أغلب الظن أن هذه أول وأكبر أزمة تواجه يحيى راشد وزير السياحة لأنها ألقت بظلالها على قطاع السياحة كله وكانت حديث الجميع طوال الأسبوع الماضى مابين مؤيد ومعارض لمضمون «حرب» البيانات التى انطلقت مساء الأربعاء الماضى من جمعية مستثمرى البحر الأحمر من مقرها بالغردقة ضد أفكار وخطط وزير السياحة لإعادة السياحة خاصة حملة مصر الدولية والمحاور الستة التى أعلن عن تنفيذها فى 6 شهور فور توليه الوزارة التى يرى بيان الجمعية أنها بعيدة عن الواقع وأن القطاع لم يعد يتحمل التجارب.. بل واعتبر البيان أن الجمعية بذلك تطلق جرس إنذار للجميع قبل أن تلقظ السياحة أنفاسها الأخيرة.
ونحن اليوم لخطورة هذا الكلام الذى فوجئنا به منشوراً على كل المواقع الإخبارية مساء الأربعاء الماضى فأحدث هذه الأزمة الكبرى ننشر النص الذى كان يقول:
■ تطلق جمعية مستثمرى البحرالأحمر جرس الإنذار قبل أن تنهار صناعة السياحة وتلفظ أنفاسها الأخيرة.. أكثر من 6 سنوات تحملنا خلالها سداد فاتورة لم نكن مسؤولين عنها ومع ذلك تحملناها صاغرين مؤمنين بمستقبل دولتنا.. ولكن وصلنا إلى نهاية النفق المظلم الذى اختفت منه حميع بشائر الأمل.
لم يعد القطاع يحتمل التجارب.. ولم يعد يحتمل الأفكار والخطط التى تحلق بعيداً عن الواقع المؤلم الذى يعيشه العامل قبل رب العمل. لقد استنفد القطاع جميع فرصه لكى يحيا من جديد وتسرب الوقت من بين يديه حتى أصبح قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس بعد أن فقد كل ما يملك لكى يحافظ على المنشآت من الانهيار، ومن هنا أدركنا أنه لا يمكن أن نقف مكتوفى الأيدى نشاهد انهيار هذه الصناعة التى كانت يوما قاطرة التنمية فى مصر وكانت أهم شريان لضخ العملات الأجنبية فى شرايين الاقتصاد.. وحاضنة لشباب مصر من العاملين الذين تجاوز عددهم 2 مليون عامل مباشر بخلاف أسرهم.. ولا يقل عن أربعة أضعاف عمالة غير مباشرة والذين تم تشريدهم.
إن هذه الحقائق المؤملة وضعتنا أمام مسؤولياتنا ووجدنا لزاماً علينا أن نبلغ قيادات الدولة بالمخاطر التى تحيق بثرواتها السياحية.. والتى رأينا أن نعرضها على السيد رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل بصراحة ودون مواربة للصالح العام ونطالب بالأتى:
1- ضرورة إلغاء التعاقد «الفورى» مع شركة التسويق «جى دبليو تى» بعد فشلها طوال الفترة الماضية فى القيام بمهامها فى الترويج لمقاصدنا السياحية.. وبعد أن ثبت أنها لا تمت من قريب أو بعيد للشركة التى قامت بتنفيذ حملة مصر التسويقية قبل عام 2010.
2- ثبت بما لايدع مجالاً للشك أن خطة وزير السياحة المبنية على ستة محاور لا تمت للواقع بصلة ولم تقدم حلولاً عملية للمأساة التى يتعرض لها القطاع.. وكان يجب أن يشارك فى وضعها أهل القطاع الذين يعيشون المأساة والأكثر دراية بطرق المواجهة والحل.. ولديهم أيضاً من الخبرة ما يعينهم على مساعدة الدولة للخروج من الأزمة.
3- ضرورة الاجتماع الفورى مع السيد رئيس مجلس الوزراء لنضع أمامه الحلول الاحترافية والمهنية التى تنقذ قطاع السياحة من الانهيار.
4- قرر مجلس إدارة جمعية مستثمرى البحرالأحمر الانعقاد الدائم وعدم رفع الجلسات لحين انعقاد اللقاء ولمتابعة تداعيات الأزمة.
■ هاجت الدنيا وماجت عقب صدور هذا البيان.. وكما أوضحت تدخل البعض وطلب من الجمعية تخفيض هذا البيان وبالفعل فوجئنا صباح الخميس الماضى على المواقع الإخبارية ببيان جديد تطالب الجمعية بنشره حيث يقول:
تعبر جمعية مستثمرى البحر الأحمر عن قلقها من أن استمرار الأزمة الحالية يهدد القطاع الاستراتيجى الذى يعد قاطرة التنمية الرئيسية وأحد أهم المصادر الرئيسية للعملة الصعبة بالانهيار الكامل.. لقد مرت بنا 6 سنوات عجاف تحملناها بصبر وجلد إيمانا منا بمستقبل بلدنا وبواجبنا تجاه الوطن وتجاه ملايين العاملين بالقطاع الذين باتت أرزاقهم وأسرهم على المحك وأصبحوا عرضة للمصاعب المالية والاجتماعية.
تحذر جمعية مستثمرى البحر الأحمر من أن القطاع على شفا الإفلاس وأن إطفاء أنوار منتجعاتنا السياحية أصبح مسألة وقت لا أكثر وقد قمنا بعرض الحلول العاجلة والناجزة بناء على خبرة عملية ودراية عمقتها سنوات العمل الطويلة، وإلمام بالقطاع وأوجاعه لكافة الجهات المعنية بالدولة وللأسف لم تلق مقترحاتنا الاستجابة المرجوة.. ومازال لدينا بصيص أمل أن تتعامل الحكومة مع مقترحاتنا بمزيد من الجدية.
أننا نشهد الله والوطن أننا لم نأل جهداً فى الحفاظ على منشآتنا والعاملين بها طوال الفترة السابقة وتطلب الجمعية عقد اجتماع عاجل للمستثمرين مع السيد رئيس الوزراء لوضع خطة عاجلة لإنقاذ القطاع قبل أن نعجز عن الوفاء بالتزاماتنا تجاه العاملين ولانتمكن من الحفاظ على قطاعنا من الانهيار ونأمل من الله أن يصل صوتنا إلى المسؤولين بالدولة لأخذ الإجراءات العاجلة لإنقاذ قطاع يلفظ أنفاسه الأخيرة.
■ إلى هنا وانتهى البيان الثانى الصادر للجعمية.. لكن السؤال هل كان كل أعضاء الجمعية موافقين عليه.. بالتأكيد لا والدليل هذا البيان الجديد الثالث الذى أصدره بشكل شخصى اللواء على رضا رئيس مجلس إدارة جمعية المستثمرين بالبحر الأحمر السابق والرئيس الفخرى للجمعية حالياً ووجهه إلى المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء وأرسل إلينا نسخة منه حيث يقول: هذا البيان يعبر عن وجهة نظر قلة من أعضاء مجلس إدارة جمعية الاستثمار السياحى بالبحر الأحمر لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة ولا يعبر عن جموع المستثمرين بالجمعية. ولقد لجأت للكتابة لسيادتكم بعد الاتصالات الواردة من عدد كبير من مستثمرى البحرالأحمر يرفضون ويستنكرون ماجاء بالبيان جملة وتفصيلاً.. ولم نر فى البيان سبباً مقنعاً للحملة الضارية ضد وزير السياحة السيد يحيى راشد ولم يقدموا لنا البديل ونتساءل ماذا قدموا للسياحة منذ أزمة الطائرة الروسية فى 31 أكتوبر من العام الماضى إلا العويل والصراخ وطلبات تأجيل المديونيات وتقسيطها وتحميل الحكومة أكثر مما تتحمل فى مثل هذه الأيام وبما أنهم يعتبرون أنفسهم خبراء فى السياحة فما هى الخطط التى قدموها للوزارة والاتحاد ولجمعيات المستثمرين غير العويل والصراخ والشكاوى المتكررة التى أعتقد أن صدركم ضاق بها. إن هذه القلة لها أجندات خاصة تسعى إلى تحقيقها، إما الحصول على مناصب أو مزايا ولم يكتفوا بما رزقهم الله به ولم يحمدوا الله أو يشكروه على نعمة الأمن والأمان التى تعيشها مصر فى ظل هذه المنطقة المرتبكة، وفقكم الله..
■ وبعد إذا كان لنا من تعليق على «حرب البيانات» التى وضعنا القارئ الكريم فى الصورة منها.. فإننا نقول إن السياحة المصرية بالفعل فى أسوأ وأكبر أزمة فى تاريخها.. ولهذا ربما ضاقت الصدور.. وصدرت البيانات فالأرقام تقول إن 2.3 مليون سائح فقط زاروا مصر فى النصف الأول من العام الحالى مقابل ما يقرب من 5 ملايين وتحديداً 4.8 فى نفس الفترة من العام السابق والدخل نحو 900 مليون دولار فقط مقابل 2.7 مليار دولار العام الماضى.. وبالتالى من المتوقع ألا يصل عدد السائحين فى العام الحالى كله إذا استمرت نفس الظروف إلى نصف العام الماضى الذى كان 9.1 مليون سائح.. إذا مصر فى أزمة كبرى بعد أن كانت قد وصلت إلى 14.7 مليون سائح فى 2010 هاهى تتراجع بهذا الشكل المحزن.
من هنا فإن البعض فى القطاع كان يتوقع من الوزير يحيى راشد تحركا وأفكاراً وخططاً واقعية لكنهم للأسف كما يقولون وكما أخبرنى عدد كبير منهم أن الأمر لا يعدو محاولات مستمرة من الوزير باجتماعات منفردة أو مجموعات خارج الوزارة فى اجتماعات يقال إنها سرية للاستماع إلى أفكارهم لكن لا ينفذ منها شىء.. ولكن كل شخص يفاجأ بأن نفس الأمر يتكرر مع الآخرين ولا يتم تنفيذ شىء لدرجة أن هذه الاجتماعات كما قال أحدهم تذكره بالطرفة التى يعرفها المصريون عندما يتندرون أنه لا يوجد شىء سرى ولاغيره تماماًَ مثل محطة المطار السرى عندما كان ينادى الكمسارى «محطة المطار السرى».. لكن كل شىء مكشوف.. وكأن وزارة السياحة انتقلت إلى محطة المطار السرى ولذلك فقدوا الثقة فى هذه الاجتماعات خاصة الليلية التى تبدأ وتستمر طوال الليل بأحد الفنادق وبحسن نية من الوزير بالطبع.. لكن فى النهاية لاجديد ويتساءلون لماذا لا تتم الاجتماعات فى وضح النهار فى الوزارة وفى مكتب الوزير وفى لجان واضحة للجميع بدلاً من إيهام البعض ممن يأتون للوزير أن أفكاره هى التى ستحل مشكلة السياحة فى مصر.
للأسف هذا الأسلوب أفقد الجميع الثقة فى الإدراة خاصة مع تطاول البعض على قيادات اتحاد الغرف السياحية وعلى قيادات الوزارة وتحديداً هيئة التنشيط وإنهم عاجزون وغير أكفاء وأن الوزير سيغيرهم وأن المكاتب السياحية فى الخارج فاشلة مما أصاب الجميع بالشلل والإحباط خاصة أن فكرة تغييرهم فى هذا التوقيت خطأ وكل الأسماء المرشحة عليها خلاف كبير.. المهم نحن فقط ننقل الواقع ونرسم صورة لما يحدث.. لعل وعسى يكون فيها التفسير لما وصلنا إليه فى حرب البيانات بين مستثمرى البحر الأحمر ضد وزير السياحة، وما أصاب القطاع من فقدان الثقة فى أننا قادرون على الخروج من هذا النفق المظلم فهل تنجو السياحة من المخاطر التى تحيط بها داخلياً وخارجياً.. الله أعلم.