نبيل فهمى وزير الخارجية السابق: «٢-٢» «عجرفة» الأنظمة السابقة وراء أزمة «سد النهضة» (حوار)

كتب: جمعة حمد الله, فادي فرنسيس الثلاثاء 26-07-2016 22:51

تطرق السفير نبيل فهمى، وزير الخارجية السابق، خلال الجزء الأول من حواره لـ«المصرى اليوم»، إلى الانقلاب العسكرى الفاشل فى تركيا، مؤكدا أنه توقع هذا الفشل بعد حدوث الانقلاب بساعة، وأن الدولة التركية تعيش فى الآونة الراهنة مرحلة مضطربة للغاية وستظل مضطربة، لأن هناك انقساما ليس بين الإسلاميين والعلمانيين، وإنما الانقسام حتى بين الإسلام السياسى.

وفى الجزء الثانى يعرج وزير الخارجية السابق إلى عدد من الملفات الإقليمية، وتأثيراتها على الداخل المصرى، مؤكدا أن الذعر الذى أصاب الشارع المصرى نتيجة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، إلى دول حوض النيل، له ما يبرره، لاسيما أن أزمة سد النهضة لم تغلق بعد، معربا عن تأييده للسياسة التى ينتهجها الرئيس السيسى فى هذه الأزمة.. وإلى نص الحوار:

■ من خلال قراءتك للمشهد الأمريكى أيهما أقرب لمزاج الناخب الأمريكى هيلارى كلينتون أم دونالد ترامب؟

- أولا، يجب أن ندرس الحالة الأمريكية بدقة، الناخب الأمريكى غاضب من السياسيين التقليديين، وهذا ما جعل بيرنى ساندرز، الذى كان ينافس كلينتون وهو سياسى اشتراكى، يخسر ترشيح الحزب، فلا يستطيع سياسى أمريكى أن يكون له أى طموح إذا ما أعلن أنه اشتراكى، وهو أعلن أنه اشتراكى، ومع هذا كان منافسا شرسا لسياسية محترفة على وزن كلينتون، وهذا يعكس أنه حتى على مستوى الحزب الديمقراطى هناك غضب شديد من السياسيين التقليديين.

وعلى المستوى الجمهورى كان الحزب تائها فى تحديد مرشحه، وإذا عدنا للتغطية الإعلامية للساحة الأمريكية من عامين لن تجدوا أى شخص له وزن فى الولايات المتحدة يتصور أن ترامب من الممكن أن يفوز بترشيح الحزب، ورغم ذلك نجح فى الترشيح ولا يمكن استبعاد فوزه فى الانتخابات.

■ لماذا؟

- لأنه بقدر انزعاج الرأى العام الأمريكى و«خضتهم» من ترامب وتصريحاته، فإن كلينتون غير محبوبة، وفى العادة الانتخابات الأمريكية الفرق فى الفائز والخاسر 3 إلى 4 % من أصوات الناخبين، إذن المنافسة الحقيقية ليست فى الحزب الجمهورى أو الديمقراطى، إنما هذه النسبة التى فى أقصى اليمين الجمهورى أو أقصى اليمين الديمقراطى أو غير منضمة لهذا أو ذاك، ما أقصده هنا الآتى «بالقلم والورقة» تقديرى أن كلينتون ستفوز، إنما لن أستغرب لو ترامب فاز، أنا أتحدث عند حساب عدد الولايات التى تدعم كلينتون وعدد سكانها وعدد مقاعد هذه الولايات فى المجمع الانتخابى، فإذا تم حسابها بهذا الشكل فإن فرص كلينتون أرجح من فرص «ترامب»، إنما وصول المرشح الجمهورى حتى هذه المرحلة فهذا معناه أن هناك «غضبة» من الناخب الأمريكى.

وكلا المرشحين «صعب» بالنسبة لنا، ومستقبل العلاقات المصرية الأمريكية مرتبط بنا أكثر مما يرتبط بمن الذى سيكون فى البيت الأبيض، مستقبل العلاقات مع واشنطن مرتبط بمواقفنا نحن أكثر من مواقف كلينتون أو ترامب، ولا أقصد بذلك الإقلال من أهمية الولايات المتحدة أو المبالغة فى قوتنا فى مصر لا، مصر دولة مهمة، ويجمعنا مع ترامب مكافحة الإرهاب، إنما المرشح الجمهورى لا يميل إلى القيام بدور نشط سياسيا ولهذا لن يريحنا فى القضايا الإقليمية، بما فيها مكافحة الإرهاب، مكافحة الإرهاب بالنسبة لترامب هى مكافحته داخل الولايات المتحدة الأمريكية، من حيث ما يسمى الأحاديث والمواقف المعلنة فمواقفة السياسية مريحة لنا، وهو انعزالى فلن تلعب الولايات المتحدة دورا نشطا سياسيا فى وجوده.

■ هل ما تشهده أجزاء كبيرة من العالم من عمليات إرهابية سيدعم من فرص ترامب؟

- ترامب يلعب على ملف الإرهاب، وبالنسبة للمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون، فهى عكس هذا، هى أنشط سياسيا حتى عندما كانت وزيرة للخارجية فى إدارة أوباما كانت تأخذ مواقف أكثر تشددا من الرئيس الأمريكى فى أهمية الممارسة السياسية والعسكرية الأمريكية، إنما لن نرتاح فى مواقفها فى قضايا الإرهاب أو تيار الإسلام السياسى.

■ هل ستكون امتدادا لأوباما فى هذا الأمر؟

- لعلمك أوباما والتيار الديمقراطى عامة، مقتنعون بأن الإصلاح المجتمعى هو الأساس، وأنا لا أختلف مع هذا لكن هذه ليست القضية الوحيدة فاختلافاتنا مع أوباما ستستمر مع كلينتون رغم أنها أقل أيديولوحية، فى ذات الوقت ستكون أكثر نشاطا سياسيا من دونالد ترامب، إنما لا تستطيع كلينتون أو ترامب تجاهل مصر كلية وليس من مصلحة الولايات المتحدة انهيار الحالة المصرية، لا تسعى أمريكا الى تمكين مصر من الازدهار، فهم لا يريدونك أن تزدهر وإنما الحالة المصرية من الحجم والثقل اضطرابها يخلق مشكلة فى التوازن الأمنى فى المنطقة بالكامل، إذن لو الوضع المصرى الداخلى ظل فى تطور وانتقل ليصبح أكثر استقرارا ونشاطا فى دورنا الاقليمى بأفكار محددة ليس فقط ببداية حراك وإنما يجب أن تكون هناك أفكار محددة سواء اتصالات أو زيارات أو طرح بدائل، بحيث نكون طرفا فاعلا فى تطوير الأفكار. لا تستطيع كلينتون أو ترامب تجاهل مصر وليس فى مصلحتهم هذا.

■ الفترة الماضية شهدت مبادرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى لكل من الفلسطينيين وإسرائيل.. فهل هذا يأتى فى إطار ما تتحدث عنه بأن يكون لنا دور إقليمى نشط؟

- أهم فترات النجاح والريادة المصرية منذ عام 1952 كان عندما غيرنا الوضع على الأرض، ثورة 52 طرحت سياسة اجتماعية جديدة فى المنطقة وتصدينا للاستعمار الأوروبى عربيا وأفريقيا ودخلنا فى منظمة عدم الانحياز، وقرار حرب أكتوبر يحسب للسادات، بتغيير الساحة على الأرض عسكريا حتى يستطيع التفاوض، ومع عبدالناصر أضيف إلى ما ذكرته القومية العربية، لكى تقوم بدور الريادة لابد أن تتحرك وأن يكون لك تأثير فى التداول السياسى الفكرى أو الوضع على الأرض، إذن الحركة مطلوبة ولكن لابد أن تصحبها أفكار، أنا أؤيد محاولة مصر استعادة دورها فى كل هذه القضايا، إنما حتى نكون فاعلين فى حماية مصالحنا ومصالح الدول العربية دون أن نستغل لأغراض غير عربية لابد أن نكون واقعيين فى طرحنا، أنا أؤيد الحركة إنما بكل أمانة وصراحة لا أرى اى احتمال لقيام رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو بتشكيل حكومته الحالية بطرح أى موقف على الطرف الفلسطينى يحقق له إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إذن حتى لا نستغل لأغراض إسرائيلية يجب أن يكون تحركنا مربوطا ومصانا باقتراحات محددة، أنا أريد حوارا فلسطينيا إسرائيليا وحتى يكون حوارا جادا مطلوب من إسرائيل أن تؤيد إقامة دولتين ،أريد إعلانا من الجانبين الفلسطينى والإسرائيلي باستمرار التعاون الأمنى بينهما طوال المفاوضات وتجميد الاستيطان، أريد موافقة من الجانبين بتحديد فترة زمنية للمفاوضات لإظهار الجدية والشفافية والمحاسبة، والنقطة الرابعة لكى أعطى الزخم السياسى لهذه المبادرة أريد من الطرفين وضع هذه النقاط الأربع فى مشروع قرار فى الأمم المتحدة ومصر حاليا عضو بمجلس الأمن، هذه أربعة عناصر «حل الدولتين على حدود 1967 والتفاوض المباشر تحت رعاية مصرية فى فترة زمنية محددة ووقف الاستيطان واستمرار التعاون الأمنى وتقديم هذا فى قرار فى مجلس الأمن»، لا يعنى هذا نجاح التفاوض إنما الجدية فى التفاوض، إنما رئيس الوزراء الاسرائيلى للأسف بدلا من أن يستفيد ويستغل الرغبة المصرية نجده فى البداية يعلن ترحيبه بالمبادرة المصرية ثم يعلن بعدها مباشرة انضمام ليبرمان لحكومته ورفضة للمبادرة العربية للسلام وحل الدولتين.

الحراك المصرى بجدية حقيقية لتحريك المسار الفلسطينى الاسرائيلى، إنما لكى تكون هناك جدية إسرائيلية لابد من إظهار حسن النوايا.

■ تقييمك لرد فعل الشارع المصرى لزيارة وزير الخارجية لإسرائيل؟

- رد الفعل الشعبى يعكس قناعتهم بعدم جدية إسرائيل فى تحريك الموقف، وهذا دليل على الإحباط الشعبى من المواقف الإسرائيلية ومن ثم التشكيك فى مدى جدية الجانب الإسرائيلى، هذا ما يجعلنى أطرح قبل هذه الزيارة بعض إجراءات بناء الثقة، قناعتى لن تنجح المفاوضات سريعا وسنواجه مشاكل كثيرة.

■ الرئيس الأمريكي باراك أوباما كانت له تصريحات مؤخرا فهم منها أنه خدع بالتدخل العسكرى فى ليبيا.. كيف يتم حل الموقف المعقد فى ليبيا؟

- الوضع فى ليبيا معقد للغاية، القذافى على مدى 40 عاما دمر شكل الدولة الليبية، والسبب الثانى مرتبط بالمواقف العربية فالعرب كما ذكرت لك سابقا وكممارسة عملية للاعتماد على الغير وعدم وجود إدارة حسنة للتغيير اجتمعوا فى الجامعة العربية واتخذوا قرارا سليما من الناحية الأخلاقية، وهو أنه من الصعب السكوت على ما يفعله القذافى فى شعبه، ولكن من الناحية السياسية كان هناك قصور كبير جدا، لماذا؟، فقد تم إعطاء غطاء للناتو لفرض حصار جوى فعندما تتحدث مع عسكريين يقولون بكل صراحة لا يوجد حصار جوى بدون توجيه ضربة عسكرية، فمن يطلب حصارا يجب أن يدرك أنه فى مرحلة ما يجب أن يتم اللجوء لاستخدام القوة العسكرية، والطرف العربى لجأ مره أخرى إلى طرف غير عربى لمعالجة وضع فى دولة عربية أخرى دون أن يسأل ماذا سيحدث بعد الضربة العسكرية، أوباما نادم ونحن ألسنا نادمين؟.

■ كيف ترى شعور الغرب بالندم سواء على مشاركتهم فى حروب العراق وليبيا؟

- هذا أكبر دليل على أنه يجب ألا نعتمد على الغير، هو يشعر بالندم وأنت تدفع الثمن، هو يشعر بالندم فى فيرجينيا إنما من يدفع الثمن على الأرض ومن يواجه خطر الإرهاب على الحدود ومن يموت فى سوريا والعراق وليبيا ومن الذى يعانى من الطائفية والعرقية فى العراق، الخطأ الأمريكى كبير، مثلما الإنجاز إذا كان هناك إنجاز مثل تحرير الكويت على سبيل المثال كان له مردود.

■ ملف سد النهضة من الملفات التى تقلق الرأى العام فى مصر.. فكيف ترى تعامل الدولة مع هذا الملف؟

- أنا أتفهم تماما قلق الرأى العام المصرى مما وصلت إليه المفاوضات وأنا أشعر بقلق عميق من الوضع الحالى لتقديرى وفهمى لخطورة قضية المياه وتداعيات عدم الوصول لاتفاق بشأنها، الفلسفة المصرية الحالية فى التعامل مع هذا الملف إظهار حسن النية والنظر بإيجابية فى الاهتمامات الإثيوبية والسودانية، وهذا سيكون له مردود إيجابى لمصر، أنا مقتنع تماما بأن المبالغة فى التهديد والتهويل أمر ليس له مردود إيجابى، وأعتقد أيضا أن المبالغة فى التفاؤل خطأ، عندما نتحدث عن قضايا الأمن القومى ليس لدى خيارات فيها، بمعنى حاجة مصر للمياه من النيل واقع ولن يتغير، فتزايد عدد السكان فى مصر سيزيد من احتياجاتنا المائية مهما غيرنا فى أساليب الزراعة والرى، إذن احتياجك للمياه سيزيد فما الحل؟، الجانب الإثيوبى رفض وقف بناء السد إلى أن نصل لاتفاق حول القضايا الرئيسية وهى «أمان السد»، وهذه قضية فنية ستحددها دراسات المكاتب الاستشارية التى تم التعاقد معها، واللجنة الفنية لسد النهضة أعلن عن تشكيلها قبل أن أتولى أنا وزارة الخارجية فى فترة وزير الخارجية الأسبق محمد كامل عمرو فى 2011 – 2012، والقضية الأخرى تأثير السد البيئى على نهر النيل والمنطقة وما بعده، وهذه أيضا مسألة فنية، ثم هناك مسائل سياسية استراتيجية مثل معدلات ملء بحيرة السد وقواعد إدارة المياه وقت الفيضانات ووقت الجفاف فيما بعد بناء السد وهذه أمور سياسية وليست فنية، كان من المطلوب من إثيوبيا أن تتوقف عن بناء السد إلى أن نصل إلى اتفاق حول هذه الأمور، وفى غياب هذا الاتفاق كان من المطلوب منهم على الأقل إبداء حسن النية على الأقل فى الأمور السياسية وليست الفنية.

وهناك حاليا رغبة فى إبداء حسن النية ولست متضررا من هذا إنما لا بد أن تكون حسن نية من الجانبين وليس جانبا واحدا.

■ لماذا لا يتم استغلال الطرق غير الرسمية فى التأثير على إثيوبيا؟

- أولا نحن أخطأنا فى الماضى فى تعاملنا مع إثيوبيا وعرضوا علينا بناء سد بمساحة أقل بكثير من حجم سد النهضة ورفضنا، وهذا بصراحة بسبب «العجرفة» وعدم التقدير الاستراتيجى السليم أن من مصلحتنا إظهار أن التعاون المصرى الإثيوبى مفيد للطرفين، فضلنا الأمر الواقع أن كل شىء كما هو ونتجاهل أنهم فى حاجة إلى تنمية، إذن كانت هناك أخطاء مصرية، وبالنسبة للوضع الحالى فإن إثيوبيا ترفض الاعتراف بحصتك التاريخية فى مياه النيل، وأنا أرى أننا حتى إذا أخذنا حصتنا كاملة لن تكفى مصر بسبب عدد السكان الكبير، إذن أنا فى حاجة للتعاون مع إثيوبيا حتى نحصل ليس فقط على حصتنا من المياه وإنما أكبر من هذه الحصة.

■ هل إثيوبيا اليوم ستمنع عنك المياه حتى تخنق الشعب المصرى؟

- لا أعتقد هذا، وأنا أتفق مع السياسة التى ينتهجها الرئيس عبدالفتاح السيسى عقب انتخابه بضرورة مد اليد لإثيوبيا وتحقيق المصلحة المشتركة بين مصر وإثيوبيا والسودان هذا منهج سليم ومنطقى، لأن كلاً منا يحتاج الآخر، فإثيوبيا فى حاجة لتحقيق تنمية لن تستطيع تحقيقها دون تعاون مصرى سودانى معها، والسودان تحتاج تنظيم المياه ومصر تحتاج معدلات من المياه أكثر من حصتها التاريخية، إذن التعاون الإيجابى مطلوب، إنما بلاشك فإن المسألة وصلت لمرحلة صعبة ولا توجد مؤشرات حقيقية بعيدا عن التصريحات العامة بأن الجانب الإثيوبى يضمن لمصر موارد مائية مستقرة على غرار ما تحصل عليه فى الماضى، مطلوب من الجانب الإثيوبى إظهار حسن النية بنفس القدر الذى تظهره مصر، فى غياب ذلك نحن فى أزمة، وأكرر مرة أخرى أنا أؤيد التعاون الإيجابى مع إثيوبيا وإنما للصبر حدود.

■ كيف رأيت الجولة التى قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلى فى عدد من دول حوض النيل وخطابه فى البرلمان الإثيوبى؟

- حالة الذعر من جولة نتنياهو بسبب أن ملف سد النهضة لم يغلق بعد، لو كان الملف تم الانتهاء منه لم يكن رد فعل الشارع المصرى من جولة نتنياهو فى دول حوض النيل ليس بهذا الذعر، الملف حساس وليس هناك حتى الآن حل يجعلنى أشعر بعدم القلق، ليس هناك خطوات عملية تجعلنى أطمئن لأن النتيجة النهائية ستكون مرضية للأطراف الثلاثة، بل كافة المؤشرات تعكس أن الجانب الإثيوبى لن يتراجع عن مواقفه ما عدا بعض العبارات العامة التى قد تكون تعكس توجها جديدا وإنما لم يترجم بعد عامين لخطوات ملموسة.

■ هل تعتقد أن هناك تدخلات خارجية تدفع أديس أبابا للتشدد فى هذا الملف، البعض يتحدث عن تركيا وإسرائيل وأيضا قطر؟

- إذا نظرنا لتاريخ إعلان إثيوبيا إنشاء سد النهضة بعد ثورة يناير فى مصر يعنى هذا أن الجانب الإثيوبى استغل الظرف وأعلن عن مشروع أكثر طموحا عن المشروع الذى كان يطرحه قبل 2011، إذن إثيوبيا نفسها استغلت الظرف، فمن الطبيعى أطراف أخرى تستغله، فالأطراف التى كانت تتخذ مواقف سلبية تجاه مصر مثل قطر وتركيا وغيرهما كانت تتحرك فى كافة المجالات المؤثرة فى الساحة المصرية والمزعجة لمصر، ولا أنفى عن أحدهم أن يحاول التحرك، إنما طالما المفاوضات تمر بمرحلة شاقة من الصعب أن تجد استثمارات ضخمة فى إثيوبيا، فهناك فرق بين أن تدعم أى دولة إثيوبيا قد يكون وبين إقامة مشروعات على مجرى النيل فى مرحلة تشهد مفاوضات بين مصر وإثيوبيا، بدون شك حاولت أطراف أن تستغل ما يحدث، وهذه ليست المشكلة الحقيقية، فالمشكلة الحقيقية أنه يجب أن يكون التفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا بالتفصيل الكامل والمطلوب من إثيوبيا وقف بناء السد حتى نهاية المفاوضات أو إعطاء بعض مؤشرات بناء الثقة، حتى يطمئن الجانب المصرى والسودانى أنه عقب نهاية المفاوضات لن يكون هناك اختلاف بين هذه المبادئ وبين الواقع.

■ لكن زيارة نتنياهو تعطى مؤشرا لدور إسرائيلى أكبر فى دول حوض النيل؟

- أى فراغ ستتركه سيدخل أحد مكانك، فإذا كنت أنت موجودا هناك فوجود إسرائيل لا يقلقنى، وأنا أدعو إلى تنشيط الزيارات المصرية الأفريقية الثنائية، هناك حضور مصرى فى القمم الأفريقية وهذا حضور جيد، وكان من المآخذ التى كانت تؤخذ على مصر غيابنا عن القمم الأفريقية عقب محاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا، فحضورنا شىء جيد، إنما العلاقة الحقيقية فى الزيارات الثنائية مع مستثمرين مصريين، نبنى على الجانب المتعدد بزيارة ثنائية.

■ كيف ترى مستقبل الاتحاد الأوروبى بعد خروج بريطانيا؟

- الاتحاد الأوروبى أنشئ من الأساس كمشروع صناعى موحد يخضع لقاعدة صناعية كبرى، وامتد التطوير على مستوى السياسات الخارجية وتوحيد العملة، وأنا شخصيا مؤيد لفكرة الاتحاد الأوروبى، وأعتقد أنه على المدى القصير قد يدفع خروج بريطانيا من الاتحاد بعض الدول للتفكير فى الانفصال، وقرار الخروج من عدمه سيحدده الأثر الاقتصادى على بريطانيا فإذا أثبتت التجربة نجاحها سينفصلون، وإذا حدث عكس ذلك سيتراجعون. ولابد ألا نتسرع بالحكم على بريطانيا فهى بالأساس أرادت أن تكون مستقلة فى سياساتها فهى كما يقال بلغتنا العامية «رِجل جوه ورِجل بره» فهى كانت حريصة على أن تحتفظ بعملتها، وبالرغم من ذلك لم تمانع هجرة الأوروبيين إليها، وكذلك فى قضية اللاجئين كانت إذا اتخذت ألمانيا قرارا تجاه استقبال اللاجئين وأعطت لهم إقامة سينعكس ذلك على تغيير سياسات تجاه بريطانيا، خاصة أن أوروبا تعمل بسياسة موحدة للقضاء على الإرهاب لكن فى حقيقة الأمر إذا كانت بريطانيا قد اتخذت قرار الانفصال منذ 3 سنوات كان من الصعب تطبيقه أو تمرير القرار فى بريطانيا ذاتها، لكن الآن الوضع اختلف عن السابق وكذلك بريطانيا أقنعت أسكتلندا بعدم الانفصال عن المملكة المتحدة. فكل السياسات تطبق وفقاً للمناخ المناسب، فعلى سبيل المثال عندما قام صدام باحتلال الكويت لم يعط فرصة وقتها لتدخل المجتمع الدولى للدخول، والغرب استغل ذلك بالقضاء عليه ووضعوا عليه منظومة وقاموا باحتلال العراق وتم تفرقة المجتمع إلى فصائل. وعندما كنت سفيراً لأمريكا قال لى أحد أعضاء الكونجرس فى إحدى الجلسات المغلقة «أنتم رفضتم دخولنا العراق لكنكم الآن لا تسارعون برحيلنا»، فقلت له «أنتم قمتم بالدخول وساهمتم فى تدمير كل شىء، لابد أن تصلحوا الآن ما قمتم به».