تأثر الاقتصاد الألماني بمزيج من الضغوط بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وارتفاع أعداد اللاجئين، فضلا عن الهجوم الإرهابي في ميونيخ، الأسبوع الماضي، لتتراجع مؤشرات الثقة في الاقتصاد الألماني بأقل من المتوقع، في يوليو الجاري.
وتراجع مؤشر الثقة في مناخ الأعمال بألمانيا بأقل من المتوقع، في يوليو الجاري، وذلك رغم المخاوف من التداعيات الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وذكر معهد «إيفو»، الإثنين، ومقره بمدينة ميونيخ الألمانية، أن مؤشره لقياس الثقة في مناخ الأعمال تراجع إلى 108.3 نقطة، خلال الشهر الجاري، مقابل 108.7 في يونيو.
وكان محللون استطلعت وكالة «د.ب.أ-إيه.إف.إكس» للأنباء الاقتصادية، آراءهم قد توقعوا أن يتراجع المؤشر إلى 107.5 نقطة، في يوليو، بعد تصويت أغلبية الناخبين البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء الشهر الماضي.
ورغم تراجع المؤشر، إلا أن قراءته لشهر يوليو هي ثاني أعلى مستوى هذا العام، ويعتمد المؤشر على استطلاع آراء نحو 7 آلاف من قادة الأعمال، وفي غضون ذلك، تراجع مؤشر «إيفو» لقياس توقعات الأعمال إلى 102.2 هذا الشهر، مقابل 103.1 في يونيو، وارتفع المؤشر الذي يقيس الأوضاع الاقتصادية الحالية إلى 114.7 في يوليو، مقابل 114.6 في يونيو.
يرى كلاوس فولرابه، الخبير الاقتصادي لدى «إيفو»، أن تصويت بريطانيا لصالح الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي من المرجح أن يكلف الاقتصاد الألماني 0.1 نقطة مئوية من النمو هذا العام، مشيرا إلى أنه بالتالي من المرجح أن ينمو أكبر اقتصاد في أوروبا بنسبة 1.7% هذا العام، انخفاضا من 1.8% في التقديرات السابقة لـ«إيفو».
يضيف «فولرابه»: أن «جو الضبابية الذي أحدثه تصويت الانفصال البريطاني وأمور أخرى من الممكن رؤيته فقط في بعض القطاعات»، وتابع: «الهجمات الأربع في ألمانيا، الأسبوع الماضي، قد يكون لها أثر على المعنويات الاقتصادية في الأشهر المقبلة»، متوقعا ألا يتأثر مؤشر مناخ الأعمال الألماني بالحملة الانتخابية في الولايات المتحدة والاضطرابات السياسية في تركيا.
وحذرت الشركات الألمانية من نقص يلوح في الأفق للعمالة الماهرة والمدربة، وزيادة فاتورة المهاجرين، التي كبدت الاقتصاد الألماني نحو 27 مليار دولار لاستقبال 3 أضعاف الهجرة السنوية من عام 2013 حتى عام 2015، كما انكمش مؤشر «زيو- ZEW» للثقة في الاقتصاد، الذي يقيس التوقعات الاقتصادية لـ350 من كبار الاقتصاديين في ألمانيا للأشهر الستة المقبلة، ليبلغ 6.8 نقطة في يوليو الجاري، بعدما شهد ازدهارا بنحو 19.2 نقطة في يونيو الماضي، ويشهد المؤشر أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2012.
وأرجع المحللون توقعاتهم إلى أزمة سداد الديون السيادية التي تلوح في الأفق، برغم محاولات المركزي الأوروبي بخطة إنقاذ ضخمة للعديد من الدول الأعضاء في منطقة العملة الموحدة، بما في ذلك اليونان والبرتغال وإسبانيا وقبرص، لكن برلين تتحمل الفاتورة الأعلى كونها أكبر اقتصاد في أوروبا.
ويشكل تدفق اللاجئين للاقتصاد الألماني سلاح ذو حدين، فكان الدافع الأساسي لتمويل إنقاذ مكلف ما يطلق عليه خبراء الاقتصاد «القنبلة الديموغرافية»، أي أن عدد السكان في سن العمل ينكمش تدريجيا، كما توقع خبراء أن ينكمش عدد السكان في سن العمل بنحو 6.3 مليون نسمة بحلول 2060.
وفي ظل تزايد معدلات الهجرة من بلاد مزقتها الحرب في الشرق الأوسط وأفريقيا، تتوقع ألمانيا نموا بنسبة 2% سنويا، وهو أعلى معدل نمو في الاتحاد الأوروبي، إلا أن الهجمة الإرهابية الأسبوع الماضي في مدينة ميونيخ الألمانية، رفعت أصوات المشككين بشكل متزايد من الهجرة الجماعية، مع زيادة معدلات الرافضين لتدفق اللاجئين وقبولهم في المجتمع دون شروط.
ووفقا لمسح أجرته «جلوبال سكان» على المهجرين حاملي الجنسية الألمانية العام الماضي، رأى 30% أنهم ليسوا كالمواطنين الألمان، في حين يشعر 57% بأنهم ألمان، وبرغم من تزايد المنضمين لبرامج الاندماج في ألمانيا على مدار الأعوام الماضية، حيث أظهر المسح ذاته في 2002 أن أكثر من 60% من المهاجرين حاملي الجنسية أنهم لا يشعرون كأنهم مثلهم كالمواطنين، إلا أن تزايد الرافضين جعل الساسة الألمان يشككون في مواصلة تمويل عمليات الإنقاذ للمهاجرين.
وفي السياق ذاته، أعرب وزراء مالية الاقتصاديات الرائدة عن تزايد مخاطر الإرهاب على الاقتصاد العالمي، حيث قال وزير المالية الفرنسي، ميشيل سابين، في اجتماع دول مجموعة العشرين في الصين، الأحد، إن «إدراج مفهوم الإرهاب كخطر اقتصادي يعد جديدا، لكن إدراجه كأحد المؤثرات داخل التحليلات الاقتصادية أصبح طبيعيا».
وأضاف: أن «العالم يشهد بالفعل زعزعة إقليمية للاستقرار، وتخلق وتيرة الهجمات وضعا جديدا من حالة عيد اليقين، ويمكن أن يكون لها عواقب اقتصادية لا تقل أهمية عن صراع إقليمي».
وتوصف العمليات الإرهابية الأخير في أوروبا بـ«الإرهاب منخفض التكلفة»، نظرا لاستخدام مهاجمين محللين وأساليب تقنية منخفضة التكلفة.
وأكد جاكوب ليو، وزير الخزانة الأمريكي، في الاجتماع ذاته، تضامنه وعقد العزم على محاربة الإرهاب بجميع أشكاله أينما وجد، وتعزيز الجهود لمنع تمويل الإرهاب.