الميرغني مع اتحاد يجمع مصر وليبيا وإريتريا وتشاد وشمال السودان وجنوبه

كتب: الألمانية د.ب.أ الأربعاء 08-12-2010 12:32

أكد رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني محمد عثمان الميرغنى أن العمل من أجل الوحدة «لم ينته وقته ولم يفت أوانه»، وأن حزبه سيظل يعمل «حتى اللحظة الأخيرة لتكون نتيجة الاستفتاء لصالح الوحدة».

وشدد الميرغنى على أنه «إذا أتت نتيجة الاستفتاء لصالح الانفصال، فإننا نرحب بالخيار الذي ارتضاه الأخوة في جنوب السودان، وسنواصل العمل من أجل توحيد البلاد».

وقال: «نرى أن الكونفيدرالية هي الخيار المناسب لشمال وجنوب السودان، على أسس جديدة تعالج الأسباب التي أدت إلى وقوع الانفصال».

وطرح الميرغنى رؤية حزبه المستقبلية والمتمثلة في «قيام اتحاد يجمع مصر والجماهيرية الليبية وإريتريا وتشاد والسودان، وفى حالة انفصال الجنوب، يجمع الاتحاد دولة شمال ودولة جنوب السودان».

ومن المقرر أن يصوت مواطنو جنوب السودان يوم التاسع من يناير المقبل في استفتاء على تقرير مصيرهم، إما البقاء ضمن السودان الموحد، أو الانفصال وتكوين دولة جديدة في جنوب البلاد.

وانتقد الميرغنى انفراد شريكي الحكم في السودان بمقاليد الأمور، وقال: «مسعانا للوفاق الوطني الشامل لم يجد قبولا من الشريكين اللذين فضلا أن تجرى الأمور ثنائيا بينهما. وسارت الأمور إلى أن وصلنا إلى ما تشهده البلاد حاليا من تطورات خطيرة بشأن قضايا الاستفتاء والوحدة والقضايا العالقة بين الشريكين».

وبحسب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني، بذل الحزب جهودا تاريخية، منها ما أدى إلى توقيع اتفاقية السلام السودانية مع الحركة الشعبية في أديس أبابا عام 1988 (الميرغنى/قرنق) على أساس وحدة السودان «ترابا وشعبا»، كما قادت جهود الحزب للتوصل لاتفاقية القاهرة عام 2005 بين أحزاب التجمع الوطني والحكومة السودانية لسد فجوات سلام نيفاشا واستكمال نواقصه، فضلا عن طرح الحزب لمبادرته للوفاق الوطني الشامل بدعوة كل قيادات البلاد للتحاور حول تعزيز الوحدة الوطنية وحل مشكلة أبيي والإسراع بحل مشكلة دارفور وغيرها من القضايا السودانية.

وتابع الميرغني في معرض رده على أسئلة للوكالة الألمانية: «لقد نبهنا مبكرا إلى العيوب والنواقص التي اشتمل عليها قانون الاستفتاء،وقلنا إن الأخير اقتضته اتفاقية نيفاشا للسلام ونص عليه الدستور الانتقالي لعام 2005 وقام الشريكان بوضع قانونه وتشكيل مفوضيته ثنائيا، إلا أن القضايا المتعلقة به (قضايا ما قبل وما بعد الاستفتاء) ذات طبيعة عامة وتخص الشعب السوداني بأكمله».

وأردف: «ولذلك فإن بحثها فى مفاوضات مغلقة بين الشريكين فى وجود المبعوثين الدوليين وغياب مشاركة أهل السودان، لن يفضى إلى نتائج مثمرة، او حلول معبرة عن ارادة الشعب ، ولابد من تصحيح الخطأ عبر تأمين مشاركة حقيقية لكل القوى السياسية السودانية في مناقشة القضايا الوطنية المصيرية».

وفى رده على تساؤل حول ما إذا كانت مسؤولية الانفصال، في حال حدوثه، تقع على حزب المؤتمر الحاكم أم على الحركة الشعبية، أجاب الميرغني: «حسم نتيجة استفتاء تقرير مصير جنوب السودان يتوقف بالدرجة الأولى على موقف الشريكين منه، وبالتالى فإن مسؤولية فشل الحفاظ على وحدة السودان تقع عليهما. والمهم لنا هو الحفاظ على الوحدة واستمراريتها في أي صورة من الصور إذا حدث الانفصال».

وحول ما إذا كان الانفصال المحتمل للجنوب قد جاء نتيجة لأخطاء أبناء السودان أنفسهم، أم نتيجة للتدخلات الأجنبية في الشأن السوداني، قال السياسي المخضرم: «في معظم الاتفاقيات التي دعمها الحزب الاتحادي، حرصنا على ضرورة النص على جعل الوحدة خيارا جاذبا بآليات تنفذ على الأرض: هذا من حيث النصوص، أما من حيث الواقع، فقد سارت الأمور في منحنى آخر، فمعظم بنود اتفاقيات السلام المبرمة مع الحكومة لم تنفذ».

وتابع: «كان من المفترض أن يعمل الشريكان خلال الفترة الانتقالية لبناء الثقة وجعل خيار الوحدة جاذبا إلا أنهما استغرقا كل السنوات فى خلافات ومناورات أضعفت فرص الوحدة وجعلتها عرضة للفشل».

أما فيما يتعلق بـ «التدخلات الأجنبية الضارة»، فقد رأي الميرغني أن «أبرز مظاهرها يتمثل فى تشجيع الانفصال الصادر عن بعض الدول الأجنبية لحسابات تخصها و لا دخل ولا مصلحة للمواطن السودانى فيها. ونحن نستنكر على تلك الدول حرصها على إقامة وحدة أو اتحاد في بلدانهم أو فيما بينهم وتشجيعهم للانفصال فى بلادنا والعمل على بعثرتها».

أما فيما يتعلق بتقييمه لسيناريو أن يكون انفصال الجنوب بداية لتفكك السودان بأكمله وأن دارفور هي المعركة القادمة ، فقد أوضح السياسي السوداني البارز أن تجزئة السودان وتفكيكه لدويلات صغيرة وهشة يسهل ابتلاعها «هو سيناريو كارثي بكل المقاييس، وللأسف لم تتعرض وحدة التراب السودانى لمخاطر التجزئة والتقسيم بقدر ما تتعرض له فى الوقت الراهن.  ونحن كحزب وطني نؤكد أن الانفصال ليس فيه خيرا لا للشمال ولا للجنوب».

وروى كيف تسببت قضية الحرب في الجنوب خلال ثمانينيات القرن الماضي في «تنامي دعوات جديدة لحمل السلاح في أنحاء متفرقة من البلاد وتعزيز الاتجاهات الانفصالية وتراجع الأصوات الوحدوية».

وأردف: «وانطلاقا من أن قوة الشعوب تكمن في وحدتها، فإننا ندعو إلى إسراع الخطى في حل مشكلة دارفور. وقد أعلنا مبكرا رؤيتنا لذلك بمخاطبة جذور الأزمة ومعالجة مسبباتها وذلك برد المظالم ودفع التعويضات وتوفير الأمن وإقامة العدل ومحاكمة كل من ارتكب جرما بحق أهل دارفور وتلبية مطالبهم العادلة فى شكل الحكم . كما دعونا إلى توسيع قاعدة المشاركة فى المفاوضات الجارية بالدوحة لتشمل كل الحركات المسلحة والقوى السياسية السودانية، حيث إن الحل الجزئي قد أثبت فشله الذريع».

وفيما يتعلق بمستقبل الشمال بعد الانفصال و كيف سيعوض عوائد النفط ، أكد الميرغنى على أن «الانفصال بلا شك سيكون مصدر ضعف ومدعاة لمشاكل عديدة ستواجه الشمال والجنوب، وستكون كفيلة بزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والإقليم وتشكل مصدر قلق دائما للعالم بأسره».

وتابع: «الانفصال لا قدر الله ،إذا وقع، سيؤدى لظواهر سلبية في مقدمتها حالات الاقتتال وازدياد النزوح والتشريد والهجرة وحدوث المجاعات وتفشى الأوبئة والأمراض. ونخشى وقوع فوضى في الشمال والجنوب، ربما تنفجر في أي لحظة».

واقترح الميرغنى لاستمرار جعل خيار الوحدة بين الشمال والجنوب جاذبا وحتى لا يقود الانفصال إلى مشاكل أن تبقى الجنسية السودانية للجميع لمدة خمس سنوات وأن يتمتع أهل السودان في الشمال والجنوب بحرية الحركة والتنقل «أي لا يعانى أهل الجنوب ممن يقطنون الشمال من أي مشاكل، أو انتقاص للحقوق، وبالمثل لا يعانى الشماليون في جنوب السودان من أي مشاكل أو انتقاص للحقوق».

وفيما يتعلق بتقييمه لرأى الرئيس السوداني السابق عبد الرحمن سوار الذهب الذي وافق على أن يتولى مسيحي حكم السودان إذا كان ذلك هو الحل الوحيد للنجاة من سيناريو الانفصال، قال الميرغنى إن حزبه «ظل دائما ولا يزال يدعو لقيام دولة ديمقراطية تكفل حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لسائر المواطنين والمساواة التامة بينهم، تأسيسا لحق المواطنة».

ودلل على ذلك بتجربة الحزب العملية في حكم السودان من خلال مجلس السيادة (رأس الدولة) الذي كان يضم في تشكيله مسلمين ومسيحيين، وأوضح: «كفل دوري الرئاسة لأحد أبناء جنوب السودان من المسيحيين وهو السياسي المخضرم سيريسيو ايرو وانى أن يصبح رئيسا للسودان خلال دورته الرئاسية ولا نرى في ذلك حرجا ولا خروجا على الدين، ولا تناقضا مع تعاليم الإسلام».

وشدد الميرغنى على أن الأمل الوحيد لانتشال السودان من وهدته الحالية والخروج به من الأزمات التي تحيط به هو «وجود حوار وطني جاد ومسؤول بين كل أبناء السودان وبمشاركة كل القوى السياسية بما يفضى إلى إيجاد حل سوداني دائم وعادل للأزمة الوطنية المستفحلة».