زفة هيفاء و«رولزرايس» رمضان!!

طارق الشناوي السبت 30-07-2016 21:38

عندما تزوج الملياردير أحمد أبوهشيمة من الفنانة هيفاء وهبي، قبل 8 سنوات كان الفرح الذي أقيم في بيروت أسطوريا بكل ما تحمل الكلمة من مظاهر أبهة وفخامة وفشخرة، فأثار غضب الرأي العام المصري، حيث كان يبدو وكأنه ليلة تتجاوز خيالنا عن «ألف ليلة وليلة»، وصل الأمر أن عددا من الجرائد الأسبوعية السياسية اعتبرته الحدث الأهم، وغيرت مواعيد الطبع لتقدم لقرائها أدق التفاصيل عن ليلة العرس، وأخذنا نسمع عن طائرات خاصة اصطحبت الضيوف من كل أنحاء العالم، وأن الإقامة في فنادق سبع نجوم، ولأول مرة رأينا الرئيس الأسبق حسني مبارك يشير في إحدى خطبه إلى انزعاجه من إثارة الغضب والحنق بين الناس الفقراء بنشر هذه الأخبار، ولم يشِر صراحة إلى هيفاء وأبوهشيمة، ووصلت الرسالة إلى العريس والعروس، فقررا إصدار بيان مشترك يؤكدان أنه لا صحة لما تناولته الجرائد والميديا من مبالغات غير منطقية وأشارا إلى أنها مجرد تشنيعات وفبركة صحفية.

من المهم أن يراعي الجميع أن هناك من لا يجد من الناس قوت يومه، هذا عن الملياردير الذي يحصل في النهاية على أمواله من بضائع عينية يبيعها للناس، بينما الفنان يحصل على أجره كلما استطاع تحقيق الزيادة في معدلات حب الناس له، أجره لو حللته إلى رقم، ستجد أنه في النهاية ارتفع ليتجاوز الملايين مقابل حبك له، قطعت من أجله تذكرة سينما أو مسرح أو شاهدته في التليفزيون فازدادت كثافة الإقبال الجماهيري وبالتالي الإعلانات التي تسبق عرض المسلسل فارتفع أجره، رجل الأعمال ثروته تتحقق من جيبك، بينما الفنان يحصل على الملايين من قلبك.

وهذا هو ما لم يدركه تحديدا محمد رمضان، فهو يبدو تلقائيًّا لا يفكر في دلالة الكلمة أو ظلال الموقف، ولهذا وبكل وضوح وثقة في الله يعلن لجمهوره على صفحته كل شيء من بروفات المسرحية إلى خناقته مع بيومي فؤاد، وينتقل الخبر من صفحته إلى كل المواقع الصحفية، وهكذا سارع بالتقاط صورتين له مع سيارتين واحدة أعرف اسمها (روزلزرايس) والأخرى لا أعرفها ولم أهتم باسمها بالطبع، إلا أنها مثل الأولى أو أغلى وتُقدر أيضا بالملايين، ثقافة رمضان لم تؤهله ليعرف أن بعض التفاصيل قد تُثير حنق الناس.

أتذكر في منتصف الثمانينيات، قبل عصر المحمول كان واحد من مظاهر الثراء في المجتمع المصري، أن تعلن أن لديك جهاز تليفون في سيارتك الخاصة، كان عادل إمام يؤكد في كل أحاديثه أن عربته بلا تليفون، لأن عامة الشعب كذلك، رغم أنه من الناحية العملية كان قادرا لو أراد، على شراء «سنترال» متحرك يُلحقه بالعربة، كان عادل يرتدي في أغلب أفلامه الجينز لأن الناس البسطاء يرتدونه، وفي نفس الوقت يسارع بإعلان تفوقه الرقمي على كل منافسيه، مثل محمود عبدالعزيز ونادية الجندي وأحمد زكي، لم نكن في زمن الفيس بوك، ولكن كان عادل له عرض يومي على المسرح، فكان يضع إيراداته وإيرادات أفلام منافسيه في حجرته وعلى سبورة لتوضيح انتصاره عليهم بالضربة القاضية، وربما تلك فقط هي التي أخذها رمضان من عادل، وهي استفزاز الخصوم وإخراج لسانه لهم، فهو مهتم بنشر إنجازاته الرقمية غير المسبوقة على صفحته. علاقة الفنان بـ«الميديا» الإعلامية مهمة وحيوية، ولكن على الفنان أن يعيد دائما صياغتها ووضعها في إطارها الصحيح، الناس لا تتعامل معه كحالة إنسانية بشرية يحب ويكره وينجب ويتزوج ويطلق ويركب عربة آخر طراز، ولكنهم يفضلونه كائنًا على مزاجهم، ولهذا مثلاً تكتشف أن كلاً من فريد الأطرش وعبدالحليم حافظ لم يتزوج، بالطبع تعددت التفسيرات، وكان من بينها أن كلاً منهما كان حريصاً على أن يظل وحتى آخر نفس هو فتى أحلام البنات، فضحّى من أجل جمهوره بسعادته الشخصية.

دائماً في الزمن الماضي تلمح أن هناك غطاءً لا يمكن اختراقه يغلف حياة المشاهير، روت لي الإذاعية الكبيرة آمال فهمي، أمد الله في عمرها، حكاية لها مع أم كلثوم مرّ عليها أكثر من 60 عاماً ولم تبرح ذاكرتها.

كان أغلب المذيعين الذين ينقلون للجمهور حفلات «الست» على الهواء عبر أثير الإذاعة يقدمون كلمات الأغنية ويتحدثون قليلاً عن المؤلف والملحن ثم تأتي لهم الفرصة بين الوصلتين لوصف فستان أم كلثوم، ولكن لا أحد منهم يتجاوز أكثر من ذلك، إلا أن آمال فهمي غلبتها الحاسة الإعلامية وقررت أن تبحث عن الجديد الذي من الممكن أن يثير حفيظة المستمعين، وعلى طريقة أرشميدس هتفت «وجدتها وجدتها»، وكانت ضالتها المنشودة هي أنها استغلت علاقتها بسعدية وصيفة أم كلثوم وعرفت منها ماذا أكلت أم كلثوم قبل الحفل في وجبة الغداء، وقبل أن تفاجئ آمال فهمي الجمهور بهذا السبق الإذاعي، قررت أن تفاجئ أم كلثوم في الاستراحة، كان باقيا على رفع الستار لحظات قالت لها «أنا عرفت أنت أكلت إيه النهارده»، ردت عليها أم كلثوم بكل ثقة «لا أحد يعرف يا شاطرة ماذا أكلت أم كلثوم» فاجأتها الشاطرة بقولها ربع دجاجة وكوب عصير برتقال ورغيف خبز أسمر وطبق أرز وآخر سلطة، وهاجت وماجت أم كلثوم بعد أن افتضح سرها، فهي تأكل وتشرب مثلنا، ولم تستطِع آمال فهمي أمام فيضان الغضب إذاعة سبقها على الناس، واكتفت مثل الآخرين، بأن وصفت فقط للمستمعين لون الفستان، وفي الاستراحة الثانية استدعتها أم كلثوم إلى غرفتها وقالت لها إنها كانت تعتقد وهي صغيرة أن كبار الفنانين لا يأكلون مثل البشر وأنهم أقرب إلى الأساطير، وأنها لو وافقت على أن تحكي عنها كإنسانة لسقطت من برجها العاجي.

ربما كانت أم كلثوم تبالغ، كما أن العصر وقتها قبل الانفجار الفضائي كان دائماً ما يسمح بأن يظل للفنان مساحته البعيدة عن التناول والتداول اليومي، ولكن مع توفر أكثر من 1500 فضائية ناطقة بالعربية يقتات بعضها على أحاديث النميمة، لم يعُد من الممكن أن يظل الفنان تحوطه أوراق السوليفان، كثرة الظهور البرامجي والجرأة في الإعلان عن تفاصيل حياة النجوم المادية والعاطفية والشخصية، تخصم الكثير من الألق الشخصي، وتلك الصورة الذهنية التي يصدرها في العادة الفنان للناس.

رمضان ابن هذا الزمن ولهذا فهو بسنواته التي لم تصل إلى الثلاثين يتواصل مباشرة مع جمهوره بالنت، يحاول أن يحكي لهم كل التفاصيل التي يعيشها، وتصور أن وقوفه بين عربتين فارهتين مثل تناوله لساندوتش كبدة إسكندراني على عربة يد سوف يشعرهم بأنه لا يخفي عنهم شيئًا، فهو في نهاية الأمر يفضفض لأهله وأصدقائه، ثقة في الله، ولم يدرك أن القطاع الأكبر من جمهوره لا يملك من حطام الدنيا غير ستر الله!.

tarekelshinnawi@yahoo.com