إقالة متقي تثير حيرة المراقبين.. وطهران تؤكد: لا تغيير في السياسة الخارجية

كتب: مصطفى رزق, وكالات الثلاثاء 14-12-2010 11:43

أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية الثلاثاء أن إقالة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، الاثنين، لن تؤدي إلى تغيير في السياسة الخارجية الإيرانية، في الوقت الذي أدى فيه القرار المفاجئ إلى إثارة حيرة المراقبين.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية «رامين مهمانبرست» في التصريح الصحفي الأسبوعي إن «سياسات إيران الكبرى تحدد على مستويات أعلى، ووزارة الخارجية تنفذ هذه السياسات، لن نشهد أي تغيير في سياستنا الأساسية».

واضاف: «لا اعتقد أنه سيحدث أي تغيير في السياسة النووية والمحادثات مع القوى الست حول البرنامج النووي الإيراني».

ومن المتوقع مواصلة هذه المحادثات بين إيران والقوى الست (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين إلى جانب ألمانيا) في تركيا الشهر المقبل.

وقال «مهمانبرست»: «لقد حصل اتفاق على مواصلة المحادثات حول نقاط التعاون المشتركة الممكنة بين طهران ومجموعة 5+1»، مؤكدا أنه إذا جرت هذه المحادثات في الإطار المرتقب وفي جو خال من أي ضغوط وتصرفات غير عقلانية، فانها «ستتابع مجراها».

وفي تطور لاحق، ذكرت مصادر مطلعة، الثلاثاء، أنه من المحتمل تعيين «محمد قنادي مراغة»، رئيس مركز أبحاث العلوم والتقنية النووية، خلفا لـ«علي أكبر صالحي» في رئاسة منظمة الطاقة الذرية في إيران.

جاء ذلك في بيان بثته وكالة أنباء فارس الإيرانية ذكرت فيه أن مصادر مطلعة أكدت لها أنها تتوقع أن يتولى قنادي رئاسة المنظمة.

ويتبع مركز أبحاث العلوم والتقنية النووية الإيرانية لمنظمة الطاقة النووية، أقيمت بهدف سد الاحتياجات التقنية والتكنولوجية في مجال الطاقة النووية لإيران.

كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أقال بشكل مفاجئ وزير الخارجية منوشهر متقي من منصبه، وعين مكانه بالإنابة رئيس البرنامج النووي علي أكبر صالحي.

وجاءت هذه الإقالة المفاجئة عبر قرارين صدرا عن نجاد يتضمنان شكرا لمتقي على العمل الذي قام به، وتعيين صالحي مكانه بالإنابة.

ولم يصدر أي تفسير لهذه الإقالة التي تأتي بعد أيام على استئناف المفاوضات بين إيران والقوى الست الكبرى حول الملف النووي الإيراني، غير أن وسائل إعلام غربية أشارت إلى أن متقي هدد بالاستقالة خلال العام الحالى إثر تعيين الرئيس الإيراني لمبعوثين خاصين للسياسة الخارجية فى تحرك يبدو أنه تجاهل لمتقى.

وتصدرت إقالة متقي عناوين الصفحات الأولى لغالبية الصحف الإيرانية، وربطت عدة صحف مقربة من المحافظين هذا القرار بمعارضة متقي لقيام «دبلوماسية موازية» توكل لبعض المستشارين المقربين من أحمدي نجاد.

فمن جانبها، اعتبرت صحيفة «القدس» أن القرار جاء لإنهاء الخلافات بين الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، مشيرة إلى أن هذه الدبلوماسية الموازية أثارت في بعض الأحيان ردود فعل شديدة اللهجة من متقي.

أما صحيفة «خبر» المقربة من رئيس البرلمان «علي لاريجاني»، ففسرت الأمر أنه رغبة من الرئيس الإيراني في تعيين وزير خارجية يعلم أنه يروق للغرب بسبب وجهات نظره المعتدلة، مشيرة إلى علي أكبر صالحي.

وكان صالحي عين على رأس منظمة الطاقة الذرية في 17 يوليو 2009 مباشرة بعد إعادة انتخاب أحمدي نجاد رئيسا، وقد ثمن الغرب اعتداله.

وفي الولايات المتحدة، قالت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» إن نبأ إقالة متقي المفاجئ أصاب العالم بالدهشة خاصة أن الإقالة غير مسببة، فضلا عن الغموض الذى يحيط بموقف مرشد الثورة الإيرانية «علي خامنئى»، المرجع الأخير للسياسة الخارجية والأمنية، الذى لم يقر الإقالة علنا.

وأضافت الصحيفة أن متقى الذى يجيد اللغة الانجليزية ويعمل دبلوماسيا منذ وقت طويل، وأحد المعتدلين نسبيا كان قد شغل منصب وزير الخارجية منذ عام 2005 وجاءت إقالته فى وقت تمر فيه ايران بفترة مواجهة عصيبة مع الولايات المتحدة وقوى كبرى أخرى بشأن طموحاتها النووية التي ستكون محل نقاش خلال المحادثات المقررة فى اسطنبول الشهر القادم.

من هو علي أكبر صالحي؟

يقود علي أكبر صالحي ـ الذي عين وزير خارجية إيران بالإنابة ـ منذ يوليو 2009 البرنامج النووي الإيراني الذي يشكل موضع جدال في المجتمع الدولي.

وصالحي الذي يبلغ 61 من العمر يحمل شهادة دكتوراه في الفيزياء النووية، وهو أحد المسؤولين الإيرانيين القلائل الذين عملوا بالتوالي في ظل الرئيسين الإصلاحي محمد خاتمي ثم المحافظ محمود أحمدي نجاد.

وحاز صالحي شهادته من جامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا (ام اي تي) حيث نال شهادة دكتوراه عام 1977، ثم بدأ حياته المهنية كمساعد استاذ جامعي ثم عميدا لجامعة شريف في طهران.

بعدما لفت أنظار حكومة خاتمي، مثّل صالحي بلاده لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية طوال أربعة أعوام وحتى يناير 2004.

وخلال تسلمه هذا المنصب لقي تقدير الغربيين نظرا لمواقفه المعتدلة، كما وقع في ديسمبر 2003 بروتوكولا إضافيا توافق إيران بموجبه على تعزيز مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية نشاطاتها النووية، لكن هذا البروتوكول لاقى تنديدا من نجاد في فبراير 2006 بعد أشهر على توليه الرئاسة.

وفي مطلع 2004 تولى صالحي دور مستشار علمي لوزير الخارجية ثم خفت نجمه مع وصول المحافظين إلى السلطة، قبل أن يستلم عام 2007 منصب مساعد أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي التي تتخذ مقرا في جدة بالسعودية.

وفي يوليو 2009 عاد اسمه إلى الواجهة بعيد إعادة انتخاب أحمدي نجاد المثيرة للجدل، حين عينه الأخير في وسط الزوبعة السياسية التي شهدتها البلاد على رأس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.

وعمل صالحي عبر هذا المنصب الاستراتيجي إلى دفع البرنامج النووي الإيراني قدما عملا بإرشادات أحمدي نجاد الذي جعل من هذه القضية رمزا لاستقلالية إيران وحداثتها ومقاومتها للقوى العظمى.

وبات اسم صالحي حاضرا باستمرار في وسائل الإعلام الإيرانية في الأشهر الأخيرة؛ حيث أعلن عن نجاح تلو الآخر بالرغم من العقوبات الدولية المفروضة على إيران.

وصالحي الذي يتقن الإنجليزية والعربية متزوج ولديه ثلاثة أبناء.