معالى زايد: وسط الخُضرة أنسى أننى فنانة

كتب: سحر المليجي الجمعة 10-12-2010 21:53


أتعامل مع النباتات كالطفل الصغير الذى يحتاج إلى رعاية.. والزراعة علمتنى الصبر والهدوء وتناسق الألوان.. عدت إلى هواية الرسم وأستعد للمعرض الثانى لى وأعيش حاليا مرحلة الألوان «الرايقة المتوهجة» .. وسط الخضرة والهواء النقى اختارت الفنانة معالى زايد منذ أواخر التسعينيات أن تقضى أغلب أوقاتها، تراقب الزرع، وتربى الحيوانات، تتعلم من العمال داخل مزرعتها الخاصة كيفية التعامل مع النباتات، وتمدهم هى الأخرى بالإرشادات العلمية عن الزراعة.. تتعامل مع النبات كالطفل الذى يحتاج إلى رعاية وحنان من الأم أو الزارع بمعنى أدق.


هنا تفتح معالى زايد قلبها وتتحدث عن تجربتها الإنسانية الطويلة بعيدا عن أحاديث الشهرة والنجومية فى السينما أو التليفزيون.

■ نريد أن نتعرف عن قرب على الفنانة معالى زايد؟


- أنا إنسانة محبة للطبيعة، أعشق الفن بأنواعه وأحب الرسم جدا، وأرى نفسى إنسانة كادحة ومقاتلة فى الحياة، ولولا فضل الله ووقوفه معى ومساعدة ناس طيبين كثيرين ومنهم أبى وأمى ما كنت الآن معالى زايد.


■ وهل تقضين أغلب الوقت فى مزرعتك أم فى منزلك بالقاهرة؟


- حياتى الآن أعيش أغلبها فى مزرعتى على طريق مصر إسكندرية الصحراوى، وقليلا ما أتواجد فى القاهرة بسبب الزحام والتلوث.. لكن فى المزرعة أتحول إلى امرأة ريفية، تتابع أرضها وزرعها، أستيقظ كل يوم من الساعة 6 صباحا، فأنا أعشق منظر شروق الشمس، ثم أتجول بين المواشى وأراقب العمال وهم يرعون الزرع ويحلبون البقر، وأتبع بنفسى حالة النبات، وحاجتها إلى رى أو أسمدة، حتى ينتهى يومى، وعادة ما يتغير هذا البرنامج وفقا للحاجة، لأن الشغل فى المزرعة لا ينتهى.


■ وكيف تتعاملين مع عمال المزرعة خاصة أن لديهم صورة ذهنية عنك أنك فنانة وعلى قدر كبير من الشهرة؟


- أنا شخصيا أنسى تماما أننى فنانة وأقول لهم «انسوا معالى اللى بتشوفوها فى التليفزيون»، وأتحول إلى فلاحة، فالمزرعة كانت حلم حياتى، وعندما حصلت على الأرض عام 1996، كانت عبارة عن قطعة أرض رملية من يراها يخاف الاقتراب منها، لكننى استطعت مع العمال أن أحولها إلى أرض زراعية مبهرة بخيرها وخضرتها، وأتمنى دوما ألا أفارقها، فقد عكفت على القراءة عن الزراعة، وبحثت عن كل الزراعات التى تناسب الأرض، وقرأت عن مراحل نمو النبات، وكيفية الاهتمام به، حتى إننى أعلم العاملين عندى فى المزرعة كيف يتعاملون مع النبات والحيوانات بطريقة علمية، وعندما يجدوننى فاهمة فى الزراعة يتعاملون معى على أننى صاحب مزرعة فاهم وشاطر.


■ وماذا أضاف لك التواجد شبه الدائم فى المزرعة على المستوى الشخصى؟


- المزرعة حولتنى إلى شخصية هادئة الأعصاب تماما، وعلمتنى الصبر وقوة الملاحظة، والنشاط المتجدد، وجعلتنى أكثر إحساسا بجمال الألوان والأشياء من حولى، فزاد إحساسى الفنى بالبيئة وأكسبتنى أيضا معلومات كثيرة حول تناسق الألوان مع بعضها، وكل لوحة أرسمها أشعر بأننى جزء منها.


وأصبح النبات بالنسبة لى مثل الطفل الصغير، الذى ينتظر منى رعاية وحباً، فالنبات يشعر بصاحبه، ويسمعه ويراه، ويفرح بوجوده، وتمكنت من تحقيق حلمى بالاكتفاء الذاتى والحياة فى مكان صحى وآمن وجميل وطبيعى، يجعل الإنسان فى حالة توحد مع الطبيعة، فلا يستطيع إلا أن يقول «سبحان الله» فى كل خطوة يخطوة أو نظرة يلقيها على الجمال من حوله.


■ ألم تحرمك الحياة وسط الخضرة من أضواء المدينة وكلمات المعجبين ووسائل الترفيه؟


- الوضع الآن أصبح مختلفا، والطريق الصحراوى أصبح عامرا بالمبانى والمحلات التى أشترى منها ما ينقصنى، وأنا أحب أن آكل مما زرعته بيدى، أما التواصل مع الأصدقاء فإننى أتصل بهم دوما وتليفونى دائما مفتوح من يريد أن يطمئن على يتحدث معى، كما أن الصداقات الحقيقية التى كونتها خلال حياتى قليلة، ومنهم من يطول عمر صداقتى بهم الى 20 عاما، ودائما ما نتواصل كأصدقاء ونتحدث عن ذكرياتنا ونتشارك فى الآراء أيضا.


■ كيف سهلت لنفسك مهمة اقتحام الصحراء على الرغم من أنك فنانة شهيرة ويكفيك العمل بالتمثيل؟


- عندما اخترت أن أغير حياتى، وأبدأ تجربة إنسانية جديدة، توقعت أننى لن أجد الحياة ممهدة وسعيدة، وافترضت أننى سأواجه المشكلات، فهيأت نفسى لها بشكل كبير، ولجأت إلى شخص معروف بأنه يأتى بالعمال إلى المزارع، واكتشفت مع الوقت أن مأساة كل صاحب مزرعة هى العامل، فالفلاح المصرى اختفى، وأصبح العاملون بالمزارع عمالاً مؤقتين، لا ينظرون للمزرعة إلا كمحطة انتظار لعمل آخر، وبعد أن يرهقوا صاحب المزرعة فى تعلم الزراعة، يذهبون بلا رجعة، على الرغم من أنهم يحصلون على رواتب مجزية، وهو ما يجعلنى كل فترة أبحث عن عمالة جديدة وأدربهم وأنا على يقين من أنهم سيتركوننى فى أقرب فرصة.


■ وماذا تفعلين فى أوقات فراغك؟


أعود إلى طموحاتى القديمة، وأمارس هواية الرسم بعد سنوات طويلة من الانقطاع، فأنا خريجة كلية تربية فنية، وكنت أحلم بأن أكون رسامة مشهورة، وتحول هذا الحلم إلى حقيقة فعلا من خلال تواجدى شبه الدائم بالمزرعة، ونظمت معرضاً فنياً للوحاتى العام الماضى، واستعد حاليا للمعرض الثانى.


■ عندما تعبرين عن نفسك بريشتك الفنية، بأى الألوان ترسمين؟


- أرسم باللونين الأبيض والأسود ودرجاتهما من الرماديات، مرحلة حياتى الأولى، والتى كنت أخطو فيها خطواتى الفنية الأولى، ثم أرسم لوحة بها اللونان الأحمر والأزرق، وهى مرحلة التألق، أما حالتى الآن فأعبر عنها بمزيج من الألوان «الأصفر والروز» مثلا وغيرهما من الألوان «الرايقة المتوهجة» والتى تعبر عن وضوحى النفسى وتوهجى الشخصى.


■ وما أكثر أعمالك الفنية قربا لقلبك؟


- مسلسل «دموع فى عيون وقحة»، فمع بداية شهر أكتوبر، تنتعش ذاكرتى وأعيش أجواء هذا العمل الذى قدمت فيه أحلى أدوارى الفنية مع الفنان عادل إمام، وصلاح قابيل، لأننى كنت أقوم فيه بدور شخصية مصر قبل عام 1973، وما بعدها، وحصلت عن هذا الدور على جائزة أحسن ممثلة عام 1983.


■ ما الذى تحلمين به الآن؟


- أحلم بتواصل النجاح فى أعمالى الفنية، لأننى تعودت على هذا الشعور الجميل، وهو ما جعلنى مُقلّة فى أعمالى الفنية، وأحلم أن أحول مزرعتى إلى مزرعة منتجة، وعلى المستوى الشخصى أتمنى دوام الصحة والستر وحسن الختام.