حاملاً معه ذكريات الانتخابات البرلمانية لعام 2005، نزل «مصطفى. ح»، سائق الأجرة على خط «6 أكتوبر - جيزة»، فى السابعة مساء ليلة الانتخابات متخذاً قراره بالعودة قبل طلوع الشمس، حتى لا تقوم الشرطة باصطحابه معها للمرور على اللجان الانتخابية مثلما حدث فى الانتخابات السابقة، كما يحكى.
«اللى يخاف من العفريت يطلعله»، هكذا كان لسان حال مصطفى حين فوجئ بأمين شرطة يستوقفه «أخد منى الرخص فى شارع الهرم وقاللى نزل الركاب اللى معاك وتعالى تانى».. لم يعرف ما المخالفة التى ارتكبها ولا يملك فى الوقت نفسه حق الاعتراض «والله العظيم يا أستاذ مرة رفضت أطلع مع ضابط مأمورية شغل، لفق لى قضية سلاح».. قالها مبرراً موافقته على «أوامر» الشرطة بنقل الصناديق الانتخابية من «قسم الهرم والعمرانية» إلى مقار اللجان الانتخابية.
قضى مصطفى الليل بأكمله، هو وأكثر من 40 سائقاً بسياراتهم الأجرة - حسب تقديره - فى نقل الصناديق، وكل هذا مقابل «ساندوتشات هامبورجر وبطاطس وجبنة رومى وكاتشب»، يقول مصطفى إنها «وجبات بتوزعها على الأقسام عربيات ملاكى من طرف المرشحين».
مهمة السائق ورفاقه لم تنته بانتهاء الليلة وبدء عملية الاقتراع، ولكنها استمرت حتى السادسة مساء يوم الانتخابات «بعد ما نقلنا الصناديق فضلنا طول اليوم ننقل ضباط وأمناء شرطة ونلف على اللجان». لم يهتم مصطفى البالغ من العمر «40 عاماً» برصد ما يجرى داخل لجان الانتخابات: «أنا كنت ما بصدق يوقفنا قدام لجنة علشان أنام شوية أريح فيها عينى». استغلال رجال الشرطة لسائقى سيارات الأجرة - على حد وصف مصطفى - لا يقتصر على أيام الانتخابات فقط أو منطقة بعينها «فى أكتوبر.. لو أمين الشرطة عايز علبة سجاير بياخد سواق بالعربية علشان يروح يجيبها».. قالها مؤكداً: «والله العظيم مش ببالغ».
يقدر السائق الذى يعمل «باليومية» الخسارة التى تعرض لها «صاحب السيارة» بأكثر من 300 جنيه، ويتساءل عن السبب فى عدم امتلاك «الداخلية» سيارات تقوم بهذه المهمة، مضيفاً: «هم مش عارفين إن معظم العربيات دى عليها أقساط عايزة تتسدد؟».