٠٪ على الأقل.. مهما كان الثمن.

■ ■ وأن تلتزم الحكومة بمدة تنفيذ كل ما تقوله للناس، ليعرفوا أنه بعد ٥ سنوات، أو حتى ١٠ سنوات، سوف يستعيد المواطن كل ما فقده، أو تنازل عنه طواعية.. لينعم هو وأولاده من بعده.. وعذاب فترة ولا كل فترة!!

■ ■ وألا يتحمل جيل واحد أعباء هذا الإصلاح.. فما حدث على امتداد نصف قرن واستفادت منه أجيال يجب أن يتم توزيع أعبائه على ٢٠ سنة.. والأهم أن يجد المواطن أنه المستفيد، فى النهاية.. نعم قولوا للناس الحقيقة.. وكيف.. ليتقبل الناس أى قرارات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية