بين عشية وضحاها تعثر الاقتصاد الياباني في الربع الثاني من العام الجاري، بعد ارتفاع الآمال نحو نمو الاقتصاد الياباني في الربع الأول من 2016، الأمر الذي أبرز تحديات جديدة على عاتق رئيس الوزراء، شينزوا آبي، والبنك المركزي الياباني، خاصة بعد طرحه خطته «إبينوميكس»، وهي عبارة عن مجموعة من التدابير الاقتصادية من سياسات نقدية ومالية لدفع النمو الاقتصادي، ورفع معدل التضخم بنحو 2%، التي كانت من المفترض أن تؤتي ثمارها خلال الربع الثاني من العام الجاري.
وعلى الرغم من سياسة الإنفاق العدوانية التي تقوم بها الحكومة، نما الاقتصاد الياباني على أساس سنوي بنحو 0.2%، مخالفا توقعات بنمو قدره 0.7% على أساس سنوي، وفي الوقت الذي ارتفعت فيه التوقعات بعد تسجيل معدل نمو بنحو 0.5% في الربع الأول، بقي إجمالي الناتج المحلي الياباني على أساس ربع سنوي، دون تحرك يذكر في الفترة من أبريل وحتى يونيو، بعد توقعات «بلومبرج» بزيادة معدل النمو بنحو 0.2% في نفس الفترة.
وتأتي هذه الأرقام بعد أن أطلقت الحكومة اليابانية حزمة تحفيز جديدة ضخمة بقيمة 28 تريليون ين (265 مليار دولار)، في مطلع أغسطس الجاري.
وقالت جونكو نيشيوكو، الخبيرة الاقتصادية لدى شركة «سوميتومو ميتسوي بانكينغ كوربوريشن»، في تصريحات صحفية سابقة، إن «المعطيات اليوم مخيبة جدا للآمال، والوضع يزداد تعقيدا بسبب ارتفاع سعر صرف الين، والغموض المتزايد في الخارج، حيث يواجه النمو صعوبات».
وأشارت إلى أن التشاؤم بات اليوم يسيطر على الشركات، بعدما كانت بالأساس تتردد في الاستثمار وزيادة أجور موظفيها، حتى حين كانت الأوضاع مواتية أكثر بالنسبة لها.
وعمدت الشركات إلى الحد بشكل إضافي من استثماراتها خلال فترة الربيع بنحو سالب 0.4%، إلا أن هذه الأرقام لا تأخذ بعين الاعتبار عمليا، فالتأثير الأكثر سلبية كان لقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وحذر نوبوتيرو إيشيهارا، وزير الاقتصاد الياباني، في تصريحات صحفية، الاثنين، من تأثير الخروج البريطاني على الاقتصاد الياباني، قائلا: إن «حكومة بلاده تضع في اعتبارها مخاطر تباطؤ النمو في الأسواق الناشئة، وعدم اليقين بشأن مصير الخروج البريطاني».
وسرع نتيجة التصويت البريطاني من ارتفاع سعر الين الذي يشكل عملة آمنة يقبل عليها المستثمرين في الأوضاع غير المواتية أو غير المستقرة، ويؤثر ارتفاع الين مقابل سلة العملات الرئيسية على تكلفة الصادرات اليابانية، مما يبطئ معدلات الطلب على السلع اليابانية.
في الوقت ذاته، ارتفع معدل الاستهلاك في نفس الفترة بنحو 0.1% في ظل عدم إقبال الأسر اليابانية على الإنفاق، وتعد هذه الحالة بالتحديد مثلا على الثقافة اليابانية في سياسات الادخار والإنفاق المعتدل دون الحاجة إلى البذخ المعتاد للثقافة الاستهلاكية، فقد تراجع الاستهلاك بشكل مطرد منذ زيادة ضريبة القيمة المضافة في أبريل 2014.
ويواجه الاقتصاد الياباني تراجعا ديمواغرافيا، فيما كان السبب الرئيسي لدعوة رئيس الوزراء إلى خطته الاقتصادي المعروفة باسم «إبينوميكس»، القائم على الإنفاق وسياسة نقدية شديدة الليونة، هو محاولة لحل معضلة حقيقية تمر بها اليابان منذ 3 سنوات، ووعد رئيس الوزراء بإصلاحات بنيوية لإعادة الحيوية إلى الاقتصاد مرة أخرى، لكن إجمالي الناتج المحلي فصلا بعد فصل يتراوح ما بين انكماش ونمو ضئيل.
ومن المتوقع صدور نتائج هذا التقييم خلال الاجتماع المقبل للبنك المركزي، في سبتمبر المقبل، ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أن ذلك قد يفتح الطريق أمام تدابير جديدة.