الولايات المتحدة الأمريكية، الهند ونيجيريا، ثلاث دول في ثلاث قارات، مختلفون تمام الاختلاف، لكنهم يجتمعون في قائمة الدول الأكثر إنتاجا للأفلام حول العالم، فتأتى الهند في المقدمة تليها نيجيريا ثم أمريكا وتتوالى دول العالم شرقا وغربا بعد ذلك، هناك فروق جوهرية بينهم من حيث نوعية الإنتاج ومدى تأثيرها.
كل من الهند ونيجيريا ينتجان الأفلام بلغتيهما المحلية المتعددة والمختلفة، وحدها أمريكا تنتج باللغة الأكثر تأثيرا والأوسع انتشارا، «الإنجليزية»، اتساع الهند وعدد سكانها يجعلان من صناعة السينما صناعة مربحة، فهى تعتمد في الأساس على التوزيع الداخلى، فالهنود مولوعون بمشاهدة السينما، فهى وسيلة الترفيه الأوسع انتشارا والأقل تكلفة، ويأتى التوزيع الخارجى في المقام التالى، حيث يوجد هنود يوجد توزيع، بالإضافة إلى السوق الآسيوية، وكذلك نيجيريا تعتمد على التوزيع الداخلى عن طريق عائدات البيع المباشر عن طريق موزعى السيديهات، فعدد دور العرض محدود للغاية، والعرض على القنوات المحلية المشفرة بالإضافة إلى التوزيع الخارجى في دول الجوار الأفريقية، الدول الأنجلوفونية أو الفرانكفونية وتوزيع محدود جدا في أوروبا، مما جعل موضوعات الأفلام في الدولتين مستمدا من واقع الحياة والثقافة المحلية.
في حين نجد أن متوسط تكلفة الفيلم الأمريكى يقارب 5 ملايين دولار، نجد الهندى 1.5مليون دولار، والنيحيرى يتراوح بين 26 و75 ألف دولار فقط.
يصل إنتاج الهند السينمائى السنوى حوالى 1200 فيلم، ونيجيريا حوالى 1000، وأمريكا حوالى 600، هذا من حيث كم الإنتاج، أما من حيث المكاسب فالسينما الهندية جمعت 4 مليارات دولار في عام 2014 من التوزيع الداخلى فقط، مقابل 1.5 مليار للسينما الأمريكية، في الهند 9 من كل 10 يذهبون للسينما وثمن التذكرة يوازى نصف دولار، في المقابل هناك 8 من كل 10 في أمريكا يذهب للسينما وثمن التذكرة في المتوسط 7 دولار، أما في نيجيريا حيث دور العرض المحدودة فدخل شباك التذاكر لا يعتد به.
بالنسبة للتوزيع الخارجى حول العالم، فالسينما الأمريكية في الصدارة وبلا منافس، في أوروبا على سبيل المثال، يمثل الفيلم الأمريكى 82% من السوق، في حين لا تمثل الأفلام الهندى سوى 1% من السوق الأوروبية، وتقل إلى 0.7% فى السوق الأمريكية، في المقابل الأفلام الأمريكية تحتل 14% من السوق الهندية، الأمريكيون يفضلون صناعتهم فنجد أن سوق الأفلام الأجنبية مجتمعة لا تمثل أكثر من 4% من السوق الأمريكية، وهو ما جعل الأفلام الأمريكية تتربع على قائمة شباك التذاكر في جميع أنحاء العالم .
الجميع يتشبه بهوليوود ويحاول أن يلتحق باسمها، فمدينة السينما الهندية بومباى لقبت نفسها بوليوود تيمنا بها وكذلك مدينة السينما النيجيرية.
أرقام النمو في صناعة السينما الهندية والنيجيرية تقارب ما يحدث في السينما الأمريكية، ولكن التأثير ليس له علاقة بالأرقام، السينما الأمريكية مكتسحة، الأفلام الهندية تجد معجبين في مصر، أما السينما النيجيرية فهى مجهولة تماما، فرغم كوننا ننتمى إلى أفريقيا بحكم الجغرافيا، لكننا أكثر قربا حضاريا من دول حوض البحر المتوسط، وأقرب للثقافة الأوروبية منا للثقافة الأفريقية، وللأسف عدم معرفتنا بالثقافة الأفريقية له تأثير سلبى في تواصلنا مع القارة السمراء، والإعلام المصرى مقصر في تعريف الشعب بثقافة شعوب القارة التي نقتسم معهم الجذور والمستقبل، ويكفى أن النيل يجمعنا.
غزارة الإنتاج والأرباح ليست عوامل كافية للتأثير، ولو أردنا أن يكون لصناعى السينما المصرية تأثير في محيطها، فلابد أن نعرف كيف استطاعت هوليوود دون غيرها أن تستلب عقول العالم وتصل إلى هذا التأثير المفرط، ولهذا الحديث بقية ..
ektebly@hotmail.com