فى عدد الأمس من جريدة «الأهرام» إعلان فى الصفحة الخامسة. المعلن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى. وتحديدا وحدة إدارة مشروعات الرى الحقلى. لم يكن ليمر هذا الإعلان مرور الكرام. قد بُح صوتى طوال سنوات. أنادى فيها بتحديث شبكات الرى. ما إن رأيت هذا الإعلان حتى تلقفت الكرة.
حسب الإعلان فإن هذا المشروع سيتم تمويله من خلال قرض البنك الدولى للإنشاء والتعمير. الذى حصلت عليه مصر مؤخرا بهدف تحديث شبكة الرى. تم اختيار وتحديد المواقع التى سينفذ فيها المشروع. ستكون البداية فى محافظة كفر الشيخ لتغطية 17 ألف فدان. فمتى ننجز 10 ملايين فدان. ونحولها إلى 90 مليون فدان. بدلا من أن نعيش على 7 فى المائة٫ متى نعيش على 50 فى المائة من أرض مصر؟
انتهى الإعلان. كلام جميل. لا غبار عليه. بل ندعمه بكل قوة. فهذا ما نادينا به فى الماضى. وننادى به الآن وسنظل ننادى به فى المستقبل. حتى تتحول منظومة الرى فى مصر كلها إلى رى حديث متطور. هذا الإعلان يعكس أن الدولة لم تكن تصم آذانها عن دعوات تحديث الرى. موقفها اختلف. أصبح إيجابيا الآن. أو للدقة نصف إيجابى. لأنه كان من الممكن أن يتم الإعلان عن المشروع. أن تطلب وزارة الزراعة من الخبرات والكفاءات الوطنية أن تفكر معها فى وضع خطة لذلك. خطة مرتبطة بتوقيتات زمنية.
أدهشنى الإعلان. أغفل دور وزارة الرى المعنية بالأساس. وأهم عنصر فى هذه المنظومة. تتحمل العبء الأكبر. قبل كل هذا وذاك المشروع لا يخص وزارة الزراعة وحدها. الدولة كلها معنية. المجتمع بأكمله. هذا أهم مشروع قومى فى مصر.
التمويل أمر أساسى لتنفيذ مشروع بهذا الحجم. لا مانع من أن يكون من خلال قرض. لكن هناك سبلا أخرى للتمويل. فى مقدمتها الاستثمار فى هذا الأمر من خلال شركات مصرية وأجنبية. تحصل على امتياز بالاستثمار فى المساحات التى سيتم تغطيتها مثلا. يمكن من خلال شراكة بين الدولة والقطاع الخاص. قبل كل هذا وذاك علينا توجيه الأموال التى تبقت من مشروع المليون ونصف المليون فدان إلى هذا المشروع. المهم أن نسارع فى وتيرة هذا العمل. الإنجاز مطلوب. لأن تطبيق الرى الحديث سيوفر علينا كثيرا وكثيرا من الجهود الضائعة. ومن المياه المهدرة نتيجة البخر تارة. ونتيجة التسرب فى باطن الأرض تارة أخرى. سنوفر ملايين الجنيهات سنويا كميزانيات لتنظيف الترع من الحشائش. لتقليل الأضرار البيئية الناتجة من الترع المكشوفة والمصارف. التى تحولت إلى أكبر مقالب للحيوانات النافقة والقمامة.
إعلان الأمس بداية جيدة. لكنه بداية محدودة. لأن تطوير منظومة الرى فى مصر مشروع عملاق. يحتاج لجهود مشتركة. لن تستطيع الدولة وحدها. لن يقدر القطاع الخاص على فعل ذلك بشكل منفرد. عقد مؤتمر علمى بإشراف وزير الزراعة ومشاركة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة للإعلان عن مشروع تطوير الرى فى مصر وأنه سينتهى خلال 10 سنوات أمر حتمى.
مشاركة رئيس الجمهورية فى هذا الأمر لا تقل أهمية عن مشاركته فى حفل تخرج طلاب كلية الشرطة أو المعهد الفنى للقوات المسلحة. هذا أيضا أمن قومى. نريد مباركة الرئيس. لأن هذا المشروع على رأس الأولويات المصرية. هو فى أهميته يسبق تفريعة قناة السويس. يسبق مشروع العاصمة الإدارية الجديدة. سيغير وجه مصر بشكل كامل.