خلافات «الأوقاف» و«الأزهر» تصل المساجد

وصل الخلاف بين الأزهر ووزارة الأوقاف حول الخطبة المكتوبة، إلى المساجد، الجمعة، ففى الوقت الذى كان فيه عنوان الخطبة بالجامع الأزهر «الوحدة الوطنية وحقوق المسيحيين فى الإسلام» وذلك للأسبوع الثانى على التوالى، كان موضوع الخطبة المكتوبة التى وزعتها الوزارة عن «الأمن الغذائى.. حمايته وحرمة التلاعب به». وألقى الخطبة بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، منسق فروع بيت العائلة المصرية، حيث تحدث عن قيم الإسلام ومُثله السامية التى لو عمل بها المسلمون لتحققت السعادة لهم ولغيرهم. وقال خطيب الأزهر فى خطبته إن الإسلام يأمر بالمعاملة الطيبة لجميع البشر، حتى أصحاب الديانات الوضعية مثل البوذية والكونفوشيوسية، منبهاً إلى أنه «وجدنا فتاوى تلتصق بالدين ظلماً وعدواناً، ولا علاقة لها بالإسلام، كمن يقول لا تهنئوا اليهود والنصارى فى أعيادهم، رغم أن تهنئتهم من البر الذى أمر به الدين»، ومتسائلاً:«فلنفترض أن زوجتى كتابية فهل أخاصمها يوم عيدها، وهل أخاصم أخوال أولادى فى يوم عيدهم، من قال هذا؟، من قال بالتجهم فى وجوه الجيران والأصدقاء غير المسلمين الذين يعيشون بيننا؟».

وأكد «الغفير» أنه إذا كان يجب زيارة الجار المسيحى إذا مرض، والمشى فى جنازته إذا توفى، فكيف لا يمكن تهنئته فى عيده، منبهاً إلى أن أفضل دعاية للإسلام هى تعريف الناس بطبيعته قولاً وعملاً، لافتاً إلى أن الله لم يخوّل لأحد الحكم على عقائد الآخرين ومحاكمة المعتقدات.

وفى مسجد مصطفى محمود بمنطقة المهندسين، التزم محمد الدومى، الخطيب، بالموضوع الذى طلبت الوزارة الالتزام به، وتناولت الخطبة نعمة الأمن الغذائى فى المجتمع، وأنها من أعظم النعم، ولكن لا يشعر بها إلا من فقدها وأنها أحد أوجه الأمن التى يشعر بها المواطن، سواء عن طريق عدم الاحتكار أو تحريم الاستغلال والتسلط والغش.

وعبر المصلون عن اعتراضهم على طريقة إلقاء الخطبة المكتوبة، حيث قاموا بالالتفاف حول الخطيب وعدد من دعاة وزارة الأوقاف الذين كانوا موجودين عقب انتهاء الصلاة، وقالوا إن الخطبة لم تستغرق سوى دقائق معدودة والعديد من المصلين لم يلحقوا بالصلاة فى بدايتها نتيجة لقصر الوقت المخصص للخطبة.

وطالب أحد المواطنين، إمام المسجد، بنقل اعتراضهم للوزير، لافتين إلى أنه يمكن للوزارة الاكتفاء بتعليق الخطبة على حوائط المسجد بدلاً من قراءتها من خلال الخطيب، لافتين إلى أن مظهره وهو يقرأ من الورقة يسىء للدعاة بشكل كبير.. بينما قال مصل آخر: «موضوع الخطبة جيد ولكن ملحقناش نسمع، إحنا متعودين إن الإمام بيبدع فى الخطبة مش يقعد يقرا ورقة علينا»، وأضاف ثالث: «ده دين يا إخوانا مينفعش الخطبة تبقى بالطريقة دى، الواحد بيستنى من أسبوع للأسبوع عشان ييجى يسمع كلمة كويسة مش عشان نقَضّى واجب ونمشي». وفى مسجد السيدة زينب، التزم الدكتور أحمد محمد عوض، إمام وخطيب المسجد، بالخطبة المكتوبة وموضوعها، حيث أوضح أهمية الغذاء والحفاظ عليه ومراقبته ومتابعته وتوفيره كإحدى أهم ضروريات الحياة، مؤكداً ضرورة منع الاحتكار، ومحاربة الغلاء، وتوفير السلع الغذائية بأسعار مناسبة، بالإضافة للوقوف مع الدولة فى مواجهة جشع وطمع التجار وضمان وصول الغذاء المناسب لكل المواطنين.

من جانبه، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، «إن وحدة الصف فوق كل اعتبار، ومصلحة الدين والوطن تتطلبان تضافر الجهود لا تفرّقها، و«من جهتنا سنسعى إلى كل ما يدعم ذلك، لأن الوقت لا يحتمل أى فُرقة كانت، خاصة أن الجميع يجتهد لصالح دينه ووطنه مما يجعل مساحة التلاقى والتفاهم والتعاون والتنسيق بين الجميع واسعة».

وأضاف الوزير، فى بيان: «لن نسمح بأن تكون خطبة الجمعة التى تجمع المسلمين وسيلة فرقة أبدًا، وسنناقش داخل بيتنا الكبير مشيخة الأزهر الشريف بقيادة الدكتور أحمد الطيب كل ما يتصل بالعمل على ضبط العمل الدعوى وتجديد الخطاب الدينى، وسنعمل معا على كل ما يخدم ديننا ووطننا، أئمة ووعاظًا وأساتذة على قلب رجل واحد فى خدمة الدين والوطن».