سيطرت حالة من الترقب على المستثمرين عقب تصاعد حدة التوترات السياسية بين القوى الوطنية، وقالوا إن المستثمرين الأجانب أكثر تفهماً من المصريين للأحداث التى تمر بها البلاد، ولفتوا إلى تأثيرها المحدود على قرار الاستثمار فى مصر، وأكدوا أن السوق المحلية مغرية للمستثمرين الآن، وأن الذى سيتأخر عن الدخول فيها هو الخاسر الوحيد. وانتقدوا تصاعد وتيرة التخوين بين القوى السياسية واعتبروا ما يحدث على الساحة حالة من عدم النضج الديمقراطى وتقبل الرأى والرأى الآخر.
قال حاتم صالح، رئيس شعبة الألبان، عضو مؤسس بحزب الحضارة تحت التأسيس: «إن الوضع الحالى يعكس حالة الاستقطاب بين جميع القوى السياسية، ويجب أن تنتهى سريعاً»، وتابع: «الجميع يريد جذب المجتمع والأغلبية الصامتة فى صفه، وما حدث من سيطرة التيار الإسلامى على ميدان التحرير، خلال جمعة أمس، ما هو إلا حالة من استعراض للقوة داخل الميدان»، ولفت إلى أن صعود التيار الإسلامى له إيجابيات، تتمثل فى حرية تعبير كل فصيل سياسى عن آرائه وأن المجتمع استرد حريته الغائبة، وحذر من تصاعد حدة تبادل التخوين والتجريح بين كل الفصائل والوصول إلى مرحلة احترام الاختلاف فى الآراء والأيديولوجيات دون تخوين للآخر.
وقلل صالح من تأثير تلك الأحداث على المناخ الاقتصادى، ولفت إلى أن الأجانب ينظرون للاقتصاد المصرى نظرة إيجابية، وهم واثقون بأن ما يحدث جزء من إرهاصات ما بعد الثورة، ويرون أن ما حدث أقل دموية وعنفاً مما حدث فى ثورات الدول الأخرى سواء على مدار التاريخ أو العصر الحديث، وهو ما يجعلهم أكثر ثقة فى مناخ الاقتصاد المصرى.
وأوضح أن هناك استثمارات يتم ضخها حالياً فى مصر رغم سيطرة حالة الترقب، وأكد أن السوق المصرية مركز اقتصادى مهم، رغم الظروف السائدة، ومغرية لأى مستثمر، وقال: «الذى سيتأخر فى الدخول هو الخاسر الأكبر».
وأشار إلى أن الشركات العالمية تبحث عن المكسب بعيداً عن نظرية التخوف التى يروج البعض لها حالياً، لأنهم دخلوا واستثمروا فى السودان والعراق ودول أخرى، منعدمة الأمن والاستقرار، بل أشد عنفاً مما يحدث فى مصر. وقال إسماعيل النجدى، رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، إن حالة الترقب تسود الأوساط الاقتصادية داخل مصر وخارجها، بشأن ما ستسفر عنه المتغيرات الحالية وتسارع التيارات السياسية.
وأشار إلى أنه خلال لقائه الأسبوع الماضى عدداً من المستثمرين الأجانب كان السؤال عن تأثير الشارع فى اتخاذ القرارات السياسية، وحاولت «الهيئة» بث الثقة وطمأنة المستثمرين بأن مصر لديها مستقبل أفضل، وأن حالة الحراك السياسى مرحلة مؤقتة تنتهى مع إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وأكد أن المستثمرين الأتراك هم الأكثر ثقة فى مناخ الاستثمار فى مصر، وأن الوقت الحالى هو الأنسب للبدء فى ضخ الاستثمارات، للاستفادة من التيسيرات الحالية.
وأكد النجدى أن هناك حالة من التفاؤل لدى «الهيئة»، لأنه رغم كل المشاكل الحالية، فإننا تلقينا عدداً من الطلبات لإقامة مشروعات كبرى، باستثمارات تصل لمليارات الجنيهات، من تركيا وعدد من الكيانات الكبرى، منها مجموعة تويوتا اليابانية، التى طلبت إقامة خط إنتاج بالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع وأن الهيئة تركز حالياً على جذب رؤوس الأموال الوطنية وهذا يستلزم جهداً أكبر لإعادة الثقة مرة أخرى فى رجال الأعمال.
وقال صفوان ثابت، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية، إن ما حدث خلال الأسبوعين الماضيين، من تصاعد حدة الخلاف بين التيارات السياسية والقوى الحاكمة، وتبادل الاتهامات بالتخوين فاق الحدود وأحدث ربكة سياسية كان لها تأثير قوى على الاقتصاد واتخاذ أى قرارات استثمارية.
وأكد «أن الخلاف السياسى فى أى دولة لا يؤثر على النواحى الاقتصادية، بل يعد مؤشراً على الديمقراطية، لكن عدم تقبل الاختلاف فى الرأى، واهتمام كل طرف بالسلطة، وفرض سيطرته بالقوة قد تعطى مؤشرات سلبية للمستثمرين الأجانب».
وأوضح ثابت أن التيار الإسلامى فكر سياسى موجود فى العالم كالتيارات المسيحية فى دول أوروبا، وهذا التيار استطاع فى تركيا بعد وصوله إلى الحكم، النهوض بصادراتها من 30 مليار دولار إلى 140 ملياراً، وطالب بالحفاظ على الوسطية واحترام الآراء والقوى الوطنية المختلفة، وعدم المغالاة سواء يساراً أو يميناً.