أكذوبة انهيار الأهلى وأوهام عودة فلول الفساد وتهمة وزير الرياضة

أسامة خليل الخميس 25-08-2016 21:22

■ هناك سؤالان كبيران ألحا علىّ هذه الأيام، وقررت ألّا أذهب إلى الإجابة السهلة أو السريعة أو الانطباعية، فكما تعلمون نحن الصحفيين والنقاد دائماً جاهزون بالإجابة، ونظن أن قدرتنا الاحترافية أو مهارتنا تتحدد على سرعة الإجابة أو القدرة على إبداء الرأى فى أى موضوع أو قضية حتى ولو لم نكن على دراية بكل أبعادها.

■ ومباشرةً.. السؤال الأول: هل صحيح الأهلى منهار كروياً ويمر بمرحلة هى الأسوأ طوال تاريخه وأن غياب الكرويين عن مقعد المجلس سبب فى هذا الانهيار؟

■ فى البداية علينا أن نعرّف كلمة (انهيار) أو نحدد العوامل التى تدفعنا لوصف حالة فريق أو ناد بأنه منهار. وظنى أن هذه المحددات لن يختلف عليها أحد، أولها: أن يكون ترتيب الفريق فى المسابقة المحلية الكبرى وهى الدورى متأخر (الخامس أو السادس على أسوأ تقدير) وهو مركز يٌعد بالنسبة لفريق مثل الأهلى أو الزمالك «انهياراً»، أو أن يكون الأهلى خرج من الدور التمهيدى لبطولة الكأس على يد فريق صاعد من الدرجة الثانية، أو خرج من البطولة الأفريقية بهزيمة قاسية فى أدوارها المبكرة، أو خسر فى الدورى مباراة بفضيحة مدوية (٦-١ مثلاً)، كلها عوامل إن توفرت مجتمعة تؤشر إلى أن الفريق يعانى انهيارا وتضاف عليها أمور اقتصادية أخرى مثل عدم سداد مستحقات اللاعبين والأجهزة الفنية وعدم القدرة على شراء لاعبين جدد لتدعيم الفريق.

■ وبتجرد وحيادية عندما نحاول أن نطبق هذه العوامل على فريق الكرة بالأهلى سنجدها غير متوافرة، فالمفاجأة التى غابت عن أصحاب النظارات السوداء أن الأهلى هو بطل الدورى، وأنه حسم البطولة بفارق سبع نقاط عن أقرب منافسيه، فكيف لعاقل أن يصف فريقا فاز بالدورى عن جدارة واستحقاق، وليس بشق الأنفس باعتراف خبراء اللعبة، بأنه فريق «منهار»، فبطولة الدورى وفقاً لأعراف وقواعد اللعبة هى البطولة الأقوى يفوز بها الأطول نفساً، فإذا كان الأهلى فاز بها، ثم وصل للمباراة النهائية فى بطولة الكأس وكان الأفضل فنياً وخسر، فأين إذاً الانهيار؟

■ وهل طبيعى أن فريقا فاز بالدورى يحصد كل هذه اللعنات ويُسب لاعبوه ومدربهم بهذه الألفاظ؟، بل تجاوز الغضب المفتعل الإهانة اللفظية ووصل إلى الضرب والحرق؟.. صحيح طموحات جماهير الأهلى وإمكانياته تقول إنه يستحق ما هو أفضل من ذلك ولكن هل تحقيق الطموح يكون بالحرق والهدم أم بالمساندة والبناء، خاصة أن الأساسات جيدة بل رائعة وظهرت ثمارها فى الفوز بالدورى؟

■ ورغم أننى ضد نظرية المؤامرة إلا أن هذا لا يحول دون دراسة كل الأبعاد المحيطة، خاصة أن فريق الكرة ليس بالسوء بل تطور، فبينما لم يحرز فى الموسم الماضى سوى بطولة السوبر، تقدم هذا الموسم خطوة واسعة وأحرز الدورى ومازالت أمامه فرصة ليحرز السوبر، ما يعنى أن الضجة المثارة ليست بسبب سوء النتائج أو خسارة بطولة أو الخروج من البطولة الأفريقية التى سبق للأهلى أن خرج منها عشرات المرات فى وجود لاعبى الكرة فى مجلس الإدارة.

■ فالطبيعى والمنطقى والمعروف عن جماهير الأهلى وأعلامه ونجومه يلتفون حول الفريق عند الأزمات، فلماذا يتخلون عنه بهذه الصورة المزرية والتى وصلت لتطفيش المدرب الهولندى العالمى مارتن يول والاعتداء على اللاعبين وإيذائهم بالضرب والحرق، فهذا ليس سلوكا طبيعيا ونشر أخبار كاذبة لبلبلة الرأى العام وإفقادهم الثقة فى الإدارة؟

■ ومن وجهة نظرى وقد أكون مخطئاً أن أزمة الأهلى ليست فى فريق الكرة، ولكن الفريق يستخدم كوسيلة للانقلاب على الإدارة والإطاحة بمحمود طاهر، ليس لأنه فاشل أو ضعيف الشخصية كما يتم الترويج له، حيث أثبت أكثر من مرة الطفرة التى أحدثها الرجل فى جميع القطاعات الاقتصادية والإنشائية والكروية أيضاً، ولكن مشكلة «طاهر» أنه جاء بديلاً لنظام قديم ظل يحكم النادى الأهلى ما يزيد على ١٥ عاماً ورموزه فشلوا أن يفرضوا على النادى «محللا» لحين عودتهم، من ثم بات عليهم أن يحرقوا النادى كى يقنعوا الناس بأن بديلهم سيئ ولا يقدر على الإدارة بالضبط كما يفعل فلول نظام مبارك الآن والذين يستغلون الأزمة الاقتصادية وتذبذب الحالة الأمنية التى ليس للنظام السياسى الجديد ذنب فيها ليقنعوا الناس بأن أيام مبارك هى الأفضل ويدفعونهم للمطالبة بعودة رموزه.

■ وبالمناسبة هم بالفعل عائدون بعد أن تصالحوا ودفعوا الفتات لخزينة الدولة وحصلوا على صك البراءة لتبدأ بعدها المرحلة الثانية من تمكينهم وبدايتها هى إفقاد الناس الثقة فى الإصلاحات أو المشروعات الكبرى التى تبنيها الدولة حتى تحدث الخلخلة ووقتها يقفزون ليضعوا أسس نظامهم الفاسد للمرحلة القادمة، والأهلى ليس بعيدا عن تلك الحالة، فمهما فعل محمود طاهر ومجلسه ورغم ما حققه من إنجازات اقتصادية وإنشائية تستوجب محاكمة رموز النظام السابق الذين تركوها خرابة خاوية خزينتها مديونة بما يقترب من ١٥٠ مليون جنيه ومنشآتها متهالكة وفريق الكرة فيها عليه متأخرات واستحقاقات للاعبين والأجهزة الفنية، ما يزيد على ٤٠ مليون جنيه، ومات فى عهدهم ٧٢ مشجعاً ولم يخجلوا، ويريدون العودة على جثة وسمعة أبرياء (وبالمناسبة أريد هنا الرد على من يدعون أن محمود طاهر يحتوى الألتراس أو يستغلهم لصالحه وهو كلام غير صحيح جملة وتفصيلاً، فكل أمنيته ألا يموت شخص برىء فى عهده من أجل كرة القدم، وهذا ما فسره البعض على أنه احتواء فهو يريد الحوار لا المواجهة)، ولكن من ذهب ليعتدى على اللاعبين ويلقى على صدورهم الشماريخ يريدونها (دما) إذا كان هذا هو الطريق لعودتهم.

■ وما يؤكد صحة اعتقادى أن رموز النظام السابق والذى سيعود أحدهم للظهور بعد المصالحة مع الدولة فى الأموال التى نهبها وربما نجده مرشحاً للانتخابات القادمة رفضوا جميعاً التعاون مع الإدارة الحالية، بل إن أحدهم قرر اعتزال العمل الإدارى مؤقتا حتى لا يطلب منه المشاركة فى لجنة الكرة، ما يعنى أنهم يحبون أنفسهم أكثر مما يحبون الأهلى، وهم يحبون النادى على طريقة: «فيها لأخفيها»، فأما أن أُدير أو أن يُحرق النادى!

■ وهنا قد يسأل أحدهم: وأين رئيس الأهلى؟ ولماذا لا يدافع عن الكيان ويقف بالمرصاد لمن يشهرّون بالنادى؟.. الخلاصة مفادها أنه رجل محترم وغير مدرب على مواجهة «التآمرات» و«التوازنات»، ولا يصدق- من قبيل السذاجة أو حسن النية المفرطة أو حسن الظن والأدب- لا يصدق أن هناك بشراً أشراراً وحتى وإن وجدوا فلن يكونوا فى الأهلى، فإدا اعتبرتم أن هذا عيب أو خطأ يستوجب استبعاده فسأضم صوتى إلى صوتكم وأطالب برحيله منتظراً على أحر من الجمر عودة رموز النظام السابق كى نعيد مسألتهم ومحاكمتهم على الأموال التى نهبت من الأهلى فإذا كانت الدولة قد تصالحت فى حقها فالشعب لم ولن يتصالح.

■ أما السؤال الثانى: هل الألتراس يريد فعلاً عودة الجماهير للمدرجات؟

■ بت على يقين أن تلك المجموعة التى كنت أظن أن الحوار هو الطريق لحل مشكلتها النفسية مع أجهزة الدولة لا تريد عودة الجماهير للمدرجات، فالشواهد تقول إن الدولة والأندية والأمن دائماً ما أعطوا لهم الفرص، وبسط الجميع أياديهم إليهم كى يعودوا، وفى كل مرة كانت الأيادى تُبتر إما باقتحام الأندية أو تكسير كراسى المدرجات أو حمامات الملاعب، وفى كل مرة دون استثناء تقريباً تُسَب الداخلية والجيش والرموز والأندية واللاعبون والمدربون.

■ ووصل الأمر للمنتهى بقطع الطريق على أتوبيس فريق الأهلى والاعتداء على اللاعبين، ثم اقتحام تدريب الفريق بعد وصلة سب وشتائم وبذاءات لحرق حسام غالى وعمرو جمال.. فتكرار الاعتداءات والإصرار على الهجوم على المؤسسات بلا سبب يؤكد أنهم يرفضون العودة.

■ بالمناسبة.. هذا حقهم طالما فى نفوس بعضهم غصة أو أن بعض قياداتهم تستخدمهم لأغراض غير معلومة ولكن ليس من حقهم أن يمنعوا أو يحرموا الجماهير العادية والطبيعية من متعة حضور المباريات وتشجيع فرقها، فهناك ملايين تحب الأهلى والزمالك والإسماعيلى والاتحاد السكندرى والمصرى وأسوان وغيرها يريدون مؤازرة فرقهم، وبات يتعين على الدولة أن تؤمن الحق الشرعى لهذه الملايين فى التشجيع الآمن، والجماهير مستعدة أن تخضع لجميع الضوابط المحددة لحضور المباريات، سواء من حيث طريقة بيع التذاكر أو التفتيش على البوابات أو إجراءات الأمن داخل الملاعب.

■ من هنا فإننى أتعجب من هؤلاء المسؤولين المرتعشين الذين يخرجون عقب كل أزمة يثيرها الألتراس أو الوايت نايتس أو غيرهم من مجموعات تشجيع الأندية ليقولوا إن عودة الجماهير باتت بعيدة.. وهؤلاء أسألهم: لماذا يتم عقاب المجموع على خطأ أفراد؟ ألسنا مواطنين مثلهم، ولنا نفس حقوقهم أم أن الدولة تميز الألتراس وهى بالفعل تميزهم عندما تستجيب لرغبتهم وتسحق إرادة الملايين وهذا كلام آخر يستحق البحث والتحقيق.

■ لا أخفى إشفاقى وتعاطفى مع وزير الشباب والرياضة الذى يشرب من نفس الكأس الإعلامية التى شرب منها غيره عندما تم تحميله نتائج البعثة المصرية فى الأوليمبياد وهى وإن كانت محبطة، فالأكيد أنه لا يتحملها وحده، فدوره يقتصر على توفير الدعم المادى والإدارى، أما الشق الفنى فهو يخص الاتحادات الرياضية واللجنة الأوليمبية. لكن تصدر الوزير المشهد وخشيته من ارتفاع نغمة انتقاده والهجوم عليه لا يعنى أن يهرب من المواجهة وتحمل المسؤولية ويذهب للتغطية بالاجتماع مع ثلاثة فرادى من أعضاء الجمعية العمومية للأهلى- التى تضم ما يقرب من ١٥٠ ألف عضو- يشكلون بينهم جبهة وهمية لإنقاذ الأهلى وهو تصرف غير مسؤول من رجل مسؤول من المفترض ألا يعبث فى إرادة الجمعيات العمومية وألا يتدخل فى شؤون الأندية الداخلية وألا يتحول لجزء من المشكلة، وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فلماذا لا يذهب الوزير فى إطار حله لمشاكل وأزمات البلاد المفتعلة ويجتمع مع المجلس الرئاسى الذى يتم تشكيله الآن ليحل محل الرئيس السيسى، فهؤلاء هم الآخرون لا تعجبهم طريقة الرئيس ويريدون أن يقفزوا على إرادة الملايين التى جاءت به، وهل يجرؤ أن يطلب خالد عبدالعزيز من المجلس الرئاسى أن يضغطوا على السيسى للاستقالة كما طلب من أعضاء الأهلى الثلاثة أن يفعلوا مع مجلس الأهلى.. والاثنان (جبهة الإنقاذ والمجلس الرئاسى) ليس لهم أى وزن أو ثقل عند الناس ولا يعطيهم وزن سوى وزراء أو مسؤولين مرتعشين وإعلام الفلول.

■ إذا كان الوزير يريد أن يدخل «عش الدبابير» فى الأهلى ولم يفهم معنى إرادة الناس فأدعوه أن يراجع مصادر تمويل الحملة المثارة ضد الأهلى والتى تضم نجل تاجر حديد ومرشحا سابقا فى الانتخابات تحت السن وهو يصرف بالملايين، وعضو مجلس إدارة سابقا متحفظا على أمواله لعلاقته مع الإخوان ونجله ضالع فى علاقة مع بعض قيادات الألتراس وآخرين وهى قضية كبيرة سأفتحها فى وقتها.

■ أخيراً: طالما أن جماهير الأهلى ونقاده لم يعجبهم الأجانب بمن فيهم العالمى مارتن يول، فالحل الأمثل فى المحلى وطالما أن الإدارة استقرت على المدرب الكفء صاحب الشخصية الصارمة (باستثناء فترة المنتخب الأوليمبى) حسام البدرى، فعليه أن يحل أزمته النفسية مع الجماهير والتى تتهمه بكثرة هروبه من المسؤولية والقفز عند أى أزمة أو عرض أكبر.