■ هل كنت تشعرين بتجاهل إعلامى منذ عودتك إلى مصر؟
- يقتصر دور الإعلام على تسليط الضوء على الشخصيات المؤثرة فى الأحداث، ولم يهتم بى من منطلق ما قدمته للوطن ولكن بسبب ظروفى الصحية واتصال السيدة سوزان مبارك.. كثيرون من الصحفيين جاءوا لسؤالى عن تفاصيل الاتصال، دون أن يتجاوز ذلك إلى ما قدمته للوطن.
■ باعتبارك مسؤولة ملف التهجير النوبى كيف بدأ المشروع.. وهل أنت راضية عن الحال الذى انتهى إليه؟
- درسنا حينها عملية تهجيرالنوبيين بشكل دقيق ولم يكن قرارا اعتباطيا، وما يقال الآن عن عمليات التهجير مجرد كلام ليس له سند من الحقيقة. وقت التهجير كانت الظروف فى القرى النوبية جيدة جدا، وكانت مناسبة للسكن لحين الانتهاء من السد العالى، وعلى الرغم من حشد كل الجهود من أجل التسليح، إلا أننا تمكنا من بناء السد العالى وأنشأنا تلك القرى.
■ البعض يتهم الرئيس عبدالناصر بالمسؤولية عن الإهمال الذى لحق بالنوبيين باعتباره صاحب القرار؟
- عبدالناصر ليس مسؤولا عن الإهمال المتراكم الذى أصاب قرى التهجير بعده، لأنه كان مسؤولية من جاءوا بعده. القضية الآن يتم اختزالها فى عبدالناصر على الرغم من أنه قال ذات مرة: نحن لكم كالأنصار للمهاجرين.
■ يقال إن عبدالناصر كان يفضل اختيار «وزراء الثقة» على «وزراء الكفاءة».. من أى فريق أنت؟
- عبدالناصر لم يختر وزراء حكوماته بشكل عشوائى، لم يكن سطحيا فى اختياراته، كان يفتح نقاشات واسعة مع مثقفين وأعضاء الاتحاد الاشتراكى، لم يكن ديكتاتورياً كما يقال عنه الآن، بدليل أننى عندما اختلفت معه على أحد الأمور فى الميثاق الوطنى، استمع لرأيى وفوجئت بعدها بقرار تعيينى كأول وزيرة فى مصر لأنه كان يهمه طريقة التفكير ومدى تطبيق النظريات على أرض الواقع.
■ ربما هذا ما حدث مع حكمت أبوزيد وحدها؟
- غير صحيح، لم يكن هذا استثناء معى، فعبدالناصر اختار «كمال رمزى ستينو» وزيرا للتموين فى جميع الوزارات التى تشكلت أثناء الوحدة مع سوريا وحتى الانفصال، وعلى الرغم من صعوبة تلك الفترة اجتماعيا وسياسيا إلا أنه استطاع توفير معيشة كريمة للمصريين، وكان «ستينو» إذا مر على طابور أمام أحد المحال أو الجمعيات الاستهلاكية سأل عن المواد الناقصة التى تسببت فى الطابور، وكان عبدالناصر يسأل رئيس الوزراء عن سبب الغلاء حينما وصل كيلو الأرز إلى «قرشين صاغ».
■ إذا لماذا اختلفت مع عبدالناصر إذن؟
- ابتسمت وقالت: كان الاختلاف وقتها للمصلحة العامة للبلد، لم يكن لمجرد إثبات الذات، وكان موضوع حماس الشباب للميثاق الوطنى واضحا وكبيرا فى مجتمع منشغل بالقضايا الوطنية الكبرى، الحماس وقتها كان عن معرفة ودراية بأوضاع الوطن.
■ على ذكر حماس الشباب.. ما رأيك فى حركات المعارضة التى يشكل الشباب قوامها الأساسى الآن؟
- معظم الحركات السياسية حاليا سطحية ليس بها أى عمق، وتعارض بحماس غير مسؤول ينقصه المعرفة وعمق الهدف بدليل اختفاء معظمها سريعا.
■ ما سر خلافك مع السادات؟
- لن أتحدث فيه طيلة حياتى نظرا لقسوة تفاصيله، الآن انتهى الموضوع من كل الجوانب حتى القضائى منها، وتمت تبرئتى من كل تهم الخيانة العظمى، وأعيدت إلىّ جنسيتى المصرية رسميا عام 1992، عدت بشوق للوطن لكن ما هون علىّ غربتى أننى كنت فى دولة من دول الوطن العربى، النظرة للمواطن العربى وقتها دون معرفة جنسيته كانت هى النظرة الغالبة، كنا نشعر بكرامتنا كمواطنين ولا نفرق بين شعوب البلدان العربية.
■ وكيف كانت حياتك فى ليبيا؟
- عشت وعملت فى ليبيا نحو 20 عاما درّست خلالها العلوم السياسية فى جامعة الفاتح بطرابلس، ولم أشعر بالغربة المطلقة كما يحدث الآن مع غالبية المغتربين عن بلادهم.
■ ما الفارق بين وضع الوطن العربى وقت نفيك عن مصر والآن؟
- الوطن العربى كانت قضيته واحدة، لم تفرق بيننا الحدود السياسية، بجانب وجود حماية للعمق العربى بسبب وجود عبدالناصر، وقتها لم تحدث مشكلات مع دول حوض النيل، بل كنا نتبادل الخبرات وننفذ مشروعات كثيرة فى أفريقيا بسبب جذورنا الأفريقية.. الأفارقة منا ونحن منهم، ويجب ألا نتنصل منهم مطلقا.
■ وما الذى تغير فى مصر؟
- تغيرت مصر عن أيام الستينيات كثيرا، لم يعد التسامح موجودا.. الجزائر فى يوم من الأيام كانت تدرس معنا مشروع تهجير أهالى النوبة، كان المشروع الأكبر وقتها للتعاون بين البلدين، وكنا نناصر الجزائر فى حرب تحريرها، ولا أفهم سببا وجيها للفجوة التى حدثت بيننا وبين الشعوب العربية سوى تغير النفوس والأهواء والسياسات أيضا.
■ باعتبارك أستاذة جامعية.. كيف ترين العلاقة بين الأستاذ الجامعى والطالب حاليا؟
- الأستاذ فى المدرسة أو الجامعة لم يعد فى موقع المعلم ولم تعد العلاقة بينه وبين التلميذ مثمرة، انفرط عقد الترابط بينهما.. أيام الستينيات كان الترابط بينى وبين تلامذتى قويا جدا فى مصر وليبيا.. تلامذتى لا يزالون يراسلوننى، وعندما علموا بوجودى فى المستشفى هاتفونى كثيرا للاطمئنان على صحتى، ولم أعرف سعادة مثل تلك التى تربطنى بتلامذتى الذين درّست لهم ووصلوا إلى مراكز مرموقة فى أماكن عملهم.
■ ما تقييمك لأداء الوزراء حاليا؟
- لست فى موقع تقييم للأشخاص، أنا لست فى موقعهم لكى أعرف دوافع تصرفاتهم وتعليماتهم، لا أستطيع تقييم وزيرة أو وزير، فأنا لا أعرف خططهم ومشروعاتهم..