رغم أنها الدورة الرابعة والثلاثون لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فإن مرور السنوات لم يكسب مسؤوليه خبرة كافية للخروج به فى أفضل شكل تنظيمى وحدث فنى من المفترض أن يكون الأول فى منطقة الشرق الأوسط، لكن مهرجانات وليدة مثل «الدوحة» و«أبوظبى» و«دبى» قفزت على أكتافه وازدادت نجاحاً بمرور دوراتها عاماً بعد عام، ليقف «القاهرة» السينمائى وكأنه لم يبلغ بعد سن الرشد، رغم أنه فى عز شبابه!
المسألة ليست ميزانية قليلة، بل إدارة قليلة الحيلة فى تنظيمها للمهرجان، وغيابها عن كثير من الفعاليات، والاكتفاء بالتواجد فقط فى الأحداث التى تشهد حضوراً مكثفاً من وسائل الإعلام، إلى جانب افتقاد التنظيم الجيد والخروج بشكل يليق بـ34 دورة من المهرجان، والتى خرجت بالأخطاء نفسها التى اعتادها حضور المهرجان وزادت عليها أخطاء جديدة، فلاتزال مشكلة تعدد الأماكن التى يتنقل بينها الصحفيون والنقاد لمتابعة عروض المهرجان وفعالياته هى الصعوبة الأكبر التى ربما لن يستطيع المهرجان تجاوزها لسنوات مقبلة، ورغم إعلان إدارة المهرجان عن توفير أتوبيسات لنقل الصحفيين بين الأماكن الثلاثة المخصصة لعروض النقاد والصحفيين: الأوبرا وفندق سوفيتيل الجزيرة وسينما نايل سيتى، فإنهم فشلوا فى العثور على تلك الأتوبيسات التى لوحظ فيما بعد أنها تنقل العاملين فى إدارة المهرجان.
بالرغم من أهميتها، فإن عروض المسابقة الدولية شهدت أسوأ شكل وتنظيم لها طوال تاريخ المهرجان، لا يليق بمسابقة دولية لمهرجان كبير، حيث لم تسند إدارة ندواتها لأى من النقاد أو المتخصصين السينمائيين، واكتفت إدارة المهرجان بإسناد تلك المهمة للمترجمين الذين تولوا نقل الأسئلة بين الحضور وصناع الأفلام فقط فى ترجمة حرفية لما يقال، وهم لا يتمتعون بأى خلفية سينمائية، حتى فى تلك الأفلام التى شارك بها ممثلون مصريون مثل الفيلم الإيطالى «الأب والغريب» وجد بطل الفيلم عمرو واكد نفسه مثلاً فى الندوة بين المترجم ومنتجة الفيلم، فاضطر لتوجيه الندوة وتلقى الأسئلة من الحضور بنفسه.
كذلك كان جلوس صناع الأفلام والمترجمين على مقاعد وترابيزات كافيتريا «نايل سيتى» مول فى شكل غير مناسب تماما، إلى جانب ضيق القاعة المخصصة لعروض أفلام المسابقة الدولية، والذى حاول مسؤولو السينما التغلب عليه بنقل عروض الأفلام بين قاعتين، مما أدى إلى تشتت الحضور وتخلفهم عن بعض الندوات التى علموا فيما بعد أنها عقدت فى قاعة أخرى دون إبلاغ أى من مسؤولى المهرجان لهم بهذا التغيير، وربما بات التفكير فى تأسيس دور عرض لأفلام المهرجان أمرا ملحا، على أن تعرض تلك الدور طوال العام أفلاما تجارية تذهب عائداتها لدعم المهرجان ماديا وتصبح جزءا من ميزانيته.
قلة ضيوف المهرجان هذا العام من السينمائيين العالميين الذين لهم شهرتهم وشعبيتهم بين الجمهور المصرى وليس المتخصصين فقط كان أبرز السلبيات، وهذا ما انعكس على ما علق فى أذهان الجمهور طوال مدة الدورة، فاستضافة الممثل الأمريكى «ريتشارد جير» والممثلة الفرنسية «جولييت بينوش» كانت الحدث الأبرز فى هذه الدورة، والطريف أنه حتى تواجد «جير» نفسه فى القاهرة تم بمساعدة طرف من خارج إدارة المهرجان، التى لم تكن تعلم موعد وصول النجم العالمى، كما لم تتول عملية الحجز والإقامة التى قام بها رجل السياحة عمرو بدر، الذى أشرف على إقامة «جير» وجولاته السياحية فى مصر بعيداً عن إدارة المهرجان.
ورغم محاولات إدارة المهرجان الخروج بشكل تنظيمى جيد، خاصة فى تلك المؤتمرات الكبيرة، فإن تلك المحاولات لم تكلل بالنجاح، فعلى سبيل المثال أتيحت سماعات للترجمة الفورية فى المؤتمرات والندوات الكبيرة، لكى لا يستهلك وقت الندوة فى الترجمة داخل القاعات أثناء الفعاليات، إلا أن تلك السماعات كانت محدودة للغاية، ولم يستطع كثير من الحضور الحصول عليها، إلى جانب كثير من المشاحنات التى وقعت بينهم فى سبيل الحصول على «سماعة»!
وتبقى بعض المشاكل التى لم تستطع إدارة المهرجان التخلص منها مثل قلة مطبوعات المهرجان التى غالباً ما يحصل عليها المحظوظون ممن لهم علاقة جيدة بموظفى المركز الصحفى للمهرجان والذين لا تكون لهم علاقة بالسينما أصلاً، إلى جانب غياب مسؤولى المهرجان عن متابعة الفعاليات، وعدم تواجدهم فى الكواليس أو بين الصحفيين والنقاد لإفادتهم فى أى شىء، والاكتفاء بالتواجد فى المكاتب المخصصة لهم، باستثناء الأحداث الكبيرة التى شهدت حشدا من الكاميرات التليفزيونية والصحفية مثل مؤتمر «ريتشارد جير»، الذى حرص رئيس المهرجان عزت أبوعوف ونائبته سهير عبدالقادر على حضوره بنفسيهما.
أيضاً غياب الترجمة عن الأفلام المعروضة تجاريا للجمهور فى بعض دور العرض، وبالتالى عدم إقباله عليها، خاصة فى ظل الاحتياج إلى مزيد من الدعاية عن المهرجان فى جميع وسائل الإعلام المختلفة لجذب الجمهور.