«ألزهايمر».. مرض يعاني من مغالطات السينما المصرية

كتب: نهال لاشين الأربعاء 08-12-2010 11:18

«زهايمر».. عنوان مضلل لفيلم سينمائي، يحكي صراع أبناء الأثرياء، بينما يفتقد حواره ومشاهده إلى حقائق كافية حول مرض «آلزهايمر»، فالزعيم عادل إمام بطل الفيلم تعرض لمؤامرة من أولاده لإيهامه بأنه مصاب بمرض آلزهايمر، وعليه فلا يمكننا اعتبار المشاهد الخاصة به معبرة عن المرض، حتى لو صادف منها الصواب.

لم يتجاوز الحوار «الحقيقي» عن المرض أكثر من ثلاثة مشاهد، جاءت في بداية الفيلم، ليتفاجأ المشاهد بعد ذلك، بالابتعاد عن قضية المرض تماما، ليعاد ذكره مرة أخيرة في نهاية الفيلم بأمنية عادل إمام أمام أبنائه: «نفسي يكون عندي زهايمر بجد عشان أنسى اللي عملتوه فيا». 

مغالطات علمية

لم يأخذ مرض «آلزهايمر» حقه الصحيح في هذا الفيلم، فابتداء بالعنوان جاء أول الأخطاء، فالمرض اسمه «آلزهايمر» وليس «زهايمر»، نسبة للعالم الألماني لويس آلزهايمر، الذي له الفضل في اكتشافه قبل قرن من الزمان وبالتحديد في عام 1906، عند تشريحه لمريضة في الخمسين من عمرها عقب موتها، وكانت تعاني من فقدان الذاكرة.

جاء الخطأ الثاني عندما صور الفيلم أن مريض آلزهايمر يعاني من فقدان للذاكرة القريبة، حيث ذُكرت المعلومة صريحة على لسان الفنان أحمد راتب، الصديق الحميم للفنان عادل إمام في الفيلم، قائلاً: «هو مرض آلزهايمر كده بتنسى الأحداث القريبة». 

والصحيح - كما يؤكد الدكتور هشام منتصر استشاري جراحة المخ والأعصاب لــ«المصري اليوم»  «أن مريض آلزهايمر يعاني من تدهور متدرج في مستوى الذاكرة للأحداث القريبة والبعيدة، تنتهي بفقدان كامل للذاكرة، وتدهور في وظائف الأعضاء».

«المرض دا زي الوحش المفترس، يفضل ياكل في الجسم لحد ما يقضي عليه»، تعبير غير دقيق، جاء على لسان الفنانة إسعاد يونس وهي طبيبة في المصحة التي ترعى مريض آلزهايمر سعيد صالح، صديق الفنان عادل إمام في الفيلم.

وتعليقا على هذه العبارة يقول الدكتور سمير الملا أستاذ جراحة المخ والأعصاب بجامعة عين شمس لــ«المصري اليوم»: «هذا الوصف خطأ، فمرض آلزهايمر لا يفترس الإنسان، فهو لا يلتهم الخلايا، ولكنه يؤدي إلى اختلال في كيمياء المخ، وبالتالي فهو يفقد خلايا المخ وظيفتها تدريجيا، مما يؤدي إلى النسيان كعرض أولي وأساسي».

ويضيف الدكتور هشام منتصر: «إن وصف آلزهايمر بالوحش المفترس غير دقيق، فهو ليس كالأورام السرطانية مثلا، التي تنتشر في خلايا الجسم وتدمرها».

إذن ما هو آلزهايمر؟

مرض «آلزهايمر» هو أكثر الأمراض شيوعا عند الشيخوخة، يصيب خلايا المخ ويؤدي إلى اضطراب في الذاكرة والتفكير والسلوك، ويصيب تقريبا ما بين 2% إلى 5% من الأفراد فوق سن 65 عاما، و20% من الأفراد فوق سن 80 عاما.

وحول أسباب الإصابة يؤكد الدكتور هشام منتصر: «إن مرض آلزهايمر لا يُعرف له أسباب حتى الآن، إلا أنه يتسبب في تدمير خلايا وأعصاب المخ، خاصة بمنطقة قرن أمون hippocampus والقشرة الدماغية المتصلة به».

وينتج عن تحلل وموت خلايا وأعصاب المخ، حدوث فجوات تدريجيا داخل بعض مناطق المخ؛ وهو ما يؤدي إلى انكماش المخ نوعا، وبالتالي يؤثر على قدرة المصاب في التذكر والتكلم واتخاذ القرارات.

وحول تفسر حدوث هذا المرض، يقول الدكتور منتصر: «إن الخلل الذي يصيب المخ- في حالة آلزهايمر- هو ناتج عن عدم قدرة المخ على التخلص من النفايات الضارة، التي تتجمع في خلايا المخ مسببة تراجعا في وظيفة هذه الخلايا، مما يؤدي إلى حدوث تغيرات فسيولوجية تبدأ بالنسيان».

كيف يتم تشخيصه؟

حتى الآن لا يوجد طريقة لتشخيص المرض إلا عن طريق استبعاد باقي أسباب الخرف (فقدان الذاكرة)، يقول الدكتور سمير الملا حول تشخيص آلزهايمر: «تتشابه أعراض مرض آلزهايمر مع أعراض ضمور المخ، فالاثنان يتسببان في فقدان الذاكرة، ولكن ضمور المخ يبدأ في أول سن الخمسينيات ويتطور سريعا، بينما يحدث آلزهايمر عادة بعد سن الـ 65، كما أنه بطيء في التطور».

هناك أيضا بعض الأمراض الشبيهة بآلزهايمر مثل اضطرابات الغدة الدرقية، والإصابات الدماغية، والاستخدام المفرط للكحوليات، والأورام والاكتئاب.

ويكون التشخيص عادة عن طريق قيام الطبيب بعمل فحص إكلينيكي وعصبي ونفسي شامل للمريض؛ وهو ما يؤدي إلى تأكيد التشخيص بنسبة 90% إلا أنه لا يمكن التأكد من صحة التشخيص 100% إلا بعد وفاة المريض والقيام بفحص الأنسجة الدماغية تحت المجهر للبحث عن الإصابات الخاصة بمرض آلزهايمر.

ولكن الأكيد هو أن التشخيص المبكر يفيد في تحقيق أفضل استفادة من العلاج، لذا ينصح بمراجعة الطبيب في حال ظهور أي أعراض مثل النسيان المتكرر، أو الاكتئاب أو أي تغير في السلوكيات خاصة مع كبار السن.

كيف تتطور أعراضه؟

من 50 إلى 60 % من حالات فقدان الذاكرة يكون سببها آلزهايمر، لذا فإن النسيان هو أول الأعراض التي تظهر على المريض، ويبدأ بنسيان الأشياء البسيطة، مثل أماكن الأشياء التي وضعها بيده، أو نسيان حدث قريب جدا منذ ساعات أو أيام.

يقول دكتور هشام منتصر: «تبدأ أعراض آلزهايمر بنسيان أشياء بسيطة، وينتهي بفقدان كامل للذاكرة، بالإضافة إلى حدوث تدهور في وظائف الأعضاء دون سبب واضح».

وبما أن آلزهايمر مرض يتقدم بشكل تدريجي، فقد يكون هذا التقدم أسرع في بعض المرضى عنه في غيرهم، ولكنه بصفة عامة يصيب المريض بعدة أعراض منها:

• اختلافات في المزاج والسلوك.

• اكتئاب وتوتر.

• اضطراب في النوم.

• حدوث اختلافات جذرية في الشخصية.

• صعوبة إنجاز بعض المهمات المألوفة.

• فقدان روح المبادرة.

• فقدان القدرة على اتخاذ القرارات.

• مشاكل في القيام بالتفكير التجريدي.

• صعوبة في التكلم.

• فقدان الإحساس بالمكان والزمان.

• فقدان للذاكرة جزئي، ثم كلي.

• فقدان القدرة على الاهتمام بالشؤون الخاصة كدخول الحمام وارتداء الملابس.

• تدهور وظائف الأعضاء.

• تتراوح فترة المرض منذ تشخيصه بين ثلاث و20  سنة حتى حدوث الوفاة، إلا أن المتوسط العام هو ثماني سنوات.

هل من علاج؟

يؤكد الدكتور سمير الملا أنه لا يوجد حتى الآن علاج لمرض آلزهايمر، وتعتمد العلاجات الخاصة به على الحد من الأعراض المصاحبة للمرض، كأدوية الاكتئاب واضطرابات النوم وتنشيط الذاكرة.

ويعتقد أن جزءا من المشكلة هو في مسألة التشخيص؛ حيث لا يمكن حتى الآن تشخيص المرض إلا بعد ظهور أعراضه؛ حيث تكون الإصابة داخل المخ قد وصلت إلى مرحلة متقدمة لا ينفع معها علاج.

وما زالت الدراسات والأبحاث جارية لإيجاد علاج لمرض آلزهايمر، إلا أن المشكلة تكمن في التشخيص المبكر؛ وهو ما قد يعطي فرصة لتجربة بعض الأدوية لإيقاف تطور المرض في بداياته. كما أنه قد يفتح الفرصة أمام الباحثين لدراسة تأثير بعض أنواع العلاج على المرض.

 

أبحاث قيد التجربة

هناك بعض الأبحاث العلمية تشير إلى أن تناول بعض الأدوية قبل ظهور المرض من نوع الأدوية المضادة للالتهاب مثل naproxen and ibuprofenأو تناول كميات كبيرة من الكركم والكاري داخل الطعام، قد تقلل من فرص الإصابة به.

هذا بالإضافة إلى بحث ياباني نشر أواخر العام الماضي 2001، يشير إلى أن تناول الفيتامين Eبشكل يومي من شأنه الوقاية من مرض آلزهايمر؛ وذلك بسبب إبطال الفيتامين لمفعول الشقوق الحرة داخل الجسم.

قد يلجأ الأطباء أيضا إلى تنبيه مرضى آلزهايمر باستخدام بعض الوسائل البديلة في الطب، مثل العلاج بالفن والعلاج بالموسيقى أو عن طريق استخدام لعب الأطفال.

 

المصدر:

http://www.alz.org/index.asp